أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر















المزيد.....

مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 13:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فارق عبد القادر (1938- 2010) أحد النقاد الكبار بعد جيل محمد مندور ولويس عوض وعبدالقادر القط والغنيمى هلال. وكان يحرص على متابعة العروض المسرحية ويكتب عنها نقدًا يتسم بعمق التحليل . ودفع ثمن اعتزازه بنفسه والتعبير عن آرائه النقدية ، وهو يعلم أنّ موقفه النقدى سيجر عليه المشاكل مع الثقافة المصرية السائدة التى لا تحترم حق الاختلاف . فرغم أنه يعلم حجم تأثير عبدالرحمن الشرقاوى على تلك الثقافة ، امتلك شجاعة نقد مسرحيته (وطنى عكا) لما فيها من خطاب إنشائى ومُفتقدة لعناصر الدراما. وبعد أنْ كان يكتب فى مجلة روزاليوسف تم منعه من الكتابة فيها بعد أنْ تولى الشرقاوى رئاسة تحريرها. كما امتلك نقد سمير سرحان وهو فى قمة تألقه الوظيفى عندما رأس هيئة الكتاب المصرية. وفى الوقت الذى كتب فيه (كبار) النقاد مقالات عبارة عن قصائد مديح لكتاب علاء الأسوانى الذى نشره باسم رواية (عمارة يعقوبيان) اختلف فاروق معهم وانتقد الرواية وكتب عن مؤلفها ((إنّ علاء الأسوانى فى عمارة يعقوبيان كاتب كاره للوطن والمواطنين بل كاره للبشر. وأنّ عمارة يعقوبيان نوع من أدب التلسين السياسى والنميمة)) وأعترف أنّ من شجّعنى على قراءة أعمال المبدع الكبير عبدالرحمن منيف دراسات فاروق عبدالقادر عنه ، خاصة دراسته عن رواية (مدن الملح) وكما اهتم بالنقد الأدبى اهتم بالترجمة فترجم العديد من الأعمال الأدبية المهمة لكبار المبدعين الأوروبيين أمثال تينسى وليامز، آرتور أداموف وبيتر بروك وآخرين.
والأستاذ فاروق عبدالقادر كان ينتمى فكريًا إلى اليسار المصرى ، وشغل منصب المشرف على الملحق الأدبى لمجلة الطليعة (اليسارية) فى عهد عبدالناصر برئاسة لطفى الخولى اليسارى الشهير. ولكن كتابات أ. فاروق عن لويس عوض وهجومه الدائم عليه ، تـُثير العديد من الأسئلة المسكوت عنها فى الثقافة المصرية السائدة والبائسة. ألم يكن يكفى الأصوليين الإسلاميين الذين هاجموا لويس عوض بكل شراسة ؟ مرة بأنه شيوعى (وهذا غير صحيح وإنْ كان يحترم ماركس والماركسية خاصة فى جانبها الفلسفى) ومرة بسبب ديانته المسيحية (وكأنّ ديانة الكاتب قيد فى عنقه) ولأنّ الأصوليين لا يقرأون لذلك لم يقرأوا ما كتبه لويس عوض عن المفكر والعالم جورادنو برونو الذى أعدمه القساوسة (الأتقاء) حرقــًا فى ميدان روما مع مطلع عام 1600. فى تأريخه لحياة برونو كتب عنه عوض أنّ برونو كان يرفض مبدأ الخلق من العدم . وكتب برونو ((نحن نـُقرّر المبدأ القائل بعد البحث عن الألوهية)) ويوم إحراقه عرضوا عليه الصليب ليُقبّله فرفض. وكان يرى ضرورة العودة إلى الديانة المصرية. ويرى أنّ الصليب المسيحى منقول عن علامة الحياة المصرية (عنخ) وهو ما أكده عوض الذى كتب ((من يزور المتحف القبطى يرى من آثار مصر المسيحية ، على الأقل خلال القرون الأربعة الأولى بعد الميلاد ، أنّ المصريين حين اعتنقوا الدين المسيحى لم يعرفوا فى بادىء الأمر الصليب برسمه المسيحى المعروف الآن وإنما كان صليبهم هو علامة (العنخ) أو مفتاح الحياة كما نرى فى النقوش والصور المحفوظة فى