أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (3)















المزيد.....

احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (3)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


وديع العبيدي
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (3)
شواطئ وبلدان..
"في الغالب أغادر المدن مرغما، وفي الغالب أدخلها أيضا مرغما!"/ سعدي
حييت سفحك عن بعدٍ فحيّيني.. يا دجلةَ الخيرِ يا أمَّ البساتينِ
يا دجلة َ الخيرِ يا نبعاً أفارقه.. على الكراهةِ بين الحينِ والحينِ - الجواهري
ما كانت تلك البلدان - لنا- يوما
نحن أتيناها خطأ، ثم أقمنا سنوات مرتحلين بعيدا عنها، لكنْ
ما أحببنا يوما أن نرحل في الحلم إليها.
رغم اتصال ابي الخصيب بالماء والميناء والبحر الذي يمضي ويقترف الشواطئ والجزائر والبلاد.. إلا أنني لا أعتقد أن سعدي سوف يعرف سرّ تسمية انطلاقته الأولى المبكرة بالقرصان، وهو يومذاك لم يكمل العقدين من سنيه. هل كان حلم القرصان يراود طفولته، أم ثمة مبررا سياسيا، أم رغبة مبكرة في استلام دفة القيادة.
القرصان كان قدر الشاعر، كان كارماه حسب عرافة الخيميائي لباولو كويلهو. تلك الكارما التي حكمت عليه بالتنقل من بحر إلى بحر، ومن قارة إلى قارة، ومن سماء إلى سماء، ومن مدينة إلى مدينة.. ومن بيت إل بيت.. حتى وجد نفسه متعبا من الترحال والتنقل..
بلا امرأة، وبلا بيت..
في عام 1994 أكمل الشاعر سعدي يوسف عامه الستين، السنّ المحددة للتقاعد من عمله التدريسي، والتفرغ التام للعمل الثقافي والأدبي الحرّ. وتؤرخ له احدى الدراسات الحديثة أنه أصدر عشر مجموعات شعرية خلال عقد التسعينيات. هذه المرحلة وما بعدها أشرت ارتفاعا كبيرا في معدل انتاجه الشعري، إضافة لانهماكه في العمل السياسي والوطني. حيث يكون حضور الوطن - السياسي والنوستالجي- مركزيا في معظم شعره لهذه المرحلة. ويمكن القول أنه.. كلما تراجع الهمّ المعيشيّ، تضاعف الهموم الفكرية والوجوديّة.
كانت هجرة سعدي يوسف مبكرة جدا.. تعود إلى أيام الخمسينيات، ثم الستينيات ثم السبعينيات، وكان خلالها يعود لماما ثم يهاجر ثانية.. ولكن هجرته الأخيرة كانت عام 1977 التي لم يعد أثرها ثانية.
والحقبة السبعينية تتحدد بتجربة الجبهة الوطنية التي لم تتجاوز صلاحيتها الخمس سنوات [1972- 1977]. فكانت الظروف السياسية مهماز علاقة الشاعر ببلده، من حيث طبيعة النظام السائد والسياسات الأمنية ومجالات حرية الرأي والتعبير والنشر.
سعدي يوسف لم يولد شاعرا فحسب، وإنما ولد شاعرا سياسيا مناضلا، برؤية ومنهج وموقف واضح جدا، لا لبس فيه ولا التباس.. ولم يتغير في/ عن موقفه ومنهجه خلال مسيرته الأدبية والسياسية الطويلة.. بل الأطول على الإطلاق في المدوّنة العراقية الثقافية حتى الآن.
بين الملكية والجمهوريات الأربعة أو الخمسة وعديد الانقلابات والاحتلالات، تغيرت أشياء كثيرة في العراق والمنطقة والعالم، ولكن رؤية سعدي وموقفه لم تقتصر على نظام أو وضع سياسي أو مرحلة، دون سواها. ذلك أن موقفه ورؤيته استندت منذ البدء إلى مبادئ واضحة وثابتة، إنسانية في جوهرها، وطنية تقدمية في توجهها، فكرية متسامية في هدفها.
هنا يقتضي التنويه لأمرين..
1- ان ثبات موقف الشاعر السياسي لا يعني الجمود وعدم التفاعل مع المتغيرات الدولية والمحلية.
