أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية















المزيد.....

في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هل يمكن استقراء مستقبل العلاقات السورية / اللبنانية انطلاقا من رصد سيرورات التطور الداخلي لكلا المسارين السوري واللبناني بغض النظر عن العامل الخارجي ؟ أم أن العامل الخارجي – في المآل – هو الذي يتخفى وراء كل مجريات العلاقة ( الأخوية ) بين الشقيقين، بل الأصح بين كل الأشقاء العرب، حتى يمكن القول أن الوجود السوري في لبنان ليس إلا مكافأة للنظام السوري للقطع مع شقيقه الآخر البعثي في العراق، نظرا لما كان يمكن أن تشكله هكذا علاقة بين نظامين -يفترض أنهما متجانسان فكريا وسياسيا- من ثقل وازن في النظام الاقليمي الشرق أوسطي في المنظور الأمريكي، ولذا تم توجيه قوى كل منهما باتجاه تشكيل مركز اقليمي يستنفذ طاقاته –سوريا نحو لبنان ومن ثم العراق نحو الكويت لحين الطلب- وليدخلا تاليا في علاقة عدائية استثنائية في درجة تناحرها .
والعراق سيكون هو المدخل لإطلاق اليد السورية أو كفها، ففي حرب الخليج الأولى كانت صفقة الوصاية على لبنان بين الأبوين- ( بوش الأب الذي أطلق يد الأسد الأب )- وانهاء صفقة الوصاية ستكون بعد 15 سنة على يد ( بوش الإبن الذي أنهاها وكف يد الأسد الإبن ) .
المشكلة أن نظام الأسد الابن كان يريد ثمنا لكف يده عن العراق ومن ثم مساندته للقوات الأمريكية في ضبط الوضع داخل العراق، مثل الثمن الذي قبضه الأب في اطلاق يده في لبنان، لكن طاقم الابن الذي استطاع أن يمسك بالسلطة رغم انهيار كل مثالاته بانهيار المعسكر الاشتراكي وانتهاء الحرب الباردة، لم يستطع أن يتكيف عقليا على أنه لم يعد ثمة طرفين، معسكرين، بل هناك قوة واحدة، ليست مضطرة على أن تعطي لقاء ما تأخذ، أي كما يقال : إنها قادرة على استخدام العصا دون التلويح بالجزرة، ولعل ذلك هو الذي يفسر هذا التداعي الدراماتيكي لكل التحصينات الجيوسياسية والعسكرية والأمنية التي أقامها النظام السوري خلال ثلاثين سنة في لبنان التي ظهرت وكأنها تحصينات ملحية، لإن البناء الذي يبنى بالقوة : قوة الاكراه والتعسف فإنه ينهار لدى تهديد أية قوة أوزن، فكيف إذا كانت قوة الدولة الأعظم في العالم!
إن عدم ادراك هذه البداهات، ومن ثم الدوران مع الأحداث والوقائع بدوران العلل والأسباب، كما يقول فقهاء الأخذ بالعقل والرأي، قادت العقل الفقهي الشعاراتي البلاغي المؤسس لوعي القيادة التاريخية للبعث إلى الإصابة بتصلب الشرايين، ومجلى ذلك في إعلان وزير خارجية سوريا القديم جدا، الذي صرح تعليقا على قرار 1559 بأنه " قرار تافه " دون أن يخطر على بال (غروميكو) السياسة السورية، بأن هذا القرار وافقت عليه كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أي بما فيها الصين وروسيا التي راحت تعرف كل واحدة منهما قدر نفسها الاستراتيجي الدولي والعالمي ودرجة حجمها في معادلة الصراع الدولي، لكن سوريا العجوز في نظامها بنيويا، المراهقة في اتخاذ قراراتها سياسيا، والبائسة في طاقم نخبتها فكريا وثقافيا، تستند الى مجموعة من فياهقة علم الكلام البعثي، الذي يصورون لدهاقنة النظام وشيوخه (القادة القطريين) الذين يتهافتون اليوم (على الحج) لختم فجور وفسق حياتهم الحزبية والسياسية (بجعلها على الايمان) ليمسحوا كل فحش وفجور خطاياهم الايديولوجية وفسق ممارساتهم السياسية بالذهاب الى الحج (عبد الله الأحمر وأولاده أو عضو القيادة القطرية سابقا رشيد اختريني ...الخ ) !
