أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - كامل السعدون - إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا















المزيد.....


إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 09:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الحقيقة أننا نحن العراقيون وبالكاد نوشك أن نشرع بالإنتفاع جديا من بترولنا الذي توهمناه خالدا وإذ بالعالم يدق نواقيس الخطر قائلا ، كل هذا هراء ...بترول العالم موشك على النفاذ جميعه في بحر ثلاثون إلى أربعون عاما ، وإن لم ينفذ فإننا لا بد وأن نكف عن إنتاجه بهذا الحجم وأن نستبدله بغيره .
يبدو أن هذا هو قدرنا نحن من أحرقنا قرابة السبعون عاما من إنتاج البترول دون أن ننتفع منه لا قليلا ولا كثيرا ، فقط توهمنا أنفسنا أقوياء وسلّطنا على بعضنا وعلى الجيران مخالبنا والأنياب الصدئة ، وبالنتيجة... ها نحن ، وحتى بعد عامين من إنتاج البترول بحرية وفي غياب بطل التحرير الفاشي الذليل الذي لم يحرر شيئا ، لا زلنا نتعثر في اول الدرب تماما كما كنا حين ولادة العراق الجديد في العشرينات .
بلا ماء نقي ولا مجاري فضلات ولا مزارع تعبق بالسنابل والورود ولا بيوت دافئة ولا كهرباء ولا مودة بيننا ، فقط قتل ودمار وتكفير ومنافسة على كعكة الحكم وبرميل البترول .
يذكر حالنا عزيزي القاريء الكريم ، وحال أشقائنا في الخليج وإيران ، بحال مدينة ( بيتهول ) التي أكتشف فيها البترول وحواليها عام 1865 ففزع الناس لها من كل حدب وصوب ، يحدوهم الأمل بالثروة التي تأتي على عجل ، وكانت أمريكا في بداية أشواطها الصناعية والإقبال على البترول بلغ حدوده القصوى .
وأزدهرت المدينة وأينعت إيما إيناع ، وظن الناس أن لا عاصم من أمر الله ، فكرعوا من كؤوس الخمر ما كرعوا وأزدهوا من النشوة وتمرغوا بالنعمة ببطر الجائع الذي طال سغبه ، وفجأة وما هي إلى عام أو بعض عام وإذ بالبترول يشح فلا تنضح منه الأرض شيئا ، وعادت المدينة يبابا وهجرها الناس وهم مفلسون .
أوتظننا عزيزي القاريء أحسن حالا من تلك المدينة إن لم نعي ونعقل ونرشد ونعتصم بحبل الود والرحمة بيننا ونتهيأ لأوجاع المستقبل متزنرين بحزام التواضع والجد والدأب والأغتراف من كنوز العلم ما نحن بمسيس الحاجة إليه في بناء عراقنا الجديد الجميل المنتظر .