2- وضوح مبادئ الشاعر لا يعني أنه ينتظر –انتظارا سلبيا- ولادة عراق جاهز ينسجم مع تطلعاته، لكي يعود إليه.
ان في مثل هذا الرأي كثير من التجني والافتراء الشخصي، وكثير من الجهل والتجاهل لمسيرته الذاتية والأدبية الواضحة وضوح الشمس. أن أحد مقومات تجربة سعدي ومحفزاتها التاريخية هي سمتها النضالية المكافحة، وهي المبرر الأكيد لاستمرار هجرته وتشرده الطويل، بدون تراجع أو مهادنة، أو استكانة، سواء في ظل الدكتاتورية أو الاحتلال أو العولمة. بل ان المبرر الأكيد والوحيد لهذه الوقفة والاشادة هي موقفه الانساني والشعري المناضل ضدّ آليات وبرامج الدمار والتخريب الوطني والعالمي الذي تقوده الامبريالية الأميركية وأدواتها، بدء من بلده العراق. وليست هذه مجرد دراسة أدبية فنية، انما هي تحية حب وتقدير وإكبار، لقامة شعرية نضالية متفردة في عالمنا العربي، وصوت متفرد يصرخ في برية العولمة والخدر الأمريكية.
سعدي لم يترك العراق، حمله معه.. مثل أم تحمل طفلها و(تلولي) له كي يهدأ.. كان يدور حوالي العراق.. عمّان.. دمشق.. صنعاء.. عدن، مسقط، وكلما يبتعد.. يعود ويدنو.. طيلة الثمانينيات والتسعينيات لم يبتعد سعدي.. في أيام الحصار الفلسطيني كان معهم في بيروت.. وفي يوميات خلايا الأنصار الشيوعيين كان معهم في رباياهم ومغاورهم الجبلية.. كان الشاعر يترجم حبّه وقصائده للرفاق..
كان بمستطاع سعدي الاقامة في احدى الدول الغربية مثل كثيرين، والارتياح من لجة التنقل وعدم الاستقرار، وقد تقدمت به سنوّ العمر.. ولكنه آثر البقاء قريبا من الناس.. قريبا من حركتهم واضطرابهم وبحثهم عن المستحيل..
كلّ الأغاني انتهت.. إلا أغاني الناس
والصوت لو يشترى.. ما تشتريه الناس
عمداً نسيت الذي .. بيني وبين الناس
منهم أنا.. مثلهم.. والصوت منهم عاد!..
بين شقق عمّان ودمشق.. واليمن.. في كل مدينة يقيم شهرا.. وفي شهر يسجل ديوانا شعريا.. [ديوان (قصائد ساذجة) مثلا]. يذكرني هذا بانتقالات عزرا باوند وقلقه المستمرّ.. بين لندن وباريس وجنيف وميلانو.. في كلّ بلد كان يكتب وينشر ويصدر مجلة ويعرف امرأة ثم يغادر.. لكن باوند استقر في ايطاليا.. والتبسته اشكاليات كثيرة، شخصية وعائلية وسياسية.. في ارتحالاته وسجنه كتب قصائده التي سمّاها [Cantos] ووضع لها أرقاما، وهي آخر ما أصدره. في الكانتوز كان يسجل يومياته..
كان عزرا باوند [1885- 1972م] شاعر عظيما.. وإنسانا كبيرا.. له بصمات أدبية وإنسانية واضحة في حياة كثيرين من الأدباء الآخرين.. ساعدهم في بداياتهم.. أمثال ايليوت ، جيمس جويس، همنغواي وروبرت فروست ممن حصلوا على جوائز نوبل، أما هو فقد تعرض للإهمال والأذى.. لكن عزرا باوند شاعر خالد.. بأدبه ومواقفه وأثره في حياة كبار الأدباء وصداقاته الواسعة مع الناس. علاقة عزرا باوند كانت مع البحر.. السفن التي حملته من أميركا الى أوربا.. والتي حملته مرغما ليسجن هناك على يد مواطنيه الأميركان في نهاية الحرب العالمية الثانية.. والسفينة التي أعادته إلى أوربا.. لكنه كان يكره البحر والسفن..
