|
عبثية الخلود
حلا السويدات
الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 00:36
المحور:
الادب والفن
كفى حزناً أني أروح بحسرةٍ * وأغدو على قبرٍ ومن فيه لا يدري / ليلى . اليوم أصطفي جَلَدي ليُمَزَّقَ كسوطٍ بالٍ ، دون نحيب ، وبمنتهى الصمت ، تعلم يا ابن أبيك أن ساعةَ الخلودِ لا يغرب فيها حديث ، وأني أذوبُ حينئذ وأخذلك ، لم يكنْ بمقدورِ المفجوعين إلا أن يخذلوك ، لكنهم سواي ، رقصوا ، وأنا ألمَّ بي حَزنٌ شديد ، وحاجةٌ كبيرةٌ إلى التجمد ، وأن يسلبَ سارقٌ روحي عنوةً ، أنا بحاجةٍ لأن أعارِكَ أحدَهم ، أن أشتم غريباً متعكرَ المزاج ، أن لا أفرّ ولا أقاوم ولا أصرخ ، أن يغرس أحدُهم سكينةً في قلبي ، أو أن يغوصها في الخاصرة ، في الخاصرة تماماً ، حيثُ ينبتُ الوجعُ منذُ الأزل ، لا إسفلت ولا أي شيء هناك يقاوِم ، مدينة خاويةٌ على دمها ، حيثُ منفضة سجائر نبتت سهواً ، وألماً . أنا المتشائمة أبداً ، اليوم ، أودّ أن يقتلني ضِعْفا الفقدِ وحبيباتُ البُن التي تتسكعُ في فمي ، وأن أستفزّ الإرادةَ و أعبثُ بالدراية ، أودّ كسر هذا الهدوءِ وإيقاد الصخب ليباغت الجميع خيبته. *** العبثيون يظفرون بالخلود، والدقيقون ينتحرون ،حيث التاريخُ لاهثٌ أبداً خلف البريق ، العبث أن تحزنك الظباء الرشا ،وأن لا تأبه لاغتيال سياسي محنك ، وأن يُعوِزُك يا ابن أبيك نابا ذئب لم يتحدث العربية في غرناطة ، قد كان العقل كجفن ناعس ، قد كان جفني الناعس كعقل وجودي يأبى إلا أن يصعد السماء أو يهبط إلى درك الأرض ، حينئذ لم يكن اليقين أبلجاً كما الآن ، كنتُ أظنك تلهو ، طفلة مفجوعة ، لا تنسى ولا ترقص ، لكنني كنتُ أغني في أعلى الدرج المعتم ، ( هالأسمر اللون ، هالأسمراني ، تعبان يا قلب خيو ) ، وعلى وجه الدقة كنتُ أجهش وأنتحب ، كنتُ طفلة إلا قليلاً ، كيف أحدثك عن هذا الآن وأنا *أغدو على قبرٍ ومن فيه لا يدري ، لا شيء قد يمنحك اللغة أو قد يسلبها مني كي أجد قيمة للكتابة ، أو حتى مبرراً لأكف عنها ، نحن نعبث بضفتيّ نهر يفصل ما بين الشيطان والإله ، تتسع عينيّ ولا أجد قوارباً ويضيق النهر باتساع الحدقة ، ويقتل نفسه عزاء أهل الأرض ، الدقيقون ينتحرون ، والصابرون يأكلون الفستق ، ويفجعون دوماً ، من الذي سيبقى على هذه الأرض الثكلى ، جلنارتي ستنعى الساقية ، والساقية ستدوسها فجعاً ، سنخبل بالتاريخ ، حجة علينا وحجة له ، ما الذي سيبقى إن متّ والأعزاء معاً ، دون فقد وندب ، يهدأ النهر ويعصف الحبر ، نبقى نكتب ، وغيرنا لا يفعلون ، لكنهم يعبرون النهر في أوج ضجره ، مُتَحدّين ، لا يكتبون ، لكنهم الجائين بذلاً وحزناً وفرحاً جذلاً ، ما قيمة التوارد حتى حين ، أيُّ خلود يعبث بنا ، ويبقينا عاجزين يتباهون بالفستق على مداد شارع صلف . *** يا ابن أبيك أجدني بعد شهور أؤمن بأسطورة تلاقي الأرواح ، ها أنا أثق بأنك ترقص في الضفة الأخرى ، وأنك تعرفت على أناس رحيمين جدا ، لا يجزعون من قميصك الملطخ بالدم ، ها أنا أتيقن بأنك شهيد ولن يسلبك أحد ذاكرتك ، ولا حتى اللغة ، في كل ليلة عندما يهدأ القصف أرقبك وأوصي كل يوم شهيداً بأن يحدثك بشوقي ، وأنتظر رصاصة أو لقاء .
#حلا_السويدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة ليست بنكهة غرناظة
المزيد.....
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|