من أي باب ولج شيطان التشاؤم هذا :
________________________


إنه الجرس المفزع الذي قرعته منظمة الطاقة العالمية الراقدة في باريس ولا نقول مقيمة ، بل راقدة منذ دهر حتى أستيقظت فجأة بعد نوم طويل يذكر بنوم فتاة الأسطورة التي لم تستيقظ إلا على قبلة الحبيب .
أستيقظت فزعة لا كفتاة الأسطورة ، بل كمن لسعه ثعبان ، لتصرخ مناشدة العالم ،المسارعة بالتوفير في إستهلاك الطاقة ، ثم تقترح جملة إجراءات من قبيل :
1- تنشيط النقل الجماعي المدعوم من قبل الحكومات بحيث يكون مجانيا أو رخيصا للغاية ، أملا في تقليل إستهلاك البترول ومشتقاته .
2- البحث عن بدائل للبترول
3- تقليل إستهلاك الكهرباء .
مضافا لإجراءات أخرى عديدة ، تلتقي في حزمة واحدة عنوانها توفير البترول وبشكل عاجل .
ماذا يعني هذا ؟
لا يعني هذا عزيزي القاريء أن البترول طاقة زائلة حسب ، بل وشيء آخر ربما لم يأخذه الكثيرون من منتجي البترول ومستهلكيه أيضا بالحسبان وهو إننا لا يمكن أن نحرق كل ما لدينا من أحتياطيات الطاقة مهما كثرت ، لأن هناك ضرورة أخرى أشد وأكثر حيوية إلا وهي مناخ الأرض الذي يمكن أن يدمر بالكامل وفي القريب لا سمح الله ، مما يفضي إلى هلاكنا جميعا حتى قبل أن ينتهي مخزوننا من البترول ...!
تأكد هذا بمنتهى الوضوح عقب صدور تقرير لجنة الطاقة في الامم المتحدة في شهر شباط السابق ، والذي دق نواقيس الخطر عبر وثائقه التي أثبتت أن حرارة الأرض مستمرة في الإرتفاع وأننا مقبلون على أزمة حياتية مفجعة إن لم نبادر منذ الآن إلى تقليل إستخدام الطاقة في الصناعة وإنتاج الكهرباء .
معنى هذا ان هناك ضرورة عاجلة يجب أن تقوم بها الدول الصناعية الكبرى للتقليل من إستخدام الطاقة ولو على حساب الرفاه الصناعي والمنتجات الكثيرة المستهلكة للطاقة والتي لا ضرورة لها قياسا إلى ضرورة الإستمرار بالعيش والتي هي الأهم بالتأكيد .
يقول خبير البترول والمستثمر البترولي المعروف ومستشار الرئيس بوش لشؤون البترول السيد ماثيو سيمنسون " إننا مقبلون على أسوأ أزمة طاقة في تاريخ الإنسانية " .
كما ويحلل في كتابه الجديد المسمى ( خدرٌ في الصحراء )* إحتياطات الطاقة العالمية كما والسياسة البترولية في الشرق الأوسط ، ويرى أن أسعار البترول الخام مقبلة آجلا أم عاجلا على بلوغ سقف المائة دولار للبرميل الواحد ، وربما أكثر ، حالما يرتفع الطلب على البترول من قبل الدول الصناعية الكبرى ، كما ويرى أن واقع إحتياطي البترول في الشرق الأوسط هو أقل بكثير من المعلن عنه ، ويعتقد السيد سامسون أن الكثير من حقول البترول قد فرغت في الخليج الآن بعد أن تم سحب كميات هائلة منها في فترات قصيرة في السنوات التي مضت ، وعبر أساليب الضخ الحديثة التي أستعملت ، ويضرب مثلا على ذلك بحقل القوار في السعودية والذي هو أكبر حقول البترول في العالم بالنسبة للنفط الخام ، وهذا مثال صاعق على حجم الخطر الذي سنواجهه لو إتضح أن الإحتياطات الحقيقية أقل من المتوقع ولو أن الإنتاج إستمر بهذا الحجم المفجع ، وهنا يجب أن يكون لدينا بديل أو الخطة ( ب ) لمواجهة الأزمة .
إختبارات منظمة الطاقة العالمية تقول أن قمة الأزمة ستكون في الفترة بين عام 2013 و2037 ، وهذا الفارق الكبير في السنوات المتوقعة للأزمة ، سببه غياب المعلومات الدقيقة التي يمكن الإعتماد عليها ، ويضيف رئيس منظمة الطاقة في مقابلة أجريت معه أخيرا ( إننا نملك أفكارا وخططا لإستنساخ الحيوانات وإرسال الناس إلى القمر ، لكننا للأسف نفتقد لما هو أهم وهو المعلومات الدقيقة الموثقة عن اخطر منتج إستراتيجي وهو البترول ) .
أما خبير البترول السيد ( شل الكيليت ) فأنه يرى أن هناك قليل من المكتشفات الكبيرة قد حصلت منذ السبعينات ولحد الآن وإن من غير المتوقع أن تحصل مكتشفات بترولية كبيرة في السنوات القليلة القادمة ، وهو يرى ( كما آخرون ) أن العالم قد أستهلك خلال المائة عام الماضية قرابة ال950 مليار برميل من البترول ، وأن المتبقي من إحتياطيات البترول العالمية قد يصل إلى ذات الرقم وبالتالي فإن المتوقع أن تستهلك تلك الإحتياطيات الباقية في بحر خمس وعشرون إلى ثلاثون عاما أخرى ، وعندها سيكون هناك صراع حاد على الطاقة .
مضافا لهذا فإن مجمل الخبراء العالميون كما الوقائع والأرقام على الأرض ، تجمع على أن روسيا قد بلغت القمة في إنتاجها للبترول وإنه إذا ما أجمعت دول الخليج على رفع إنتاجها من البترول للوصول إلى القمة التي لا تدانى ، فإن إحتياطات البترول العالمية ستنفذ في القريب العاجل ، أما بالنسبة للغاز فإنهم جميعا يتفقون على أنه إذا استمر الطلب عليه بهذا الحجم فإن أحتياطيات الغاز ستعمر لستون عاما قادمة لا أكثر .

صدمة بترولية مفجعة :
______________

أما السيد ( كولن .ج . كامبل ) وهو عالم جيولوجيا متقاعد ، وقد كان عاملا في الصناعة النفطية طوال حياته تقريبا ويعتبر من الخبراء العالميين الثقاة ، فقد قال في لقاء أجرته معه صحيفة الغارديان البريطانية :
( أننا بلغنا الآن فعلا تلك القمة المخيفة لأنتاج البترول وأن صدمة موجعة تنتظرنا في القريب .
وحين يعبر الإنتاج تلك القمة التي بلغها ، فإن العرض سينخفض بنسبة 2- 3 بالمائة ، بذات الآن فإن الطلب سيرتفع .
إن كامل حضارتنا الإنسانية الحديثة قد أعتمدت على البترول الرخيص ، فإن إنخفض إنتاج البترول والغاز فإن ذلك سيؤثر في العالم بشكل رهيب ) .
ويضيف ( إن التقديرات الحالية للإحتياطي البترولي لا يعتد بها ولا يعتمد عليها لأن الكثير من الدول المنتجة للبترول تكذب بشأن مكتشفاتها من البترول وحجم إحتياطياتها ) .
لقد أصيب الكثيرون بالمفاجأة حين قامت شركة شل في العام الماضي بتخفيض تقديراتها لإحتياطياتها من البترول بنسبة عشرون بالمائة ، أي بما يعادل 100 مليار دولار ، مما أدى إلى طرد ثلاثة من كبار مدراء الشركة المتربعون على قمة الإدارة , وفعلت ذات الأمر الكثير من كبار الشركات العالمية ، مما يؤكد أن حقيقة الإحتياطي غير أكيدة أبدا .
بذات الآن فإنه يغدو بإستمرار أكثر تكلفة أن تكتشف وتنتج حقول جديدة ، ثم تمد لها خطوط إمدادات ومصافي وتفاصيل اخرى عديدة .

