|
تجذير [الناشئة ] في هويتها العربية الإسلامية بتونس؟ ! .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 23:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي يوم 7جانفي 2014 ، على الدستور بصيغته الجديدة التي ينص فصلها 38 على تجذير الهوية العربية الإسلامية في تونس ، ويبدوا أن أطرافا فاعلة أضافت عبارة ( التجذير ) و التى اقترحها السيد [عبد اللطيف عبيد ]وزير التربية السابق والنائب عن حزب "التكتل" العلماني، مع إهمال كلي لمكونات المجتمع التونسي خاصة [ المكون الأمازيغي ] الذي يُهان في عقر داره ، وهو ما دعا المعارض التونسي [عياض بن عاشور] المختص بالقانون الدستوري التصريح بكارثية هذه المادة لأنها ستجعل تونس [متخلفة] و[منغلقة ]، [رافضة للتقدم والإنفتاح ] على الحضارات ، فيوم المصادقة على الدستور بفصله 38 بالنسبة إليه هو يوم كارثي أسود .
°°°معنى التجذير :
التعميق والتثبيت ،أي جذَّر العربُ حضورهم الهوياتي بالإستيطان ماضيا ، وسيزيدونه تأصيلا وتعميقا ورسوخا في نفوس الناشئة ( الأجيال الجديدة ) عبر ترسانة من المناهج الدراسية المحكمة التأليف ، والتي ستجعل من أبنائنا عربا أكثر من عرب قريش في لسانهم وتفكيرهم وأساليب عيشهم وتدينهم ، أو ليكونوا نسخا مستنسخة منهم .
معنى الهوية :
الإجابة عن مفهوم الهوية يأتي من الإجابة عن سؤال مفصلي هو : من نحن ؟ هل نحن عرب أقحاح ؟ ، أم أمازيغ ؟، هل نحن بهوية الأرض التي نعيش عليها ؟، أم بهوية اللغة الرسمية ؟ ، أم بهوية اللسان الدارج الذي نتفاهم به مع أمثالنا من مطماطة إلى سوسة وغار ديماو ؟ وإلى كل بلدان الشمال الإفريقي ، أم بهوية المعتقد الذي نؤمن به ؟ هل الفرد والمجتمع والأمة التونسية متطابقة بالكلية مع المجتمع السعودي الذي يمثل عمق العرب والعروبة ؟ فترسيخ [الهوية العربية الإسلامية] معناه ترسيخ قيم العروبة البدوية بتصوراتها وتمثلاتها عبر تاريخ العرب الجاهلي والإسلامي من [تأبط شرا ] إلى [ الشنفرى ] مرورا بأبي لهب ، وصولا إلى رجالات الإسلام من المؤمنين الصادقين وحتى المنافقين منهم ، فهؤلاء هم من نقتدي بهم ونحرص أن نكون مثلهم في المسكن والملبس والمأكل والمشرب و طرائق التعامل ، ومحاربة التنوع و التأثر بالغير .
لتونس [ هويتها الخاصة] هي [ تونس التونسية] .
لو قارننا حال المجتمع التونسي بحال مجتمعات شبه جزيرة العرب لوجدنا فروقا واضحة في معالم الهوية ، فالتونسي أكثر انفتاحا على عوالم ثقافية متنوعة بحكم موقعه الممتار بين ظفتي المتوسط ، فهو بهوية متوسطية إفريقية ، فلباسه ولسانه وعاداته ضاربة في عمق ما قبل التاريخ ، متأثرة بعوالم ثقافية تبعا لتأثير المهيمنين عليها، وقد يكون الزعيم ( بورقيبة ) صائبا عندما صفق بحرارة تأييدا لقول ( بول بالطا PAUL BALTA) في صحيفة ( المغرب الكبير ) بالفرنسية والذي قال : [..إن الرباط والجزائر وتونس وطرابلس أقرب إلى لشبونة ومدريد وباريس وروما من دمشق والرياض وبغداد ].
°°° تونس منذ تأسيس القيروان (تيكروان ) لم تكن خالصة للعرب ، فالعرب الوافدون تراجع كثيرهم نحو المشرق بعد صراع دموي مع الأمازيغ الذين أكتشفوا نفاق السياسة ، فهم أرادوا الإسلام دون العرب ، لهذا قاوموا الغطرسة العربية في ثورات تلو الثورات خاصة بعد انتتشار فكر الخوارج بينهم . فالعرب المهيمنون نسبيا لسانيا هم عرب (الهجرة الهلالية) خلال منتصف القرن الخامس للهجرة والذين وصفهم ابن خلدون بأوصاف (مشينة ) لأنهم أدخلوا بلاد المغرب في عصر الظلامية ، وقد تمكن الموحدون من كبح جماحهم ودحرهم وكسر شوكتهم في سطيف ، وساق كثيرهم لجهة المغرب الأقصى واستعانوا بهم في حرويهم ضد المسيحيين الأسبان في الأندلس . وقد وُفق المناضل الروائي اليساري ( علي الحمامي ) في تبيان هوية المغارب في عمومهم في روايته (ادريس )[1] وفيها رأى أن لا وجود لأمة إسلامية ، وإنما توجد أمم إسلامية منها الأمة المغربية ( المغاربية ) التي تملك تاريخا خاصا بها ،على المدارس أن تمكن له في أذهان التلاميذ دفعا لكل عملية إلحاق سياسي ، وقد كان ضد سياسة الإلحاق للمشرق بلونيه [ العربي والإسلامي ] كما حارب الأفكار القائلة بأصولنا المشرقية أو الغربية على حد سواء . وهذا فطحل وطني تونسي مغاربي آخر هو [ محمود الماطري] مؤسس الحزب الدستوري التونسي يقول : " رأيت بدوية جسيمة بيدها حجر تهم بغرزه في الأرض لنصب خيمة المخيم الصغير ، لقد رمزت بالنسبة إلي إلى[ تونس الخالدة ]، تونس حنبعل والكاهنة والأغالبة والزيريين والحفصيين ، إلى تونس التي [ ليست رومانية ] ولا بيزنطية [ولا عربية ] و[لا اسبانية ] و[لا فرنسية] وإنما [ تونس التونسية] "
°°°يُفترض أن يكون العرب جزء من النسيج البشري المغاربي وليس كله ، وحرص أنظمتنا الحاكمة إلى تعريبنا قسرا بواسطة [فرامانات] تخلق أمة هجينة هواياتيا تتبع الشرق بقوة السياسة ، أو الغرب بقوة الهيمنة والتفوق أمر مدعاة للمراجعة .
°°°تجذير الهوية العربية الإسلامية مفسدة .
حرص الطبقة السياسية المهيمنة مغاربيا في تجذير الهوية العربية الإسلامية له في تقديري ثلاثة من المعاني :
المعنى الأول : شعور وخوف من إنهيار قلاع العروبة في مغربنا الكبير ، بعد تنامي الحس الوطني والشعور بأن المغارب ليسوا هم المشارق ، والوافدون هم المطالبون بالذوبان في المجتماعات المغاربية المستقبلة وليس العكس .
المعنى الثاني :
التنكر لظاهرة التنوع البشري ، والحق في الإختلاف ، وطمس حقوق الآخر المخالف تنكرا لنواميس الخلق وأوامر الرحمن القائل : [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ][الحجرات : 13]، فهو قد قال أكرمكم عند الله أتقاكم ، وليس أتقاكم هو أعربكم ؟
المعنى الثالث :
تأجيج الفتنة بين مكونات الشعب الواحد ، فالتطرف غالبا ما يجابه بتطرف أشد ، فالتيار العروبي الحريص على تكريس منطق العروبة بقوة القانون ، سيجابه بتمردات و عصيان ، وسيشعر التيار المعارض بالظيم الهوياتي، والتنكر لحق الناس في التنوع والإختلاف ، وهو ما يزبد من حدة الشقاق .
استخلاص : إن ما تفعله الطبقة السياسية المهيمنة في تونس يكرس مبدأ [الشمولية الهواياتية] في ظل وجود دولة دكتاتورية لا تحترم حقوق التنوع والإختلاف التي صاغتها قوانين الأمم المتحدة ، وتؤكد وجود طغمة عروبية نافذة (( تستخدم الإسلام ) لتمرير أجندتها القومية ،وهي بسلوكها متشايهة مع الطابع الإستدماري في سياساته الطامسة لهويات الشعوب المستعمرة ، فهل الهوية العربية الإسلامية هي وجه من وجوه [الرومنة ؟] و[التتريك ؟] و[الفرنسة ؟ ] في بلدان المغرب الكبير ذات الأصول الأمازيغية . -------------------------------------------- [1] أنظر رواية على الحمامي ( ادريس ، شمال افريقية ) تعريب محمد الناصر النفزاوي، رابط التحميل :http://www.4shared.com/get/CBos_qIi/______.html
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب أصلهم أعراب ، والأمازيغ أمة بجميع مقوماتها .
-
مخطوطات مكتبة الشيخ [ الموهوب أولحبيب ] بتلا وزرار ، بني ورث
...
-
الإخوان في طريقهم إلى إجهاض ثورة 25 يناير .
-
الحضارة الإسلامية ... سكونٌ أم إقلاع ٌ ؟
-
الفيلم المسيء للرسول ، أهو صراع بين (الطورو ، والطوريرو) ؟ .
-
علمية الباحث الإسلامي في الميزان .
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ الجزء الثاني ]
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ ج1]
-
عندما يكون البلهً هم أكثر أهل الجنة ؟
-
[بابا مرزوق ] المدفع الذي أكل كبد فرنسا .
-
لبلويت ( الزرق )BLOITE
-
لماذا أنا مؤيد عرض مسلسل عمر الفاروق ؟
-
عملية الطائر الأزرق .( Opération oiseau bleu )
-
أهو مغرب عربي ...؟ أم مغرب كبير .
-
البردُ قاتلُنا ، وحولَنا حقول الغاز تفورُ .
-
حديث(الأئمة من قريش) الذي مزق أمة الإسلام .
-
تمجيد الإرهاب العُقبي (عقبة بن نافع الفهري)
-
انتشار الإسلام بين الجبر والإختيار .
-
هل سيحكم الإسلاميون الجزائر ...؟ .
-
عثمان سعدي ورأس السنة الأمازيغية .
المزيد.....
-
هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي
...
-
خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف
...
-
خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
-
الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
-
قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
-
بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
-
خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
-
أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر
...
-
وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس
...
-
قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|