أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح العمروسي - وجهة نظر يسارية في دستور 2013/2014















المزيد.....

وجهة نظر يسارية في دستور 2013/2014


صلاح العمروسي

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 3 - 01:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجهة نظر يسارية في دستور 2013/2014
إبطال الصوت
قبل كل شيء من الضروري القول بأنه لا ينبغي أن يكون معيارنا في الحكم علي دستور 2013 مقارنته بالدساتير المصرية السابقة، ولكن ينبغي أن يكون معيارنا أهداف الثورة من وجهة نظر الطبقات الشعبية الكادحة. وهناك تقدير شائع عن أن دستور 2013 يمثل تقدما كبيرا وحاسما عن دستور 2012 الاخواني، وإذا كان هذا التقدير ينطوي علي قدر من الحقيقة، إلا أنه لا يعني إطلاقا أنه دستور جيد، فهو دستور يتضمن مواد سيئة شديدة الخطورة يمكن أن تعصف بما هو جيد فيه. أكثر من هذا فإن كلا الدستورين يمثلان تراجعا حاسما، من نواحي معينة، حتي بالقياس إلي دستور 1971 الذي يعتبر أنه الأسوأ بينها.
- فهناك ادعاء شائع علي أن التعديلات الجديدة قد تخلصت نهائيا من المادة 219 التي تضع تعريفا طائفيا متزمتا للشريعة، ولكن الحقيقة أن ديباجة الدستور نصت علي أن المرجع لتفسير مبادئ الشريعة "هو ما تضمنته مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن"، ونجد في بعضها تفسيرا لا تقل تزمتا عن المادة 219، وربما تكون الإيجابية الوحيدة للنص الوارد في الديباجة هو اعتماد المحكمة الدستورية كمفسر وحيد لمبادئ الشريعة، وبالتالي تخلص من النص الوارد في الدستور الاخواني الذي نصب الأزهر المرجعية في تفسير مبادئ الشريعة، تلك التي اعتبرها البعض نوعا من ولاية الفقيه.
- ثم تأتي المادة التي تجيز المحاكمات العسكرية للمدنيين، مهما تكن مشروطة بجرائم بعينها (المادة 204)، وخطورة هذه المادة لا تتقتصر علي أنها تخل بمبدأ مثول المتهم أمام قاضيه الطبيعي، وأن القضاء العسكري هو قضاء غير مستقل في التحليل الأخير، مهما جري النص علي غير ذلك. وانما تتسع للعصف بجميع الحريات الأخري الواردة في الدستور.
- ثم أن هناك النص في المواد الانتقالية علي اشتراط موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي تعيين وزير الدفاع (المادة 234)، ولا يكفي رفض هذه المادة، فالأهم هو توضيح مدي خطورتها. فمن شأنها أن تجعل الدولة برأسين، بل ربما تجعل وزير الدفاع أقوي من رئيس الجمهورية باعتبار أنه يملك ولاء أهم مؤسسة للعنف المنظم في الدولة. فنحن إذن نص له خطورة شاملة علي نظام الحكم واستقراره، ومن شأنها أن تجعل الهيمنة العسكرية والأمنية مقررا بنص الدستور.
- والنص علي عدم جواز مناقشه موازنة القوات المسلحة في مجلس الشعب، وتقتصر مناقشتها في مجلس الدفاع الوطني، الذي تتشكل غالبيته من العسكريين، ثم إدراجها رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة. إن هذا النص يعني وضع القوات المسلحة فوق المساءلة، علما بأن موازنة القوات المسلحة لا تقتصر علي التسليح فحسب، فهناك امبراطورية اقتصادية سوف تصبح بدورها خارج المساءلة وفوق القانون، ولا يعرف الشعب كيف توزع ارباحها، ولا حقيقة علاقات العمل والأجور فيها، وبالطبع فإن أية نزاعات للعمل سوف تخضع للأحكام العسكرية.