شركات البترول أول من يتوجع اليوم ولو سرا
_____________________________

الكثير من شركات البترول تتوجع في واقع الحال وإن بصمت لسببين بذات الآن ، الأول لأن الإحتياطات تفرغ بسرعة والثاني لأن المناخ يتغير بشكل مرعب عاما بعد آخر ، وإن لم تتحرك الحكومات بوزارات الصناعة والزراعة والعلوم والبيئة فيها ، فإن كارثة بيئية رهيبة ستصيبنا جميعا فلا تترك مخلوقا على هذه الأرض .
لا نشك في أن للشركات دورها وقد قامت بعضها بهذا الدور الإنساني الملزم والذي هو بذات الآن مربحٌ لها ذاتها ، لكن لا زال دورها ضعيفا ولا زال ما تستهلكه على البحوث العلمية والدراسات لا يمثل إلا نسبة قليلة من أرباحها العظيمة التي ستؤول إلى كارثة إقتصادية لها ذاتها قبل أن نصاب جميعا بالكارثة الإنسانية المفجعة المتوقعة .
نذكر في هذا المجال ما قام به بعض عمالقة البترول مثل :
BP و شل
برصد مليارات الدولارات في كل عام على بحوث ودراسات تهدف لإيجاد بدائل ممكنة للطاقة ووسائط نقل بديلة ، لكن كما أسلفنا لا زالت تلك الأرقام أقل من مستوى الطموح ولا تمثل إلا نسبة قليلة من أرباح تلك الشركات من إنتاج البترول .
كذلك نذكر في هذا المقام ما قامت به تويوتا من إنتاج سيارات
Hybrid ال
المهجنة ، والتي نجحت في تجربتها في الشارع ، أما الولايات المتحدة فإن شركاتها العملاقة الثلاث لا زالت تتعثر بمحاولاتها البائسة لتدارك الكارثة من خلال ما انتجته من سيارات لم تجد لها من يشتريها مثل تلك التي تقوم على نظام إطفاء المحرك أو توقيف ضخ البنزين والتي تسير بتثاقل في الشوارع ، ولهذا لم تجد قبولا في الشارع .
من الإجراءات العالمية التي هي الآن في تنامي أيضا ، عملية إنتاج أو إستقبال الطاقة الشمسية للتدفئة والإنارة وغير ذلك ، كذلك نجد نموا في إنتاج طاقة الريح والطاقة الإحيائية التي تقوم على إنتاج الطاقة من حرق الكائنات الميتة والفضلات البشرية وغير ذلك ، وجميع هذا أقل ضررا بيئيا من البترول ، زائدا أنه يمكن أن يستمر بلا نهاية ، كما وتصاعد إنتاج وسائط النقل النظيفة التي لا تستهلك بنزين .
وكما تؤكد الإحصاءات فإن النمو في إنتاج تلك الوسائط والبدائل عامة قد بلغ ما يتراوح بين 20 إلى 35 بالمائة سنويا ، والأستثمارات في تلك الحقول تبلغ بضع عشرات من المليارات من الدولار سنويا ، ومثل هذا لا زال عزيزي القاريء مجرد رقم هزيل قياسا إلى الخطر الماثل .

المسؤولية الرئيسية :
______________

إنها مسؤولية حكومات العالم مجتمعة ، وفي المقام الأول حكومات الدول الصناعية الكبرى ، أن تبادر في الحال إلى وضع كل الجهد في خانة حماية المصير الإنساني كله .
يجب أن تزداد البحوث وترصد مبالغ أكبر وتوضع جهود أكبر ويتم التعاون بين كل الهيئات العلمية المتقدمة في الدول الصناعية من أجل تطوير بحوث بدائل الطاقة والتقليل من الإعتماد على البترول ، وتقليل تدفق الغازات والأبخرة التي تمزق طبقة الأوزون فتزيد من عرينا نحن البشر أمام تلك الشمس الخالدة التي أحالتها الصناعة إلى تنين غاضب قد يحرقنا في القريب وبشكل دراماتيكي جماعي لا يبقي على الأرض بشرا ولا حجرا ولا شجر ....!
وذاتنا نحن الأفراد ، هناك قدر من المسؤولية يقع علينا ذواتنا في حماية أنفسنا من خلال التقليل من الإعتماد على السيارات الخاصة ومنتجات البترول التي نحرقها بلا ضرورة دون أن نعي أننا نسمم أجوائنا ونقتل أبنائنا بأيدينا من خلال إسهامنا بتلويث البيئة بهذا القدر او ذاك .
إن الوعي البيئي ضرورة ملحة لحماية أجيالنا ، ولهذا ينبغي أن لا تغفل أي مدرسة في العالم ومنذ المراحل الأولى من تدريس مادة الوعي البيئي وكيفية حماية البيئة وكيف يمكن أن نعود أنفسنا على العيش بأقل قدر من البترول .
المواصلات الجماعية يجب أن ترصد لها المبالغ الكبيرة لكي ما تحسن أكثر فأكثر وتغدو مريحة جدا ، وبذات الآن يجب تشجيع الناس على ركوب السيارات العامة والحافلات التي تشتغل بالكهرباء ، بذات الآن ينبغي التقليل من إنتاج وإستيراد السيارات الصغيرة الشخصية التي تعمل على البنزين ، بذات القدر يجب تشجيع إنتاج وإستيراد السيارات التي تشتغل على الكهرباء أو أي وسائط بديلة .
والحقيقة أن الأوربيون بالذات قد عكفوا منذ سنين عديدة على إتخاذ إجراءات رادعة للإستهلاك المفرط للكهرباء والوقود ، فباشروا مثلا بإستعمال الماء أو الهواء في إنتاج الكهرباء ، كما هو حاصل في النرويج مثلا ، حيث يُعتمد على المساقط المائية الطبيعية أو الصناعية في إنتاج الكهرباء ، ومع ذلك لا تصل للمستهلك بسعر زهيد ، بل هو ملزم بدفع ضرائب باهظة إلى حد ما ، والهدف طبعا التشجيع على التقليل من إستهلاك الطاقة .
كذلك شرعت الدول الأوربية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى بشق طرق القطارات الكهربائية الرخيصة الكلفة والسريعة بشكل مناسب ، والقادرة على حمل الآلاف من البشر في المرة الواحدة ، مما قلل الحاجة إلى السيارات الخاصة التي تشتغل بالبنزين والديزل .
يضاف إلى أن كلفة إستيراد السيارات في الدول الأوربية كبيرة إلى حد ما لغرض التقليل من إستيرادها وأقتنائها من قبل الأفراد ، كذلك فإن الضرائب السنوية وتكاليف شق الطرق أو إصلاحها ، يسهم فيها مالكوا السيارات بشكل كبير وهذا ما يشجع على التخلص من السيارات الخاصة أو على الأقل التردد في الشراء أو الإستبدال .
كما وإن تشجيع الدول الديموقراطية الأوربية وبرلماناتها على الإعتناء بموضوعة حماية البيئة إدى إلى نشوء منظمات بيئية قوية وفاعلة وتضم العشرات من الآلاف من الأعضاء الناشطين ، وهي تلعب دورا كبيرا في توعية النشء في المدارس ورياض الأطفال على العناية بالبيئة من خلال القيام بحملات مشتركة معهم .


