أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - فى المنهج















المزيد.....

فى المنهج


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 19:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فى المنهج
المنهج هو فن ترتيب الأفكار. هو الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لإنتاج المعرفة. ومن ثم فحينما يُطرح سؤال فى فرع من فروع المعرفة الإنسانية فليس من المهم، فى مذهبى، أن تقدَّم إجابة، إنما المهم هو الطريق الذى يسلكه الذهن كى يُنتِج هذه الإجابة؛ فالإجابة الصحيحة، دون ادعاء امتلاك الحقيقة، ستكون فى التحليل النهائى نتيجة خطوات فكرية سليمة.
ولننظر إلى المسألة عن قرب. ما الذى نحتاجه كى نشيّد بناء؟ لا شك فى كوننا بحاجة، إضافة إلى الأرض الصالحة للبناء، إلى مواد عمل (تتمثل فى الطوب والرمل والأسمنت والحديد، ... إلخ) وأدوات عمل (كالروافع، والخلاطات،... إلخ). ونحتاج كذلك إلى قوة عمل تتمكن من خلال تلك الأدوات من استعمال هذه المواد فى سبيلها إلى تشييد ذلك البناء على هذه الأرض. ومن المعلوم بالبديهة أنه كلما صلحت الأرض للغرض وقويت، علا البناء ورسخ. ولست منشغلاً ها هنا بالنظر فى تهيئة الأرض غير الصالحة، إذ لذلك مجال أرحب وحديث أوسع، وإن وددت أن تتمكن من استخلاص خطوطه العريضة ممّا سنسير فيه معاً عبر المراحل الفكرية.
هذا عن تشييد البناء، فماذا عن إنتاج الفكرة؟
إن شأن إنتاجها شأن تشييد ذلك البناء، مع إختلاف التركيب العضوى لكُل منهما؛ فمواد العمل المطلوبة لإنتاج الفكر تتمثل فى ذلك الكم المعرفى المكتسب، الذى ينشغل الإنسان الواعى بتحصيله خلال حياته، وعلى أسس وأصول وجب احترامها وتعيّن تدبر أهميتها قبل تخطيّها وتدميرها عن جهل بعد أن فشى الرفض الجاهل للقيم وأصول الأشياء بلا تساؤل عن المعانى التى تحملها الضوابط قبل الرفض... أما الأدوات، وهى تؤدى دوراً حاسماً، فتتبلور فى ذلك الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لإنتاج المعرفة، هذا الطريق يُسمّى بالمنهج، الذى هو فن ترتيب الأفكار.
إذاً، مثلما أن مواد العمل لبناء منزل تتمثل فى الطوب والرمل والأسمنت...، وفى الروافع والخلاطات كأدوات لا يتم البناء من دونها، كذلك الأفكار بحاجة، كى تُنتَج هى الأخرى، إلى مواد وأدوات؛ إذ لا توجد فكرة، ولا يمكن أن يوجد فكر ما، بمعزل عن الأفكار السابقة، ولا يمكن أن توجد فكرة لا تعتمد على فكرة موازية أو سابقة عليها. ولا تعدو الفكرة الجديدة عن كونها نقداً أو تطويراً لها أو توضيحاً. فالأفكار التى يحصلها الذهن هى موضوع المواد، أما ترتيبها على نحو يؤدى إلى فكرة صحيحة، لا تدعى ملْكيتها لناصية الحقيقة الاجتماعية، فذاك هو المنهج، أو الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله إلى إنتاج المعرفة.
