أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - موضوع الوحدة عند تشيخوف














المزيد.....

موضوع الوحدة عند تشيخوف


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 1233 - 2005 / 6 / 19 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


ن.س. فافيلوفا
ترجمة/ ابراهيم استنبولي
باتت ليلتَها غيمةٌ ذهبية،
على صدرِ جلمودٍ عملاق؛
باكراً في الصباح انطلقت في الدرب،
وهي تلعب فَرِحةً في الفضاء اللازوردي.
لكن أثراً رطباً بقي في تجعيدةِ
الجلمود العجوز. وحيداً
يقف، وقد شرد في البعيد،
و هو يبكي بصمتٍ في الصحراء.
ليرمنتوف >

إنها أبيات عن الوحدة. وعن أنه تصادف لحظات يلوح فيها أمل بالتخلص منها. لكنه أمل مخادع، لا يبقى بعده سوى أثر. >. لقد كان تشيخوف يشعر بالوحدة طيلة حياته. لهذا لم يكن عبثاً يحمل في إصبعه خاتما حفر عليه: <<الصحراء تحيط بالوحيد أينما كان>>. هذا الخاتم كان يعود لوالد تشيخوف، بافل ايغوروفيتش، لكن ابنه انطون بافلوفيتش هو الذي حمله... وعندما كتب قصة <<في الطريق>> 1886، تلك القصة عن الحياة المضطربة للرجل (لن نتناول هنا الجانب الاجتماعي، الذي كتب عنه الكثير من النقاد المعاصرين لتشيخوف، مصنفين بطل القصة في عداد <<الأشخاص الزائدين>>)، فإن تشيخوف كان قد اتخذ كمدخل للقصة هذه الأبيات من قصيدة ليرمنتوف:

باتت ليلتها غيمة ذهبية
على صدر جلمود عملاق...

أما مضمون القصة فهو بسيط: في خان يؤمه المسافرون، يلتقي رجل وامرأة وقد فاجأتهما العاصفة الثلجية وهما في الطريق. ينشأ بينهما شيء ما، ليس إحساسا بالضبط، بل شبح إحساس. اللقاء يجري في ليلة رأس السنة الميلادية، وهذا يؤكد بشكل خاص على عدم استقرار ووحدة شخصين مسافرين يلتقيان صدفة. يؤكد ذلك أيضا الطقس، الريح والزوبعة الثلجية التي هبت في محيط الخان: <<كان الطقس يضج في الفناء. شيء ما مسعور، غاضب، لكنه تعس حتى النخاع، راح بعنفوان وحشي يدور حول الخان وهو يحاول اقتحامه والولوج إلى الداخل>>. يجري حوار، حيث يتحدث بطل القصة ليخاريوف عن حياته و، كما لو عرضا، يناقش مواضيع مختلفة جدا.
عن الايمان: <<الايمان هو تعبير عن مقدرة الروح. وهو يعادل الإبداع عمليا. يجب أن يولد مع الإنسان. و تلك المقدرة يمتاز بها الروس بدرجة عالية. (...) لقد أهدت الطبيعة الإنسان الروسي قدرة غير عادية على الايمان، لقد منحته عقلاً وذكاء للتفكر، لكن كل ذلك يتحطم شرَّ تحطّم على صخرة اللامبالاة، الكسل والسذاجة الحالمة>>.
ثم يتكلم ليخاريوف عن العلوم وكيف أن هدفها هو السعي إلى الحقيقة. وبشكل خاص عن النساء، اللواتي يؤدين رسالة سامية، حسب رأيه، هي <<العبودية النبيلة والراقية، الصبر والكرم الروحي، الوفاء حتى القبر، شاعرية القلب. إن مغزى الحياة بالنسبة للمرأة هو بالضبط في هذا العذاب بدون أي تذمّر، بإذعان، في الحب غير المحدود، الذي يصفح عن كل شيء، والذي يجلب النور والدفء إلى الحياة>>. ومن ثم، متوجها بشكل مباشر إلى رفيقة الدرب، يسألها : <<انظري، عندما تحبين شخصاً ما، فإنك سوف تذهبين وراءه إلى القطب الشمالي. ألن تذهبي؟>>. وهي تجيب: <<نعم، إذا.. أحببته>>.
هذا اللقاء الصدفة في ليلة رأس السنة، كلمات البطل ليخاريوف، إخلاصه، حماسه كل ذلك يفعل فعله في شريكته بالحديث لدرجة أن <<... ايلوفاسكايا نهضت ببطء، تقدمت خطوة نحو ليخاريوف وبحلقت في وجهه. (...) في حرارة عينيه، في كلامه، في حركات جسمه الضخم كله انعكس قدر كبير من الجمال، بحيث أنها، ودون أن تنتبه لذلك، راحت تقف أمامه كقطعة جامدة وهي تنظر في وجهه كالمسحورة>>.
لكن، يقبل الصباح، تستعد ايلوفايسكايا للمغادرة. <<نظرت ايلوفايسكايا إلى الاستراحة لآخر مرة، وقفت صامتة ومن ثم خرجت ببطء. ذهب ليخاريوف ليودعها. (...) عندما انطلقت الزحافة(1) وراحت تبتعد ملتفة حول كثيب ثلجي، نظرت إلى ليخاريوف مع تعبير يوحي كما لو أنها أرادت أن تقول له شيئاً ما. فركض هو إليها، لكنها لم تقل أية كلمة، فقط رَنَتْ إليه من خلال رموش طويلة وقد علقت بها حبيبات الثلج>>. و<<فجأة راح يفكر، أنه كان بحاجة لاثنتين ثلاث من <<اللمسات>> القوية الرائعة، لكانت هذه الفتاة (...) ذهبت خلفه دون أن تسأل، دون أن تناقش. وقف طويلا كالمسحور وهو ينظر إلى الأثر، الذي تركته المزالق. بينما راحت قطع الثلج تتساقط بكثافة على شعره، لحيته وكتفيه. بسرعة اختفى الأثر الذي خلفته المزالق، وهو نفسه صار، بعد أن غطاه الثلج، يشبه الجلمود، لكن عينيه تابعتا البحث عن شيء ما في الضباب الثلجي>>.
<<صار يشبه الجلمود>>...

