أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان خليل - شيخ النحاتين














المزيد.....

شيخ النحاتين


إحسان خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 01:56
المحور: الادب والفن
    


على غير ألعادة لم تتحمل انتظار تاكسى امام مبنى مايسبيرو , و و جدت نفسها منقادة و منجذبة للسير على الأقدام تجاه كوبرى الزمالك , كانت تعلل لنفسها بأنه ربما تجد هناك تاكسى شاغرا .. عندما اقتربت من الكوبرى تسألت هل كان من ألحكمة المجئ الى هذه المنطقة ألشبيهة بمفترق ألطرق و الأكثر ازدحاما من شارع مايسبيرو نفسه . لكنها شعرت كأن القدر قد أرسلها الى هذا المكان عن قصد , عندما تعلقت عيناها برجل عجوز بالكاد تستطيع أن تراه لبعد المسافة بينهما , فلقد لفت نظرها بحركته السريعة و تنقله الدؤوب بين الناس . كان يتجه الى شخص ما و كانه يسأله عن شئ او عنوان مثلا , ثم يتركه بعد أقلمن دقيقة و يذهب الى شخص آخر و يكرر هذا الفعل . و كان من الواضح ان لا أحد استطاع مساعدته و لا احد يهتم أصلا ببذل مجهود فى هذا الاتجاه .
بدا الرجل لها كعزيز قوم ذل , كان يرتدى الجلباب و لكنه جلباب أبيض نظيف يعكس ضوء الشمس و عليه جاكت لاتقاء برد الشتاء , وجهه ابيض يشع نورا و حنانا و حيرة . تسمرت عيناها على هذا الرجل فقد شعرت بألفة تجاهه و ارادت مساعدته , جال بخاطرها كأنها تعرفه من قبل .
كان الرجل يتلفت حوله و يتفحص وجوه المحيطين به بامعان , حاولت هى الوصول اليه ولكنها لم تستطع من كثرة السيارات فى نهر الطريق , فتمنت أن يراها هو و دعت ربها أن يجعل هذا الرجل المسكين ينظر باتجاهها .
بعد لحظات قليلة ادار الرجل رأسه , و فجأة وقع نظره عليها و أشار لها أن تنتظره . حاولت هى السير باتجاهه حتى لا يضيع من عينيها فى الزحام , فهم ما تريد و رفع يده ليثنيها عن محاولاتها لعبور الطريق و أن تنتظره فى مكانها . جهزت فى يدها بعضا من المال لتعطيه له أثناء السلام عليه . و قبل أن يصل اليها بحوالى اكثر من متر كان مادا يده للسلام . ثم رجع رجع مفزوعا الى الخلف عندما شعر بالنقود تلامس يده , وقال : " لأ لأ أنا مش عايز حسنة من حد و لا منك , انا جيت لك علشان اسألك عن شئ !! " .
- انا آسفة صدقنى ما قصدتش الاساءة لك .
شعر الرجل بصدق مشاعرها و كلامها فاقترب منها مرة ثانية و سألها :- انتى تعرفى مثال اسمه " عبد البديع عبد الحى " او سمعتى حتى عنه ؟
- طبعا دا فنان عظيم , مثال مصرى حقيقى موهوب بالفطرة .
- بجد تعرفيه ؟ , انا كل ما اسأل حد من الناس يقول لى انه عمره ما سمع عنه , انا عايزك تعرفينى بيه اكتر , كان نفسى اشوفه من زمان . بس قبل ما تحكى لى اوعدينى انك تحكى للأجيال الجديدة عنه .
_ طبعا حأحكى لهم ده حقه لاعلينا و على البلد نفسها , بس فى الحقيقة انا لا اعرفه بشكل شخصى يعنى لا أعرف عنوانه و لا اقدر أن اوصلك له
ولكن والدى هو اللى كان يعرفه وحكى لى ان المثال كان زمان يعمل طباخ عند اسرة ثرية ارستقراطية , و اكتشفت الأسرة انه دايما يعمل تماثيل من العظم , فاهتمت صاحبة المنزل به و أدخلته دورات تدريبية و اشتركت له فى مسابقات فنية على مستوى الجمهورية و كان بياخد المركز اللأول , وبعد كده اشتركت له فى مسابقات عالمية .
_هو والدك مين ؟
_فلان الفلانى , بس أعتقد ان الفنان ده اتوفى لانى ماسمعتش عنه من سنين طويلة و تقريبا فهمت من والدى كده ( فى الحقيقة والدها لم يقل لها اى شئ عن وفاة المثال , فقط اخبرها ان المثال الطاعن فى السن يعيش ايامه الاخيرة و حيدا فى حجرة فقيرة و فى فقر مدقع , ولكنها فهمت حديث والدها على ان المثال قد مات بالفعل ) .
_ قال لك ان المثال اتوفى أممممم!!!
ابتعد الرجل العجوز وهو يقول : "حتى انت يا فلان الفلانى , دنا كنت فاكرك انك الانسان الوحيد اللى قابلته فى حياتى , انا مش عايز اشوف حد ومش عايز حاجة من حد ولا من الدنيا دى كلها .
_ من فضلك استنى , لحظة واحدة , هو انا زعلتك فى حاجة !!!
اختفى الرجل سريعا فى الزحام كأنه فص ملح و ذاب . و بعد سنوات قرأت فى جريدة مصرية خبر مصرع المثال فلان الفلانى فى ظروف غامضة و يشتبه ان يكون احد البلطجية قد قتله طمعا فى سرقة اعماله الفنية القليلة المتبقية فى حجرته الفقيرة , فقد كان الباب مخلوعا . . وبجوار الخبر صورة للفنان عبد البديع عبد الحى الرجل العجوز الذى قابلته يوما بالصدفه , قريبا من كوبرى الزمالك .



#إحسان_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان خليل - شيخ النحاتين