هؤلاء (الفياهقة المتكلمون) يزينون لشيوخهم أن مصاولة سوريا اليوم مع أمريكا، هي مصاولة الأنداد، أي الرؤؤس الندية، مضمونها التنافس على قيادة العالم وادارة دفته بين أمريكا وسوريا، كما يفتى استاذ " السيمولوجيا " في جامعة دمشق، خالطا بين "السيميولوجي" والسينمالوجي " كما يمارسها (بتوع السيما) على حد تعبير أخواننا المصريين...
لانظن أن السياسة الخارجية التي حكمت المسارين في سوريا ولبنان، ستحمل آفاقا مطمئنة لكلا البلدين إذا تابعت (وحدة المسارين)، فأن يعلن وزير الخارجية أن قرار الأمم المتحدة هو قرار تافه، هو أشبه بقرع خروتشوف بحذائه على طاولات الأمم المتحدة، لكن خروتشوف أسمع العالم جميعا ضوضاء قرع حذائه، أما أن يعلن السيد الوزير أن القرار تافه وأن سوريا باقية عامين على الأقل، ثم لا تمر أيام إلا لتعلن الخارجية بأنها ستنفذ القرار، ثم يعود الوزير بذاته ليعلن بأن سوريا استكمت سحب الجيش والمخابرات بناء على القرار 1559 .
لقد أوقعت السيمولوجيا وزير الخارجية بورطة مفادها أن ثمة قرارا (تافها) جعل الدولة القوية (سوريا) المنافسة لأمريكا على قيادة العالم، تنافس الغزلان- لا الأمريكان- في الهزيمة من لبنان، مما جعل أحد الدبلوماسيين الأمريكان يقولون: إن منافسيهم على قيادة العالم حسب توصيف (السيمولوغ)، لايستحقون أكثر من صرخة واحدة ليولوا الأدبار كما فعلوا في لبنان، بدون إقلاق راحة الجنود الأمريكان ...
وتأسيسا على هذه الرؤية المفعمة بالعظمة والبارانويا، قررت السياسة السورية التثبيت للرئيس لحود، وتلقين الحريري درسا في الطاعة لم ينسه إلا بعد أن دفع حياته ضريبة له، بل وبذات المهارة الفائقة، تمكنت سياسة شيوخ البعث وتلاميذهم الطلائعيين، من دفع فرنسا من موقع الممانعة بل وموقع قيادة المعارضة لسياسات واشنطن، الى موقع الحليف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد سوريا على الأقل .
ذهبت القيادة السورية إلى موسكو، فاكتشفت أن موسكو منحازة للحلف الأمريكي ضد الحلف السوري في (قيادة العالم)، وذهبت القيادة الى اسطنبول عاصمة العالم الاسلامي لخمسة قرون، فاذا باستانبول لاتعترف بالدور السوري لقيادة العالم، سيما وأن الخارجية ذاتها التي (تتفّه) قرارات الأمم المتحدة بعنجهية وغطرسة كانت قد حازتها بسبب ميزان قواها المتفوق ضد الشعب السوري واللبناني، هي ذات الخارجية التي وقعت اتفاقية اذعان لامثيل لها في تاريخ سوريا مع تركيا بلغت حد التنازل عن اسكندرون، وذلك بعد التهديدات العسكرية التركية الشهيرة، وذلك في أزمة الحزب الديموقراطي الكردي وطرد أوجلان من الأراضي السورية بعد توريط الرجل بالمراهنة على الدور العالمي لقيادة السورية .
هذا النمط من التفكير السياسي الذي يحكم السياسة الخارجية السورية لم تعد له ما يماثله في لبنان سوى حزب الله، فلبنان يعيش مخاض ولادة صعبة لمجتمع ديموقراطي مدني حديث قادر على فهم العالم وفق واقعة ووقائعه لاوفق رغباته وشهواته ..
ونظن أن أهم جيب مريض بداء العظمة العسكرية والأمنية السورية هو حزب الله، الذي لم ترض القيادة الأمنية السورية أن تغادر لبنان بدون سلبه كل رموز تاريخ بطولاته وتضحياته، وذلك بتسليم الأمين العام لحزب الله – بنفسه – بندقية اسرائيلية لرئيس جهاز المخابرات السورية في لبنان محدثا ما يشبه الصدمة الدلالية، وهي أن يمنح رمز دماء الشهداء تقديرا لممثل أسوأ دور لعبه النظام السوري في لبنان، وبطبيعة الأمر في سوريا التي تلقى شعبها صدمة جديدة من قائد حزب الله ، عندما منح اسمها الى حاكمها " سوريا الأسد " ...
