أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وشنان امال - الاهتمام الامريكي بالنفط في نيجيريا: دراسة في الاسباب والاليات















المزيد.....



الاهتمام الامريكي بالنفط في نيجيريا: دراسة في الاسباب والاليات


وشنان امال

الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاهتمام الأمريكي بالنفط في نيجيريا: دراسة في الأسباب والآليات

مقدمة:
تقوم السياسة الخارجية الأمريكية على الحفاظ على العديد من المصالح أهمها تعزيز مكانتها العالمية، بما يحفظ لها الريادة في قيادة العالم والحفاظ على بقاء أميركا القطب المهيمن عليه السياسة والاقتصاد العالميين. ومن هنا يلعب العامل النفطي دورًا في تحديد شكل ومضمون المنظومات الجيوبوليتيكية وما يتصل بها من بناء استراتيجيات دولية ، متجهة أساسًا نحو الدول المنتجة للنفط وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك للنفط في العالم ونيجيريا كأكبر منتج للنفط في إفريقيا ،يدخلان ضمن عملية تفاعلية مرتبطة بسياسة وأهداف واليات.
يعتبر النفط محرك للاقتصاد حيث " يلعب النفط دورًا مهمًا في تدعيم القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي ، فالقوى الكبرى لا يمكنها تنفيذ أي سياسة سواء داخلية أو خارجية إلا إذا كانت اقتصادياتها الصناعية مدعمة بموارد كافية ، هذا ما زاد من أهمية النفط و موقعه الاستراتيجي في السياسيات الكبرى ،فنجد أن النفط في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح بمثابة الدعامة الأساسية للاقتصاد ،إذ يُعد هو المحرك الأساسي للصناعة الأمريكية" .حيث نلاحظ أنه كلما حدث تطور ونمو اقتصادي كلما زاد الطلب على النفط. "انطلاقا من موقع النفط كأهم مصدر للطاقة الأمريكية والعالمية كذلك و مع استمرار تراجع احتياطي النفط العالمي وانحصاره في مناطق محددة في العالم سيؤثر ذلك بشكل أو
باخر على الأمن القومي الأمريكي" .خاصة وأن تحقيق الحاجيات النفطية مرتبط ببيئة
خارجية متوترة وفواعل قد تكون حكومية وفي بعض الأحيان غير حكومية.



أسباب الاهتمام الأمريكي بالنفط النيجيري:
نمت أهمية غرب إفريقيا كمورد للطاقة في الأسواق العالمية باستمرار،جنبًا إلى جنب مع المناطق الغنية بالنفط الأخرى مثل أمريكا اللاتينية،أسيا الوسطى" ،إذ ينظر لمنطقة غرب إفريقيا على أنها منطقة حيوية جذابة سواء من جانب المستوردين للطاقة (الدول) أو الشركات النفطية الأجنبية " * ، من هنا تبنت الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية تطوير واسعة تركز على إعطاء دفعة قوية للعلاقة بينها وبين نيجيريا و انغولا والعمل على ضمان استقرار هذه العلاقة والتي يُعد النفط فيها المحدد الأهم ، بالإضافة إلى العمل على تعزيز الشروط من أجل توفير الجو المناسب لرأس المال العابر للحدود الوطنية خاصة المستثمر في القطاع النفطي.
هناك مجموعة من الأسباب دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاهتمام بالنفط النيجيري و هي:
- "انخفاض الاستهلاك المحلي للنفط داخل نيجيريا وداخل دول غرب إفريقيا عمومًا وبالتالي يجب العمل على تحرير أكبر نسبة من متوسط الإنتاج النفطي وضمان تدفقها للأسواق الأمريكية والعالمية ،حيث صدرت نيجيريا 1.9مليون برميل من أصل 2.2مليون برميل أي 86بالمئة عام2009 " .
- "هناك توقعات من طرف الدائرة الدولية للطاقة تؤكد أن نيجيريا تمثل قطب نفطي جديد و منطقة غرب إفريقيا جبهة جديدة للصناعة النفطية فانغولا ونيجيريا تحتويان على 90بالمئة من احتياطات النفط المؤكدة في منطقة غرب إفريقيا و80بالمئة من الإنتاج الذي من المتوقع زيادته مع مرور الوقت" ،هذا ما دفع بوزارة الطاقة الأمريكية إلى تقديم توصيات للشركات النفطية و تحفيزها على الاستثمار في نيجيريا و أنغولا.
