أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - اللغغة العربية .. وبعض الأنين














المزيد.....

اللغغة العربية .. وبعض الأنين


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


قديما ومنذ أوائل عصر النهضة المصرية كان أحد الأدباء الفرنسيين "جان جاك أمبير" يزور القطر المصري ، وفي زيارته لمدرسة الألسن ، سأل أحد التلاميذ :" هل تعتقد أنه من الجُرم أن نطلب من أحشاء الأرض أن تخبرنا عن محتوياتها ؟ " وكانوا بصدد قراءة فقرة من كتاب "لجان جاك روسو".
وبعد صمت طويل من التلميذ رد قائلا : استعارة مكنية ، وتغافل الطالب تماما عن القضية التي يثيرها السؤال ، وقف الرجل طويلا أمام هذا الرد الذي يكشف عن فجوة عميقة لدي الطلبة العرب بين ما يقرءونه لغة وتراكيبها وتغافل التفكير في محتواها الفكري.
أستشهد بهذه الواقعة لأشير إلي نقطتين جوهرتين ــ فيما أرى ــ :
أولا : تتعامل الثقافة العربية مع اللغة الفصحى وكأنها قشرة سطحية ، أداة زينة ولعب ومهارات ، لا أنها الحياة التي نحيا بها ونعبر من خلالها ، نفكر بمحتواها ونتلقي منها العالم ، تتوالد أفكارنا ووجداننا من رحمها ، حتى المجاز في اللغة يظل في جوهره توسَّع في إدراك العالم علي غير النحو المعتاد ، وطريقة أخرى لخلق واقع أكثر التصاقا بإرادة الإنسان وإدراكه وفهمه .
المجاز في الثقافة العربية الموروثة ــ بعد قرون الضعف والظلام ــ توارث هذه النظرة السطحية ، وأصبحت مكبلات اللغة تُطلب لذاتها ، وكأنها أداة من أدوات المهارة والحذلقة ، التي يتعمد فيها الشاعر أو العيار والراوي في القصيدة و المقامة أن يثبت فيها بهلوانيته الاستعراضية المجوفة ، الخالية من الفكر في الغالب ، وحذقه اللغوي الذي يشبه الأحاجي والفوازير المفرغة من المحتوى المعرفي والفكري ، وهو ما أورث هذه النظرة القشرية للغة ، والتي لم يبدأ في معالجة آثارها إلا منذ بداية القرن التاسع عشر .
ثانيا : تعاني اللغة العربية الفصحى من إزدواجية خطيرة ، نتحدث باللهجة العامية وحين نكتب نتحول إلى الفصحى ، تلك الإزداجيه أورثتها الغربة ، وحولتها عند البعض إلي لغة مؤسسية رسمية ، لا لغة تفكير وإبداع ، وتعبير عن الوجدان بطريقة مباشرة ، هناك مسافة ما ، وإن بدت غير محسوسة ، لكنها موجودة ، ولها بلا شك أثرا في الكتابة وحيوية اللغة . نحن نتلقي العالم ونرسله ــ في شئوننا اليومية ــ بمفردات تحمل كل حيويتنا ودماءنا الجارية تفكيرا وحياة ، وحين نريد أن نكتب أفكارنا أو نبدع أدبنا نحوله للفصحي ، تلك الإزدواجية تحول الأمومة في اللغة من الفصحى إلي اللهجة العامية.
و تظل اللغة التي تحيا وتبقي هي لغة العلم والإبداع والتفكير ، وتتحول اللغة إلي لغة تاريخية تنتابها التحولات ، وربما التغيير الكلي حين تبقى طويلا تحت وطأة هذه الإزدواجية ، بالإضافة إلي طغيان اللغات الأجنبية في مدارسنا وتعاملنا اليومي ، وأتصور أن تلافي هذه الظاهرة الخطيرة يكمن في :
تقريب المسافات بين الفصحى والعامية ، بإحياء الفصحي العذبة غير المقعرة ، البعد عن المفردات الوحشية والمهجورة التي تنفر الطالب من العربية ، الحرص علي إعداد أم متعلمة ، تدرك أن اللغة هوية ، وأن الفصحي طريقة وجود وتفكير ، العناية ببرامج الكرتون الذي يبدأ الطفل العربي في مشاهدتها ، وينبغي أن نحرص أن تكون بفصحى مبسطة حين تكون من إنتاجنا ، أو أن تدبلج بالفصحي لو أنها من اللغات الأخرى ، اختيار لغة الأغنية التي يتلقاها الطفل بمفردات عربية تشبه اللغة الثالثة التي استخدمها وتحدث عنها الأديب الكبير: "توفيق الحكيم" ، وأطلق عليها لغة الصحافة ، أو التي تخيرها "نجيب محفوظ" لإبداعاته ، لغة لا تتنازل عن الفصحي ، لكن تتخير وتنتقي الأقرب إلي وجدان المصريين مما يستخدمونه من ألفاظ مبسطة.
تتقارب المسافات بين العامية والفصحي حين نرتقي بعاميتنا تدريجيا لتصل إلي فصحانا المرنة ، التي نملكها نحن ، ونملك تطويرها ، وتبسيط قواعدها وأساليب تعلمها ، وقدرتنا على إدخال الألفاظ الجديدة المعجمية بها ، أو تعريبها دون تعنت من الجهات المعنية بهذا الشأن ، سواء كان مجمع اللغة العربية ، أو أعلام اللغة وحُفاظ كيانها المتماسك المتطور .



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشظي الحبكة في الرواية المعاصرة - سيرتها الأولي - نموذجا للر ...
- اللغة العربية .. وبعض الأنين
- الذوات الافتراضية والبنية في رواية ما بعد الحداثة للروائي -م ...
- كأنها الحياة .. أو هو الموت ..؟ قصة قصيرة
- الفن مهر الحياة الحقيقية
- المشهد الشعري في ديوان - كأنني أريد - لغادة نبيل
- خضروات نصف مطهية قصيدة نثر
- خضروات نصف مطهوة قصيدة نثرية
- -المفتون- لفؤاد قنديل بين السيرة الذاتية والرواية
- -خضروات نصف مطهوة- قصيدة نثرية
- حرية الإبداع في -أين الله-
- بين شيوخ الإبداع الروائي وشبابه
- -سلمان والببغاء - قصيدة نثر
- حكومة بلا خيال
- مقعد لا يمتلئ .. -قصيدة نثر-
- يبقي لنا من -ابن خلدون- فعل المجاوزة ..
- الغربة والنفط وتقنية المتوازيات في نص -العُرس- للروائي -فتحي ...
- قراءة لكتاب - الرؤية والعبارة مدخل لفهم الشعر - للشاعر عبد ا ...
- المريد المتصوف ينشد قصصه .. دراسة لمجموعة -عبد الحكيم قاسم- ...
- منطق التاريخ وسردية - تلك الأيام - للروائي فتحي غانم


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - اللغغة العربية .. وبعض الأنين