نظن أن المراقب لمستقبل العلاقة السورية اللبنانية الذي يمكن استقراؤه من معطيات الحاضر هذه المشار إلى بعض أمشاجها، فإنه لن يرى سوى مستقبل لامستقبل له، لأنه لن يكون سوى مستقبل السير نحو القهقرى، حيث- فيما يبدو لنا- أن العالم العربي دخل سلسلة عالمية جديدة من التطور لن تسمح له أن يمارس انحطاطا أشد، ولذا فإن مستقبل هذه العلاقة السورية/اللبنانية لم تعد سوريا هي الصانعة له، بل سيصنعه الأفق الديموقراطي اللبناني الذي في قدرته على الانتصار على استعصاءاته الطائفية والعائلية وأشكال العلاقات الأهلية ما قبل المدنية والمواطنوية، فإنه (اللبنان المدني الديموقراطي) سيغدو مستقبل سوريا، التي أصبح نظامها الشمولي الاستبدادي لطخة بشعة في وجه عالم غدا يخجل من الاستبداد، بل وربما ستغدو التجربة اللبنانية نموذجا عربيا مستقبليا .
وعلى هذا فإن حزب الله الذي ختم سيرته بالتنازل عن سلة رموزه الوجدانية، لصالح قادة ممارسات طغيانية قادت الشعب اللبناني والسوري ليحسم قراره نهائيا في مسألة مستقبله الوطني : وهو أن لا وطنية بلا مواطنة ولا مواطنة بدون الديموقراطية.
إن حزب الله ليس أمامه سوى استعادة انتظامه داخل نسقه في الداخل اللبناني، دون الارتهان لوصاية عروبة الاستبداد أو إسلاميته، عروبة الأشقاء البعثيين، أواسلامية آيات الله الخمينيين ، ليحقق استقلال قراره وسيادته اللبنانية المدنية، فيكون النظام الشمولي الشقيق –بذلك- قد خسر الورقة الإقليمية الثانية التي يلعب بها لحساباته في البقاء المؤبد، وذلك بعد أن خسر الورقة الأولى، وهي الورقة الفلسطينية التي لايزال الإعلام السوري يمارس حنين عقلية الوصاية على الشعب الفلسطيني عبر هجائه الدائم للـ "عرفاتية " التي رغم كل ما شكلته من قيمة رمزية للشعب الفلسطيني، فإن أجهزة الأمن السورية الإعلامية ( الثورية )، لاتزال –حتى بعد وفاة عرفات- تعتبر الرجل رمزا للإنبطاح أمام الإمبريالية والصهيونية حتى اليوم، الذي تلقن فيه وزيرة سورية لبوش وشارون ومحمود عباس دروسا في (الدلع الثوري): وذلك بأن الجميع يتجاهلون ويفرطون بحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة الى أرضه !؟
مستقبل العلاقات السورية اللبنانية هو مستقبل خيارات الشعبين، وخيارات الشعبين تبدأ من اطلاق سراح المجتمعين، وإذا كنا نعيش اليوم فرح اطلاق سراح المجتمع اللبناني، فإن مستقبل استعادة الروابط التاريخية والثقافية وناموس الجغرافيا بين الشعبين، ستنطلق اليوم من المنصة اللبنانية التي توجتها الحركة الشعبية اليديموقراطية في ساحة الشهداء في بيروت يوم 14 آذار، انتظارا لوصول المسار الديموقراطي إلى المحطة السورية، حيث في الحرية والديموقراطية وحدهما وعبرهما سيتمكن الشعبان من اعادة قطار التاريخ إلى سكته ....

حلب



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة إلى تكليف رياض سيف بتشكيل حكومة سورية
- أية حالة أصبح عليها الأخوان المسلمون في سوريا ؟
- البيان الأممي ضد الارهاب وتعاويذ الفقه الأمني في سوريا
- هل سقوط حزب البعث خسارة
- الموت الهامشي -الهزيل- لفكر البعث أم الإنبعاث -الجليل- لفكر ...
- المصالحة بين -الوطنية - و-الديموقراطية- هي أساس -المقاومة- ح ...
- وداعاًً عارف دليلة أو الى اللقاء بعد صدور الحكم بـ -إعدامك-
- متى النقد الذاتي الكردي؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية