أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمّد نجيب قاسمي - في الطّريق إلى الحريق














المزيد.....

في الطّريق إلى الحريق


محمّد نجيب قاسمي

الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


في الطّريق إلى الحريق


يعبرون الجسر في الصّبح خفافا
أضلعي امتدّت لهم جسرا وطيدا

خليل حاوي


"...........توقّفت قليلا قرب مقهى "سمرقند" لألتقط أنفاسي. وبلمح البصر ألقيت نظرة شاملة على كل الجالسين فيها..المتحلّقين تحت ظلال شجر " الفيكيس " العظيم ، مثنى وثلاثا ورباعا وحتى أكثر . كأني أراهم لأول مرة وآخر مرة .
كم شاء أن يلقي عليهم تحية الصباح ...بل تحية الوداع فلم يجرؤ!
ولحسن الحظ ،وقع بصري على صديق لي. فألقيت عليه تحية صباحية بطعم جديد ،وكأني أنثر تلك التحية على كل الجالسين والواقفين والمارين ،المسرعين منهم والمتأنّين .
ترى هل أعرف كل هؤلاء ؟
حتما لا .
ولكن هل يعرفني كل هؤلاء ؟
ربما !
ألا أمر من هنا كل يوم ، مرّتين على الأقل ؟
رواد المقهى يتجددون كل حين ..ومنهم من لم يتجدد منذ عقود!
ما أكثر مقاهينا ! بلادنا عامرة بالقهوات !
سيأتي يوم يعرفونني كلهم ولا يرونني ..بل كأنهم يرونني.
مقاهينا تعمل بكثرة ، لأننا ،نحن ،لا نعمل .
الكثيرون منا ينحصر عملهم في المجيء إلى المقهى كل يوم .
نحن نتعلم لنرتاد، في النهاية ، المقاهي !.
بين كل مقهى ومقهى توجد قهوة أخرى!
كثيرا ما يتخاطب روادها ، وكل واحد منهم بمقهى آخر! .
..اسمع يا ... حدثني من أثق بهم يوما ، أن سائحة ألمانية، توقفت ذات يوم ،وهي تعبر مدينتنا المنسية، في رحلتها إلى الجريد فرأت جمعا غفيرا من الناس ، في مقهيين متقابلين،على جانبي الطريق ، وهم غارقون بجدية ،في لعب الورق، لعب " الرامي " و " البولوت " ،وفي الخوض في أحاديث السياسة والأخبار اليومية ، فتساءلت هل هؤلاء بصدد استراحة مؤقتة ،من عمل بمصنع قريب ؟
فلم يخطر ببالها ،أنّ هؤلاء يقضون هناك الساعات الطوال كلّ يوم للغرض نفسه. أما المصانع، فبينها وبيننا مسافات.
عجبا !.. لماذا لا ينشئون المصانع هنا ؟ هل تحتاج بدورها إلى رمال الشواطئ الذهبية ، وزرقة مياه البحر اللاّزورديّة، وبقايا الحصون والقلاع والرباطات، الّتي تحكي عبور القرطاجنّييّن و الإسبان والأتراك ؟ ألا تحتاج فقط إلى اليد العاملة الرخيصة التي عندنا منها الشيء الكثير كما يقال لنا دوما ؟ !
سيعتصمون هنا ،وسيسدّون الطّرقات للمطالبة بجلب المصانع، لتوفّر فرصة للتشغيل ومورد رزق قارّ... وسيتظاهرون هناك ، لإغلاق المصانع، بل وحرقها لأنّها ملوّثة .. لأنّ الرّوائح الكريهة تنبعث منها!..بل لأنّها،رّبما، كثيرة ..تزدحم بها الأراضي الخصبة ..وتختنق الأحياء بدخانها وغازاتها..وتجعل قطعة الأرض، الصّالحة لبناء سكن متواضع، عسيرة المنال ..
ماذا فعلت يا "كينز" ، ويا "آدم سميث " ، ويا " فريدريك تايلور" ؟! ويا كلّ من لم يستمع إلى استغاثات العمال عند "بالزاك "؟ ! ويا كلّ من تجاهلتم نداء " يا عماّل العالم اتّحدوا"؟! ويا كلّ من صدّرتم إلينا الصناعات الملوثة ، وأبقيتم عندكم الصّناعات الدّقيقة النّظيفة؟!
ألقيتم بيننا مصانعكم ،وبتنا نختصم حول أين تلوّث أكثر؟ وأين تلتهم اليد العاملة الرّخيصة أكثر؟ وأين تمنح فرصة للعمل أكثر؟
لماذا إذن تفتح المدارس والجامعات إذا لم تفتح معها المصانع والمؤسسات ؟
وتذكّر أنه مازال يقف عند المقهى . فرغب أن يعرف أيّهما أكثر، عدد المقاهي ، أم عدد المدارس والجامعات والمصانع والمؤسسات؟
هذا السّؤال تجيب عنه السلطات الرسمية !
وإذا زورت الإحصائية ؟
تعوّدنا التّزوير !.التّزوير في كلّ شيء ...حياتنا أرادوها زورا على زور !.
وان زوّروا هل تصدّقونهم أنتم ؟ هل تصدّقهم أنت ؟
لم نعد نعرف ما الّذي نصدّق ،وما الّذي نكذّب .سنكذّب كلّ شيء... كذبوا ويكذبون وسيكذبون.. ولن نصدّق .


مقطع من الفصل الأول " في الطّريق إلى الحريق " من رواية" ثورة الجسد" / في انتظار النشر




#محمّد_نجيب_قاسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أيّ جحيم تأخذنا سياسة الأحزمة الناسفة والسيّارات المفخّخ ...
- نصّ من رواية ثورة الجسد
- الحريق الكبير
- أدب الثورة
- ثورة شعب على مرسي أم انقلاب عسكري؟ المقال الرابع: هل كان يمك ...
- ثورة شعب على مرسي أم انقلاب عسكري؟ المقال الثالث: انقلاب أم ...
- ثورة شعب على مرسي أم انقلاب عسكري؟ المقال الثاني: ثورة شعبية ...
- ثورة شعب على مرسي أم انقلاب عسكري؟ المقال الأول: سلسلة أخطاء ...
- حكاية- الإخوان المسلمين- والسلطة من حكاية الذئب وإلية الشاة
- لم يتقاتل المسلمون دوما في حين تهنأ بقية الأمم بالسلام معظم ...
- رسالة مفتوحة الى كل التونسيين :موالاة ومعارضة ومن هم على قار ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمّد نجيب قاسمي - في الطّريق إلى الحريق