أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عرفات البرغوثي - في مستقبل - الربيع العربي-...















المزيد.....

في مستقبل - الربيع العربي-...


عرفات البرغوثي

الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 23:18
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في مستقبل " الربيع العربي"...

ما تشهده الساحة العربية من تغيّرات جذرية منذ ما يزيد عن العامين لم يكن حالة استثنائية ولا غريبة عن مجتمعات البشرية عموما . بل كان وضعا طبيعيا بعد عقود من الحكم المطلق الشمولي الذي لم يقدم للمجتمعات العربية اي بارقة أمل لمستثبل افضل لأجيالها القادمة , فعلى الصعيد السياسي لم تكن انظمة الحكم التي جاءت بعد خروج الاستعمار المباشر الا ادوات لتكريس الهيمنة الاستعمارية متسترة بشعارات الاستقلال القومي العروبي تارة والاشتراكي تارة اخرى و حتى الرأسمالي الاستهلاكي ايضا فكانت انظمة حكم استبدادي تابعة .
واقتصاديا بقيت السمة العامة للاقتصادات العربية سواء منها الثرية او الفقيرة بمواردها الطبيعية اقتصادا ملحقا بالمركز الرأسمالي العالمي , استهلاكية غير منتجة حتى للحد الادنى من احتياجاتها الداخلية فلم تقدم الا الفقر والامية والتخلف وانتشار الجريمة وتعميق استغلال شريحة كومبرادورية لباقي طبقات وشرائح االمجتمع . اما ديمقراطيا فحدث ولا حرج عن الديكتاورية العربية الرسمية المتمثلة بانظمة قائمة على القمع الاستخباري وما ينتجه من ظلم وفساد بيروقراطي واجتماعي .
خلاصة القول في الوضع العربي المعيشي وبشكل عام في كافة بلدان اللغة العربية يمكن تلخيصه بانه الاسود والغير صالح للحياة الاّدمية بمقاييس العصر الحديث في كافة نواحي الحياة . كل هذا الوضع المأزوم وما رافقه من شعور باليأس وفقدان الثقة بالمؤسسة الرسمية وخاصة لدى الجيل الشاب من الطبقة الوسطى في المجتمع رافقه نمو بطيء على مدى عقود لحركة شبابية متعلمة وعاطلة عن العمل تمتلك الرؤية لمستقبل افضل دون امتلاكها اداة تحقيقها , الامر الذي ساهم بشكل فعلي في تحويل التراكم الكمي في سوء الظروف المعيشية في المجتمعات العربية الى تحول نوعي عبر الثورة الشعبية على اسباب هذه الأزمات المتمقلة في نظم الحكم السياسي تحت شعار كان الابرز في كافة ميادين الحراك العربي وهو المطالبة بتحسين شروط الحياة المعيشية ضمن شعار " شغل , حرية , كرامة وطنية " , في تونس . البلد الذي كان شرارة انطلاق هذه الموجه العارمة من القطاعات الشعبية الراغبة في التغيير , وتشابه الشعار في باقي بلدان الحراك العربي مع ذات المضمون في مصر واليمن وسوريا والبحرين ...الخ من الدول العربية التي شهدت تحركات شعبية اختلفت بنسبية زخمها بين التي انجزت بعض اهدافها وبين التي استطاعت السلطات القائمة ان تحتويها ببعض الاصلاحات الشكلية من جهة وباللعب على التناقضات الداخلية بين اطراف القوى المحركة للتحركات .
هنا لا يختلف اي مراقب لشأن العربي على مضامين الحراك العربي ولا على اهدافه وتحديدا في شهوره الاولى حيث اعطى بارقة امل مهمة ودفعة للأمام عندما تكشّف الضعف في مفاصل الانظمة القمعية التي حكمته على مر عقود سابقة والتي سارعت بالهرب والتنحي في وقت نسبي قصير كما حدث في تونس ومصر ومسارعة انظمة اخرى للعمل على احتواء الاحتجات مستفيدة من احداث تونس ومصر . فسارع علي عبدالله صالح رئيس اليمن الى التخلي عن منصبه لصالح نائبه مع المحافظة على امتيازاته واسرته في حكم اليمن . وتكاتف الخليج العربي حول الاسرة الحاكمة في البحرين ودعمها بحجة ان ما يجري فيها مؤامرة ايرانية شيعية .
