أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد بودهان - -عريضة المطالبة بالاستقلال- تكرّس إقصاء الأمازيغية














المزيد.....

-عريضة المطالبة بالاستقلال- تكرّس إقصاء الأمازيغية


محمد بودهان

الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 12:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ستحل يوم 11 يناير 2014 الذكرى السبعون لما يسمى في تاريخ المغرب "عريضة المطالبة بالاستقلال". فما علاقة هذه العريضة، الصادرة في التاريخ المذكور، والتي تحتل مكانة خاصة في تاريخ المغرب المعاصر، ويخصص لها حيز كبير في المقررات المدرسية، وتعتبر عيدا وطنيا يحتفل به الشعب المغربي كل سنة، (ما علاقتها) بالأمازيغية؟ أليست هذه الوثيقة، في ما يخص الموقف من الأمازيغية، امتدادا لأسطورة "الظهير البربري" وتزكية لمحتواها الأمازيغوفوبي؟ وبالتالي، ألا تحمل هذه العريضة مضمونا أمازيغوفوبيا فيه تكريس لإقصاء وإلغاء للأمازيغية؟
إذا علمنا أن محرري العريضة يشكلون امتدادا واستمرارا، على مستوى الأشخاص والأفكار والمواقف والقناعات، لصانعي أسطورة "الظهير البربري"، يسهل علينا أن نجزم، وحتى قبل أن نقرأ العريضة، أن هذه الوثيقة لا تختلف، من حيث مضمونها الأمازيغوفوبي، عن الظهير/الأسطورة. لكن لنقرأ الوثيقة ولنتأمل بعض ما جاء فيها، والذي له علاقة بموضوعنا:
تبتدئ الوثيقة هكذا: «الحمد لله. إن حزب الاستقلال الذي يضم أعضاء الحزب الوطني السابق وشخصيات أخرى، حيث إن الدولة المغربية تمتعت دائما باستقلالها وسيادتها الوطنية، وحافظت على استقلالها ثلاثة عشر قرنا إلى أن فرض عليها نظام الحماية في ظروف خاصة».
واضح أن الثلاثة عشر قرنا المعنية هنا هي الثلاثة عشر قرنا من الحضور العربي الإسلامي. النتيجة إذن:
1ـ أن مغرب ما قبل هذه الثلاثة عشر قرنا قد أُقصي ولم يُعترف به، وهو المغرب الأمازيغي؛
2 ـ أن المغرب الذي ظل دائما أمازيغيا في هويته حتى بعد دخول الإسلام وانتشار العربية، سيصبح بلدا عربيا إسلاميا في هويته رغم أنف التاريخ والواقع. وهكذا تصبح الأمازيغية، بكل حمولتها الهوياتية واللغوية والثقافية والتاريخية، مقصاة ومغيّبة كشيء لا يوجد ولم يوجد.
وتختتم العريضة مطالبها هكذا: «يلتمس (الحزب) من جلالته أن يشمل برعايته حركة الإصلاح التي يتوافر عليها المغرب من داخله، ويكيل لنظره السديد إحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية بالشرق». وهذا يعني:
1 ـ تأكيد، مرة أخرى، أن المغرب بلد عربي ، لهذا يجب أن يكون نظامه السياسي شبيها بالأنظمة العربية بالمشرق.
2 ـ توجيه المغرب توجيها شرقانيا عروبيا، وترسيخ التبعية الذهنية والإيديولوجية للمشرق، هذه التبعية التي لا زالت توجه التفكير والسياسة والثقافة والتعليم، وتؤطر الأحزاب والذهنيات بالمغرب بعد الاستقلال.
3 ـ الدعوة ـ وهذا هو الأخطر ـ إلى تقليد أنظمة الحكم الاستبدادية والديكتاتورية التي عرف بها المشرق العربي، كنماذج يحتذي به نظام الحكم بالمغرب، ليبقى، مثل تلك النماذج التي تدعو الوثيقة إلى محاكاتها والتشبه بها، بلدا تغيب عنه الديموقراطية، ويحضر فيه الاستبداد، وينتشر به الفساد...
هذا التوجه الشرقاني يعني، طبعا، توجها مضادا لكل ما هو أمازيغي، لكل ما هو مغربي أصيل. وهو التوجه الذي سار عليه المغرب بعد الاستقلال، والذي كرسته مختلف الدساتير، بما فيها دستور 2011 الذي ينص على «تعمی-;-ق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية …».
هكذا تلتقي إذن هذه الوثيقة بأسطورة "الظهير البربري" في محاربة الأمازيغية وإقصائها.
ومن جهة ثانية، تثير وثيقة المطالبة بالاستقلال نقط استفهام كثيرة:
1 ـ المطالبة بالاستقلال في 1944، أي بعد 32 سنة على فرض الحماية، يدل على أن محرري الوثيقة لم يكونوا يفكرون في الاستقلال ولا في المطالبة به قبل هذا التاريخ.
2 ـ مجموعة من الموقّعين على العريضة كانوا يتمتعون بـ"حماية" دول أجنبية، مع ما كانت تعنيه هذه "الحماية" في ذلك الوقت، حيث كان يعتبر الشخص المحمي كواحد من رعايا الدولة الحامية، تدافع عنه وتحمي حقوقه ضد الدولة التي ينتمي إليها في الأصل: فكيف يطالب باستقلال المغرب عن فرنسا من كانوا يتصرفون كخونة وكأجانب عن هذا المغرب؟!
3 ـ إن المطالبة بالاستقلال لم تبدأ إذن إلا من هذا التاريخ (11 يناير 1944)، الشيء الذي يغيّب الأمازيغيين وكل المغاربة الذين قاوموا الاستعمار منذ أن دخلت الجيوش الأجنبية الأولى أرض الوطن، وضحوا بأرواحهم من أجل استقلال المغرب وسيادته.
فكيف يصبح يوم 11 يناير، الذي وُقعت فيه مجرد ورقة سموها "المطالبة بالاستقلال"، عيدا وطنيا، ولا يحتفل بمعارك حقيقية ـ وليست ورقية ـ شهيرة من أجل الاستقلال، انتصر فيها المغاربة على المستعمر، مثل معارك "لهري" و"أنوال" و"بوكافر"؟ هذا تحويل Détournement وسرقة للتاريخ، وسطو وافتراء عليه. وهو نفس التحويل والسرقة والسطو والافتراء الذي سبق أن مارسه صانعو أسطورة "الظهير البربري" التي طردت من التاريخ صانعيه الحقيقيين، وأدخلت إليه من كان يُحكم عليه إغلاق الأبواب ليقرأ "اللطيف"، كما هو معروف.
هذا التحويل والسرقة والتزوير للتاريخ، مع ما ينطوي عليه من عداء مستحكم لكل ما هو أمازيغي، هو الذي يجعل البعض، مثل السيد المقرئ أبوزيد الإدريسي، يتحدث عن الأمازيغيين، وفي القرن الواحد والعشرين، " كـ"عرق معين" معروف ببخل شديد!. مع أن خطأ الأمازيغيين هو كرمهم الزائد، الذي جعل الأجداد المفترضين للسيد المقرئ أبوزيد يهربون من عروبتهم بالمشرق ويلجؤون إلى الأمازيغيين بشمال إفريقيا طلبا لحمايتهم وطمعا في جودهم وكرمهم.
عندما نتأمل هذه الحقائق والمعطيات، لا يمكن إلا أن نفكر في كتابة عريضة جديدة للمطالبة باستقلال المغرب، لكن ليس عن فرنسا، بل عن إرث "الحركة الوطنية" وفكرها الشرقاني وثقافتها السياسية الأمازيغوفوبية.