المشكلة لا تكمن فى الأفكار، إنما تكمن فى كيف نُنتِج الأفكار، وكيف نرتبها ترتيباً صائباً يُنتِج معرفة علمية. كيف نكشف عن القوانين الموضوعية الكُلية التى تحكم تطور عالمنا، وقانون حركته على الصعيد الاجتماعى. ومن هنا لا نثق كثيراً فى أسطورة تراكم المعرفة. ونرى أن المعرفة العلمية ليست، كما يُقال، تراكمية، إنما نراها خطية. إذ التراكم. تراكم الأفكار، فى حقل علم ما، إنما يحتوى على جميع الأطروحات فى ذلك العلم: الصحيحة، والخاطئة، والمشوهة، والرائعة، والسخيفة، والناقصة، والكاملة،... والمعرفة العلمية لا تقبل إلا الأطروحات الصحيحة. أى لا تقبل سوى الأفكار العلمية وتلك الأفكار العلمية بتلك المثابة تأتى، عبر تاريخ تطورها، فى شكل خطى وليس تراكمى كما هو شائع. إذ عبر تاريخ علم ما أو نظرية معينة يمكننا أن نرى التراكم وهو الذى يحتوى على جميع الأفكار البدائية والناضجة، الأولية والنهائية، العقيمة والمثمرة...، ولكن العلم يشق طريقه، خطياً، وسط كل هذا الركام من الأفكار والأراء والرؤى والتصورات والمذاهب، كى يقدم نظرياته بشكل خطى وليس تراكمى. فالمعرفة إن صح بشأنها التراكم، فالعلم خطى فى تطوره.
(2)
رجوعاً إلى فن ترتيب الأفكار، فإن التاريخ يشرح لنا لمَ سادت الحضارة الإسلامية العربية فى يوم ما وأنارت العالم القديم فى مرحلة هى من أشد المراحل إظلاماً وجهالة. ففى نفس اللحظة التاريخية التى سُحق فيها الضمير البشرى الأوروبى بين رحى صنمية الفكر الكنسى وعسف الملكية الاقطاعية، برق الفكر الإسلامى فى سماء الظلام وأنارت مصنفات فحوله حقبة هامة فى تاريخ الفكر البشرى وتاريخ الإنسانية، ويمكن أن نجد تلخيصاً رائعاً لحالة أوروبا آنذاك من خلال عبارات شديدة التعبير كتبها تولستوى:"خذوا كُل المراجع العلمية للقرون الوسطى ولسوف ترون: أى قوة إيمانية ومعرفة راسخة لا يرقى إليها الشك لما هو حق وما هو باطل فى هؤلاء البشر! كان من اليسير عليهم أن يعرفوا أن اللغة الإغريقية هى الشرط الوحيد اللازم للتعليم، لأنها لغة أرسطو الذى لم يشك أحد فى صدق أحكامه على مدى بضعة قرون بعد وفاته. وكيف كان للرهبان إلا يطالبوا بدراسة الكتاب المقدس القائم على أسس لا تتزعزع. كان من اليسير على لوثر أن يطالب مطالبة بتية بدراسة اللغة العبرية، عندما كان يَعلم عِلم اليقين أن الله ذاته قد كشف الحقيقة للبشر بهذه اللغة. من السهل أن نفهم أن المدرسة كان يجب أن تكون دوجمائية، عندما كان وعى البشر النقدى لم يستفق بعد، وأنه كان من الطبيعى أن يحفظ التلاميذ عن ظهر قلب الحقائق التى كشف عنها الله وأرسطو، والروائع الشعرية لفرجيل وشيشرون. فلبضعة قرون بعدهم لم يكن بوسع أحد أن يتصور حقيقة أكثر صدقاً أو رائعة أكثر روعة مما أتوا به، كان من اليسير على مدرسة القرون الوسطى أن تعرف ما الذى ينبغى تعليمه عندما كان المنهج واحد لا بديل له، وعندما كان كله يتركز فى الإنجيل وفى كتب أغسطين وأرسطو".