هنا استفاقت امريكا من صدمتها تجاه ما يجري وبدأت بضخ اعلامي عبر ادواتها في المنطقة وتوجيه دعم مالي وسياسي لالتقاط الفرصة وامساك زمام المبادرة من جديد بتشجيعها لقوى مهيأة لتولي مسؤوية الحكم السياسي , فراهنت على الحصان الاكثر تنظيما واستعدادا للدخول في فلكها والذي تمثل في حركة الاخوان المسلمين في كل من تونس ومصر , وبدأت بتوزيع الادوار بين القوى الداخلية والاقليمية لاعادة تشكيل المنطقة ضمن مفهوم "الفوضى الخلاقة " بما يخدم مصالحها ويثبتها وللتخلص من اعداء نسبيا بعيدون عن محورها الرأسمالي تحت راية الحرية ونشر الديمقراطية كما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا . فأمريكا التي استنزفتها حربها في العراق وافغانستان لم تعد قادرة عسكرية على ازاحة العقبات الاخرى امامها بطريقة عسكرية وهي التي تعاني لأزمات اقتصادية خانقة ومركبة منذ عام 2008 رأت فرصتها في تحفيز الجماهير العربية لاحداث التغيير المطلوب بحجة دعم الحرية والديمقراطية والتخلص من الاستبداد , وما يشير لتعامل امريكا مع الاحداث العربية بمعايير مزدوجة تدل على خداعها هو موقفها المتمثل بدعمها للانظمة الحاكمة في دول الخليج العربي بينما هذه الانظمة ينخرها الفساد والظلم والرجعية والتخلف الاجتماعي اكثر من انظمة اخرى
التي تعد اكثر ديمقراطية من دول الخليج كسوريا مثلا مع انه رغم ديكتاريتها وفساد نظامها السياسي افضل من انظمة الخليج العربي القبلية البدوية ، ولكن تحالف هذة الدول وتبعيتها وفتحها ابار نفطها للاقتصاد الامريكي يجعلها مقبولة اكثر في معايير المصالح الامريكية الجيوسياسية .
وهنا وبعد ان تبلور الحراك العربي واصبح من الممكن فهم مسارة امريكيا وغربيا لما يخدم مصالح امريكا واسرائيل وباقي الحلف الرأسمالي العالمي في منظقة من اهم مناظق العالم اهمية في المجال الجيوسياسي تم حرف المسار الثوري الذي انظلقت فية الجماهير الغاضبة عبر تقوية اطراف محلية جديدة من شأنها ان تكون بديلا وساويا للانظمة البائدة تمثلت في الاتجاة الاسلامي السياسي بحركة الاخوان المسلمين التي تم رفعها من لوائح الارهاب الدولية وقبولها امميا بين ليلة وضحاها ، بعد تبينها لخطاب اكثر قبولا من خطابها المعتاد في الشأن السياسي الخارجي لدولها .حيث احترمت في مصر اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل وحافظت على اتفاقية تصدير الغاز المصري اليها وعمقت عدائها لسوريا وايران وحزب الله كقوة معادية لامريكا ، وفي تونس احجمت عن تضمين بند يجرم بصراحة التطبيع مع اسرائيل .كل ذلك كان بوابة عبور لقبول حركة الاخوان في السياسة العالمية .
ولكن وعلى الجانب الاخر اخذ يبرز تيار يلاحظ ويدرك المغزى الامريكي في سرقة مسار الحراك العربي الثوري حيث بدأ ولو متأخرا يبلور موقفا مناقضا لمواقف اطراف اخرى محلية . وبدأ الحوار يأخذ مجرى فكري سياسي بين القوة المتصارعة محليا وامتدادها الاقليمي . بحيث اتخذ اشكالا مختلفة وصلت الى العنف والاشتباك الدموي في احيان كثيرة .
اذن فما يحدث في الشارع العربي منذ ما يزيد عن العامين بات صراعا بين قوى محلية واقليمية لها من يساندها دوليا الامر الذي يعكس عدة نتائج واستخلاصات اهمها :
