أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد ليلو كريم - ديمقراطية بلا تعقل














المزيد.....

ديمقراطية بلا تعقل


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 11:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تخبرنا الإحصائيات عن تفشي الأمية بين أوساط مجتمعنا , ومع أنني لم أطلع بشكل مباشر على هذه الإحصائيات , التي نريدها أن تصدر من مراكز ومؤسسات مختصة لكي نوليها الثقة في ما تقوله , وعلى كل حال فإن كاتب هذه السطور عراقي يعيش في العراق، وبتماس مباشر مع الناس , ولأنني بتماس مباشر مع الناس أقول: لربما تكون هكذا إحصائيات غير دقيقة حول موضوع الأمية في مناطقنا , وخاصة في المجتمعات الشعبية , ودقة هذه الإحصائيات تتوقف على الجرد الميداني , ولم أشهد جردا ميدانياً مؤسساتياً داخل الأحياء المغيبة , وتطرق إلى دعائم وركائز الأمية , فلكل حالة وظاهرة جذور وأسس أفرزتها , وللأمية في مجتمعنا دعائم وركائز , ونحتاج إلى دراسات وبحوث علمية رصينة لتقفي منابع العوز التعليمي , وسنتطرق إلى الدعائم والركائز التي تغذي هذه الظاهرة الكارثة , آخذين بنظر الاعتبار النتائج التي تترتب على تفشي الأمية في المجتمع .
قبل أشهر قليلة انتقلت للسكن في المنطقة التي أقطن فيها الآن, ومما يدعو للأسف أن لا أجد مدرسة في مساحة سكنية واسعة, فيضطر التلاميذ والطلاب , التلميذات والطالبات , لاستخدام وسائط النقل للوصول للمدارس البعيدة وكأننا في إحدى أفقر الدول في العالم , وأكثرها تخلفاً, واستخدام وسائط النقل يعني إضافة صرفيات إلى ميزانية العائلة , وبعض الأسر تعاني من الدخل المتدني , إن لم تكن دون خط الفقر , وتزداد المأساة حينما أرى جموع الأطفال تتنقل بوسائط نقل شبه بدائية لا تتوفر فيها أبسط المتطلبات والمقومات , فالبعض من الأطفال يضطر للوقوف على دعامة مؤخرة السيارة معرضين أنفسهم للخطر كي يتمكنوا من الوصول لمنازلهم , وقد يصلون في ساعات متأخرة من النهار , وفي بعض الأحيان أجد مجاميع من التلاميذ الصغار متكدسين في مرآب السيارات منتظرين قدومها بعد أن عجزت وسائل النقل عن سد الحاجة بسبب الحشود الكبيرة , وفي وقت الانتظار يتعرض التلاميذ لسوء الأحوال الجوية والحوادث والجهد المضني , وأشياء أخرى...
والأنكى أن المدارس تعمل بثلاث مناوبات, كل مناوبة تستغرق ثلاث ساعات , وهذا ما يؤدي للتعجيل باستهلاك الأبنية المدرسية ومحتوياتها .
إن هؤلاء التلاميذ من أبناء البروليتاريا يمثلون واقع المجتمعات التي تسكن ما وراء الأسوار , وداخل الأسوار ينعم البرجوازيون والأرستقراطيون بكل مقومات الحياة المعاصرة, وجل نعيمهم يأتي من دماء وعروق وبؤس البروليتاريين وأبنائهم .
لن توفر مدارسنا التي نوهت عنها أي مستوى من التعليم الجيد , بل هي غطاء للأمية المقنعة , وسنشهد في المستقبل مجتمعاً مستنسخاً عن المجتمع الحالي , إذ ستدوم الأمية والتخلف , فالتعليم الرديء , وعدم وجود مدارس في بعض الأحياء الشعبية , لن يسمح بظهور مجتمع يتعقل الديمقراطية , ولا ديمقراطية بلا تعقل , وإن كان العقل موجودا في رؤوسنا فهو يحتاج لتعقل بعض المواضيع والأشياء عبر الاكتساب , والتعليم من المواضيع التي نكتسبها .
البناء التحتي , تلك الحزم من الأسس الاقتصادية التي إن تطورت فسوف يتطور معها البناء والمجتمع , والتعليم , والمنازل , والطعام , والملبس , والذوق , والوسائط والتكنولوجيا , وبالتالي يتطور المجتمع وتتطور بناه الفوقية من حكومة ومؤسسات ومشاريع ومناهج , فالرخاء الاقتصادي , والتوزيع العادل للثروة وفق تخطيط صحيح ونزيه هي الركائز للبنى الفوقية التي تنتج دولة متقدمة , محترمة .
كيف يستطيع الإنسان أن يستغل ماء المطر النازل من السحاب لينشئ حقلاً وهو لا يعرف الحراثة والزراعة والسقي , ستمر السحب , وينتهي وقت المطر , وتظل الأرض بلا انتفاع , وهكذا الحال مع الديمقراطية , ونحن مثل ذاك الشخص الذي أودع كنزاً في باطن الأرض على أمل أن يستخرجه في يوم آت , وحينما جاء ذلك اليوم , وسُئل عن أي علامة اتخذها ليستدل بها على مكان الكنز , فأجاب: دفنت الكنز تحت سحابة!
إن طريقة ( الكنز تحت السحابة) لن توفر لنا مفاهيم ووسائل عقلانية للتعامل مع متطلبات الديمقراطية ومستجداتها , الديمقراطية كنظام وفكرة , فالروابط الحقيقية الصحيحة هي من تربط مرتكزات الدولة مع البنى الفوقية لها .
لقد تحدثنا في الدعائم والركائز , ونعتقد أن الركائز الاقتصادية الصحيحة , ودعائم التخطيط والتطوير والتوزيع التي تعقب حلقة الركائز , ستجعل من الدولة كيانا ذا بنية صحيحة اقتصادياً واجتماعياً وديمقراطياً.
ينبغي أولاً أن ننظر في وعي المجتمع , ونضع لهذا الوعي تصنيفاً دقيقاً, ونشرع بوضع معالجات صحيحة مناسبة , وننفذ المعالجات , فالمجتمع المتأخر في التعليم والثقافة والاقتصاد لن يتعامل مع الديمقراطية تعاملاً صحيحاً, ولو تساءلنا : كم من أفراد المجتمع يفهمون الديمقراطية ومتطلباتها , وعوامل ديمومتها , لخرجنا بإجابة محبطة , ولكنها توفر توضيحاً لعيوب الذهنية الاجتماعية , فعوامل ديمومة الديمقراطية تُبين أن الديمقراطية تدوم بدوام الإرادة الاجتماعية الواعية التي تتخذ من الديمقراطية نظاماً , فيكون هذا الاختيار هو الحتمية التي تشترط الوعي , أما أن نتصور أن بقاء الديمقراطية مقترن بحتمية قدرية محضة خارجة عن إرادتنا فهذا تصور الواهمين .
إن النظام الديمقراطي لا ينحصر في مؤسسة الحكومة أو بسلطتها العليا , فكل إنسان في الدولة الديمقراطية مسؤول عن ديمومة النظام الديمقراطي , وواجب الدولة بحكومتها توفير الأسس للوعي بالمسؤولية في أوساط المجتمع , وتنمية الوعي صعوداً, ويتحمل المثقفون والمفكرون والأكاديميون والأحزاب والمنظمات المجتمعية والإعلام ورجل الدين الواقعي جزءا كبيرا من هذا الواجب , ولن يصمد النظام الديمقراطي أمام هكذا مستويات من التعليم المتدني , بل سيأتي المستقبل بأجيال غير متعقلة للديمقراطية , وهذه دعوة لديمقراطية نمارسها بتعقل , وليس بجنون , أو بجهل , أو بتمارض .






#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الأميركية.. والديمقراطية العراقية الاميركية مقار ...
- ثلاثة أصناف
- تديننا.. أضاعنا عشرة اعوام يا ليلى
- كابوس المعادلات العراقية


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد ليلو كريم - ديمقراطية بلا تعقل