أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية عيلبوني - لماذا تراجعت مصر وتقدمت تونس؟؟















المزيد.....

لماذا تراجعت مصر وتقدمت تونس؟؟


نادية عيلبوني

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 19:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يتجلى التباين بين تجربة الثورة التونسية وتجربة الثورة المصرية فقط ، في طريقة اندلاع الثورتين ، أو الأمكنة التي انطلقت كل منهما،رغم التشابه الكبير في الأهداف التي رفعتهما ، بل أن كل منهما أظهرت إلى العلن طبيعة البنية الثقافية والتراث الاجتماعي المتباينة جوهريا للشعبين التونسي والمصري عشية الثورة.
وإذا كان صحيحا القول أن كلا التجربتين قادتا في النهاية إلى حمل حركة الاخوان المسلمين إلى السلطة، فإن من الخطأ إغفال دور القوى السياسية صاحبة مشروع الدولة المدنية في تونس، وطريقة خوضها لمعركتها السياسية بين تلك القوى . فهي لم تقبل كما فعلت القوى السياسية المصرية أن تسلم قيادها إلى الجيش ، لينوب عنها ويقصيها من أخذ مهامها في التصدي لمشروع الأخوان ، بل لنا أن نرى كيف كافحت تلك القوى وثابرت بعزيمة وإرادة في التصدي لمشروع الاخوان المسلمين في تونس ، إلى أن تمكنت أخيرا بفضل تكتلها وتكافتها من انتزاع دستور مدني يعطي مال لله لله وما لقيصر لقيصر، لتفض هذا الاشتباك بين الدين والسياسة . وتمنع تحول تونس إلى دولة دينية تحكمها الشريعة، ونجحت في تعزيز مكانة المرأة التي كانت سابقا والزيادة عليها وقوننتها.والأهم أنها نجحت في هذا العمل الجبار الذي يحسب لها ، في ظل قيادة الاخوان في تونس للسلطة والمجتمع، بحيث يصير أمر التراجع عن ما حصلت عليه في الدستور الجديد في أية حكومة مقبلة أمراً صعبا إن لم يكن مستحيلا.
في مصر ، كان الأمر مختلفا ومخيبا للآمال على هذا الصعيد كليا تقريبا، فالقوى السياسية المصرية بجميع تياراتها المدنية لم توفق فيما وفق به التونسيون، ليس فقط بسبب كون تلك القوى كانت مبعثرة إلى حد كان من الصعب أن تجتمع على هدف مدنية الدولة ، بل أيضا لأسباب موضوعية كثيرة أهمها:
1- طبيعة الثقافة الاجدتماعية والسياسية السائدة في مصرية المختلفة بنيويا عن مثيلتها التونسية عشية الثورة في كلا البلدين. فتونس التي حكمها بورقيبة لم تعزل عن العالم الخارجي ، كما أن بورقيبة على الرغم من استفراده بالسلطة ، كان قد عمل على اقرار قوانين تنبع من الدساتير المدنية ،وليس من الشريعة ،وخصوصا في مجال الأحوال الشخصية، تلك القوانين صارت من ضمن المكتسبات التي حققتها المرأة والتي يجد المجتمع ، وخصوصا النساء صعوبة في التخلي عنها.فإلغاء بورقيبه لحق تعدد الزوجات ، والمزايا القانونية الكثيرة التي تحمي حقوقها وحقوق أبنائها في حال الطلاق ، كلها من الأمور التي ساعدت المجتمع التونسي على رفع سقف مطالبه ،لا التخلي عن منجزاته.في حين ظلت مصر منذ عهد عبد الناصر ووصولا للحكم العسكري الحالي تحكم من خلال قوانين مستمدة من الشريعة ، كما لا يزال دستورها إلى الآن يصر عمامة الدين على الدول وعلى اعتبار الشريعة الاسلامية المصدر الأساسي للتشريع.
الاختلاف البنيوي من الثقافية ليس هذا فحسب ، بل يتجاوزه إلى نسبة التعليم بين البلدين ففي حين سجلت مصر نسبة أمية تترواح ما بين ال45% إلى 51% وتبدو النسبة أكبر من هذا الرقم بين النساء،فإن النسبة لا تتجاوز في تونس ال 19% في ،وهذا العامل يلعب دورا مهما بالتأكيد ،وهو عامل يسهل على القوى السياسية البناء على أساس اجتماعي وثقافي قوي ومتين..
2- تونس وحدة اجتماعية ودينية متجانسة ، ليس فيها طوائف ، ومجتمعها ينتمي دينيا للمذهب المالكي المعروف بعدم تشدده ، بخلاف المذاهب الإسلامية الأخرى ، كالحنبلية والوهابية المغرقة في تشددها. في حين أن مصر ليست كذلك، فهي كانت اول من احتضن حركة الاخوان المسلمين التي استلهمت فكرها وتشددها من مرجعيات دينية في غاية التشدد، وخصوصا الوهابية منها.
3- قرب تونس جغرافيا من أوربا فتح المجال واسعا لتأثر المجتمع التونسي بثقافة الحريات التي لا يفصلها عنها سوى المتوسط .وربما كان لبعدها الجغرافي عن المشرق العربي حماية لها من التأثر بالتيارات القومية والدينية ، على الرغم من تسلل بعضها الى المجتمع التونسي ، فإن هذا التأثر لم يلغي بأي حال مدنية المجتمع كما حدث في مصر. ومن المهم الإشارة إلى هذا الاحتكاك قد انتج ، إضافة إلى العوامل التي أتينا على ذكرها ، نخبا ثقافية حقيقة تجمعت في أطر ناشطة على الصعيد الثقافي، فاللائكية على سبيل المثال كانت تجذرت في تونس عبر نشاطات متعددة وأثبتت وجودها بالرغم من المصاعب ، وإذا كان صحيحا القول ان تلك النخب كانت تتجنب الاصطدام بالنظام الحاكم، إلا أنها استطاعت أن تنشر ثقافة المجتمع المدني ،وتنشر الوعي المدني ، وتعرف جمهورها على أن مصلحة الشعب التونسي الحقيقية هي في الدولة المدنية وليست الدولة الدينية.في حين أن الصورة في مصر كانت عكس هذا تماما، فمنذ عهد عبد الناصر إلى الآن، جرى عزل مصر ثقافيا عن العالم، العالم الآخر ، الأوربي الذي كان متهما دوما بالتآمر ولا ينظر إليه وإلى ثقافته إلا من باب المؤامرة والعدوان، إضافة إلى غض نظر السلطات المصرية عبر تلك الفترة عن نشاطات الاخوان والسلفيين اللذان وفقا في اعادة صياغة ثقافة المجتمع على أسس دينية ظلامية، وجعلها تتغول في المجتمع وتهدد الباحث والدارس والفنان بالقتل إذا ما تجازوا في أعمالهم ما يدعي ثوابت دينية.
4- دور العسكر في كلا البلدين. فالنظام السابق وفي كل مراحله في تونس، لم يكن يعتمد على المؤسسة العسكرية قدر اعتماده على القوى الاستخبارتية والأمنية التي قام بإنشائها وتنميتها لحماية وجوده في السلطة، في حين اعتمد النظام في مصر اعتمادا ًكبيراً وأساسياً على الجيش ، فحركة الضباط الأحرار الذي يعتبر نظام مبارك امتداد لها ، هي حركة قامت على أكتاف المؤسسة العسكرية، وهي كانت ولا تزال قوية بحيث تمكنت أخيرا، من إقصاء الاخوان المسلمين، وإقصاء كل القوى السياسية الأخرى التي كان على عاتقها تقع مهمة مقارعة الاخوان واجبارهم على التراجع أمام مطلب مدنية الدولة ،وتركت تلك المهمة للمؤسسة العسكرية ، التي أزاحت الإخوان المسلمين بالقوة ، ولتعيد من جديد ،حكم الشريعة الذي يقصي مشروع الدولة المدنية إقصائيا قد يبدو طويلا على المدى الزمني المنظور .
لهذه الأسباب مجتمعة، نجحت تونس فيما عجزت عنه مصر.