إن النور الذى انبعث من بخارى إلى الأندلس فى حقبة تاريخية معيّنة لم يكن انعكاساً لسيل جارف من الأفكار التقدمية، بقدر ما كان انعكاساً للطريقة التى تُنتَج بها تلك الأفكار؛
فنحن نرى ابن المقفع (742-759) يشير، فى الأدب الكبير، إلى الطريقة التى يتعيّن اتباعها حتى يمكن الفهم المتجاوز والوعى الناقد؛ إذ كتب:"ياطالب العلم إعرف الأصول والفصول؛ فإن كثيراً من الناس يطلبون الفصول مع إضاعة الأصول فلا يكون دركهم دركاً، ومن أحرز الأصول اكتفى بها عن الفصول، وإن أصاب الفصل بعد إحراز الأصل فهو أفضل". والتوحيدى (921-1023) فى الامتاع والمؤانسة، يصل إلى حدود وضع قاعدة فى التجريد إذ كتب:" إن أقرب الطرق وأسهل الأسباب هو معرفة الطبيعة والنفس والعقل والإله، فإنه متى عرف هذه الجملة بالتفصيل، واطلع على هذا التفصيل بالجملة، فقد فاز الفوز الأكبر، ونال الملك الأعظم، وكفى مؤونة عظيمة فى قراءة الكتب الكبار ذوات الورق الكثير، مع العناء المتصل فى الدرس والتحصيل والنصب فى المسألة والجواب، والتنقير عن الحق والصواب" وكتب ابن خلدون(1323-1382) فى مقدمته:"... ولو اقتصر المعلمون على المسائل المذهبية فقط، لكان الأمر دون ذلك بكثير، وكان التعليم سهلاً، ومأخذه قريباً" ابن خلدون يحدثنا هنا عن الأسس الجوهرية التى ينهض عليها هذا العِلم أو ذاك، ويجد أن صعوبة التعلم إنما تكمن فى التفاصيل والفرعيات التى تشوش على الفهم وتعطل التحصيل؛ فالفرعيات والأمور الثانوية تأتى فى المرتبة الثانية بعد الاستيعاب العميق للأصول الجوهرية.
لقد عبر ماركس (1818-1883) بدقة بعد مئات الأعوام عن منهجه فى رأس المال حين قال:"... لا يمكن لتحليل الأشكال الاقتصادية استخدام المجهر أو الكواشف الكيمياوية، بل يجب على قوة التجريد أن تحل محل هذا وتلك" (5) .
التجريد إذاً، كطريقة فى التفكير مؤداها العلو بالظاهرة عن كل ما هو ثانوى، يستطيع أن يرشدنا إلى الحقائق الكلية التى تحكم تطور عالمنا وقوانين حركته الاجتماعية. والتجريد هو المنهج الذى نراه بوضوح فى كل الأعمال الفكرية العظيمة التى صاغت وعى البشر عبر التاريخ بل وشكلت التاريخ نفسه.
(2)
ولعل من أكثر الدعاوى سطحية واستفزازاً فى نفس الوقت، تلك التى تأتى على غرار الأمراض الموسمية التقليدية، فتظهر حالة "احياء الفكر العربى"، أو" التواصل مع التراث الإسلامى"، بين كُل حين وآخر، وتجد لها من المريدين والمروجين والمشجعين من جُل الإتجاهات فيما عدا مَن لا يرون فى الإنتاج الفكرى العربى إلا ما كان منظوراً إليه من منظار السلف الصالح، كما يرونهم هم... وهم فقط!
أقول تظهر تلك الحالة، وعند نقطة انتهاء منحنى فورانها لا يُقدم أصحابها فى جُل مؤتمراتهم ومعظم كتاباتهم سوى أحبار حالكة على خلفيات أحلك. كما أن الحالة ذاتها لا تتمكن إلا من تقديم أمرين لا ثالث لهما، أولهما: زخم كمى بشأن عبقرية مفكر عربى ما كابن رشد، الإنتقائى غالباً: ابن رشد البرهان، وليس ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد، وكيف تمكن ببراعة من الانتصار للعقل فى عصور التخلف، وستنبت من هنا أطروحات فرعية ترى الخلاص عند ابن رشد البرهان. أو كيف أن المقريزى هو أول من عبر وباقتدار شديد، وتلك حقيقة، عن هيكل الأزمة الاقتصادية وحلل أسبابها وعلاقاتها الجدلية الداخلية. أو كيف أن ابن خلدون قد سبق آدم سميث فى تقديمه لنظرية فى التجارة الخارجية. وعلى الرغم من أن هذا السبق هو مجرد وهم فى خيال من يقول به، إلا أنه لا بأس من دسه فى الاحتفالية وترديده ببغائياً. أما ثانيهما: وهى عن الأولى متولدة من جهة التنائى أكثر وأكثر عن عبقرية فكر العلماء المسلمين الذى عَلم العَالم.