المتحف القبطى. ثم وضعوا الصليب المألوف داخل رأس العنخ)) ولأنّ برونو دافع عن الحضارة المصرية ورفض المسيحية لذلك دخل ((دائرة المحظورات لأنه انتهى إلى القول (بألوهية الإنسان) ذلك القول الذى أودى بكثيرين من المتصوفة إلى التهلكة وهو الذى جعل الحلاج يقول ((لو أنّ ذرة من قلبى سقطتْ على الجحيم لأطفأته. ولو أنّ ذرة من قلبى سقطتْ على الجنة لأنارتها)) وأضاف لويس عوض ((لذا فإنّ نصوص العارفين بالله تحمل آثارًا من تعدد الآلهة. وهى بمثابة زواج بين الديانة المصرية القديمة والديانة اليونانية القديمة. وهذه هى الديانة المصرية التى دعا برونو إلي إحلالها محل الديانة المسيحية فى أواخر القرن 16 فاستنزل على نفسه غضب الكنيسة وانتهى أمره إلى المحرقة)) (ثورة الفكر فى عصر النهضة الأوروبية- مركز الأهرام للترجمة والنشر- عام 87- من ص 246- 267)
وذكر لويس عوض أيضًا أنّ المؤرخ المسيحى (أورسيوس) الذى عاش نحو عام400م كتب أنّ ((تصدع الامبراطورية الرومانية وانهيارها كان نتيجة للغضب الإلهى . وأنّ غضب الله حلّ على الرومان لأنهم ضلوا وحادوا عن طريق الله بفسقهم وجبروتهم ، ولهذا أنزل الله عليهم البرابرة من كل جانب فخرّبوا الامبراطورية)) وكان تعليق عوض ((بقى هذا التفسير هو التفسير المعتمد فى العالم المسيحى ألف عام أو يزيد لأنه كان التفسير الذى اعتمدته الكنيسة الكاثوليكية. وبهذا التفسير قضتْ الكنيسة على كل شعور قومى فى نفوس الإيطاليين ، فجعلتهم يتنكرون لأمجاد جدودهم ويتبرّأون من حضارتهم)) (المصدر السابق- ص 47) فهل هذا المفكر (لويس عوض) سخـّر قلمه للدفاع عن المسيحية ، أم كان يمتلك عقلا حرًا فانتقد الكهنوت المسيحى الذى قضى على ((كل شعور قومى فى نفوس الإيطاليين)) ؟ وهو ما فعله فى كتابه عن (الأفغانى) فرأى أنه كان يسعى للقضاء على الشعور القومى لدى الشعوب ، وهو ما اعترض عليه فاروق عبدالقادر الذى انضم لصفوف الأصوليين الذين دافعوا عن الأفغانى وهاجموا لويس عوض ، فكتب أنّ ((جامعة لوس أنجلوس الأمريكية جمعتْ أوراقـًا وقدّمتها للويس عوض الذى أسماها (وثائق) أغلبها تقارير جواسيس ومخبرين رسميين كانوا يعملون لحساب الاستعماريْن الإنجليزى والفرنسى . وبعضها ملفات أعدتها أجهزة المباحث فى هذيْن البلديْن لتجميع المعلومات عن الأفغانى . وبعضها كتب استندتْ إلى هذه التقارير والملفات كتبها صهاينة ومستشرقون ، تجمعهم مصالح ومشاعر، نـُشرتْ بين لندن وباريس وتل أبيب لمؤلفين أمثال جاكوب لاندوا ، إيلى خضور.. إلخ ووضعوا هذا الكوم كله أمام لويس عوض وقالوا له : اكتب دراسة عن الأفغانى فكتب "الإيرانى الغامض فى مصر")) (أوراق أخرى من الرماد والجمر- مؤسسة العروبة للطباعة والنشر- عام 90- ص 197) هذا هو كل (النقد) الذى كتبه عبد القادر عن كتاب لويس عوض عن الأفغانى ، وهذا النوع من (النقد) يُولد مجموعة من الملاحظات :
هل النقد يعتمد- كلية- على التشكيك فى المراجع والمصادر؟ وبالتالى لمصلحة من يتم إلغاء عقول الأجيال الجديدة ، عندما نـُثبـّتْ فى أذهانهم ذلك المنهج النقدى المُخرّب الذى يعتمد على (هوية) المصادر؟ مع الإغفال التام لتحليل المادة المذكورة فى المصادر وربطها بكل الأحداث وكل الكتابات الأخرى التى تناولتْ نفس الموضوع بما فيها كتابات الشخصية محل الدراسة.