#نادية_عيلبوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشراف مستقبل سوريا ما بعد الأسد..!
- عندما يتجاوز السياسي والمفكر حقوق المجتمع المدني السيد القمن ...
- آخر الدواء، الحماية الدولية.!
- هل سوريا غير تونس ومصر؟
- الدستور المصري وصيغة الدولة المدنية
- رياح التغيير تهدد وجود السلطة الفلسطينية
- جزيرة قطر والبحث عن الدور
- ظاهرة تميم البرغوثي، إعادة إنتاج للشعر الشعبوي
- ما هي انجازات المثقف الفلسطيني؟أسئلة في صلب الثقافة الفلسطين ...
- أكثر من ثلاث سنوات على حكم حركة حماس، ما هو الحصاد؟
- إلى متى سيظل الأقباط عبيدا لسلطة الكنيسة؟
- لماذا يكرهوننا؟
- عفوديا يوسف، بضاعتنا وقد رد إلينا!!!
- ما هي الاستراتيجية الفلسطينية البديلة لرفض المفاوضات؟
- الاحتفال بفيينا بترجمة أول عمل ابداعي للأطفال بالألمانية للش ...
- آفات الثقافة الفلسطينية
- هل كان رأي أدونيس في درويش منصفا؟
- بوح إمام القاتلين -قاين- قصة قصيرة
- القدس والمقدس والغرائز الوحشية
- الأمير الأخضر ، دروس وعبر


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية عيلبوني - لماذا تراجعت مصر وتقدمت تونس؟؟