أما عن بلدنا :
__________

لقد أرتكب المحرر الأمريكي جرائم بيئية بشعة بحق العراق والعراقيين :
_____________________________________________

أولا : حين أستخدم اليورانيوم المنضب وسموم أخرى في تدمير مواقع الطاغية البائس الذليل ، ولمرات عديدة .
ثانيا : حين ترك الأسلحة مكدسة في الشوارع والأزقة والمدارس يعبث بها الصبية ويتداولها الحثالات الجياع الجهلة ، فيبيعونها لمن يدفع ، أملا في كسب رغيف خبز ، يلتهمونه على عجل دون أن ينتبهوا لطعم الدم المنبث من ثناياه .
ثالثا : وإذ ترك الأمريكان السلاح منتشرا في الشوارع والأزقة والأرياف والمدارس ، فتحوا الحدود على مصراعيها لجذب كافة إرهابيوا العالم لتصفيتهم في العراق ، وظلوا يراقبون ويتربصون وينتظرون أن تجتمع الآلاف تلو الآلاف قبل أن يقوموا بتصفيتهم ، وطبعا هؤلاء لم يتجمعوا في زاوية حرجة ، بل توزعوا وأنتشروا ، فصار القتل في العراقيين يجري بالجملة وبخلفية طائفية تخدم البقاء طويلا للمحرر- المحتل الأمريكي ، وكما تركوا الحدود مفتوحة ماطلوا في توجيه الإنذارات الرادعة القوية لمنتجي ومصدري الإرهاب من دول الجوار المختلفة ، وحتى في هذا فهم ( أي الأمريكان ) لهم برامجهم لتصفية جيوب الظلامية والفاشية في المنطقة ، وكنا نحن ذواتنا الضحية في هذا البرنامج الأمريكي المرعب .
رابعا : كما أستقبل الأمريكان الإرهابيين بالجملة ، إستقبل العراقيون البائسون بضائع دول الجوار الملوثة بالجملة .
أطعمة فاسدة وأجهزة فاسدة وحشيشة أفغانية وإيرانية وسكائر مزيفة وفاسدة و...و...و... الخ .
وكلنا يعرف أن ليس في دول الجوار بلدا منسجما مع المحيط العالمي المتطور لجهة المقاييس والمواصفات ، فدول المنطقة عامة هي دول خارجة عن سكة الحضارة الإنسانية ، مضافا إلى إنها جميعا لا تبالي بالإنسان العراقي ، لأنها كانت ولا زالت وستبقى تتوهمه أداة طيعة لتنفيذ أجنداتها وحروبها ، فإن لم يفعل فلا خسارة من موته ، هذا إن لم تسعى بذاتها وبيدها وعبر أكثر من وسيلة لقتله بعد أن تبتز ماله بالبضائع الفاسدة والخدمات المشبوهة .
حين حرر بريمر ثم تلاه في التحرير مجلس الحكم البائد ، الإستيراد بشكل تام صار بلدنا سوقا لكل فضلات العالم وبالذات دول الجوار كالأردن وسوريا وإيران وغيرهم .
ومن ضمن تلك البضائع السيارات المليونية الفاسدة والتافهة التي دخلت البلد وأغلبها يعد سكرابا في بلدانها ، ولكنهم صرفوها على العراقيين البائسين الذين تركهم صدام حسين وهم في غاية الإفلاس تماما كما تركهم العثمانيون وهربوا عام الف وتسعمائة وستة عشر ، حين حرر الإنجليز العراق من السيطرة الطويلة لدولة الخلافة العثمانية .
نحن في خطر كبير عزيزي القاريء ...!
المواطن العراقي في خطر كبير من هذه السيارات المليونية التي دخلت والتي ستشوه ما تبقى من وجه البلد وتزيد من التلوث البيئي والضوضاء وجرائم القتل والإرهاب والهروب السريع للقتلة .
