أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان خليل - شوربة العدس















المزيد.....

شوربة العدس


إحسان خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


ذات يوم بعيد قمت من القيلولة منزعجة جدا و مندهشة لسماعى أصوات طرق على الباب عنيفة و متلاحقة و سريعة . كنت مازلت أفرك فى عينى عندما سألت من و راء الباب , بصوت واضح و مسموع " مين اللى على الباب " . تمنيت وقتها ان تكون جارتى منتبهة لما يحدث لعلنى احتاج الى مساعدتها .
_ أنا يا حبيبتى , افتحى بسرعة
_ خير ان شاء الله حصل حاجة
_لا كله خير اتطمنى
_ أنا آسفة نسيت المفتاح فى الباب و اظاهر راحت عليا نومة .
أدخل زوجى رأسه من الباب من قبل أن اكمل فتحة و همس : " لا أنا اللى جيت بدرى لظروف حتعرفيها بعدين , المهم انك تلبسى هدوم الخروج بسرعة , و تطلعى تحضرى لنا الغدا لان فيه ضيوف طالعين دلوقتى على السلم " .
_غدا ؟ غدا ايه !! دا انا النهارده بالذات ما عنديش ريحة الغدا , و كنت ناوية اعملك الاكل قبل ما ترجع بالليل . كل اللى فى البيت , شوية شوربة عدس صغيرين يا دوبك يكفوا نفرين .
( كان زوجى فى صباح نفس اليوم قد أخبرنى انه سيظل فى الجريدة الى وقت متأخر حتى ميعاد الندوة التى يقيمها الحزب الفلانى و موضوعها "عن فلسطين و المقاومة الفلسطينية " و ستكون ضيفة الشرف مناضلة حقيقية تعمل فى المقاومة , و يتحسب الحزب لحضورها فهم يخشون أن يصيبها أى مكروه , من العدو فى الطريق ) .
__ عارفه مين اللى طالعة على السلم دلوقتى , دى المناضلة اللى كلمتك عليها الصبح .
_ ايه الاحراج ده بس يا ربى
_ _ لا احراج ولا حاجة , غيرى بس انتى هدومك بسرعة , أنا حأدخل اعمل الشاى و أحمر فى نفس الوقت شوية همبرجر , و تبقى تقدميهم انتى مع شوربة العدس .
كانا سيدة و رجلا , كانت السيدة تجلس على الكنبة الرئيسية , تبدو فى الاربعيينيات من عمرها , متوسطة الحجم اقرب الى الرشاقة منها الى السمنة , متوسطة الجمال , لكنها متأنقة فزادها هذا جمالا . أما الرجل فقد عرفته فهو الاستاذ فلان الفلانى زميل زوجى فى العمل , و كان مازال واقفا امام الكرسى المقابل للسيدة ,. عندما لمحتنى السيدة ظهر عليها الضيق و عدم الراحة , ففكرت , لعلها كانت تظن ان ترانى بخلقة و هيئة أخرى فى هذا الحى المتواضع .
مددت يدى للسلام عليها و انا ارحب بها , فمدت يدها و هى جالسة . ثم جلست انا على الكرسى الأقرب لها , أبديت سعادتى بزيارتها لنا و أخبرتها ان كل المصريين يحبون فلسطين و يحبون كل من ينتمى اليها . و ان حلم الصبا كان بالنسبة لى هو انى أكون فدائية و اساعد المقاومة الفلسطينية .
لاحظت و جومها و زاغ بصرها لمدة ثوانى , كأنها تذكرت شيئا من الماضى البعيد يؤلمها و يزعجها , وكأن هذا الشئ له جذور تضرب فى روحها من أيام الجدود . و وصلنى شعور انها لا تريد أن تسمع عن محبة أحد لفلسطين , فتعجبت بشدة , ولكنى فكرت لعلها ذكرى خاصة . فأكملت حديثى : "صدقينى أنا مش بجاملك , انا فعلا بحب فلسطين جدا لدرجة انى بحس ان حبها بيجرى فى عروقى و ان ". قاطعتنى السيدة و بصوت عالى قالت : استاذ سيد انت سبتنا و رحت فين , من فضلك انا اتأخرت وعايزه امشى حالا .
_ حاضر حاضر انا خلصت الشاى خلاص ( وضع زوجى امامنا صينية الشاى و طبق الهمبرجر , و همس لى انه وضع شوربة العدس تسخن )
عندما هممت بتقديم طبق الشوربة لها أزاحت يدى ثم ازاحت الصينية من امامها .
_لا لا أنا مش حاكل من البتاع ده خالص , انا حاكل بس من الهمبرجر اللى عمله سيد .
_ دا طعمه جميل خالص , جربى حتى تدوقيه صدقينى حيعجبك .
قبل أن استدير لاعطى الضيف الطبق الخاص به , كان هو قد أتى و وقف خلفى و طلب طبقه و امسك معلقته و ذاقه و هو مازال واقفا .