- الموقع الجيواستراتيجي لنيجيريا الذي يطل على خليج غينيا الغني بالنفط والذي يمثل هو الأخر أولوية إستراتيجية لدى صانع القرار الأمريكي وسهولة نقل إنتاجه إلى السوق الأمريكية عبر الطرق البحرية. تعتبر نيجيريا منطقة عبور للأنابيب النفطية القادمة من التشاد والكاميرون ،هذا ما يؤدي إلى العمل على تعظيم الاستقرار السياسي والاقتصادي بطرق مواتية لعمليات الاستثمار ،أي ترسيخ استقرار الإمدادات النفطية العالمية ،إذ أنَ المنطقة لديها دور مهم في تحقيق الاستقرار على مستوى السوق النفطية العالمية ، خاصة وأن دول المنطقة تعتبر المنتج البديل الذي يسمح للشركات النفطية الأمريكية بنقل الفائض النفطي إلى الأسواق .
وفقا لإدارة معلومات الطاقة فان" الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستورد أكثر من 7 مليون برميل يوميا سنة 2020 من النفط الإفريقي" ، يعتبر الاحتياطي النفطي بغرب إفريقيا و نيجيريا دافعًا قويًا نحو إعادة تقييم الأولويات الإستراتيجية في المنطقة وتغيير الحسابات الجيوسياسية التقليدية فيما يخص قطاع النفط في المنطقة ،خاصة وأن منطقة غرب إفريقيا تسمح للشركات النفطية فيها برفع القدرات الإنتاجية لتلبية متطلبات وحاجيات العالم من النفط ،" ومن المتوقع أن ضعفين أو ثلاث أضعاف الواردات ستأتي من نيجيريا و انغولا" .
تبرز أهمية غرب إفريقيا عموما من خلال الاكتشافات النفطية الموجودة بها وُتعد الصادرات النفطية النيجيرية خصوصا نحو الولايات المتحدة الأمريكية دافعا للتأكيد على أهمية المنطقة إذ "أكد المجلس الوطني للاستخبارات والتقديرات الأمريكي أن واردات النفط الإفريقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية سترتفع إلى 25بالمئة عام2015،تم اكتشاف سنة2001، 8مليار برميل من النفط في إفريقيا،7 مليار برميل منها تم اكتشافها في منطقة غرب إفريقيا "
-لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية الاعتماد بشكل دائم على المصادر التقليدية مثل السعودية ،فنزويلا وبالتالي يتعين عليها الحصول على إمدادات إضافية من مصادر جديدة مثل نيجيريا.
- لا يسع الولايات المتحدة الأمريكية الاعتماد فقط على السوق من أجل الوصول إلى تلك الإمدادات الإضافية ،بل سيتطلب ذلك جهود مهمة من قبل موظفي الحكومة لتجاوز مقاومة التوسع الخارجي لشركات الطاقة الأمريكية . بضرورة تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية الداخلية منها والخارجية من أجل ضمان الإمدادات النفطية ومواجهة العراقيل الإدارية والاقتصادية والقانونية سواء المتعلقة بالإدارة الأمريكية أو بالدول المنتجة للنفط منها نيجيريا.
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية تسخير كافة الإمكانيات والمجهودات من أجل تحقيق الأمن النفطي وكنوع من خطة كبيرة للسياسة الخارجية الأمريكية ، تدعو إلى بذل جهود فعالة يقودها الرئيس شخصيا لتقوية علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالدول النفطية الغنية وتوسيع الوجود الأمريكي في المناطق المنتجة الأساسية.،"كذلك أوصى التقرير بضرورة عمل الحكومة الأمريكية مع الحكومات الأجنبية للتغلب على العوائق التي تواجه الاستثمارات الأمريكية و الحفاظ على الاستقرار في مناطق الإنتاج ،وتجميع القدرات الفنية و اللوجستية لاستخراج النفط " .أي أن الإدارة الأمريكية توظف علاقاتها الدبلوماسية والسياسية لخدمة الشركات النفطية الأمريكية ،قد توظف كذلك الأدوات العسكرية لخلق
الجو المناسب لعمل الشركات النفطية وضمان أمنها وتمثلت هذه الأدوات أساسا في :

الأدوات السياسية والدبلوماسية:
بناءا على حجمها وثرواتها تمثل نيجيريا عاملاً رئيسيًا في استقرار منطقة غرب إفريقيا،"إذ تُعد نيجيريا أكبر دولة افريقية من حيث الإنتاج النفطي فهي لاعب رئيسي في المشهد العالمي للطاقة ،تواجه تهديدات داخلية متعددة هذا ما دفع إلى تصنيفها كسابع أخطر دولة في العالم " ،"نظرًا للمشاكل السياسية والاثنية والدينية التي تعاني منها نيجيريا ، حيث غذت الموارد الصراع في نيجيريا مثال ذلك "قيام حرب أهلية في شرق البلاد عام 1967 من قبل الايبو لإحساسهم بأن ثرواتهم بالجنوب الشرقي مستغلة من قبل الشركات العالمية ولصالح أهل الشمال ،الأمر الذي دفع بهم للمطالبة بالانفصال " ،هذه الأحداث كانت سببًا في تراجع الإنتاج النفطي في نيجيريا، كما مثلت تهديدًا لعمل الشركات النفطية الأمريكية والعالمية الأخرى نظرًا لأنها مستهدفة من قبل الجماعات المسلحة.
أدى هذا الوضع إلى قلق الولايات المتحدة الأمريكية ،حيث اعتمدت هذه الأخيرة على مداخل سياسية لخلق بيئة أكثر استقرارًا حفاظا على الإمدادات النفطية وهي :تقليص الصراعات وتطوير عملية السلام و العمل على إدارة النزاع دون حدوث تصعيد من الأطراف،مكافحة الإرهاب.إذ تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على منع الصراعات والتوترات بما يحقق الأمن والاستقرار وفقا لمنظور المصلحة القومية الأمريكية.
ساعدت المداخل السياسية الولايات المتحدة الأمريكية على توثيق العلاقة مع نيجيريا وحفظ مصالحها الوطنية، سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى دعم وتعزيز الاستقرار الإقليمي ،من خلال تطوير عملية السلام في منطقة دلتا النيجر مركز الإنتاج النفطي النيجيري و تشجيع الشركات النفطية الأمريكية المتواجدة بنيجيريا على الاستمرار في توفير الأموال اللازمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة دلتا النيجر، كما عرضت الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط لتحقيق هدنة في الصراع في منطقة دلتا النيجر" ،هنا يبرز جليا عمل الإدارة الأمريكية على توفير جو أكثر أمنًا لاستخراج النفط والعمل على تفادي أي خطر يهدد الامدادات النفطية.
الأدوات الاقتصادية والتنموية:
تمزج الولايات المتحدة الأمريكية بين القوة الصلبة المتمثلة في القوة العسكرية والقوة الناعمة المتمثلة في الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية،خاصة بعد إدراكها أن القوة العسكرية وحدها غير قادرة على تحقيق الأهداف ،خاصة وأن تأمين النفط في نيجيريا يحتاج لأدوات اقتصادية وتنموية و ليس حلول عسكرية فقط.
تتلخص الأدوات الاقتصادية الأمريكية اتجاه نيجيريا في :المساعدات الاقتصادية ، تخفيض الديون والاستثمارات الاقتصادية.
- المساعدات الاقتصادية:تعد عنصرًا أساسيًا من ميزانية القوى الكبرى لتحقيق أهدافها، حيث ينظر إليها من قبل العديد من المحللين بأنها أداة أساسية لتنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ،إذ لوحظ تزايد المساعدات الاقتصادية المرتبطة بسياسة الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية ،"بلغ حجم المساعدات الاقتصادية 39.4 مليار دولار أي 1.1بالمئة من مجموع ميزانية السلطة خصص منها 10.38مليار دولار لقضايا الأمن، تهدف الولايات المتحدة الأمريكية من برامج المساعدات الاقتصادية أساسا إلى تعزيز الصادرات الأمريكية من خلال خلق عملاء جدد للمنتجات الأمريكية " وتحسين البيئة الاقتصادية العالمية،تحقيق استقرار اقتصادي في المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية ،إذ ارتفعت المساعدات الاقتصادية الأمريكية اتجاه إفريقيا من 9بالمئة إلى 29بالمئة عام 2010 .
ومع استمرارية تدفق النفط من نيجيريا دفع الإدارة الأمريكية إلى "زيادة ميزانية المساعدات الاقتصادية لنيجيريا سنة 2009،خاصة المساعدات التي تستهدف تطوير القطاع النفطي ،إذ منحت الولايات المتحدة الأمريكية قرض 90 مليون دولار لتطوير حقول نفط جديدة في نيجيريا " ،كذلك تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تفعيل التعاون الاقتصادي من خلال الشراكة الاقتصادية ،إذ أن تعزيز الروابط الاقتصادية يعطي دافعا قويا للعلاقات السياسية والدبلوماسية .
إن المساعدات الاقتصادية الممنوحة للحكومة النيجيرية من الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف أساسا الصراعات والتوترات في المنطقة بهدف خلق جو مناسب للمستثمر النفطي الأمريكي، بالإضافة إلى دعم الاستثمار الأمريكي في القطاع النفطي ، إذ يواجه المستثمرون في نيجيريا مخاطر سياسية واقتصادية خاصة مع تفشي الفساد والصراعات التي تشكل خطر على منابع النفط ،هذا ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة مجموعة من البرامج والآليات لتحسين الوضع بغرض حماية الأمن النفطي بدخولها في شراكة اقتصادية وسياسية مع الحكومة النيجيرية.
تسخر الولايات المتحدة الأمريكية ميزانيات ضخمة متمثلة في برامج مساعدات اقتصادية بهدف تحقيق الأهداف التي تعجز عن تحقيقها القوة العسكرية، إذ " صرحت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي بأن برامج المساعدات الأمريكية هي أداة لتعزيز المصالح الأمريكية في الخارج" ،هذا ما برز فعلاً في العلاقات الأمريكية النيجيرية ،إذ تراوحت المساعدات بين اقتصادية وتنموية بهدف تحسين الأوضاع واحتواء أي تهديد.
- تخفيض الديون الخارجية: "تحسنت العلاقات النيجيرية الأمريكية مع نقل السلطة إلى حكومة مدنية في أكتوبر 1999،حيث تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض الديون وزيادة المساعدات الاقتصادية إلى نيجيريا وتعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية، إذ وصلت نيجيريا إلى اتفاق مع "نادي باريس" لشطب 60 بالمئة من ديونها التي تقدرب 30مليار دولار" ،حيث أكدت إدارة كلينتون آنذاك على تخفيف عبء الديون والتوسط لنيجيريا لدى مؤسسات الإقراض والتعاون والعمل نحو التوصل إلى اتفاق لتحفيز التجارة و الاستثمار بين البلدين " .
- الاستثمارات الاقتصادية: يمكننا من خلال الاستثمارات الاقتصادية قياس أهمية ودور الشركات النفطية الأمريكية في نيجيريا ومنه نفهم من يسيطر على السوق الاقتصادية النيجيرية، حيث "وردت إلى نيجيريا استثمارات بقيمة 4.5 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر معظمه من الولايات المتحدة الأمريكية ،يشكل الاستثمار الأجنبي المباشر 8.74بالمئة من إجمالي رأس المال الثابت مما يفسر انخفاض مستويات الاستثمار المحلي، يوجه معظم الاستثمار الأجنبي نحو قطاع الطاقة ،تأمل نيجيريا في جلب 600 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين عامي 2008و2020" .
أكدت الإحصائيات أن لنيجيريا ميزة نسبية في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية حيث ارتفع التبادل التجاري بين نيجيريا و الولايات المتحدة الأمريكية من" 8.3مليار دولار عام1978الى 11مليار دولار عام 1980." بدأت العلاقات التجارية تعرف تطورًا مع زيادة الصادرات النفطية من نيجيريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، تُعد العلاقات التجارية دعامة أساسية وقاعدة قوية للاستثمارات الاقتصادية، إذ تعتبر نيجيريا بالنسبة لرجال الأعمال الأمريكيين أهم سوق اقتصادية في إفريقيا فالسوق النيجيرية مهمة للمستثمر الأمريكي نظرًا لعدد السكان الذي يقارب 150مليون نسمة الذي يساعد على ترويج المنتجات وبيعها .
كما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على خلق شبكة علاقات اقتصادية تفاعلية مركبة ودائمة بالشكل الذي يضمن تواصل تدفق النفط ، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للعلاقات التجارية على أنها الداعم و المحرك الرئيسي للعلاقات السياسية و الدبلوماسية."كذلك تنظر الولايات المتحدة الأمريكية لنيجيريا كشريك اقتصادي يواجه رهان الإصلاحات الاقتصادية" . بالتالي فهو في حاجة إلى قوة مالية تساعده على التقدم وتحقيق الإصلاح الاقتصادي.