- ثم أن كلا من الدستورين الدستور الإخواني ودستور لجنة الخمسين يمثلان خطوة للوراء بالقياس إلي دستور 1971 في مجال المقومات الاقتصادية، حتي بعد تعديلات 2007 فعلي الرغم من هذه التعديلات أزالت كلمة الاشتراكية من أية مادة وردت بها في الدستور، وعدلت المادة (24) التي كانت تنص علي "يسيطر الشعب علي كل أدوات الانتاج، وعلي توجيه فائضها وفقا لخطة التنمية الاقتصادية التي تضعها الدولة"، واستبدلتها بنص انشائي يستبعد جوهرها : "ترعي الدولة الانتاج، وتعمل علي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية". لكن ظل هذا الدستور محتفظا ببعض المواد الهامة دون تعديل جوهري حيث ظلت (المادة 23) دون تعديل والتي تنص علي "ينظم الاقتصاد القومي وفقا لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي، وعدالة التوزيع، ورفع مستوي المعيشة، والقضاء علي البطالة، وزيادة فرص العمل، وربط الأجر بالانتاج، وضمان حد أدني للاجور، ووضع حد أعلي يكفل تقريب الفروق بين الدخول". وظلت (المادة 35) دون تعديل وهي تنص "لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون، ومقابل تعويض" ، وهي كما هو واضح تجيز التأميم بصورة مشروطة باعتبارات الصالح العام. كما ظلت (المادة 37) بعد استبعاد "الاشارة إلي حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال" تنص علي "يعين القانون الحد الأقصي للملكية الزراعية". وجاء الدستور الاخواني ليستبعد النص علي جواز التأميم، أو تعيين حد أقصي للملكية، فضلا عن استبعاد النص علي التخطيط القومي الشامل، الأمر الذي ترك مقومات الاقتصاد لعفوية السوق مقرونة بمواد انشائية فضفاضة لا يترتب عليها التزامات أو أحكام حول أسس تنظيم الاقتصاد، وقد سار دستور لجنة الخمسين علي نفس النهج، ولكنه أفرط في المواد الانشائية، بل لقد استبعد الإشارة العارضة إلي التخطيط، التي وردت بالدستور الاخواني، وتحدث عن السوق المنضبط مردد للأيديولوجية الليبرالية التي تتحدث عن الضبط الذاتي للسوق. وعلي خطي الدستور الاخواني نص الدستور علي منح التزامات للمرافق العامة واستغلال الموارد الطبيعية، لكن بينما تركها الدستور الأخواني مفتوحة، حددها بثلاثين عاما في بعض الحالات وخمسة عشر عاما في أخري. وهكذا أدت هيمنة فكر الليبرالية الجديدة وأيديولوجية اقتصاد السوق والعداء للتخطيط القومي الشامل إلي ذلك التوافق المدهش بين الدستور الاخواني ودستور لجنة الخمسين في مقومات تنظيم الاقتصاد القومي. ومن نافل القول أنه في ظل اقتصاد السوق سوف تستمر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي فجرت ثورة 25 يناير.
- وقد حرمت الطبقة العاملة من حرية الاضراب والحريات النقابية، حيث تم النص علي أن "الاضراب السلمي حق ينظمه القانون" (المادة 15)، وكالمعتاد سوف يقيد القانون هذا الحق أو يفرغه تماما من مضمونه. كما جري تجاهل مطلب الحريات النقابية، الذي شكل شعارا مركزيا لنضال الطبقة العاملة، وأن يكون تشكيل النقابات العمالية بالاخطار أسوة بالأحزاب والجمعيات، وبدلا من ذلك نصت (المادة 76) علي أن "إنشاء النقابات والاتحادات علي أساس ديمقراطي حق يكفله القانون ..."، ومن شأن القانون كالعادة تقييد هذا الحق أو حتي تقييده. كما أنه من شأن مثل هذا النص أن يؤدي إلي تكريس سيطرة الاتحاد العام للعمال الموالي للدولة.
وكل ذلك لا يستنفذ كل مثالب دستور لجنة الخمسين، لكننا أشرنا فقط إلي أكثرها وطأة وخطورة.
ولكن السياق الذي يحيط بالدستور وتطبيقه اللاحق أهم كثيرا من الدستور نفسه. فمهما يكن ما يتضمنه أفضل الدساتير قربا من أهداف الثورة فإن السياق الذي يحيط به يمكن أن يجعله مجرد حبر علي ورق، ويجري إقرار واقع مناقض تماما لنصوص ذلك الدستور. وقد سبق أن رأينا أن التحولات نحو الانفتاح والخصخصة واقتصاد السوق الخ تمت في ظل "اشتراكية" دستور 1971 المزعومة، وفي ظل "تخطيطه الشامل" الخ. والآن فإن السياق الذي يحيط بالاستفتاء علي الدستور، ثم تطبيقه مليء بالتحديات والأخطار الجسيمة. فنحن من جهة أمام تحدي الإرهاب الإخواني، ونحن من ناحية أخري أمام تحدي الدولة الأمنية التي عادت وأمسكت بقبضتها مفاتيح السلطة، مقرونة بالاستبداد الشعبوي، وضرورة عودة الاستقرار واستئناف البناء ودوران عجلة الاقتصاد الخ.
إن من يتصور أن هناك عملية تحول ديمقراطي وليس هناك من خطر عليها سوي الإرهاب الإخواني وما يرتبط به من مخططات امبريالية اخوانية تشمل مصر والبلدان العربية بأسرها، سوف يدعو، بطبيعة الحال، إلي الحشد والتعبئة من أجل أن تشارك الأغلبية الساحقة من الشعب المصري وتصوت بنعم. ولكن هناك طرف آخر لا يقل خطورة، ونعني به الدولة الأمنية والهيمنة العسكرية التي تسيطر الآن بقبضة من حديد علي البلاد، وسوف تأتي ببرلمان تسيطر عليه الفلول، ورئاسة عسكرية شعبوية مباشرة أو غير مباشرة. ومن شأن تجاهل تلك السيطرة الأمنية أن يقوض مصداقية اليسار لدي الجماهير التي سرعان ما تكتشف أن سلطة الطبقة الرأسمالية التجارية والعقارية والمالية لن تحل أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، بل سوف تفاقمها، وأنها ستلجأ إلي الحلول الأمنية والاستبدادية في مواجهة الجماهير المتذمرة والغاضبة.
والحديث عن أننا يجب أن ندعوا وأن نحشد للاشتراك في الاستفتاء والتصويت بنعم، لأن ذلك يتفق مع رأي الأغلبية الكاسحة من الشعب الآن، هو حديث متهافت تماما، لأن الجماهير التي سوف ينقلب مزاجها بسبب تفاقم معاناتها وأزمتها سوف تحاسب من لم يبصرها بحقيقة الموقف، وحقيقة ما ينتظر الطبقات الشعبية من الطبقة الرأسمالية الحاكمة الآن والتي سوف تغير أسماء وشخصيات الحكام لكن تظل سياستها وسلطتها مثلما كانت منذ أيام مبارك.
وهناك من يتحدث عن أن علاقات القوي لم يكن من شأنها أن تأتي بدستور أفضل ويتوافق مع الثورة، وأننا لهذا ينبغي أن نوافق عليه، ثم نناضل في المستقبل من أجل تغييره. وهذا المنطق المتهافت يساوي أننا يجب أن نوافق وندعم سلطة البرجوازية القائمة طالما أن علاقات القوي لا تسمح لنا بالإطاحة بها وطالما هي قادرة علي تضليل غالبية الشعب، وذلك بدلا من اخضاعها للنقد الثوري ونناضل ضدها كشرط لتعبئة الشعب ضدها والتطويح بها في النهاية. ومن الواضح أن منطقا كهذا يعادي منطق الثورة من حيث الأساس. وقد يقلب المنطق ويجري تصوير أننا إذا لم ندعو الشعب إلي التصويت بنعم فإننا بذلك ندعم عودة الاخوان وتقويض خارطة الطريق الخ. ويفهم ضمنا منذلك أننا نتمتع بقوة ساحقة ستؤثر في النتيجة النهائية، ولو كنا كذلك بالفعل لكنا استطعنا الوصول إلي دستور ثوري ديمقراطي بالفعل، ولكان تصويتنا بنعم أمرا منطقيا.
إننا يجب أن نخضع الدستور الراهن للنقد وأن يكون موقفنا متفقا مع رأينا فيه وليس علي عكس رأينا فيه، ولأن موقفنا هذا هو الذي يمكننا من التأثير في الأحداث المقبلة بتأكيد مصداقيتنا في صفوف الجماهير. والموقف الصحيح من وجهة نظري هو إبطال الصوت، لأن التصويت بنعم يتناقض مباشرة مع اعتراضنا علي مواد أساسية في الدستور من شأنها أن تقوض الايجابيات التي تضمنها هذا الدستور، ناهيك عن السياق الاستبدادي البوليسي الذي يحيط به، كما أن التصويت بلا، ينطوي ضمنا علي الموافقة علي الدستور الاخواني الذي ليس دستور لجنة الخمسين سوي تعديل له. وأخيرا فإن الدعوة للمقاطعة لن تكون سوي تكريس للمقاطعة السلبية التي اعتادتها الجماهير المصرية. لكل ذلك، إن الموقف الصحيح من وجهة نظري هو الاشتراك في الاستفتاء، وابطال الصوت. أي وضع مشابه موقفنا من التصويت علي جولة الاعادة بين شفيق ومرسي، اتساقا مع شعار أننا لا يمكن أن نفاضل بين أعداء الثورة. وهكذا الحال مع الدستور الاخواني وتعديلات لجنة الخمسين.



#صلاح_العمروسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي استنزف احتياطي النقد الأجنبي؟ البورصة وراء استنزاف ا ...


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح العمروسي - وجهة نظر يسارية في دستور 2013/2014