أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مهند حميد الراوي - مشروع الدرع الصاروخي والصراع في سوريا















المزيد.....

مشروع الدرع الصاروخي والصراع في سوريا


مهند حميد الراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 16:06
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مشروع الدرع الصاروخي والصراع في سوريا

كثيرة هي الصراعات الدولية في العلاقات الدولية، اذ ان العلاقات الدولية قائمة اساساً على الصراع وليس التعاون، وان كان في يعض الاحيان يبدو انه تعاون الا انه في حقيقة الامر هو صراع خفي او على الاقل تنافس واضح، لكن الاصل في العلاقات الدولية هو الصراع لأن اغلب الدول وخاصة العظمى او حتى الكبرى والمتوسطة ولكن لديها مشاريع هيمنة كبرى سواء اقليمية او عالمية فأنها تخشى القوى الاخرى من الصراع معها وبالتالي تعمل على ان تكون جاهزة لهذا الصراع، وفي احيان كثيرة تتجن الدول الكبرى الدخول في صراعات مباشرة وذلك لانها تعلم ان الصراع بين القوى الكبرى من الممكن ان يؤدي الى حرب عالمية الكل خاسر فيها، خاصة في زمن السلاح غير التقليدي الذي الغى السيادة المطلقة للدول، وبناءً عليه فأن الدول ومن اجل الحفاظ على مصالحها تعمل على الدخول في الحروب بصورة غير مباشرة وذلك بدعم دول اخرى، وهذا ما يطلق عليه (الحرب بالنيابة)، وذلك من خلال توزيع الادوار على الدول التي تخوض الحرب بصورة مباشرة نيابة عن دولة او دول كبرى.
وهذا ما يحصل اليوم في سوريا، اذ ان الولايات المتحدة دخلت في صراع مع روسيا الاتحادية، فمن المعروف ان النظام السوري هو حليف استراتيجي لروسيا الاتحادية، فضلاً عن ان روسيا لم يبقى لها في الشرق الاوسط بعد تفكك الاتحاد السوفيتي سوى النظام السوري كمنفذ للشرق الاوسط وكذلك للوصول الى المياه الدافئة، فضلاً عن سوق كبير للبضائع الروسية وخاصة السلاح بشكل اساسي، اما الولايات المتحدة الامريكية فأنها تعمل على الترويج لبعض المبادئ الامريكية بالعصا احياناً والجزرة احياناً اخرى كما كان في الماضي، بل اصبح بمثابة استراتيجية مستقبلية، انها بالفعل تعد بمثابة مخطط يشكل تحولاً استراتيجياً في التفكير الامريكي بشأن المنطقة، فهذا المشروع يتجاوز كونه مجرد صيحات او دعوات جوفاء لا تلبث ان تظهر حتى تختفي وتتلاشى ولكن خطة استراتيجية تقود السياسية الامريكية على مدى عقود مقبلة في هذه المنطقة، اذ انها تعمل على اسقاط النظام السوري وذلك لعدة اهداف من اهما هو مشروع الدرع الصاروخي.
اذ يقصد بنظام الدرع الصاروخي الاميركي المضاد للصواريخ بناء شبكات حماية مكونة من انظمة صواريخ ارضية، مستندة الى نقاط ارتكاز جغرافية عدة، قادرة على اسقاط أي صاروخ باليستي عابر للقارات يستهدف الاراضي الاميركية. اذ يمثل نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (National Missile Defense – NMD) أحد النماذج التي تعكس صورة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الاميركية من أجل الانفراد بقيادة النظام العالمي الجديد، وتوجيهه بما يخدم المصالح والأهداف القومية الأميركية، والتصدي لأي معوقات قد تعترض طريق الولايات المتحدة لتحقيق تلك الأهداف، سواء من دول كبرى تنافس الولايات المتحدة في محاولاتها بسط سيطرتها على العالم مثل روسيا والصين، أو من دول إقليمية تمتلك قدرات صاروخية محدودة لاتشكل من حيث الواقع تهديداً حقيقياً للأمن القومي الأميركي وتطلق عليها الادارة الاميركية مصطلح " الدول المارقة ". والواقع ان الدرع الصاروخي موجه، بالدرجة الاولى الى روسيا والصين بهدف تحجيم هاتين الدولتين.
وقد ذكر السيناتور روبرت دول من الحزب الجمهوري بأن هذا النظام يجب ان يكون اولوية اميركا العليا للدفاع وان الهدف هو انها هشاشة اميركا امام هجوم الصواريخ واعادة بناء قواتها المسلحة.