إن المسلمين، فى عصرهم الذهبى، قد علموا العالم العِلم والمعرفة. أو أن علوم المسلمين ومعارفهم قد انتشلت أوروبا من مستنقع الجهالة والرجعية والتخلف. أو أن علوم المسلمين لولاها ما قامت لأوروبا قائمة إلا بعد أحقاب تاريخية أكثر طولاً... كُل تلك العبارات جوفاء المضمون خاوية المحتوى، ليس لها مكان داخل إطار ماهو عِلمى مع إحتفاظها وبكل قوة بموقعها فى التاريخ الإنتقائى العصابى، إنه التاريخ الذى ينشغل بالإستنتاجات الجاهزة كى يُلقى بها فوراً فى كراسات التعميم، وكى تتشرب به الأذهان الملقَنة فى هذه الصناعة أو تلك.
إن المسلمين قد علموا العالم كيف يُفكر. تلك هى الإجابة التى نفترض صحتها على السؤال المطروح والمعنى بماهية ما تركه المسلمون للعالم، ولتقريب الأمر نسأل، وهو على ما نظن سؤال سبق طرحه كثيراً وخاض فيه من خاض ومن أنحاء شتى، وقد كنت لحين فترة وجيزة غير مقتنع بكل الإجابات المقدمة له، هذا السؤال يتعلق بالنظر فى أسباب جهل الواقع العربى القديم للمسرح مثلاً كأحد ألوان الأدب وباب من أبواب الفن. ولقد وجدت فى قوة التجريد الإجابة. فإن فن المسرح ينهض على التفاصيل وكذلك الرواية، على حين إن الذهنية الإسلامية قد تشكلت على نحو تجريدى، تلك الذهنية هى التى انطلقت بعقلية المسلمين كى تعلو بالظواهر عن كُل ما هو ثانوى، هذا الثانوى يُوجد فى الرواية ويوجد فى القصة وهو من باب أولى فى المسرح أوجد. ولذا نأت الذهنية الإسلامية عن تلك الثانويات. ومن ثم لم يكن ليوجد أدب المسرح أو أدب الرواية، على الرغم من كون المجتمع العربى، كأحد أجزاء العالم الإسلامى، مجتمع حكّاء بطبيعته.
ولقد تشكل لدىّ ابتداءً مِن هذا الوعى، وانطلاقاً من موقف رافض لصنمية الفكر والرأى، الإيمان الراسخ بشرعية الجهاد بلا هوادة للإنتصار لعلو منزلة المنهج فى الطرح؛ ولأجل ذلك أضحت قضيتى التى انشغلت بها دوماً هى الدفاع عن أهمية الإنتباه إلى الطريقة التى يستعملها الذهن لقيامه بتقديم إجابة على ما يثور من أسئلة معرفية، أكثر مِن الإهتمام بالإجابة نفسها. ولن يكون ذلك متاحاً إلا بالتجريد.
(3)
كى نُنتج العلم يتعين أن نستخدم منهج. وبقدر وضوح المنهج يكون وضوح الرؤية. وعلى أساس من وضوح الرؤية يمكن إنتاج العلم. هذا الإنتاج يكون بالكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكم الظاهرة المراد تفسيرها. فما هو العِلم؟
العلم، انطلاقاً مِن رفض التعريفات، والاعتماد على التحديدات، هو طريقة تفكير لتفسير ظاهرة مُعينة، ومن ثم الكشف عن القوانين الموضوعية الحاكمة لها. ولا يُمكن الحديث عن وجود عِلم دون وجود الظاهرة؛ فالظاهرة هى السبب الرئيسى الذى يُؤدى إلى ظهور الطريقة التى مِن خلالها يسعى الذهن مِن أجل تفسيرها، والكشف عن قوانينها الموضوعية؛ فيُمكن القول أن عِلم الفلك، على سبيل المثال، مِن أسبق العلوم ظهوراً؛ إذ نشأ كى يُفسر القوانين التى تحدد الشروط الموضوعية للعديد مِن الظواهر المتكررة التى أرقت الذِهن البشرى منذ بداياته الأولى، مِن رعد وأمطار وكسوف وخسوف إلى آخر تلك المظاهر الطبيعية المتكررة التى