_ الله الله الله دا طعمه جميل جدا , تسلم ايدك انتى عملتيه ازاى ده .
_ اشكرك , انا فعلا بعمل العدس كويس و المرة دى كمان حبيت اجرب و ضفت له ورقة سلق واحدة علشان سمعت انه بيخليه لذيذ .
نظرت السيدة الى طبق شوربة العدس و قالت : " ايه ده هو ماله أخضر كده ليه " .
_لكى حق هو مخضر شوية لانى حطيت فيه زى ما قلت لكم , ورقة سلق واحدة .
_ لا لا حرام عليكى تقولى لمدام كده , العدس لا لونه أخضر و لا حاجة و طعمه لذيذ جدا , ممكن تدينى طبق تانى يا مدام لو سمحتى , دا طبعا لو ان فيه .
_ آه طبعا حاضر , حاجيب لك حالا , من عينية
بعد ان انتهى الضيف من احتساء طبق الشوربة الثانى , اراد الذهاب الى منزله حتى يستريح قبل ميعاد الندوة فى المساء , سألها اذا كانت تريد المغادرة معه , فأجابت بالنفى و اخبرته انها تريد ان تنتظر بعض الوقت .
عندما أرادت الرحيل طلبت من زوجى ان يركب معها و يوصلها الى خارج منطقتنا السكنية حتى لا تتعب فى البحث عن الطريق .
_ ايه ده !! اذا كنت انا ركبت جوزك معايا و وصلته لحد هنا علشان ما يقفش ينتظر مواصلات فى الشمس الحر دى .
عاد زوجى بعد بضعة دقائق و قال لى : " دى صدعت لى دماغى خالص , طول السكة تحكى لى عن جوزها اللى معذبها , و بتقول لى انها رغم كده , كل يوم قبل ما تخرج الصبح , بتحرص على ان تحضر له الفطار و تقدمه له و هو قاعد فى السرير و ما بتنساش ابدا كوباية اللبن البارده اللى بيحب يشربها على الريق . مش زى مراتك اللى انت مدلعها و سايبها نايمة بالنهار , و حتى مش عامله لك غدا
_ سيبك انت من الكلام الفارغ ده كله , لانى عايزه احكى لك حاجة , و تلاقيها هى غيرانه لسبب أو لآخر .
أنا عايزه اقول لك حاجة غريبة حسيت بيها , صحيح انت قلت لى انها مناضلة و انها من المقربين من ياسر عرفات , لكن صدقنى انا حسيت انها متضايقة من انى بحب فلسطين , فى عينيها حاجة غريبة كأنها بتكرة سيرة فلسطين و اللى بيحبوا فلسطين
_ لا لا يا شيخة حرام عليكى , دول كل اللى بيعرفوها فى الحزب بيتكلموا عليها كويس جدا و بيحترموها , تلاقيها كانت بتفكر فى حاجة تانية خالص و مش سامعة انتى بتقولى لها ايه .
فى المساء بعد ان عاد زوجى من الندوة حكى لى أن الندوة كانت ممتازة و الكل كان فرحان , و منظمين الحفل أشادوا بالضيفة كثيرا لدرجة أنها تأثرت جدا من فرحتها بحفاوتهم بها , و عندما طلبوا منها أن تصعد للمنصة و تلقى كلمة , لم تستطع أن تتكلم الا جملتين او ثلاثة و اجهشت بالبكاء و بعض الحضور بكى ايضا لبكائها . _ الحمد لله ان اليوم مر على خير و ما حصلش اى شئ سئ للضيفة , و زى ما انت قلت ان الندوة كانت ممتازة . ( فكرت فى نفسى , غريبة امال ايه الاحساس اللى كان باين فى عينيها ده ؟ !!! ) .
بعد أربعة ايام أو خمسة , جاء زوجى وهو حزين أو خجلان لا أعرف و قال لى :
" تصدقى يا حبيبتى انتى كان عندك حق فى الكلام اللى قلتيه عن الست دى ".
أى ست ؟!!
_ الست اللى جت عندنا من يومين هى و فلان , كلهم كانوا النهاردة بيتكلموا عن انها عميلة , و جاسوسة , و ان ياسر عرفات نفسه عارف كده و طلب من اللى حواليه , انهم يعاملوها كويس و ما يحسسوهاش انها انكشفت و انها بقت ورقة محروقة ,و طلب منهم انها لما تعوز تقابله يسمحوا لها بمقالته زى الأول , بدل ما العدو يبعت لهم بديل جديد مش عارفيته لسة , و من خلالها برضه يقدروا يوصلوا رسايل مغلوطة للعدو .



#إحسان_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقدام العارية
- اوراق على المنضدة
- شيخ النحاتين
- قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان خليل - شوربة العدس