أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - تباً لدين محمد*














المزيد.....

تباً لدين محمد*


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 00:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اعتنقت جدتي في حياتها دينين..أحدهما وضعه في قلبها الرب و الآخر أجبرها عليه محمد..و لعلي عندما كنت أصغي لها و هي تتحدث عن الماضي تعلمت عن دين الرب بينما عندما كنت أشاهد تصرفاتها الماضية-الحاضرة قبل وفاتها تعلمت عن دين محمد المأفون..و كم كان الفرق بين الدينين شاسعاً جداً.

عندما كانت جدتي تتحدث عن الماضي كانت تثير غيظي بالمدينة الشبه فاضلة التي كانت تحيا بها..فبرغم من أن أيامها كانت عبارة عن كفاح مستمر من أجل لقمة العيش بين عملٍ في الحقل و في المنزل و في الوادي..إلا أنها كانت بشكل ما أكثر إنسانية مما عليه حياتنا نحن الآن..و برغم من أن الحياة القاسية التي كانت تتطلب مجهوداً عضلياً كبيراً من المرأة إلا أنها كانت تشعر بإنسانيتها شبه كاملة دون منقوصة.

كان جميع رجال القرية يعرفونها كما تعرفهم..و كانت تحدثهم بلا حواجز..كان الرجال وقتها يُدعون بأسماء أمهاتهم بكل فخر و دون أي تحرج..فلم يكن قد أصبح اسم المرأة بعد عاراً يجب التكتم عنه كما تتكتم الدول العربية عن مشاريعها الوهمية بخصوص رفاهية مواطنيها.

كانت جدتي كما كل نساء القرية تسير بثوبها و شعرها المُتهدل على ظهرها دون حجاب..ذلك الشعر الذي كان لا تتم تغطيته إلا أن لمحت النساء غريباً عن القرية يلوح لهن في الأفق..كانت النساء يأتمن على أجسادهن رجال قرية بأكملها دون بذور الشك الملعونة..فسألتها ذات يوم:"هل كانت هناك حوادث تحرش في قريتها؟؟"..فأجابتني بحسرة:"و من كان يعرف تلك الكلمة أصلاً!!..و هل يتحرش الأخ بأخته!!".

و في بعض الليالي كان أفراد من القرية يذهبون لبيت امرأة مطلقة ثرية -بمقاييس ذلك الزمان- ليتسامروا في ديوانها الكبير..كانت المرأة المطلقة تُعامل و قتها و كأنها بكر لا يعيبها أي شيء كما هو الآن..تجربة الطلاق بحد ذاتها كانت تجربة لا تستحق الذكر أو الوقوف عندها كثيراً..و لا يُحَّمل طرف دون الأخر سبب فشل تلك التجربة كما يحدث الآن.

و في الأعراس يجتمع في ديوان أهل العريس النساء و الرجال..فيتراقص بعضهم على أنغام المزمار و أضواء "النوارَّة" المضيئة بالكاد..يرقص أي رجل مع أي امرأة و دون أن تكون تجمعهما علاقة شرعية..فقد كان كل رجل بشكل أو بآخر يحمل في قلبه علاقة شرعية مع كل أنثى في القرية..علاقة كانت كما يبدو فوق سقف توقعات محمد و خياله المحدود.

و لكن عندما اشتد الفقر في القرية ذهب معظم رجالها إلى بلد محمد لينهلوا من أمواله..و غاب الرجال لسنوات و عادوا و لكن لم يعودوا لوحدهم فقط أصبح دين محمد بداخل كل رجل فيهم و هنا تغيرت القرية بدين جديد احتلها بالرغم عنها.

فأجبر الرجال بعد عودتهم من بلد محمد النساء على إتباع ذلك الدين الجديد..و لم تقاوم النساء ذلك الدين..فكان إجماع الرجال على اعتناق الجميع له أمر كافياً لتثق النساء بجدواه لهن..و هكذا تغيرت حياة جدتي كما تغيرت حياة أغلب نساء القرية.