استلزمت تبلور طريقة تفكير معينة شكلاً وموضوعاً تنهض بتفسير الظاهرة وتكشف عن القوانين التى تحكم شروطها الموضوعية. أُحدد هنا العِلم ولا أعرفه، أحدده بتحديد انعكاسه المباشر وهو التفكير العِلمى. وذلك تجاوزاً لكون العِلم، ونقصد هنا العلم الاجتماعى، هو: مجموعة القوانين التى تحدد الشروط الموضوعية الحاكمة لنشؤ وتطور ظاهرة اجتماعية معينة. فطالما كان تحديد العلم مِن خلال ما يَكشف عنه أكثر إيجابية فمِن الأوفق الركون إلى تحديده فى حالته الديناميكية، ومِن ثم القول بأن العِلم هو طريقة التفكير، تعبيراً عن القوانين الموضوعية وطريقة الذهن فى الكشف، لعدم امكانية فصل الموضوع عن المنهج إلا كحيلة منهجية لاعتبارات التبسيط ودَرس كل منهما على استقلال. ولكن، ومنعاً للارتباك فسنعمد إلى تفصيل التحديد بشكله التقليدى، على النحو التالى، تاركين، مؤقتاً، ما نفضله مِن تحديدات. فأولاً: العِلم: فهو مجموعة القوانين الحاكمة لظاهرة إجتماعية ما، والوصول إليها بالبحث فى، وعن، شروطها الموضوعية. ثانياً: أما التفكير العِلمى: فهو الطريقة التى يتبعها الذهن مِن أجل الكشف عن تلك القوانين الحاكمة للظاهرة، بحثاً فى، وعن، الشروط الموضوعية التى تَحكُم الظاهرة. ثالثاً: لا يوجد، ولن يوجد عِلم، بدون ظاهرة واضحة وجوهرية ومتكررة، فالذى يُنشىء العِلم هو الظاهرة المتكررة وليس العكس، فالذى يُنشىء عِلم خاص بالنقود هو هيمنة النقود، كظاهرة، فى التعامل اليومى بين البشر، والذى يُنشىء علم خاص بالقانون هو حاجة المجتمعات إلى التنظيم. الواقع يصيغ الفكر وليس العكس، على الأقل فى مرحلة أولى، كما أن الخسوف والكسوف والرعد والبرق(كظواهر طبيعية متكررة تحتاج إلى تفسير) هى التى أنشأت عِلم الفلك وعلوماً أخرى، وليس عِلم الفلك أو عِلم الجغرافيا مثلاً، هما اللذين قاما بإنشاء الرعد أو البرق، أو السهول والأودية وممرات السيول. وهكذا، حينما يتحوّل الإنتاج مِن الإنتاج بغية الإشباع المباشر، ويُصبح، كقاعدة عامة، من أجل السوق. بقصد التداول. بقصد البيع. بقصد الربح، كظاهرة منتظمة ومتكررة الحدوث، فإنه يتعيّن عندئذ أن يظهر العلم الذى يكشف عن القوانين الموضوعية التى تَحكُم هذه الظاهرة المهيمنة على الصعيد الاجتماعى.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالف الأضداد. فنزويلا نموذجاً
- الاقتصاد الإيرانى
- الفكر الاقتصادى من التجاريين حتى النيوكلاسيك
- المختصر فى تاريخ السودان
- الاقتصاد السودانى
- إيران: تقاطع الجغرافية والتاريخ والاقتصاد
- المختصر فى تاريخ الشيعة الفرس القديم والمعاصر
- التجريد كمنهج فى التفكير
- 500 سنة من الانحطاط
- ماركس المسكوت عنه
- الشروح على قانون القيمة
- الشروح على الاقتصاد السياسى الكلاسيكى
- الهوامش على ريكاردو
- البيان الشيوعى
- بصدد القمع فى إيران
- قانون الصكوك، فى مصر، بين الشريعة والاقتصاد
- السودان: التخلف والتبعية
- نقد قانون القيمة
- نقد الرأسمال التجارى عند ماركس
- الإعدام اليومى للطلبة


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - فى المنهج