فبما أن الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى الدول المارقة الذي هو مصطلح طبق عشوائياً على سبع دول هي "كوبا ، وإيران، وسوريا ،وكوريا الشمالية ،(والعراق قبل الاحتلال)، وليبيا ،والسودان" كسبب تخوفها على أمنها من إقدام هذه الدول على استخدام صواريخها البالستية على الأراضي الأمريكية ، وبما أن أغلبية هذه الدول واقعة في الشرق الأوسط ، فهذا يعني أن لتلك المنظومة أبعادها الشرق أوسطية، ذلك أن المنظومة جزء من صياغة إستراتيجية أمريكية لفرضها على المنطقة والهيمنة عليها تالياً تحقيق سيطرة كونية فضائية أرضية شاملة على أقاليم العالم.
وبالتالي فأن التوازن الاستراتيجي الموجود في اي منطقة او اقليم في العالم يؤثر بدوره على التوازن العالمي، وعليه فأن ما يحدث اليوم من اعادة توازنات المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط ومحاولة اعادة تشكيل لهذا الاقليم يؤثر بشكل او بآخر على التوازن العالمي بين القوى الكبرى في النظام الدولي، اذ ان الولايات المتحدة ارادت من خلال نشر الدرع الصاروخي في اوروبا الشرقية، هو محاولة منها لتقويض القوى الصاعدة (الصين) والعائدة (روسيا الاتحادية)، ومحاولة تطويقها من خلال هذا النظام، اذ ان الدول التي اريد نشر الدرع فيها هي بولندا والتشيك واوكرانيا، وكل هذه الدول هي محاذية لروسيا وقريبة من الصين، اما مع مجيء اوباما فقد التفكير الاستراتيجي الاميركي يتجه الى تركيا باسم حلف شمال الاطلسي (الناتو)، وتركيا جزء من الحلف، وقد اعلنت تركيا في 1/9/2012 موافقتها على نصب رادار للإنذار المبكر في اراضيها. وعليه فأن هذا الرادار الذي نشر في تركيا يغطي كلياً جنوب روسيا، خصوصاً البحر الاسود والقوقاز، حيث تنتشر قواعد عسكرية روسية كثيرة ستصبح تحت سيطرة الدرع الصاروخي.
اذ ان الدولة الشرق اوسطية الاخرى (وتحديداً العربية) التي يراد نشر الدرع الصاروخي فيها فهي سوريا، وهذا ما يفسر لنا الاصرار الاميركي على اسقاط النظام السوري من خلال الدور الذي تقوم به تركيا نيابة عن حلف شمال الاطلسي بصورة عامة والولايات المتحدة بشكل خاص من خلال دعم المعارضة المسلحة واستقبالهم على الاراضي التركية وتقديم الدعم السياسي لها من اجل استنزاف قدرة الجيش السوري، وتجنب قدر الامكان المواجهة مع الجانب الروسي بشكل مباشر في هذه الازمة، فضلاً عن الدفاع الروسي عن النظام السوري، الذي يعد النفوذ الاخير لروسيا في منطقة الشرق الاوسط مع ايران، اذ ان سقوط النظام السوري يعني ان نفوذ روسيا في منطقة الشرق الاوسط الاخير قد انتهى، لأن الحكومة السورية الجديدة ستكون تابعة بشكل طبيعي للولايات المتحدة الامريكية بحكم الدعم المقدم لها ورداً للجميل الامريكي ومن ثم خروج قاعدة طرطوس (اخر معاقل روسا في الشرق الاوسط) الروسية من سوريا، اذ ان الولايات المتحدة الاميركية ستعمل على نشر الدرع الصاروخي في سوريا فضلاً عن دول اوروبا الشرقية وتركيا، لأن سوريا تقع جغرافيا بالمقابل من سوريا على البحر المتوسط، وبالتالي فأن نشر الدرع الصاروخي في سوريا يعني اكمال المرحلة الاخيرة من محاولة تطويق روسيا من كل الجهات، وعليه فأن سقوط النظام السوري يمكن ان يعد ((انتحار استراتيجي)) بالنسبة لروسيا الاتحادية لأنه يهدد امنها القومي ويعرضه للخطر، وهذا ما يفسر الدخول غير الطبيعي لروسيا في الازمة السورية، اذ لم تتدخل روسيا في ازمة داخلية بهذا القدر والفاعلية مثلما تدخلت في الازمة السورية، اذ ان روسيا تعتبر ان سوريا اصبحت بمثابة امنها القومي وفقاً للتحليل السابق.
وبالتالي فأن الولايات المتحدة الاميركية تعمل على دعم المعارضة السورية من اجل تحقيق مجموعة من الاهداف:
1. محاولة اضعاف النفوذ الايراني بالمنطقة ، خاصة بعد تصاعد هذا النفوذ على اثر احتلال الولايات المتحدة الاميركية للعراق والاخلال بميزان التوازن الاستراتيجي بالمنطقة، فضلاً عن الضغط عليها من اجل تقديم تنازلات فيما يخص البرنامج النووي الايراني، وكذلك تقليل دعمها للجماعات المسلحة في العراق ولبنان.
2. اخراج روسيا من منطقة شرق المتوسط والشرق الاوسط من خلال الاطاحة بالحليف السوري التقليدي لها.
3. القضاء على بؤر المعارضة اللبنانية المسلحة التي تعد امتداد للنفوذ الايراني والمدعومة من النظام السوري.
4. نشر جزء من الدرع الصاروخي على اراضيها كأحد مراحل استكمال نشره في الدول الاخرى.
اما بالنسبة لإسرائيل فأن الاستراتيجية الأمريكية أمنت لإسرائيل قدرة ردع كافية ضد العرب في صراعها معهم ولتلفها بسور من الوسائل المضادة للصواريخ ووسائل الإنذار المرتبطة بأقمار الإنذار الأمريكية ، فالمنظومة تعتمد على صدور قرار من ولاية كولورادو الأمريكية وتبليغه إلى جهة قرار إصدار إطلاق الصاروخ المضاد في إسرائيل بمدة 6 دقائق. تحت ذريعة ضمان امن إسرائيل وهذا ما اخذ يبرزه الرئيس الأمريكي الحالي (باراك اوباما) بتأكيده "على مواصلة إنشاء المنظومة بوضع 60% من صواريخ المنظومة في جبهة من الجبهات الثلاث(مصر وسوريا والأردن) طالما كان هناك تهديد خاصة من جانب إيران ضد إسرائيل". فإسرائيل ستكون مظلة هذه المنظومة مما ستعزز قدرتها ضد الدول العربية وهذا سيحدد من القدرة العربية سواء في الردع أو الحرب ويساهم في تحقيق تقدم النوعية التي تراهن عليه إسرائيل تجاه كمية الأسلحة العربية. وان هذا من دون أدنى شك سيولد عملية انكشاف صاروخي من الجانب العربي دافعاً إياه للدخول في سباق جديد للتسلح ذا تكلفة مادية وبشرية ستصب في صالح التفوق الإسرائيلي.
وعليه استمر المسعى الأمريكي بالتواصل لإقامة هذه المنظومة في الشرق الأوسط وجعل إسرائيل نواتها الرئيسية فضلاً عن الضغط الأمريكي على الدول العربية لمشاركة إسرائيل في المنظومة ولاسيما بعد اتساع تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل وبشكل خاص أن الدول العربية ستتحمل نسبة ملحوظة من تمويل الجزء الإقليمي الخاص بالمنظومة الشرق أوسطية.
اذ ان الابعاد الاستراتيجية لمشروع الدرع الصاروخي تعكس رغبة الولايات المتحدة الاميركية بالأخلال بالتوازن الاستراتيجي تحديداً مع الصين وروسيا، اذ ان هذا النظام يوفر للولايات المتحدة الاميركية تفوقاً استراتيجياً غير مسبوق على هاتين الدولتين تاركاً اياهما مكشوفتي الظهر استراتيجياً الى درجة انكشاف قصوى لم تصلاها في اقصى درجات التوتر خلال الحرب الباردة
كما ان هذا النظام لن يقتصر على حماية الاراضي الاميركية تحديداً، وانما سيكون المرحلة الاولى من استراتيجية امنية اميركية (معولمة) اخطر مما يبدو للوهلة الاولى، وسيكون هناك مراحل لاحقة في سياق هذه الاستراتيجية ترمي الى توفير غطاء مماثل من الدفاع الصاروخي لحلفاء الولايات المتحدة البعيدين عنها جغرافياً مثل اليابان وتايوان، اي على حدود الصين وفي فضائها الحيوي وبما يحيط تفوقها الاقليمي، الامر الذي يجلب القلق للاستراتيجيين الصينيين.
فضلاً عن انه يعكس رغبة الولايات المتحدة الاميركية في ترسيخ الانفراد الدولي باستخدام القوة، وانه يشكل خللاً في التوازن الاستراتيجي لصالح الولايات المتحدة على حساب روسيا الاتحادية والصين، اذ يقول هنري كيسنجر بأن الامن المطلق لدولة ما يعني انعدام الامن المطلق لسائر الدول الاخرى.
وبالتالي فأن الغاية من التدخل الامريكي في سوريا هو من اجل استعادة الهيمنة الاميركية مرة اخرى باحتواء روسيا والصين والقوى الاخرى من خلال مشروع الدرع الصاروخي.



#مهند_حميد_الراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مهند حميد الراوي - مشروع الدرع الصاروخي والصراع في سوريا