كما أن الاستثمارات الأمريكية في نيجيريا هي عامل جد مهم لمعرفة مدى قوة العلاقات الاقتصادية الأمريكية النيجيرية،حيث " قُدر حجم الاستثمار الأمريكي في نيجيريا بسبعة مليار دولار ، تقدر قيمة الصادرات النفطية من نيجيريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ب 4.4بليون دولار، أي أن نيجيريا توفر ما نسبته 15بالمئة من الاحتياجات النفطية الأمريكية، كما لوحظ ازدياد الاستثمارات الأمريكية في قطاع الطاقة بشكل سريع ،حيث قدمت مجموعة من المساعدات الأمنية والاقتصادية لضمان أمن الاستثمارات الاقتصادية الأمريكية في نيجيريا وقدرت بحوالي 40مليون دولار بعد أن كانت 10مليون دولار" متجهة أساسًا لضمان عمل الشركات الأمريكية النفطية مثل شفرون وأكسون موبيل،إذ زادت مساهمة النفط في الاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث "تقدر نسبة الاستثمار الأجنبي الأمريكي بأربعين بالمئة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر" .
الأدوات العسكرية والمبادرات الأمنية:
تلعب المؤسسة العسكرية الأمريكية دورًا مهما في حماية إمدادات الموارد ،فالموارد هي موجودات ملموسة يمكن أن تتعرض للخطر بفعل الاضطراب السياسي والصراع، لذلك فهي تتطلب حماية مادية وبالتالي يرى بعض المحللين" أن القوة العسكرية كفيلة بحماية وضمان التدفق المستمر للنفط والموارد الحيوية الأخرى خاصة في فترات الأزمات أو الحروب" .
إن اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بتأمين الوصول إلى النفط في غرب إفريقيا و نيجيريا أدى إلى ضرورة تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة ، حيث كان القرار نابع من مخاوف جيوسياسية متعلقة بتواجد القوى الكبرى المنافسة في المنطقة،أما الثانية متعلقة بمخاوف أمنية تكمن أساسًا في تهديد مصادر النفط من قبل جماعات إرهابية أو متمردة."برزت رغبة أمريكية لتواجد عسكري ضخم في المنطقة بالقرب من مواقع استخراج النفط " ، فالمصالح النفطية الأمريكية كانت دائما موقع حماية من القواعد والأحلاف العسكرية التي أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية .
أقامت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة لحماية الامدادات النفطية حيث"أعلن الرئيس الأمريكي "جورج وولكر بوش" في 6 فيفري 2007 أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تؤسس قيادة عسكرية جديدة خاصة بإفريقيا ، يُطلق عليها القيادة الإفريقية"افريكوم" بهدف حفظ المصالح النفطية الأمريكية وتحقيق الاستقرار وحل الصراعات ومحاربة الإرهاب "
- المساعدات العسكرية : تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمنح مساعدات عسكرية لدول غرب إفريقيا على مستويات كبيرة ،على سبيل المثال فان إدارة "جورج وولكر بوش " بررت مساعداتها لنيجيريا بالإشارة إلى محاولات بناء علاقات إستراتيجية مع هذا البلد، مع تركيز المساعدات على المساعدات الاقتصادية لتحقيق التقدم وترسيخ الديمقراطية من أجل توثيق العلاقة مع هذا الشريك التجاري المهم" وعلى وجه التحديد من أجل حفظ المصالح الأمريكية في نيجيريا وتجنب أي تعطيل في الإمدادات النفطية مع العمل على دعم الاستثمار في القطاع النفطي .
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة قيمة المساعدات الأمنية وبيع معدات عسكرية لنيجيريا من خلال برامج المساعدة الأمنية العسكرية الرئيسية مثل" برنامج التمويل العسكري الخارجي أو من خلال ترخيص مبيعات مباشرة من وزارة الدفاع الأمريكية بالإضافة إلى ذلك يحق للرئيس استخدام آلية تشريعية في حالة الطوارئ تسمح له بسحب أربعة مليون دولار لدعم برامج التدريب العسكري في نيجيريا"،حيث أصبحت نيجيريا ثاني أكبر متلق للأموال فيما يخص برامج التدريب العسكري حيث تم تخصيص ما يقارب 800مليون دولار لنيجيريا عام2006.و400 مليون دولار لأنغولا" .