في 1999 يقرر الشاعر القرصان النزول في الجزيرة وقد بلغ الخامسة والستين، وقرف من المدن والشوارع والشواطئ المتشابهة.. وقرف اكثر من لغط الشعارات ولهو الاجتماعات وترف الانشقاقات ومزاعم البطولات.. قبل عام من ذلك كانت الادارة الأميركية قد صادقت على قانون تحرير العراق وهاجمت الأراضي العراقية مجددا في عملية (ثعلب الصحراء)..
لستُ معنيا بما يفعله الساسة في المستنقع الآن
ليَ الحلمُ..
(..)
لستُ معنيا بما قد كنت أعني
أنا في الحلمِ
فتاتي أمسكت بي من يدي قالت
لماذا أنت حتى الآن في هذا الرصيف؟..
العربات ابتعدت منذ سنين..
- قصيدة ذبذبة من مجموعة صلاة الوثني-
وفي لندن تستمر رحلة الشاعر وتجربته الأدبية والسياسية المميزة في وضوح الموقف وثباته، وتمييزه بين النظام الحاكم والوطن الفريسة الذي ينتقل من سيئ إلى أسوأ. وحين يرى تساقط الساسة وتلاهثهم بين أقدام سلطة الاحتلال، يفضح هشاشة المبادئ وفراغ الشعارات.. وفي هذا الصدد يكتب أحمد الناصري: "سعدي يوسف متابع دقيق للوضع السياسي العراقي والكارثة الوطنية، وله مصادره الكثيرة. والخلاف الحقيقي معه من قبل البعض قائم على أساس الموقف الأصلي من الاحتلال وتفاصيله، لمن مارس خيانة وسقوط ثقافي وسياسي وشخصي وأخلاقي قبض ثمنه المحدد، وبأساليب رخيصة بائسة. وهو موقف مسبق جرى على أساسه محاولة عزل سعدي والهجوم عليه لاقصائه وإسكاته، والتخلص من ثقله الثقافي وتأثيره المعنوي في كشف ذلّهم وعارهم وخيانتهم التاريخية المدوية؛ والخلاف العميق على تفاصيل الجريمة والكارثة الحالية ومن يتحمل مسؤوليتها".
ويكتب عنه الدكتور عبد العزيز المقالح: (سعدي يوسف.. الموقف والخصوصية) "لم يسارع إلى بغداد بعد سقوط التمثال، ونأى بنفسه عن أن يدخل مع الدبابات الغازية التي اجتاحت أرض الرافدين، لأنه كان معارضا وطنيا صادقا.. ذلك هو الشاعر الكبير سعدي يوسف، ابن العراق الذي يرفض أن يستبدل جسدا مريضا بالسرطان، بجسد مريض بالحمى، أو أن يبدل الجرح النازف بالغنغرينا.
وكم كان الكاتب اللبناني الياس خوري صادقا، وهو يصف سعدي يوسف الأمين المؤتمن على الحلم (سعدي الذي اختارته الغربة كي يبقى غريبا، ويستوطن الكلمات التي لبسته وجعلته شاهدا على الساعة المثعلبة، يعني العراق والفجيعة)". [جريدة الحياة 14 نوفمبر 2007].
أما الناقد مهدي شاكر العبيدي فيقول عنه: "في مجال توكيده ضرورة وقوف الشاعر إلى جانب شعبه في معاركه الفاصلة مع أعدائه من قوى الاستعمار والعبودية، فيعنو لما يتتابع عليه من صنوف البليّات والمصائب، وينهد لتصويرها في شعره، مجسدا تطلعاته ورغائبه، مهيبا به أن يصابر الأيام والليالي، فلا يهن عزما ويلين جانبا، حتى يوفي على البغية، ويبلغ القصد ثانيا. من هنا سبب التقدير الجمّ، وهذا التثمين الفائق لشاعرية سعدي يوسف وعطائه. [موقع مركز النور الثقافي 23 مايو 2012].
*



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (2)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (1)
- اتجاهات الرأي.. والرؤية العراقية
- الكراهية.. الأكثر كراهية!..
- في علم الاجتماع القبلي (10)
- في علم الاجتماع القبلي (9)
- في علم الاجتماع القبلي (8)
- في علم الاجتماع القبلي (7)
- في علم الاجتماع القبلي (6)
- في علم الاجتماع القبلي (5)
- في علم الاجتماع القبلي (4)
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (3)