هل يدعونا أ. عبدالقادر للعزوف عن قراءة تقارير ومذكرات الجواسيس؟ هل هى دعوة لاعتبار الباحثين المصريين الذين استشهدوا بكتاب (لعبة الأمم) الذى كتبه مايلز كوبلاند وكتاب (حبال من رمال) الذى كتبه ويلبر كرين إيفلاند وهما من رجال المخابرات الأمريكية من البلهاء؟ علمًا بأنّ باحثين مصريين يساريين اعتمدوا على هذيْن الكتابيْن . وهل ما فعله عوض كان ترديدًا غبيًا لأقوال هؤلاء (الجواسيس)؟ أم أنه ربط هذه الأقوال بغيرها من الأحداث والكتابات بما فيها كتابات الأفغانى نفسه ، وهو ما فعله عوض ولم يتعرّض له عبدالقادر بكلمة واحدة .
ما دليل عبدالقادر على أنّ الأمريكان هم الذين قدّموا الأوراق والتقارير لعوض وقالوا له اكتب دراسة عن الأفغانى ؟ هل كان عبدالقادر حاضرًا مع الأمريكان وهم يُحرّضون عوض ضد الأفغانى ؟ وما معنى أنّ يستجيب عوض لرغبة الأمريكان فى تشويه صورة الأفغانى كما زعم عبدالقادر؟ هل هناك معنى آخر غير أنّ عوض عميل أمريكى ؟
إنّ عبدالقادر لم يُقدم جهده الخاص (إذا اعتبرنا الفقرة المنقولة عنه جهدًا نقديًا) وإنما هو ردّد ما كتبه د. محمد عماره فى دراسة له بعنوان (جمال الدين الأفغانى المفترى عليه) أى أنه اعتمد على (جهد) غيره فى ترديد المعانى والألفاظ ، وبمراعاة أنّ عماره من مروجى الأصولية المعادية للحداثة وضد الليبرالية. فما معنى اعتماد عبدالقادر عليه؟ وإذا كان عماره من المُدافعين عن أفكار الأفغانى (الإسلام هو الحل، الجامعة الإسلامية، الخلافة الإسلامية إلخ) وهى الأفكار التى تؤدى إلى تحقيق حلم الأصوليين الإسلاميين بالإعلان عن الحكومة الدينية ، فما معنى الاستشهاد به ضد عوض؟ هل لهذا الاستشهاد معنى آخر غير أنّ الإثنين (عبد القادر وعماره) يقفان على الأرضية الأصولية ؟ وبالتالى نستطيع أنْ نفهم سر العداء الضارى الذى يلمسه القارىء فى كل كتابات عبدالقادر عن عوض . وهى كتابة تتسم إما بالسخرية أو الكراهية أو الاحتقار وبشكل مباشر دون أدنى مواربة (المصدر السابق- من ص 192- 210)
وحتى لا يكون فى كلامى شبهة الربط العشوائى بين الرجليْن (عمارة وعبدالقادر) فإننى أضع أمام القارىء هذه الفقرة من كتاب الثانى ((إنّ المشروع الفكرى للويس عوض مشروع واحد ذو شقيْن : بلورة سيادة النموذج الغربى فى الحضارة والأدب والفكر، واعتباره واجب الاحتذاء ومقياس الجدارة إلخ والشق الثانى نفى أى أصالة فى الماضى أو قيمة فى الحاضر أو جدوى فى المستقبل ، عن أى مشروع حضارى عربى أو إسلامى)) (ص194) هذا ما كتبه عبدالقادر وهى متطابقة مع كتابات عماره ومنها على سبيل المثال ((لقد صار الحكم فى أمتنا على مدى 13 قرنـًا بالشريعة الإسلامية. ثم حدث الاختراق الغربى . وزاحم القانون الغربى شريعتنا فى عهود الاستعمار. وأصبح القانون الوضعى وصمة استعمارية فى حياتنا)) (مجلة المصور17/1/92)