#محمد_بودهان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقرئ الإدريسي أبوزيد أو -الأمازيغوفوبيا- بلا حدود
- الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد
- عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها
- فرنسا تواصل سياسة التعريب التي بدأتها منذ احتلالها للجزائر و ...
- الدارجة و-لاتاريخانية- الأستاذ العروي
- الحاجة إلى ثورة «كوبرنيكية» مغربية
- متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة وطنية؟
- العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني
- رِفْقا باللغة العربية أيها التعريبيون، رجاءً لا تقتلوها بتعر ...
- المجانية والتعريب أو ألة تدمير التعليم العمومي بالمغرب
- خطْب (بتسكين الطاء) الجمعة
- وما هو الحلّ لإصلاح التعليم بالمغرب؟
- لماذا وصف مصري مساند ل-لإخوان- المغربَ ب-ملجأ اللقطاء-؟
- عندما يكون الغلو في الانتماء إلى العروبة دليلا على الانتماء ...
- لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟
- لماذا لم ينتشر الإسلام بأوروبا مثلما انتشر ببلدان أسيا؟
- من المفهوم العامّي للهوية المتعددة إلى المفهوم العلمي للهوية ...
- اللغة العربية أو -المعشوقة- التي لا يرغب أي من عشاقها في الز ...
- وما ذا بعد إقرار اللغة الأمازيغية في -ويندوز 8-؟
- التعريب والهوية بالمغرب


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد بودهان - -عريضة المطالبة بالاستقلال- تكرّس إقصاء الأمازيغية