أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن بولهويشات - سريعا مروا من هنا ..(نص بيوغرافي)














المزيد.....

سريعا مروا من هنا ..(نص بيوغرافي)


حسن بولهويشات

الحوار المتمدن-العدد: 4325 - 2014 / 1 / 4 - 03:13
المحور: الادب والفن
    



على راس هذا الجبل الحزين تبدو الأشياء و العناصر على حقيقتها .صريحة كالموت .صافية كالغدير. شفافة كألبوم ذكريات. .دقيقة كملامح الجدات.بيضاء كأسنان الشتاء..
البيوت صغيرة ومتكومة على نفسها مثل أيتام في العيد . على العتبات عجائز تنشرن اضلاعهن اليايسة تحت الشمس و تغزلن الصوف فوق الواح بيضاء .الاطفال يملؤون جيوب النهار بمطاردة فراشات صغيرة و تشتيت شمل الكلاب . فيما النهر يواصله عزمه وسط الاحجار كثعبان مسموم غير عابئ بحقول البرتقال حيث ظلال الاشجار تتكسر فوق صفائح الماء مثل تهم كبيرة و حيث الرجال يشحنون التعب في صناديق الظهيرة .يفرجون للماء بالمعاول ليصل الى الاشجار التي تبدو من الأعلى صغيرة و كثيفة مثل حبات قرنبيط .

سريعا مر الاجداد من هنا و سريعا اندسوا في جحور القبور مثل ارانب وديعة بحثا عن عناقيد العنب الثقيلة ومناجل الموز الصفراء وسط عرصات الله الوسيعة .هكذا بلا ضجيج و لا سوابق و لا أفكار حتى .و سريعا مرت الجدات الحنونات فوق هاته الارض الحمراء متكئات على عصي يابسة في كرنفال حزين .و سريعا مرت أطياف جنود ماتوا في حرب الصحراء قبل ان تصل رسائلهم الاخيرة الى القرية ..و سريعا تسامقت ألأشجار حتى اذا وضعت أصابعها النحيلة وسط صوف الغمام سقطت على وجهها و غدت حطبا يايسا لنار المساء حيث الرعاة بجلالبهم الغليظة و أحذية البلاستيك الممتدة الى الركبتين يتلمسون الدفء لأصابع مخدوشة فوق ألسنة حمراء ..

وسريعا كبرنا و نبت زغب خفيف فوق و جوهنا و صارت أكتفانا عريضة و صالحة للعناق.. ..و أوغلنا في الغياب طويلا حتى تشابهت علينا طرق العودة و جلسنا على جنبات الليل نقاوم سقوط دموع متلألئة في المحاجر ..اه ايتها الهضبة الحزينة كم تغيرت رائحتك في المخيلة , وتغيرت بدوري و صرت الغصن المنبوذ في شجرة العائلة ..

من فو ق هذه الصخرة الصلداء رأيت الفقر بعروقه البارزة و أسماله السميكة يجر عربات الحزن أمام البيوت الحقيرة و الاكواخ البعيدة حيث الصغار بدون فواكه و لاهدايا تقريبا ,, و رايت الألم شاخصا فوق أسرة المستشفيات البيضاء.و في المصانع و المعامل حيث الجميلات تمسحن وجه النهار خلف ماكينات الارق ..,رأيت العاطلين يصرخون في ساحات المدن و امام البلديات بحناجر مبحوحة و أحذية مثقوبة. و رأيت متقاعدي الوطن يزجون الوقت بلعبة الورق تحت أشجار الكاليبتوس نكاية بالموظف القديم . ..و رأيت عمال الارض عائدين في المساء بفؤؤس و معاول على الاكتاف وربطات نعناع ذابلة..


من فوق هذا البرج الحجري رأيت الخير و الشر يسيران جنبا الى جنب كصديقين حميميين حتى اذا طال المسير بهما خر الشر مهزوما و هو حسير و هم الخير واقفا كسارية . رأيت الصدق و الكذب ينحدران في اتجاه البحر يأصابع متشابكة كعاشقين

يرسمان مصيرهما بكثير من الوعود و الاحلام العالية حتى اذا وصلا الى الشاطئ تقطع حبل الكذب القصير . و قفل الصدق راجعا لا يلوي على شيئ.

و رأيت الحق جالسا فوق كرسي حديقة عمومية ينظر شزرا الى الباطل الذي يشرب حساء المساء في جماجم الرجال .. و رأيت الجنة بسلات تين و تمر متدلية فوق رؤوس الفقراء. و رأيت افران جهنم بأعواد يايسة تلتهم أثرياء الارض البخلاء و حكام العالم الجائرين ..و رأيت الحزن يعود وحيدا في الليلة الممطرة الى بيت العائلة في الضواحي مدندنا باسم مرأة مجهولة. هكذا خطوة في اليابسة و خطوة في الماء ..و رأيت السعادة مغروسة في خدود العرائس و تاريخ الأمراء.

رأيت الشرق بأرواحه الشريرة و مجامره التي تتصاعد منها أبخرة صنادل محروقة ..و رأيت الغرب بقطاراته المسعورة و أظافره الحادة مثل أظافر نسر..و رأيت الليل شامخا يرشق رأس النهار بكرياته السوداء .و رأيت النهار صامتا يحمل ألاما في الظهر ة المعدة..

و رأيت الموتى يخرجون تباعا في الليل يحثون السير في اتجاه المدينة ,بتبضعون في الاسواق و يشربون قهوة على عجل و يعودون في الصباح الى أقبيتهم كعسس أوفياء هكذا بتواضع الكبار و بلا حوادث السير تقريبا .. و رأيت الشعراء بدواوين يعلوها الغبار في الأكشاك و رايت قصائدي الطائشة تذهب الى الجيران النائمين بهدوء الموتى . رأيت رسامين بأصابع مطلية بالاصابغ و لوحات بعدد النجوم ..و رأيت فلاسفة بأفكار محيرة و أصابع فوق الذقون دلالة على عمق التفكير ..
و رأيت الحاكم مذعورا في الليل تتقاذفه الكوابس و دماء الثورات . و رأيت الفلاح وقد هوى بجسده فوق كيس تبن ونام محروسا بالتعب و النجوم الفقيرة.

(..حسن بولهويشات)



#حسن_بولهويشات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن حزين باطفال اكثر حزنا / نص بيوغرافي
- الثوار الجدد/ نص بيوغرافي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن بولهويشات - سريعا مروا من هنا ..(نص بيوغرافي)