وإذن فقد كان المطلوب من عوض حتى يرضى عنه الأصوليون وترضى عنه الثقافة السائدة، أنْ يقف فى طابور تلك الثقافة يُردد أفكارها ويسعى لذات أهدافها. أما أنْ يختلف عنها ولو جزئيًا (لأنه لم يكن مختلفـًا عنها بشكل مطلق) فهذا شىء لا يمكن غفرانه أو التسامح فيه. ولذلك لم أقرأ تقييمًا لكتب عوض ، وإنما قرأتُ هجاءً على النمط العربى . كتب عبدالقادر((فى سبيل تحقيق مشروعه هذا ، ولأنه يضرب فى أرض لا يعرفها جيدًا ، ولأنه يتناول الموضوع الذى يعرض له بتلك الآراء المُسبقة ، فهو يريد أنْ يُبقيه فى إطارها. وأنْ يقص أطرافه كى يُلائمها ، فطبيعى أنْ يتعثر وأنْ يكبو. وما أكثر عثراته وكبواته. وملفات لويس عوض مليئة مثقلة))
فى مقدمة (بلوتولاند) كتب عوض أنه لم يقرأ حرفـًا واحدًا بالعربية بين العشرين وسن الثانية والثلاثين. فكيف استقبل عبدالقادر هذه الشجاعة فى الاعتراف ؟ كتب ((أصادق هو أم كاذب ؟ ورغم آلاف الصفحات التى سوّدها لازال يستخدم لغة كئيبة جهمة ذات بلاغة رثة. تـُطبق على أنفاس قارئها بثقلها وسقمها. لغة مصمتة جافة لكنها ليست مُدققة مقتصدة مثل لغة يحيى حقى مثلا. بل ثرثارة متزيّدة. لا تخلو من فكاهة غليظة. ورغبة فى التنفج (مكتوبة هكذا) ورسم صورة كاذبة للذات. أما قوله أنه لم يقرأ حرفـًا بالعربية بين العشرين والثانية والثلاثين ، فلا أدرى كيف يمكن لرجل يُعلن هذا فخورًا به أنْ (يتنطع) بعد ذلك ليقرأ شعر أبى العلاء ويكتب دراسة عنه. ثم يمضى فى (التنطع) أكثر وأكثر فيأتى كى يُعلمنا فقه لغتنا)) (ص194، 195)
فإذا تغاضينا عن ألفاظ الهجاء (ما أكثر عثراته وكبواته والتنطع) وتغاضينا عن الغمز فى الشرف (ملفات لويس مليئة مثقلة) وتغاضينا عن التجنى فى (البلاغة الرثة) وتغاضينا عن الخلط بين الأشياء المادية التى يمكن وصفها بالقذارة، واللغة التى لا يمكن وصفها بالقذارة. هذا الخلط يدل على أنّ من يقع فيه لا يدرى شيئـًا عن علم اللغويات. إذا تغاضينا عن كل ذلك تبقى الحقيقة المؤكدة التى يعترف بها أشد المتعصبين للغة العربية ، وهى أنّ غالبية شعبنا الذين تعلموا العربية فى المدارس منذ طفولتهم ، وبعد أنْ صاروا أساتذة فى الجامعات ودكاترة لهم مؤلفات ، فإنهم يُخطئون فى نحو اللغة العربية وصرفها. ويتلعثمون ويتثاقلون إنْ أرادوا النطق بها. وعندما أقرأ ما كتبه كثيرون منهم أجد صعوبة فى فهم ما يُريدون بسبب الأسلوب (مثل طريقة تركيب الجملة) وهذه هى الحقيقة التى ذكرها كثيرون مثل د. أحمد مسلم الذى قال ((اللغة العربية تـُدرّس فى المدارس باللغة العامية وكذلك فى الجامعات وفى أقسام اللغة العربية المتخصصة. بل إنّ دروس النحو يُدرّسها بعض الأساتذة الجامعيين بالعامية)) (نقلا عن أ. فاروق شوشه- أهرام 8 أغسطس 2004) وهاجمتْ الثقافة السائدة أ. شريف الشوباشى بسبب كتابه (تحيا اللغة العربية- يسقط سيبويه) فلم يهتم بالرد عليهم ولكنه كتب ((إننى مثل أى شخص أعانى من شيزوفرينيا لغوية. فأنا أفكر باللغة الدارجة. وأى شخص يدّعى أنه يُفكر بالفصحى يكون كاذبًا ومنافقــًا. فنحن دائمًا نـفكر بأقرب لغة لدينا وهى اللهجة الدارجة. وبعد هذا أبذل مجهودًا لكى أفكر باللغة العربية. هناك خطر حقيقى على اللغة العربية. وأنا أقول أنه بعد مائة عام ستـُصبح اللغة العربية للدراسة فقط . وهذا هو الخطر الذى حاولتُ أنْ أنبه إليه)) (صحيفة القاهرة 7/9/2004) وعن الشعراء العرب الذين يكتبون قصيدة النثر، كتب الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى ((ونحن نقرأ للذين يكتبون هذا النوع من الكتابة فنجد أخطاءً لا يقع فيها تلاميذ المدارس . وأدهشنا أنْ يقع عدد من المدعوين العرب فى أخطاء مخجلة)) (أهرام 2/5/2001) أى أنّ العرب أنفسهم يُخطئون فى لغتهم . أما طه حسين (المُدافع عن اللغة العربية) فقد انتقد نحوها وصرفها. ورأى أنه إنْ لم تتطور فسوف تموت. وهى فى مصر- إنْ لم تكن أجنبية- (فهى قريبة من الأجنبية)) (مستقبل الثقافة فى مصر- دار الكاتب اللبنانى- عام 73- من ص246- 311) هذه الحقيقة التى كتب عنها كثيرون تنفى ما حاول عبدالقادر أنْ يؤسس عليه أسباب استخدام عوض للغة (كئيبة. جهمة. رثة) وهى صفات لا علاقة لها بعلم اللغويات ، لمجرد أنّ عوض لم يتعلمها منذ طفولته.
ولماذا التشكيك فى وطنية عوض ؟ فإذا كانت (الأوراق) التى جمعتها له جامعة لوس أنجلوس ((أغلبها تقارير جواسيس.. إلخ وبعض الكتب كتبها صهاينة ومستشرقون)) فنحن إزاء كاتب مأجور جنـّـدته الجامعة المذكورة لتشويه صورة الأفغانى ، ولسنا إزاء مفكر بحث واجتهد وله حق الاجتهاد أصاب أم أخطأ. إنّ عوض اعتمد على كم هائل من المراجع التى تجاهلها عبدالقادر، مثل ما كتبه سليم العنحورى (صديق الأفغانى) و(ويلفريد بلنت صديق عرابى) فهل كلهم صهاينة وجواسيس ؟ بخلاف كتابات محمد عبده ورشيد رضا والأفغانى نفسه.