يجب على الحكومة أن تعود إلى سياسة ترشيد الإستيراد للسيارات وأن ترفع اسعار البنزين التي هي حتى دون سعر الماء في بلدنا ، ويجب أن يسهم العراق مع العالم في حصته من خدمة بحوث الطاقة والبحث عن بدائل جديدة ، كما يجب أن نمتلك سياسة بترولية واعية وراقية ، نحافظ بها على الثروة البترولية لأطول قدر من الوقت ، بذات الآن يجب الإعتماد أكثر على الزراعة وإستزراع الصحارى والوديان وسفوح الجبال بشكل أكبر من ذي قبل ، كما يجب أن نعتمد وسائل الري الطبيعية التي تعتمد على قوة الماء أو الريح أو على الطاقة الشمسية إن أمكن ، وتقليل الإعتماد على البترول لتقليل نسب التلوث الرهيبة المرتفعة .
من جانب آخر يجب توفير الضمانات الإجتماعية لكل مواطن عراقي وزيادة حصة الفرد من الخدمات الإجتماعية وأن نرفع مجددا ضريبة الإستيراد لتقليل الإعتماد على منتجات الجوار من الخضار والفاكهة ومن أجل حماية ثروة الأجيال وبذات الأن المحافظة على البيئة وصحة الفرد العراقي من خلال إنتاج غذائنا في بلدنا فينعكس ذلك مزيدا من النقاوة للتربة وصلاحها بدل من أن تُترك بورا مما يضاعف من فعالية التلوث البيئي لما موجود من سموم في باطن التربة ، مضافا إلى أن الأستيراد وحده سيعوُد الناس على الكسل والعطالة وسيرهق ميزانية الأجيال من تلك الثروة النفطية الزائلة في القريب بكل تأكيد .
كان يجب على الدولة أن تفعلها قبل أن تحرر الإستيراد .
كان يجب أن تنتظر وتعد الناس بالصبر بعد أن تفاتحهم ببرنامجها ومنهاجها وحساباتها ، لمدن أنظف وشوارع أنظف وأكبر وأوسع ، ثم تعقب ذلك بأن تضع شروطا أقسى أمام الإستيراد ، وبالذات للسيارات والمعدات ومشتقات البترول ، بدلا من أن تترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب ليغرق العراق بالملوثات البشعة التي صار جلها أداة لقتل العراقيين ، كالسيارات الرخيصة التي يصدرها البعثيون في سوريا ويستقبلها الحكام والأمريكان على الحدود بلا سؤال ولا أستفسار .
يجب علينا الآن أن نتدارك الموقف بسياسة بيئية وعمرانية جديدة ، تقوم على إعادة تخطيط المدن والشوارع العراقية ، والإكثار من المناطق التي تصمم بشكل لا يسمح بمرور السيارات فيها ، بحيث يمكن أن تكون هذه الأماكن منتزهات للمشاة فقط ، ككورنيشات دجلة والفرات وشط العرب وغيرها ، مضافا إلى داخل المدن وبعض المراكز التي يجب أن يوسع منع المرور للسيارات بها من خلال إيجاد طرق إلتفافية وأنفاق للقطارات التي تسير بالطاقة الكهربائية أو الشمسية .
وبشأن القطارات ، وقطارات الأنفاق ، يجب على الدولة أن تبادر إلى شق الأنفاق الطويلة الآمنة في داخل المدن لتقليل الإعتماد على السيارات عند الذهاب إلى العمل من قبل الموظفين أو الطلبة .
ثم نأتي إلى الجانب التوعووي ، فأرى أن على الدولة أن تقوم بتدريس مادة حماية البيئة ، في كافة مدارس العراق وإبتداء من الصف الأول ويتدرج التعمق في هذه المادة مع تقدم التلميذ أو الطالب في الدراسة .
كما يجب القيام بفتح الدورات التثقيفية للموظفين والفلاحين والعمال والرياضيين وأعضاء الجمعيات المهنية ومنظمات المجتمع المدني كافة ، وحبذا لو تمنح مخصصات تشجيعية لمن ينجزون مثل تلك دورات .
كذلك على الدولة ومنظمات المجتمع المدني بل والمستثمرين المستقلون ممن لديهم صحف وقنوات تلفازية وإذاعية وغيرها ، يجب أن يشجع هؤلاء على أن تكون لهم إسهاماتهم التوعووية عبر وسائل إعلامهم وعلى الدولة أن تكافيء من يعنى بالبيئة من هؤلاء ، بأن تمنحهم شهادات تقديرية خاصة مما يشجعهم على المزيد من العطاء للبيئة العراقية .