فاعتزلت جدتي الاختلاط برفاق الطفولة لأن محمد يرى أنه لا يوجد أي تصنيف للعلاقات الإنسانية بين الجنسين دون أن يكون الجنس حاضراً و بقوة و لهذا فهذا النوع من العلاقات مُحرَّم تماماً..و أصبحت جدتي تتلفح بالسواد دائماً عندما تقابل الأقارب فأصبحوا جميعهم بالنسبة لها غرباء قادمين من الأفق..و الجسد الذي كانت تستأمن عليه قرية من الرجال أصبح بالنسبة إليها رجس قد يقود إلى الخطيئة مع أي رجل كان كما أخبرها محمد.

أصبحت جدتي تقابل أصدقاء السمر فلا تبادرهم بالسلام كما كانت تفعل فلقد أخبرها محمد أن صوت المرأة عورة و حتى الرجال ترفعوا هم أيضاً عن الحديث مع نساء اعتادوا التراقص معهن على أنغام ماضي لن يعود لأن محمد أخبرهم أن الغناء و الرقص محرمان و صاحبهما إلى النار يحث الخُطى.

أصبحت المطلقة ساقطة حتى إشعار آخر لا يأتي..و أصبحت كلمة "تحرش" و أحياناً "اغتصاب" واقعاً يصيب برعبه أغلب فتيات القرية..و في الأعراس لم تعد النساء يجلسن في ذات مكان وجود الرجال بل أصبح لكلٍ عالمه الذي يفصل بينهما سور يكاد يقترب في ثقله النفسي من حدود عرش الرب..فالاختلاط سيؤدي إلى إشعال الغرائز و الوقوع في المحظور..و الزنا هاجس الجميع و لكنه لا يفصح عن نفسه لهذا من الأفضل عدم منحه تلك الفرصة للإفصاح!!.

أفسد محمد بدينه كل شيء في ماضي جدتي الجميل و كنت قد بدأت الاعتقاد أنها هي الأخرى بدأت تكره ذلك الماضي لأن محمد أخبرها أنه ماضي يجب أن تطلب المغفرة عنه!!..و لكني ذات مرة سمعتها تتحدث مع صديقتها عن زوج تلك الأخيرة..و تسألها عنه بلهفة و شوق لتفاصيله..فسألتها مُقاطعة لهما عنه..فتحدثت و تحدثت و لم تكف عن الحديث إلا عندما سألتها بكل خبث:"ما كانت مشاعرك تجاهه بعد كل هذا المديح؟؟"..فقالت لي بكل بساطة:"و الله كنت أحبه".

لعل هذا الشيء الوحيد الذي لم يستطع محمد أن ينتزعه منها أو من نساء قريتها..حبهن الطاهر لرجال قريتهن بلا أي مقاصد جنسية..حب لأشخاص قضوا شبابهن و هن يعملن معهم في الحقول ويتمازحن معهم في الوادي و يرقصون معهم في ليالي سمر بلا أنوار إلا ما يصدر من قلوبهم.

ذلك الحب الذي لم يدرك محمد يوماً معناه فقد كان جُّل تفكيره محصوراً في الترويج لدين يزرع الشك و الكراهية في قلب كل شخص تجاه الآخر كما يزرع فكرة الخطيئة المحتملة في قلب كل شخص تجاه ذاته و جسده الخاص..دين يجعل كل من يؤمن به يفكر بأعضائه الجنسية أكثر مما يفعل بروح الرب الممنوحة له منه..دين جعل علاقة الرجل بالمرأة علاقة جنس بحت و لا شيء سواه..دين أسس لعبودية البشر لغير الله بمُسمىً قبيح يُدعى "وليَّ الأمر" فأصبح لدينا حضور طاغي لثقافة التابع و المتبوع و السيد و العبد في مجتمعنا..دين حرص على عدم منح الآخرين حرية اختيار إعتناقه من عدمها..فإن لم تكن معنا فسنقتلك لأنك حتماً ضدنا..فتباً له من دين و تباً لك يا محمد.

*محمد بن عبد الوهاب 1703 م - 1791 م.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتصاب بالتراضي!!
- عند ركن الجنة -قصة-
- شعب الله الغير مُختار
- الجنازة حارة و الميت -كلب-!!
- اليمن بلا إسلام
- نساء البخاري*
- عن الجنس و الشغف نتحدث
- إبليس يسكن الجنة
- دين وقح
- الإسلام جزء من المشكلة
- أنا و عُمر و -ما أنا بقاريء-
- ديانا و أسامة
- فيروز تُخرج من الملة


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - تباً لدين محمد*