لقد ساوى عبدالقادر بين الصهاينة والمستشرقين باستخدامه واو العطف بين الكلمتيْن . وإذا كانت الصهيونية مدانة فما علاقة ذلك بالاستشراق الذى بفضله عرف العرب تاريخهم؟
ذكر عوض فى مذكراته (أوراق العمر) أنه عندما كتب عن الجنرال يعقوب استفاد مما كتبه محمد شفيق غربال عنه ف ((جرّ ذلك علىّ الكوارث لأنه فتح دمل التعصب الدينى . ونقادى لا يستطيعون إدعاء الجهل لأنى أصلتُ لهم كل شىء عن الجنرال يعقوب فى شفيق غربال ، فلماذا تعمّدوا تمزيقى؟)) (ص597، 598) دخل عبدالقادر الحلبة مع الأصوليين فى الهجوم على عوض ، واعتمد على (جهد) غيره أيضًا (د. أحمد حسين الصاوى) لم يفعل عبد القادر غير أنه نقل فقرة كاملة عن دراسة الصاوى ووصفها بأنها دراسة ممتازة. أما (جهده) الخاص فهو ((يكفى يعقوب أنْ يكون قبطيًا. وأنْ يُشكل فيلقــًا قبطيًا يعمل فى خدمة الغزاة الفرنسيين على قهر قومه)) والنتيجة أنّ الجنرال يعقوب خائن لوطنه. أما السبب ((فيكفى يعقوب أنْ يكون قبطيًا)) فإذا اعتمدنا على علم اللغويات فإنّ كلمة قبطى = مصرى أى أن الدلالة قومية. وإذا أخذنا المعنى الشائع فى الثقافة السائدة التى تـُكرّس للجهل فإنّ كلمة قبطى = مسيحى أى أنّ الدلالة دينية. فإذا كان عبدالقادر يعرف المعنى اللغوى فالنتيجة أنّ كل مصرى خائن لوطنه بالضرورة. وإذا كان يقصد المعنى الشائع فالنتيجة أنّ كل مسيحى خائن لوطنه بالضرورة. فهل كل المصريين خونة وفقــًا للمعنى القومى؟ وهل كل المسيحيين خونة وفقــًا للمعنى الشائع؟ وإذا كانت الإجابة بالنفى فى الحالتيْن ، فهل تلغى الأصولية الإسلامية العقل إلى هذا الحد ؟
وعندما أراد عبدالقادر أنْ (ينقد) كتاب عوض (بلوتولاند) اعتمد على (جهد) غيره. وللمرة الثالثة يتعمّد أنْ يكون من خصوم عوض ، فاختار أ. محمود شاكر. كتب عوض ((كان العقيد القذافى وبنت الشاطىء وأ. محمود شاكر يُعيّروننى باسمى. فهم يحسبون أنّ كل من سُمى (لويس) فى مصر إنما سُمى كذلك تمجيدًا للويس التاسع ملك فرنسا أسير دار ابن لقمان فى المنصورة أيام الحروب الصليبية. وقد عرفتُ من أبى ما يُخيب توقعات هؤلاء المُتعصبين ، عرفتُ أنه سمانى لويس لفرط إعجابه بالعالم لويس باستير مكتشف الميكروبات)) (أوراق العمر- ص 73)
وإذا كان عبدالقادر اختار د. عماره كواحد من خصوم عوض ، وإذا كان د. عماره أعلن أنّ ((على الأقلية المسيحية أنْ تخضع لمشروع الأغلبية المسلمة أى مشروع الدولة الإسلامية)) (نقلا عن رفعت السعيد- الأهالى 6/7/94) فلماذا وقف أ. فاروق عبدالقادرعلى نفس أرضية عماره ؟
تبقى ملحوظة أخيرة أضعها أمام القارىء : كتب لويس عوض دراسته عن الأفغانى فى 255 صفحة من القطع الكبير. فهل (النقد) يكون فى صفحة ونصف ؟ كما فعل فاروق عبدالقادر؟ وهل يكون السبب أنّ هذا بالكاد الحجم الذى يستحقه لويس عوض بمراعاة أنّ كل كتاباته من الرماد الذى تذروه الرياح ولن يبقى منه شىء وفق تصنيف أ. عبدالقادر فى كتابه المعنون (أوراق أخرى من الرماد والجمر)؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على الأستاذة ساره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (8) صلاح عبد الصبور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (7) أحمد بهاء الدين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (6) نعمان عاشور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (5) د. محمد عماره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (4) محمد سيد أحمد
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (3) نجيب محفوظ
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (2) د. مصطفى محمود
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (1) د. حسن حنفى
- المؤسسة الإعلامية والأصولية الدينية
- وزارة الشئون الاجتماعية والأصولية الإسلامية
- المؤسسة التعليمية والأصولية الإسلامية
- مؤسسة الأوقاف
- نماذج من مؤسسات دولة البكباشية الدينية
- الضحية والجلاد : علاقة مُلتبسة
- تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)
- تابع مرحلة ما بعد يوليو 1952 (2)
- مرحلة ما بعد يوليو 1952
- الثقافة السائدة قبل يوليو 1952
- الوطن درع المواطنة


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر