أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شريف خوري لطيف - الترهيب الفيسبوكي














المزيد.....

الترهيب الفيسبوكي


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 00:04
المحور: كتابات ساخرة
    



مع تدفق طوفانٍ البشر لعالم المساحات الإفتراضية ربما هرباً من واقعٍ مرير أو لعُزلة إجبارية أو للقراءة ومعرفة آخر الأخبار، وسط واقع مجحف ينتقص أحياناً من حقوقك الآدمية ومشاعرك الإنسانية ليجعلك منفياً على قارعة الأحداث و مُهمّشاً على قيد الحياة، تدخل يا ولداه برجلك اليمين مملكة العم زوكربيرج و أنت معتقداً أنك ستعيش حريتك مع ذاتك في مساحتك الإفتراضية التي فتح الله عليك بنافذتها، لتخرج عليها أفكارك اللوذعية وتأملاتك الحياتية وأحياناً كبتك الداخلي وخوفك وهواجسك وأحلامك ومشاعرك وما تعقده وما تحبه وما تكرهه وما يبكيك وما يسُرك...ألخ، ولكنك لو دققت قليلاً بنظرة عابرة من سطوح مساحات جيرانك الفيسبوكيين اللطفاء ستكتشف أنك لا تعيش وحدك مع ذاتك، ولكن ستشعر بأنك معهم داخل أتوبيس لهيئة النقل العام ساعة ذروته أو داخل قفص زجاجي شفاف، مراقب في كل تصرفاتك وتعليقاتك وتُعد عليك أنفاسك حد تشك فيه إنك لو عِطست ممكن يسمعك باقي سكان مدينة الفيسبوك مِمَن يعرفونك و مَن لا يعرفونك و ربما يخرج عليك أحدهم عبر نافذتك ليقول لك" يرحمكم الله "! و كأنك تعيش في منزل مكون من حُجرة واحدة، و من وقت لأخر يطل على حائطك أحد المُخبرين المرتديين بالطو رشدي أباظة في فيلم الرجل الثاني وماسك في إيديه جورناله المخروم ليطمئن أن فكرك لا يشكل خطر عليهم و لا تكتب ما يكدر صفوهم و لا ما يثير غضبهم وإن كلامك ما زال خفيف عليهم، كل هذا شيئ عادي جداً، إبتسم فقط وخليك لطيييف و كوول.

لكن ما يثير دهشتك وأحيانا حِنقكَ عزيزي الكائن الفيسبوكي، أن خصوصياتك أصبحت مخترقة بل و مباحة على المشاع، يتفرسون كلماتك لتتعرى حروفك أمامهم بما يناسب فكرهم ليُمارسوا عليك إسقاطاتهم حين يفهمون كلماتك بطريقتهم ويفسرونه على مزاجهم ومشاعرك وتأملاتك بما يوافق أهوائهم و بإن كلماتك تحمل رسائل و تلميحات خاصة لهم وحدهم، وأن هناك حروف مخفية بين السطور بها ألغاز وحدهم من يملكون مفاتيح سرها، و أحياناً تجد ذاتك وأوصافك وسط صفحاتهم سواء بالخير أو أحياناً بالشتائم و بالإتهامات، لتغلق جهازك آخر الليل وانت يا إما تنام في قمة السعادة وفمك منشكح بين وِدّنيكَ عندما يروق لك كلامهم، أو تلومهم في سِرَّك و تنام ليلتك متنكد عليك وبتلعن اليوم إللي دخلت فيه هذه المساحة الزرقاء لأنها حولت ليلتك لسوداء، و أحياناً يطالبونك بالإعتذار عما أتهمتهم به! أو عن سوء فهمهم حين تشركهم معك في تأملاتك الأدبية أو كتاباتك الخاصة ليتأملها كلٌ منهم بطريقته، ولكن سيئو النيِّة والظن بك سينتزعون عنك كلماتك عندما يجدونها تناسب أهوائهم لأن مشاعرك تعنيهم وحدهم و فيها تلميحات خاصة لهم! ولا يدركون أن كتاباتك ربما لا تعنيهم بالمرة ولم يخطروا ببالك وأنت تضع بوستات سوف يُدينوك بها، وسيتلقفها البعض ممن يتربصون بك ويتحينون الفرصة ليبحثوا عن أنفسهم بين حروفك وكلماتك و يبنون عليها ما يشتهونه من روايات وحكايات ألف ليلة ليثروا بها صفحاتهم، و ربما تموت غيظاً غير مأسوف عليك حين تشعر بقمعهم لأفكارك وكتاباتك وتأملاتك و أنك مقدرتش تحلف لهم مِيت يمين أنك لا تقصدهم ولا تقصد أحداً بالمرة و إنك بريء من نظرتهم الثاقبة لدواخلك و إقتحامهم لخصوصياتك بحثاً عن شيء تجهله ولكنهم يعرفونه ويريدونك أن تدور في فلك ظنونهم بك! لتشعر إنك تريد أن تقول لهم: “لأننا نتقن الصمت، حمّلونا وِزر النوايا!” كما قالت غادة السمان.

لتظل محتاراً لا تدري أتعتذر عما لم تقصده ولم ترتكبه في حق أحدٍ من جيرانك الإفتراضيين، أم عن إيذائهم لمشاعرك وإقتحامهم لخصوصياتك عنوة، أم تفكر مائة مرة وتتلفت حولك كالمشبوهين قبل أن تلقي بكتاباتك و تأملاتك و تعليقاتك خوفاً من أن يلتقطها سيئ النيِّة وحسن النيَّة ومن يحبونك ومن يكرهونك؟! لتجد نفسك في النهاية أمام ردود أفعال لا حصر لها من نصائح و إرشادات ومعاكسات وشتائم وصِرتَ في موضع إتهام وشبهة و كأنك مَن كنت سييء النيَّة، لتصبح في النهاية عُرضة لقمع التلميحاتٍ و الفخاخ الترهيبية المنصوبة لكَ لتتلقفك في حبائلها ! لتغيب المحبة الإنسانية حتى في عالمنا الإفتراضي، وما بين منطوق لم يُقصَد، ومقصود لم يُنطَق، تضيع الكثير من المحبة كما قالها جبران. عزيزي و جاري الفيسبوكي، إني أحبك فالجار جار ولو جار، فخليك لطيف وكن خفيف لأن شكلنا مطوِّلين مع بعض والجيران دايماً لبعضيييها.



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ ال ...
- كنيسة العذراء الأثرية بدير المِحرَّق أول كنيسة تُدشن بمصر وا ...
- لقد وقعنا في الفخ الدستوري!
- القبطي كائن ساقط قيد دائماً !
- يقولون أن المرأة نجسة !
- باسم يوسف، انتقد ولا تبتذل
- هل أنزل الله ديانات سماوية بشرائع متفرِّقة ؟
- مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية ا ...
- لماذا تدعم أمريكا والغرب الإسلام السياسي ؟
- سد النهضة، و سياسة تجويع المصريين
- هل أعلن السيد المسيح عن عقيدة لاهوته ؟
- هل كانت ثورات بريئة.. وماذا بعد السقوط ؟!
- الإسلام وعلاقته بالنُصرانية والمسيحية {1}
- حمادة يقلع .. حكاية تعرية وإغتصاب شعب
- الحاكم بأمره، وشعب البلاك بلوك
- أخي المسلم، أنت لستُ كافراً


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شريف خوري لطيف - الترهيب الفيسبوكي