يمكن القول أن سياسة الطاقة الأمريكية تتقاطع مع إستراتيجية الحرب على الإرهاب، حيث تشمل هذه الإستراتيجية برامج لمبيعات الأسلحة للحكومات الإفريقية من خلال البيع المباشر بالإضافة إلى برامج التمويل الأمريكي، "وقد تضاعفت مبيعات الأسلحة لتصل إلى 6مليون دولار عام2006،أما الدول المنتجة للنفط في منطقة غرب إفريقيا في عام 2002 و 2003 سلمت الولايات المتحدة الأمريكية الأسلحة إلى نيجيريا أكثر من أي بلد أخر وعملت على وضع خطط لتطوير سبعة قطع خفر سواحل في نيجيريا لتسهيل تأمين النفط" .
- برامج التدريب العسكري:صرح الرئيس الأمريكي "جورج وولكر بوش" بأن الدول الموجودة في منطقة غرب إفريقيا بما فيها نيجيريا هي دول ضعيفة وفاشلة وعدم قدرتها على حفظ أمنها والنفط يشكل تهديد مباشر للأمن النفطي الأمريكي وأمن الولايات المتحدة بشكل عام وبالتالي يجب العمل على توجيه مجموعة من برامج التدريب تحت قيادة "أفريكوم"منها:
- برنامج التدريب والمناورات العسكرية المشتركة: تتم على أساس ثنائي أو جماعي، فالولايات المتحدة الأمريكية تقدم التدريبات اللازمة للعسكريين الأفارقة عبر برامج تدريبية وتعليمية ،بالإضافة إلى القيام بالمناورات المشتركة.
- برنامج المساعدة و التدريب على عملية الطوارئ الأفريقية: يهدف إلى مساعدة القوات الأفريقية على القيام بمهام حفظ السلام في مناطق التوتر والصراع.
- برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي : ويهدف إلى إحضار العسكريين الأفارقة إلى الأكاديميات العسكرية وغيرها من المؤسسات التعليمية داخل الولايات المتحدة بهدف التكوين و التدريب.
- برنامج المبيعات العسكرية الخارجية:يتولى هذا البرنامج مهمة بيع المعدات العسكرية .
- برنامج أمن الحدود و السواحل: يهدف إلى حماية الحدود البحرية والمنصات النفطية الموجودة على مستوى السواحل " .
استفادت نيجيريا من كافة البرامج العسكرية مثل برنامج"ايميت""حيث يدير البنتاغون برنامج"ايميت" الذي ازدادت تكاليفه خلال فترة ما بين 2000 و2006 بنسبة 35بالمئة، أي ارتفعت التكاليف من 1.8مليون دولار إلى 11مليون دولار وقررت الولايات المتحدة الأمريكية تدريب 1400ضابط عام 2007 بتكلفة 6.15 مليون دولار." ، يهدف هذا البرنامج إلى حفظ الاستقرار الإقليمي من خلال زيادة التنسيق والتعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة و الدول الأجنبية ، من خلال توفير التدريب الذي يقوي القدرات العسكرية للدول المشاركة لتمكينها من الحفاظ على استقرارها وضمان المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية.
تعتبر نيجيريا " ثاني متلقي لبرنامج التمويل في إفريقيا حيث استفادت من التدريب التقني في أنظمة الأسلحة الأمريكية ،كما استفادت من برنامج أمن الحدود والسواحل وهو برنامج يوفر تدريبا خاصا لكوادر منتقاة و تزويدها بمعلومات مخابراتية ترمي إلى محاربة التهريب والقرصنة والأنشطة عبر الحدود" التي تهدد الأمن الوطني والإقليمي "وزودت الولايات المتحدة الأمريكية نيجيريا بمساعدات عسكرية تمكنها من تعزيز قدراتها البحرية على حماية منشات البترول(الأوف شور) وناقلات البترول في المياه الإقليمية" .