اولا : عدم تبلور نهاية لنفق الحراك العربي ، فالصراع الدائر بين قوى تبحث عن مصالحها على حساب الاهداف الاولى لما قامت بة الجماهير العربية لم يحسم بعد ، ولم يتبلور تيار عربي في اي دوله من دول الثورات العربية يمتلك برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي عام يساهم في خلق حالة من الطمأنينه والاستقرار والتنمية وخاصة للطبقات والشرائح المجتمعية المهمشة .
ثانيا : الاحداث العربية وخاصة بعد ما جرى في ليبيا من تدخل لحلف الناتو وما يجري في سوريا من تدخلات اقليمية ودولية دفع لنهوض قطب عالمي جديد بقيادة روسيا الاتحادية التي اثبتت قدرتها على الوقوف كقوة عالمية للحفاظ على مصالحها في المنظقة بوجه الاطماع الامريكية وذلك تمثل في منع الضربة الامريكية العسكرية لسوريا وتثبيت مبدأ الحل السياسي بين اطراف الصراع فيها .
ثالثا : انكشاف هشاشة النظام الرسمي العربي على مستوى الدولة الواحدة والنظام الرسمي العربي عموما المتمثل في الجامعة العربية والتي اعطت الغطاء للتدخلات الاجنبية في الشأن العربي وعدم قدرتها كمأسسه جامعة ان تقدم الحلول الجدية المستقلة بما يخدم مصالح الشعوب العربية .
رابعا : والاهم من بين كافة النتائج المستخلصة هو انكسار حاجز الخوف لدى القطاعات الشعبية اتجاة السلطة وادراكها لبواطن القوى التي تتمتع بها في حال اتحادها وقدرتها على احداث التغير .
خامسا : اتضاح ضعف القوى التي لطالما نادت بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية سواء الليبرالية او القومية او اليسارية وعدم قدرتها على قيادة الجماهير في حراكها الثوري .
سادسا : تشابه ظروف وهموم المجتمعات العربية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الامر الذي يعيد الاعتبار لضرورة وضع رؤيه عربية مشتركة لنهوض بالواقع العربي بشكل متكامل على طريق انجاز الوحدة العربية الكبرى .
وفي الختام ، ان اي حراك ثوري لا ينجز تغييرا جذريا في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يبقى دون مستوى تسميته بالثورة ، فالتعريف الماركسي للثورة هي ( احداث تغيير جذري وشامل في البنى الاساسية للمجتمع ) الامر الذي يقودنا لاستشراف المستقبل العربي بعد هذا المخاض العسير . والذي ما زال في بدايته النسبية لان التغيير الاجتماعي معروف كقاعدة عامة يحتاج فترات طويلة وخير دليل على ذلك المدة الزمنية التي احتاجتها كافة الثورات كالفرنسية والبلشفية والصينية ، التي امتدت لعقود لذلك فمن الصعب الحكم منذ اللحظة على مستقبل المنطقة العربية وما سينتج
ومتى . ولكن الامر المأكد ان التاريخ المأساوي الذي استمر منذ خروج الاستعمار الاروبي المباشر على ايدي انظمة دكتاتورية وما رافقة من كوارث اجتماعية وسياسية واقتصادية لن يكرر نفسة مهما استمرت الصراعات وتفاقمت .فالوعي الذي بدأت بذرته بالنمو سيزداد نموا مع الممارسة اليومية ويتسع بين القطاعات الكادحة اكثر فأكثر في عملية جدلية كبيرة ستخلق قوى قادرة على صنع المستقبل المنشود وهذة العملية ستنشأ بدورها تناقضات اخرى تؤكد على الحياة حيث ان
" في التناقض حياة وفي التماثل الموت " ماركس .



#عرفات_البرغوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملية سيناء المستفيد والخاسر ... يقودنا للمنفذ


المزيد.....




- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عرفات البرغوثي - في مستقبل - الربيع العربي-...