لقد قدم سيرغي فاسيلييفيتش رحمانينوف(2) كهدية نسخة من الفنتازيا <<الجلمود>>، التي كتبها للأوركسترا صيف عام 1893 مع الكتابة التالية: <<إلى انطون بافلوفيتش تشيخوف الغالي والمحترم جدا، مؤلف قصة <<على الطريق>>، والتي كان مضمونها مع المدخل هو الأساس لهذه المقطوعة الموسيقية>>.
وبالمناسبة، إن موضوع الوحدة لم يكن غريبا عن سيرغي رحمانينوف أيضا.

1 الزحافة عبارة عن عربة خاصة لنقل المسافرين مصممة للسير على الثلج على مزالق خاصة. المترجم
2 سيرغي فاسيلييفيتش رخمانينوف 1873-1943 ملحن روسي، عازف بيانو وقائد أوركسترا. عاش منذ عام 1918 في الولايات المتحدة
الأميركية. المترجم
تنويه : هذه المادة بمناسبة ذكرى رحيل الكاتب العظيم أ . ب . تشيخوف .
و قد سبق و تم نشرها في جريدة السفير اللبنانية



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسن يُظهر ضدَه الحسن : عن حوار الطرشان في بلاد العربان
- من الشعر الروسي المعاصر
- - قصص من سوريا - بــتجنن
- لبننة - التيار العوني ... لمصلحة الجميع -
- أدباء عظام ... و لكن
- ... حكي من القلب
- قراءة في البيان الأخير لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا
- بمناسبة أربعين اغتيال الرئيس الحريري : انطباعات مواطن سوري
- بوريس باسترناك - الكاتب و الشاعر الفيلسوف
- أيتها الوَحْدَة ، ما اسمك ؟
- لماذا 8 آذار – هو عيد المرأة العالمي ؟
- من الأصوات الشعرية الروسية المعاصرة : اناتولي فيتروف
- تداعيات و خواطر .. ع البال
- امتنان و فكرة .. و سؤال
- تمنيات مواطن سوري في العام الجديد
- تطورات الروح - من تعاليم التصوف
- متى ستزور - لحظة الحقيقة .. - اتحاد الكتاب العرب ؟
- كلمات رائعة .. - باقة - لنهاية العام 2004
- سوريا تتسع للجميع - حول إغلاق حانة في دمشق
- أشعار حزينة من روسيا - للشاعر ايفان غولوبنيتشي


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - موضوع الوحدة عند تشيخوف