أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - بداية نهاية مرحلة سياسية















المزيد.....

بداية نهاية مرحلة سياسية


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تعني المرحلة هنا فترة من الزمن تسود فيها مفاهيم سياسية معينة ويمارس فيها النشاط السياسي وفق آليات تم قبولها من كل الاطراف الاساسية كناظم للعملية السياسية . وتعني النهاية هنا على غير ما تعنيه نهاية الاشياء في الطبيعة او في البيولوجيا من موت مؤكد وهمود أبدي ، لأن التفاعل في الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي يختلف عن التفاعل في ميادين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا لأختلاف قوانينهما ، فالنهاية هنا لا تعني الموت الفيزيائي الابدي بل تعني اضمحلال تأثيرها السياسي وتراجع اشعاعها الثقافي على وعي الغالبية وبقاءه محصوراً في دوائر ضيقة من المستفيدين .
اذاً نقصد بعبارة : " نهاية مرحلة " ، تراجع تأثير مفاهيمها السياسية مثل مفاهيم المواطنة وحقوق الانسان وكفالة الحريات على وعي حامليها الاجتماعيين من البشر الناخبين .
تعكس المرحلة السياسية الجديدة التي يمر بها العراق بعد 2003 بداية نهايتها في وعي قادتها السياسيين قبل الناخبين . ومع ان عمرهذه المرحلة عشرة سنوات ، الاّ اننا نسميها مرحلة سياسية ، لأنها ابتدأت كما تبتدئ المراحل الفاصلة في التاريخ : اطفاء زاوية نظر الى الكون والحياة وحلول أخرى محلها .
ترتب على زاوية النظر التي تم اطفائها في 2003 ولادة منهج في الحكم حدد للانسان دوراً في الحياة حصره بالتضحية بالذات من أجل هدف سياسي : بناء وحدة أمة عن طريق بناء دولة شديدة المركزية . انطفأ ذلك النظام بضربة عسكرية من خارجه ، وانطفأت معه مؤسساته التي توخى منها تحقيق ذلك البناء ، لأن الخارطة الجغرافية التي اراد ذلك النظام توحيدها ، لا تتحقق ان لم يتم اعادة ترتيب خارطة العالم الجيوسياسية من جديد : بضرب مصالح الدول الكبرى التي أسست النظام الدولي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية .
على انقاض نظام مركزية الدولة المستوحى من مفهوم : الدولة ــ الامة الاوربي ، لكن بتطبيق تميز بالشوفينية والفاشستية ، أي على انقاض زاوية نظره الى وظيفة الانسان في الحياة المستلة من نظرة البعثيين الى الكون والحياة ( وهي في التحليل الاخير لا تختلف عن نظرة الاسلاميين : المعتدلين منهم والمتطرفين ، اذ هم جميعاً يشتركون بنظرة واحدة ثابتة الى وظيفة الانسان ــ العربي بلغة القوميين ، والانسان المسلم بلغة الاسلاميين ــ في الحياة المتمثلة بضرورة هداية الامم الاخرى الغارقة في الغواية والضلالة بلغة الفقيه القديم ، والمنحلة اخلاقياً بلغة الفقيه والقومي الحديث ) ، ولدت زاوية نظر جديدة الى دور ووظيفة الانسان في الحياة ، مستلة هي الاخرى من زاوية نظر أخرى الى الكون والحياة ( فرضها المحتل الامريكي على شكل قانون اساسي ) قام عليها نظام سياسي .
ابتعدت زاوية النظر الجديدة عن المركزية : المفهوم الاساس الذي تمحورت من حوله كل الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية في الفترة القومية 1968 ــ 2003 عراقياً ، 1952 ــ 2011 عربياً ، مندمجة بتيار سياسي عالمي تمثل اللامركزية فيه المفهوم الاساس : من لا مركزية الدولة ( الاخذ بمفهوم الفيدرالية وتوزيع الصلاحيات على الاطراف من الاقاليم والمحافظات ) الى لامركزية الاقتصاد ( حرية السوق وحرية التجارة ) الى لا مركزية الحزب الواحد والزعيم الواحد (التعددية السياسية والفكرية ) الى لامركزية الحقيقة ( اذ ان دورية الانتخابات تقوم على مفهوم نسبية الحقيقة ، فأكثرية اليوم قد تصبح أقلية الغد وهو ما يقود الى الاعتراف المتبادل بين الاحزاب والتيارات السياسية والفكرية ، والى التداول السلمي للسلطة واحترام ارادة الناخب )
اختلفت المهمات االملقاة على عاتق المواطن في المرحلتين :
في المرحلة القومية : انيطت بالمواطن مهمة منازلة الخارج انطلاقاً من نظرة موروثة ــ يحملها الموروث السياسي والفقهي ــ عن دار الاسلام ودار الحرب .
في مرحلة ما بعد 2003 : انيطت بالمواطن مهمات داخلية لا خارجية كما عبّرت عن ذلك بنود دستور 2005 بوضوح ، فتم التخلي عن التجنيد الاجباري الذي كان يشمل جميع الذكور البالغين ، وهو ما تحتاج اليه زاوية النظر الموروثة التي تتطلب منازلة الخارج بحرب دائمة ، وتم استبداله بتجنيد يقوم على التطوع لسد وتلبية الحاجة الداخلية الفعلية ...
