أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - تأملات نقدية في قصائد سامح يوسف














المزيد.....

تأملات نقدية في قصائد سامح يوسف


عمر عتيق
أستاذ جامعي

(Omar Ateeq)


الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 03:53
المحور: الادب والفن
    


يثير الشاعر في قصيدة ( أنا ما اخترت ) ثنائية التخيير والتسيير ، وتختزل القصيدة برمتها قضية وجودية وهي أن الإنسان مسير وليس مخيرا . ويعرض في حنايا هذه الإشكالية لوحتين متناقضتين تشكلان الفجوة العميقة بين الخير والشر والحق والباطل . وتتضمن كل لوحة منهما نقدا اجتماعيا وسياسيا وموقفا أخلاقيا ... ففي اللوحة الأولى يرسم لوحة سوداوية مثقلة بمظاهر الفساد وانهيار منظومة القيم وانحراف بوصلة الإنسانية نحو مرافئ العدل والحرية والكرامة ، فيربط الأوسمة بالأقزام ، والكتب بالنيران ، والذاكرة بالنسيان وفي هذا الربط يكمن سخط الشاعر على مظاهر الفساد التي تتجلى في تكريم الأقزام وتهميش العظماء والعمالقة ، ويتجلى أيضا احتراق كلمة الحق وتوهج كلمة الباطل ، ويستدعي لهذه الصورة السوداوية المشهد الكارثي حينما حرق نيرون روما ... ونيرون في القصيدة ما زال حيا يعيث فسادا في غير دولة ، فهو رمز لدلالة حقيقية .
وفي اللوحة الثانية تتجلى مظاهر الخير والمحبة والأصالة ؛ فيربط اللسان بالصدق و الأجداد بالأصالة ، ويستدعي مظاهر الطبيعة لتشاركه مشاعره وفرحه بتجليات الفطرة الإنسانية وقدسية القيم والمثل العليا ، فتبدو الطبيعة في هذه اللوحة قمحا بلون الجلد ، وعشبا لسحر العين ، واللجوء إلى الطبيعة سمة الشعر الرومانسي كما هو معلوم . ثم يختم القصيدة برؤية فلسفية افتراضية وهي العودة بعد الموت التي تتيح للإنسان أن يختار مفردات حياته وتفاصيل وجوده ، وما دام الأمر افتراضيا فالشاعر يؤكد أن سيختار الأم التي ترمز للوطن واللغة الرامزة دائما للهوية ، والقرآن عقيدة ، وفي هذا الاختيار تكمن رغبة الشاعر التي تشكل عصب ثقافته الحاضرة والتي تتعرض لمحاولات الطمس والتغييب انها ثقافة الوطن والهوية والعقيدة
وفي قصيدة ( تمثال الحرية ) المنتصب في مدينة نيويورك يعمد الشاعر إلى تعرية دعاة الحرية والسلام من مزاعمهم ، وكأن تمثال الحرية في بلادهم شاهد على التناقض بين دلالته لدلالة سياستهم . فهو تمثال حجري يجسد قسوة مدعي حاملي شعلة السلام . ويجسد هذا المشهد في القصيدة ازدواجية المعايير التي تتحكم في السياسة الأمريكية والتي تفضي دائما إلى الانتصار للظالم وخذلان المظلوم .وللافت في هذه القصيدة وبخاصة في نهايتها أن الشاعر يناظر بل يربط بين مأساة الهنود الحمر الشعب الأصيل في أمريكيا الذي قضى عليه المستوطنون البيض الذي يحكمون أمريكيا ، ومآسي الزنوج الذي عانوا دهرا من التفرقة العنصرية ، وضحايا مجزرة جنين ، والسياسة الدموية في قندهار ، وإبادة العائلة الفلسطينية على شواطئ غزة . وكأن خاتمة القصيدة رسالة مكثفة تفيد بأن فاقد الشيء لا يُعطيه .
وفي قصيدة زيتونة جدي أسعد يتخذ الشاعر من الزيتونة معادلا موضوعيا محببا للشعراء حينما يعبرون عن جذورنا التاريخية وارتباطنا بالوطن وتمسكنا بالأرض ، فقد أضحت الزيتونة رمزا وطنيا يختزل قضية الانسان بالأرض . ومن أبرز التقنيات الإيقاعية في هذه القصيدة أن بدايتها جاءت بإيقاع عال لافت وبخاصة في المواضع التي جسدت ايقاع التجانس اللفظي والتكرار ، لكني شعرتُ أن الإيقاع في نهاية القصيدة قد فترت حرارته ، ولعل السبب في ذلك أن القصيدة عادة تبدأ بدفقة شعورية حارة وأن مساحة القصيدة تمتص جزءا من حرارتها . اعود إلى رمز الزيتونة التي استل منها رمزا آخر حينما جعل ظلالها إطارا مكانيا لعمر بن الخطاب وجعل زيتها يضيء عيون الليل ِوالازهارُ في الفجر ِ
والآفاقُ والصّيادُ في البحر. وتنتهي القصيدة بتشخيص الزيتونة الرمز تشخيصا مؤلما في قوله :
رأيتُها
بالأمس ِ
مغمغمة العينين ِ
مبتورة الكفَّين ِوالقدمين
وأميل إلى تسمية قصيدة القدس بـ بكائية القدس ... أنا لا أميل إلى أن تتحول القصيدة إلى دموع على وجنات الحلم بل أميل إلى أن تكون القصيدة بلسما لجراح وقبسا يضيء عتمة الحاضر ... ليت أخي الشاعر سامح وظف التاريخ كي يكون عزما وعنفوانا لنا في انتظارنا لصهيل النصر في القدس ... ليتني سمعت صوت يبوس وكنعان في القصيدة .



#عمر_عتيق (هاشتاغ)       Omar_Ateeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة ( ولم لا ؟ ) بقلم : ضحى عمر عتيق
- قراءة في قصائد للشاعر عصام الديك
- وهج الحقيقة في كتاب ( هواجس أسير ) للكاتب الأسير كفاح طافش
- لمسات فنية في قصائد للشاعر جميل رفيق
- التعالق بين العنوان والقصيدة في ديوان ( دموع الحبق ) للشاعرة ...
- الترجمة والعولمة في سياق التواصل الثقافي
- ومضات نقدية في إبداع غسان كنفاني
- لمسات فنية في مجموعة ( فراشة الحواس ) للأديبة آمال غزال
- تقنيات أسلوبية في قصيدة (بيان الطفل الفلسطيني الثائر ) للشاع ...
- عرش النار
- مسرحية عودة الحارث للأديبة انتصار عباس


المزيد.....




- الأدب الروسي يحضر بمعرض الكتاب في تونس
- الفنانة يسرا: فرحانة إني عملت -شقو- ودوري مليان شر (فيديو)
- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - تأملات نقدية في قصائد سامح يوسف