زاد التدريب العسكري المهني لتوفير الأمن وتحسين قدرات الأمن البحري ومعالجة أمن الموانئ ، إذ أن التواجد العسكري الأمريكي في نيجيريا يُعد حاسمًا لإستراتيجية تأمين شبكات النقل البحري وأمن منصات استخراج البترول، الذي يهدف إلى زيادة مباشرة لحفظ أمن خليج غينيا لتسهيل عمل المنشات النفطية البحرية ،"بالإضافة إلى ذلك قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لنيجيريا قطع خفر السواحل وعدة مروحيات لزيادة قدرتها الرقابية على تأمين السواحل ،هناك خطط لنشر5000 الى7000جندي من القوات الأمريكية في عدة مواقع من إفريقيا نصفهم في منطقة غرب إفريقيا" ،كما "أوكلت إلى نيجيريا مهمة حماية مرافق النقل من أي صراع قد يعطل الشحنات ،إذ أكد مجموعة من المستشارين الأمريكيين في قمة بينين في نوفمبر2006على ضرورة تأمين خليج غينيا الغني بالنفط .
تميل الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة قواعد عسكرية في الدول النفطية وتحديدًا قرب مناطق الاستخراج."إذ أعلن الجنرال"جايمس جون"James Johnقائد القوات العسكرية الأمريكية في أوروبا ،أن البحرية الأمريكية تدرس خفض تواجد بوارجها في البحر الأبيض المتوسط لتعزيز حضورها في الساحل الغربي لإفريقيا وخليج غينيا حيث تتواجد حقول النفط و طريق مرور الناقلات" ،خاصة وأن المنطقة مهمة من الناحية الجيواستراتيجية وفي نفس الوقت هي منطقة تشهد درجة كبيرة من العنف والاضطراب والجريمة المنظمة. فمنطقة خليج غينيا تعد ممر هام للشحنات النفطية باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية ومن هنا جاءت الضرورة لتامين المنطقة ،"إذ تعتبر خطوط النفط جزءا أساسيا من اللعبة وهنا تلتقي الحرفة الدبلوماسية بالمصالح النفطية" .
- المناورات العسكرية المشتركة: أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نشر قوات في خليج غينيا الغني بالنفط قبالة الساحل النيجيري بهدف تأمين الموارد النفطية في تلك المنطقة التي تحتل أهمية اقتصادية وإستراتيجية ،"وكان الجنرال "روبرت فوجلسون"Robert Foglson قائد القوات الجوية الأمريكية ،قد أعلن اثر محادثات مع قائد سلاح الجو النيجيري في أبوجا أن "خليج غينيا مهم لاستقرار الولايات المتحدة الأمريكية والعالم بسبب الموارد النفطية التي تمتلكها نيجيريا و الإقليم ذاته ،لذلك من المتوقع أن تقوم البحرية الأمريكية بإجراء تمارين هناك" ،لأن الولايات المتحدة الأمريكية تحرص على التواجد الدائم في المناطق التي تشكل أهمية كبيرة لأمنها النفطي ومصالحها الحيوية.
قال القائد العسكري" أن نشر قوات البحرية الأمريكية في المنطقة لن يشكل أي تهديد على السيادة النيجيرية ،كما سلمت الولايات المتحدة الأمريكية قطع غيار تبلغ قيمتها ثلاثة مليون دولار لإصلاح طائرة نقل عسكرية من طراز"هيركيوليز سي-130"ودعا الجنرال" فوجلسون" سلاح الجو النيجيري إلى التعاون لتمكين نيجيريا من صد أي هجوم على المنابع النفطية وخطوط الأنابيب" .فنيجيريا تركز على التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية.
كما" ناقشت إدارة جورج بوش في ديسمبر 2005امكانية استخدام المطارات النيجيرية وإمكانية توسيع القواعد العسكرية. توصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق مع نيجيريا للقيام بدوريات في منطقة دلتا النيجر معا لمنع هجمات المتمردين على منشات الطاقة" .مع ذلك هناك معارضة للسياسات الأمريكية في نيجيريا ومعارضة لدور شركاتها النفطية هذا ما خلق نوع من العداء لدى الرأي العام النيجيري وهذا ما دفع واشنطن إلى توسيع تواجدها العسكري لمواجهة أي تهديد خاصة في المناطق النفطية.
نستنتج في الأخير أن اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالنفط الإفريقي عموما وفي نيجيريا خصوصا سوف يتزايد في السنوات القليلة القادمة ،ولذلك ستستخدم الولايات المتحدة كافة الآليات المتاحة والممكنة من أجل السيطرة عليه وهذا بهدف حماية امنها وامداداتها النفطية من جهة،ومن جهة أخرى منع القوى المنافسة وعلى رأسها الصين من الوصول إلى هذه المناطق.



#وشنان_امال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وشنان امال - الاهتمام الامريكي بالنفط في نيجيريا: دراسة في الاسباب والاليات