كيف انتظمت الفعاليات الحياتية : السياسية والثقافية والاجتماعية ، وما مدى تأثير زاوية النظر الجديدة الى دور ووظيفة الانسان في الحياة ــ عليها ؟
تشير تجربة العراقيين مع دستورهم الجديد الذي تتجسد فيه النظرة الجديدة الى الكون وبالتالي الى وظيفة الانسان في الحياة ، الى صعوبة نقل المفاهيم السياسية وفرضها من الخارج ، فالنظرة الجديدة تحدد دوراً للانسان مرتبطاً بالتوجه الى انتاج ضروريات حياته ، والى اختراع وابتكار التكنولوجيا المناسبة لحل التحديات البيئية والحياتية التي تواجهه ، والهدف من وراء ذلك كله يتمثل بالسعي الدؤوب والمتواصل لتحسين شروط العيش في الحياة ، وذلك ما يتطلب وجود سياسيين يؤمنون بأن نشاطهم السياسي يجب ان يتوقف عند حدود الدنيا ولا يتعداها الى الآخرة ، أي ان تكون مفردة الانجاز ذات مرتبة عليا في لغة السياسي ، وان تكون الخطة هي التعبير العملي عن الانجاز ، وان يكون المشروع الصناعي او الزراعي او الخدمي هو التجسيد النهائي لمفردة التخطيط .
فماذا حدث ؟
حلت في الثقافة العراقية في هذه المرحلة مفردات ليس لها علاقة بهذا التوجه الدنيوي الوارد كمفهوم مركزي في القانون الاساسي الجديد للبلاد ( الدستور ) ، عبرت عن فعاليات دينية تتوخى تحسين شروط دخول العراقي بعد الموت الى الجنة . وطغت هذه الفعاليات على ما عداها من فعاليات مجتمعية لدى كل الطوائف والمذاهب الاسلامية : مما تسبب بتصاعد لهيب الصراع الطائفي . لقد تحكم بهذه المرحلة وعي ديني طائفي لا يمت بصلة الى المفهوم الاساسي عن تطوير الانسان العراقي بتطوير شروط حياته من حيث التركيز على الابداع في مجالات الانتاج والخدمات ، فظل الاقتصاد ريعياً معتمداً في جانبه الكبير على ايرادات النفط .
والخلاصة :
اصبح تمييز المراحل التاريخية التي تمر بها الامم يقوم على مفاهيم سياسية ومؤسسات تتميز بها كل مرحلة ، ومع اننا وضعنا توصيفاً عريضاً للتمييز بين المرحلتين يقوم على اختلا ف زاويتي نظرهما الى دور ووظيفة الانسان في الحياة ، تجسد ذلك عبر مفهوم سياسي مركزي لكل مرحلة : المركزية في المرحلة السابقة ، واللامركزية بالنسبة للمرحلة الحاضرة ، فأن الكتلة السياسية ( وهي تحالف بين مجموعة احزاب تنتمي لقومية أو لطائفة معينة ) هي المفهوم الاساسي الذي عبّرعملياً عن مفهوم اللامركزية في المرحلة القائمة ، وهذا ما يشير الى حالة التشرذم المجتمعي وانبعاث العصبيات الطائفية والاثنية التي أخذت سياسياً شكل : كتلة سياسية . لكن هذا التوصيف لا يكون واضحاً ان لم نلق الضوء على اوجه التشابه بين المرحلتين : لم يشعر المجتمع في المرحلة السابقة بحاجته الماسة الى الاتحاد مع غيره من المجتمعات العربية ، ولم تكن مقولة الوحدة الفورية هي الغالبة على وعيه السياسي وهو يرى المجتمعات العربية الاخرى تشاركه الحالة نفسها من التخلف المريع في كل جوانب الحياة . بالمثل لم تكن الخلافات المذهبية هي الغالبة على وعي العراقيين لحظة تغيير النظام السابق . كان توق المجتمع في الحالتين مرتبطاً بطموحه الى الارتفاع بمستوى حياته ، وتحسين شروط العيش على تراب وطنه . وكما انزلقت المرحلة السابقة الى حروب خارجية ، انزلقت المرحلة القائمة الى حروب داخلية ، لم تنه وجودها المادي ولكنها سحبت من مفاهيمها عن الديمقراطية ومشتقاتها سحرها من وعي غالبية الناخبين ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيلسون مانديلا
- مشاهدات بغدادية _ بغداد بين طوفانين
- ماذا يعني ان نسمي كاتباً بعينه مفكراً ؟
- اضاءات / 4 انتخابات كردستان
- اضاءات / 3 الاعلام والسياسي
- اضاءات / 2 العرب والضربة
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً الى سيمون خوري
- اضاءات / 1
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً 2 من 4
- تجسيد الحداثة : العفيف الاخضر نموذجاً 1 من 4
- مشاهدات بغدادية المجلس الاعلى وتقاعد البرلمانيين
- مرسي والمصير المحتوم
- الاخوان وشرعية الانجاز
- لماذا انتفض الشعب ضد الاخوان
- درس الثورة المصرية الجديد
- نداء من العامة الى الخاصة
- مشاهدات بغدادية / 12
- مشاهدات بغدادية / 11 خطة القبض على الاوهام
- مشاهدات بغدادية / 10 / 1 الزعيم قاسم 2 جمعة الخيارات المفت ...
- مشاهدات بغدادية 9 عن الحدث في الحويجة


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - بداية نهاية مرحلة سياسية