أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - عبقرية البنات. والطب. والثقافة














المزيد.....

عبقرية البنات. والطب. والثقافة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4335 - 2014 / 1 / 15 - 14:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تذكرت طفولتى (منذ سبعين عاما). وأنا اقرأ فى الصفحة الأولى بجريدة الأهرام (7 يناير 2014) هذا العنوان: طفلة عبقرية وليست مريضة نفسيا - اسمها "حنين" عمرها 9 سنوات. اعتبرها الأطباء والمدرسون مريضة نفسيا لأنها تعانى السَرحان أثناء الدرس. لكنها حققت 150 درجة فى اختبار الذكاء فاعتبروها ضمن الـ0.5% العباقرة فى العالم. أما والدة الطفلة "حنين". فقد فسرت عدم اهتمامها بما يقوله المدرسون أن ابنتها تعرفه مسبقا وتريد مستوى أعلى من التعليم.
تذكرت أمى التى ماتت منذ ستين عاما. كيف أنقذتنى من تقرير المدرس الذى طلب منا (نحن التلميذات) كتابة قصة من الخيال لامتحان الأدب العربى. وكنت أحب التعبير عن نفسى بالكتابة. وعندى مفكرة عامرة بالقصص والمذكرات. أخذت منها قصة بعنوان "مذكرات طفلة اسمها سعاد". وأعطيتها للمدرس. وجاءنى تقريره بالدوائر الحمراء المروعة مع تحذير أسرتى من انحرافى النفسى. وقد قرأت أمى القصة وهدأت من روعى قائلة "قصتك جميلة والمدرس مخه مغلق". بقيت كلماتها بصوتها محفورة فى ذاكرتى سبعين عاما تشجعنى على الثقة بنفسى وعقلى. لولا هذه الثقة ما واصلت الكتابة حتى اليوم. كما احتفظت بقصتى مع أوراقى فى درجى. حتى استطعت بعد عدة سنوات نشرها فى كتيب صغير بالعنوان ذاته "مذكرات طفلة اسمها سعاد". قرأتها بالصدفة الدكتورة أمنية أمين (كانت أستاذة الأدب بجامعة الأردن). فأعجبت بها وتطوعت لترجمتها للغة الإنجليزية. وكتبت لها مقدمة أدبية.
منذ تقرير المدرس العقيم لا أهتم كثيرا بتقارير المدرسين ونقاد الأدب. ومنذ دراستى للطب لا أهتم كثيرا بتقارير الأطباء. وفى عام 1972 تفرغت لعمل بحث طبى جديد. بعد أن فقدت عملى بوزارة الصحة. بسبب كتاباتى الناقدة للمفاهيم الطبية. ومنها عمليات الختان الجراحية الضارة بصحة الأطفال والمقاييس البيولوجية للأخلاق. وحاولت تسجيل البحث فى إحدى كليات الطب المصرية دون جدوى. وكان السبب الأول للرفض: "أن البحث ينتهك القيم السائدة". والسبب الثاني: "أنه مكتوب باللغة العربية". كان التعليم الطبى فى مصر يتبع الاستعمار البريطانى يدرس باللغة الإنجليزية. وبالتالى لابد أن تكون البحوث الطبية باللغة الإنجليزية. وكانت القيم (المأخوذة عن الإنجليز) تفصل الأمراض النفسية عن الأمراض الجسدية. أما البحوث فى مجال علم الجنس (أو المرأة) فهى خارج القيم الفيكتورية البيوريتانية حيث "الجنس دنس". وإن كان داخل الزواج. وكان البحث يتناول (نظريا وميدانيا). المشاكل النفسية الجسدية فى حياة النساء المصريات. وحين رفضت كليات الطب تسجيله نشرته فى كتاب بعنوان "المرأة والصراع النفسي". أعيد طبعه عدة مرات. وأصبح يدرس فى بعض الجامعات خارج مصر. وأغلب الأطباء من زملائى يختلفون معى فى الكثير من المفاهيم. فالتعليم الطبى النفسى يعتمد فى معظمه على الفكر الفرويدى "خاصة فى مجال المرأة" ولأننى امرأة وطبيبة وكاتبة. فأنا أعرف عن نفسى أكثر مما يعرفه الرجل منهم وإن كان هو سيجموند فرويد. لهذا أصدرت عددا من الكتب ومنها كتابى "المرأة والصراع النفسي". بهدف انقاذ مثيلات الطفلة العبقرية "حنين" من براثن الأطباء والمدرسين. الطفلة "حنين" ظهرت صورتها مع وزير التربية والتعليم فى الأهرام 9 يناير 2014 - الذى أعلن عن ارسال قوافل متخصصة للمحافظات للكشف عن هؤلاء العباقرة لرعايتهم تعليميا. ولتكون لهم معاملة خاصة على قدر ذكائهم. وهذا لن يفيد "حنين" أو غيرها من الأطفال الأذكياء. نحن فى حاجة إلى سياسة ثقافية تعليمية تربوية جديدة لتنمية عقول الأطفال جميعا بصرف النظر عن اختلاف درجات الذكاء أو تقارير المدرسين والأطباء.
أولا: ثقة الآباء والأمهات بعقول أطفالهم. ولولا ثقة الأم بعقل طفلتها ما انتبه إليها وزير التعليم ولا أحد غيره. فقد انتقلت ثقة الأم بطفلتها إلى ثقة الطفلة بنفسها.
لولا ثقة الطفلة بنفسها ما استطاعت أن تنشد مستوى أعلى من الأفكار التى تسمعها بالمدرسة. والثقة بالنفس هى الحجر الأساسى للذكاء والعبقرية والإبداع. وتبدأ فى البت فى عقل الطفل والطفلة. كم من البنات المصريات العبقريات يفرض عليهن الغباء بسبب التربية فى البيوت القائمة على أن "البنت للجواز. والولد للوظيفة".
هذا التقسيم الجنسى للعمل (الموروث منذ آلاف السنين) يؤدى بالضرورة إلى انكماش عقول البنات وضمور ذكائهن.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحياء التراث والروحانيات ونبذ الماديات
- تحرير العقل والعودة للبدهيات
- لماذا لا أحب الأعياد؟
- الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس
- الجبل وشابات لبنان
- هل تتغير المهن مع تغير النظام؟
- المنطق الغائب والصدق
- التناقضات الصارخة فى الدستور
- هل هو فيروس مجهول ؟
- الثورة تبدأ فى العقل
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى


المزيد.....




- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - عبقرية البنات. والطب. والثقافة