_________________________________________


Twilight in the Desert: The Coming Saudi Oil*
Shock and the World Economy
*أنظر صحيفة الشرق الأوسط : الأستاذ خالص جلبي - عدد 9355 تموز 2004
إعداد كامل السعدون



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس المرحلة المنصرمة وآفاق المستقبل
- 2-باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- إشكاليات الحال العراقية - عودة إلى الجذور
- العنصرية والطائفية ثمار إسلامية خالصة
- لحظة من فضلك - نصوص مترجمة من الشعر النرويجي الحديث
- أحزان - شعر نرويجي
- اهلأ بدرة أعياد نيسان - شعر
- معيب والله أن نترك العرب الأحوازيون وحدهم
- مرحى للأحوازيون إذ أنتفظوا
- المجد لأنتفاضة الشعب الأحوازي الشقيق واللعنة على المحتلين ال ...
- ذات فجرٍ ولد في ذاكرة الله عراق
- كانت على طرف اللسان وقالها الدراجي الرائعُ فالح - قصيدة ومقا ...
- وأنتصر العراق الجديد بأرتقاء الطالباني دفة الحكم
- ورحل الغالي المناضل نمير شابا - قلوبنا معك يا نسرين شابا
- رحل الرجلُ الطفلُ الأجملْ - شعر
- مؤسسة الذاكرة العراقية - مقترحات لإغناء المشروع
- الفساد المالي والإداري في الدولة العراقية
- دعوا الرجل ( علاوي ) يكمل المشوار ...أليسَ هذا أفضل ..؟
- إلتفتوا إلى الأحواز أيها الأمريكان


المزيد.....




- بايدن يعلن إنتاج الولايات المتحدة أول 90 كغم من اليورانيوم ا ...
- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - كامل السعدون - إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا