أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل و كريمة الحفناوى - حول الدستور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية















المزيد.....

حول الدستور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية


محمد حسن خليل و كريمة الحفناوى

الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 14:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول الدستور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
إن السياق الرئيسى الذى تجرى فيه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى الفترة القادمة، والتحديات الرئيسية التى تواجه مصالح شعبنا فيها هى المحدد الرئيسى للموقف المتخذ فى الانتخابات القادمة على الجانبين. وتدور فى اللحظة الراهنة معركتان ضخمتان، هما أولا محاولات أمريكا والغرب استعادة حكم الإخوان، أو كحد أدنى الإبقاء عليهم كطرف سياسى علنى فعال على الساحة السياسية بهدف استعادته فى الحكم فى أقرب فرصة، والمعركة الثانية هى معركة شعبنا مع النظام القديم منذ تفجرها فى 25 يناير 2011 حول أهدافها الرئيسة فى الخبر والحرية والعدالة الاجتماعية.
ومن المعروف كيف مثل الإخوان جوهرة ثمينة للغرب عندما وافقوا على المشاركة فى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير بتفتيت الدول العربية لخلق دويلات كثيرة محل الدول القائمة لتحقيق الهدف الاستعمارى من تفتيت الكيانات القومية الكبيرة وخلق كيانات صغيرة تابعة لا تجرؤ على مقاومة مخططاته، ويرى الإخوان انها لا تتعارض مع أهدافهم فى الخلافة الإسلامية الجامعة فى كل الأحوال، حتى لو كانت جامعا شكليا، فهم طوال عمرهم لم يكونوا تنظيما وطنيا مبنيا على الانتماء للوطن. إنهم يعتقدون أن الوطن والعلم ومختلف تلك الرموز هى "أصنام العصر الحديث" التى تميز "جاهلية القرن العشرين"! وبالطبع تعهدوا للغرب أيضا باستمرار سياسات التحرير الاقتصادى بما يعنيه ذلك من استمرار النهب الاستعمارى أيضا! ورغم أن نجاح النظام الذى أتى بعد 30 يونيو فى إحكام سيطرته نسبيا على السلطة فى مصر وتقليص مستوى المعارضة بشقيها الجماهيرية والإرهابية، قد أدى إلى الاعتراف الغربى به وتعامله معه، إلا أن ضغوط الغرب للمصالحة مع القوى الإسلامية وكذلك مخططاته المخابراتية لمحاولة استعادة نظام الإخوان، مع ضخ السلاح والأموال له مازالت مستمرة على غرار ما فضحت الكثير من الصحف فى الأيام الأخيرة.
والمعركة الأخرى الكبيرة التى يخوضها شعبنا منذ 25 يناير 2011 وما قبله، معركة تحقيق أهداف الثورة من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، التى تبلور إدراك شعبنا لآثار السياسات النيوليبرالية لعهد مبارك وتفاقمها تحت حكم لجنة السياسات ووزارة نظيف. وفى الحقيقة لم تتخل كل حكومات ما بعد الثورة، سواء فى ظل المجلس العسكرى أم فى ظل الإخوان أم فى ظل حكومة الببلاوى، عن سياسات الحرية الاقتصادية والخصخصة التى كانت ومازالت السبب فى كل معاناته!
وقبل أن نتابع يهمنا أن نلقى نظرة على اللوحة الأخيرة للقوى السياسية الفعالة فى مصر الآن. تتجه القوى المختلفة إلى الاستعداد للمعارك الانتخابية البرلمانية والرئاسية بعدد من الاندماجات فى كيانات كبيرة، مع بلورة للمواقف استعدادا لتلك اللحظات. وتشمل تلك التحركات كل الاتجاهات على ناحية القوى المضادة للثورة كما على ناحية القوى الوطنية أيضا.
فعلى جبهة الثورة المضادة تتبلور كتلة التيارات المتأسلمة بين الإخوان المسلمين والتيارات الجهادية السلفية والتكفيريين وغيرهم من التنظيمات الإرهابية اللمتعددة فى سيناء، بجانب مؤيديهم فى تحالف دعم الشرعية المستند إلى حزبى الوسط والعمل. تستعد تلك الكتلة الآن لإفشال الاستفتاء على الدستور وفى نفس الوقت تتراص خلف مرشح الرئاسة الصهيو-أمريكى الإخوانى، عبد المنعم أبو الفتوح. كما تتم الصفقات بين حزب النور وجماعة الإخوان المسلمين لتبادل الدعم: فبينما يدعم الإخوان وصول السلفيين إلى البرلمان يدعم السلفيون مرشح الإخوان للرئاسة أبو الفتوح.
وعلى الجناح الآخر للثورة المضادة، تتبلور فى الأفق القوى اليمينية من رموز نظام مبارك الأسبق لتتخذ أشكالا متعددة: هناك الآن حزب الحركة الوطنية لأحمد شفيق، وحزب المؤتمر بقيادة عمرو موسى، والذى يضم عددا من أحزاب وحركات الفلول التى ظهرت بعد الثورة، وتيار الاستقلال الذى يضم 15 حزبا تشكلوا أثناء حكم مبارك وبعده، وعلى رأسهم أحمد الفضالى. ومن عجائب الدهر أن يختار تيار الاستقلال اليمينى نبيل زكى عن حزب التجمع متحدثا باسمه! وتأتى أيضا على ناحية هذا اليمين جبهة مصر بلدى من عدد كبير من رموز نظام مبارك الصريحة مثل مصطفى بكرى ومصطفى الفقى، التى تجتمع لتأييد السيسى مرشحا للرئاسة. وفى نفس السياق اندمج حزبا المصريين الأحرار والجبهة الديمقراطية مؤخرا، وقال د. أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة أن اندماج الحزبين جاء لملئ الفراغ السياسى ومواجهة بقايا تنظيم الإخوان المحظور.
ومن يطالع جريدة الوطن عدد 22 ديسمبر يجد خبرا يقول أن أحزاب جبهة الإنقاذ تعقد اجتماعات سرية مع مصر بلدى وتيار الاستقلال لتأسيس تحالف انتخابى كبير باسم الجبهة الوطنية يضم كل من جبهة الإنقاذ وجبهة مصر بلدى، حيث سينعقد مؤتمر تأسيسى كبير باستاد القاهرة لأحزاب التجمع (!) والمصريين الأحرار والمؤتمر وتيار الاستقلال وحزب الحركة الوطنية (أحمد شفيق) وحزب مصر الخضراء، وتضم هذه الجبهة عددا من نواب الحزب الوطنى المنحل. ويعنى هذا أننا أمام تيار يمينى متبلور ضخم يمثل انحياز كل الأحزاب الليبرالية للتحالف مع بقايا نظام المخلوع لكى يكونوا جبهة للثورة المضادة المدنية بجانب الجبهة الأخرى للثورة المضادة المتمثلة فى التحالف الإسلامى الضخم أيضا كما أوضحنا. الوحيد خارج السياق بينهم هو حزب التجمع الذى يواجه خيارا استراتيجيا بين دفء أحضان وتمويل أحزاب اليمين وبين تحالف اليسار!
ومن الطريف أن نرى موقف القوى الثلاث الرئيسية على الساحة من ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013: فالفلول وبقايا نظام مبارك يعتبرون أن 30 يونيو هو الثورة الوحيدة التى تمت ويدينون ثورة 25 يناير باعتبارها مؤامرة خارجية، ويسعون فى هذا إلى تشويه رموز الثورة من حركة كفاية وغيرها. بينما يعتبر الإخوان وحلفاؤهم أن ثورة 25 يناير هى الثورة الوحيدة، بحكم مشاركتهم فيها، ويعتبرون 30 يونيو انقلابا عسكريا! وحدهم الثوار الحقيقيون الذين شاركوا فى الثورتين والأمناء لأهدافهما يعتبرون أن 25 يناير و30 يونيو ثورتين أو حلقتين فى ثورة واحدة أو عملية ثورية متصلة!
وفى الواقع فإن هذه القوى الثلاث المتفاعلة، النظام القديم، والقوى والتيارات الإسلامية، وقوى الثورة هى أركان اللوحة السياسية منذ 25 يناير وحتى الآن، سواء تحالف اثنان منهم ضد الثالث أو تواجهت القوى الثلاث مع بعضها وكل قوة منفردة بنفسها.
خلال السنة الأولى للثورة وحتى فبراير 2012 ساد اللوحة التحالف بين المجلس العسكرى، قلب النظام القديم، مع الإخوان والمسلمين وحلفائهم فى مواجهة قوى الثورة. وبدا هذا منطقيا من وجهة نظر النظام القديم، إذ يحاول فى أعقاب ثورة طاغية ضده أن يبحث عن الحلفاء متمثلا فى الإخوان أكثر فصائل المعارضة تنظيما، والمتوافق مع برنامجه الاقتصادى فى الحرية الاقتصادية بالكامل. ثم انفض التحالف على إثر طموح الإخوان إلى تجاوز تحقيقهم الأغلبية فى السلطة التشريعية للاستيلاء على مواقع السلطة التنفيذية فى الوزارة ثم فى رئاسة الجمهورية. ومنذ ذلك الحين وكل قوى النظام القديم، بالجيش والحزب الوطنى وجهاز الدولة، فى مواجهة لا تهدأ مع الإخوان، ووصلت الآن إلى المعركة المسلحة التى نعرفها جميعا.
أما القوى الثورية فهى تحرص على استقلاليتها، وتواجه أعداءها طرفى الثورة المضادة، النظام القديم والقوى الإسلامية، سواء أكانوا متحالفين ضدها أم منفردين!
وبعد 30 يونيو لجأت قوى النظام القديم وفى القلب منها الجيش صاحب الدور الحاسم المباشر فى الإطاحة بالإخوان، لجأ إلى التحالف مع قوة المعارضة الثانية: المعارضة الليبرالية. ولا تستمد الأحزاب الليبرالية (المنتمية إيديولوجيا إلى الاقتصاد الحر أيضا) قوتها من جماهيريتها العالية، فهى غير موجودة، ولكنها تستمدها من كونها القوى المعتدلة التى تسقط فى فمها التنازلات التى تعطى نتيجة لنضال القوى الثورية الجذرية! وتمثل هذا التحالف فى دخول رموز كل من الحزب الديمقراطى الاجتماعى وحزب الدستور ليمثلوا الثقل الأساسى فى وزارة الببلاوى. ولكن سلوك هؤلاء تمثل فى اختيارين سياسيين كبيرين: أولا الانحياز شبه الكامل لمنطق تحرير الاقتصاد واستمرار العمل بمخطط الخصخصة، وحتى باتجاهات إلقاء حل مشكلة عجز الموازنة على عاتق الجماهير فى صورة محاولة تقليل دعم الطاقة وزيادة الضرائب غير المباشرة مع مجاملة الطبقات المالكة فى صورة رفض الضرائب التصاعدية! أما الاختيار الثانى الكبير فهو الاتجاه للمصالحة مع الإخوان المسلمين!
تدل كل الدلائل غير المباشرة، وكذلك المباشرة أيضا على أن ميول كل من رئيس الوزراء الببلاوى ونائبه زياد بهاء الدين فى المصالحة كانت تصطدم بالجيش، الطرف صاحب القوة فى الحكومة طبعا. بل تدل الدلائل أيضا على أن التنازلات المحدودة لقوى الثورة فى مجال الأجور وغيرها كانت نتيجة الضغوط المباشرة لقوى الجيش، وفى مواجة أغلبية الوزراء!
إن قوى الجيش والنظام القديم لا تنحاز لقوى الثورة وممثليها النادرين فى مجلس الوزراء (اثنين فقط) من باب تبنى قضاياهم، ولكنها ترى أن هذه التنازلات ضرورية لكى تسير المركب، بينما تخفق الكثير من القوى فى المعسكر المحافظ فى إدراك ذلك وتريد استرجاع نظام مبارك بكل أسسه سواء فى عدم التنازل أمام مطالب الثورة مع استمرار تحميل عبئ الأزمة الاقتصادية للفقراء وليس الأغنياء، أو فى الحفاظ على كامل وضعهم ومصالحهم الاستثنائية التى حققوها فى عهد مبارك!
ويقودنا هذا إلى قراءة المشهد الراهن وتوازن القوى الخاص به، فهذا هو الأساس الوحيد لبناء تكتيك ثورى لقوى الثورة وسط تلك اللوحة المتشابكة.
ويمثل مشهد تشكيل اللجنة التأسيسية ومخرجها فى مشروع الدستور المطروح للاستفتاء دلالات هامة على ميزان القوى الراهن. تشكلت لجنة وضع الدستور من 50 عضوا، منهم 12 عضوا على الأقل ينتمون للتيارات التقدمية القومية واليسارية. كيف جاء مخرجهم الأساسى، الدستور، وكيف يكشف هذا عن طبيعة موازين القوى المجتمعية؟
كان دستور 1971 معبرا عن طبيعة النظام السياسى الرئاسى المستبد فى صورة الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية، وكذلك عن النظام السياسى القائم على الحزب الواحد، الاتحاد الاشتراكى العربى. واحتوى دستور 1971 على بعض الحقوق الشعبية بحكم كونه قد جاء فى أعقاب إطاحة السادات بمراكز القوى ورغبته فى استمالة الجماهير لصفه نتيجة هذا الصراع على قمة الحكم.
وكان السادات قد غير نظام الحكم من حكم الحزب الواحد إلى التعددية المقيدة بين عامى 1974 و1977، ثم استأنف مبارك تجربة التعددية المقيدة منذ 1982 وحتى الإطاحة به. ولكن مطالب المعارضة طوال فترة حكم مبارك وبالذات منذ بدء حركة كفاية، وهم يطالبون بنظام ديمقراطى. ونظام التعددية المقيدة، رغم أنه يتسم بتعدد الأحزاب وحرية صحفها نسبيا إلا أنه لا يوجد به تداول للسلطة، التى تظل حكرا للحزب الواحد الحاكم. كذلك فإن حدود ديمقراطيته لا تتسع للحريات الشعبية فى الاجتماع والتظاهر والإضراب والتنظيم النقابى والسياسى والأهلى وغيرها. أما المعارضة، الليبرالية فتطالب بتداول السلطة والحد من سلطات رئيس الجمهورية ووجود وزارة مسئولة أمام البرلمان ويملك محاسبتها وإقالتها، كما تزيد الطبقات الشعبية وممثلوها عن تلك المطالب لكى تتضمن حريات الشعب المشار إليها أعلاه من تظاهر وإضراب واجتماع وتنظيم الخ.
جاء الدستور الجديد لكى يقنن بعض الأمور التى حدثت بالفعل، كما يقنن لأمور أخرى مراعاة لموازين القوى بالشارع. وقبل أن نستكمل يهمنا هنا أن نوضح حقيقة أن اليسار كثيرا ما يخطئ فى حساب ميزان القوى ويقلل من تأثيره الفعلى بحيث يجعلها مقصورة على أعضاء أحزابه المختلفة، بينما تتمثل قوة اليسار الحقيقية فى تأثيره فى الشارع وتمليك الجمهور لشعاراته وتنظيمها حولها. وبالتالى فإنه من الواضح من شعارات الثورة نفسها أثر اليسار فى الشارع، فى شعارات العدالة الاجتماعية والأجور والاسعار والضرائب التصاعدية وحرية الإضراب والتنظيم النقابى المستقل وغيرها وغيرها. واتضح أثر تلك التنازلات فى تسليم المجلس العسكرى منذ إعلاناته الدستورية الأولى مثلا بتحديد مدة رئيس الجمهورية بألا تتجاوز مدتين كل منهما أربع سنوات فقط. كما اتضح مغازلة كل من وصل للحكم أو أمسك الوزارة لمطالب الثورة.
عند مناقشة مشروع دستور 2013 تعالت مطالب اختيار نظام حكم برلمانى، ولكن توازن القوى أسفر عن نظام مختلط أقرب إلى الرئاسى، وبعيد عن النظام الاستبدادى السابق، فقلص من بعض صلاحيات رئيس الجمهورية، وقطع شوطا مهما فى اتجاه حكومة مسئولة أمام البرلمان، كما حقق شرط إمكانية تبادل السلطة. وتنازل المشروع للجيش عن سلطات سيادية فى تعيين وزير الدفاع، مع نوع من الرضاء أو التغاضى الشعبى، تقديرا لدور المؤسسة العسكرية فى إنقاذ البلاد من رئيس وحكم إخوانى مستبد.
قنن الدستور معظم الحريات التى طالب بها الليبراليون، وكثير من الحريات الديمقراطية الشعبية. ولكنه مثلا بينما قنن مبدأ حرية الأحزاب والجمعيات الأهلية بالإخطار، فإنه حرم ذلك عن النقابات.
وأقر مشروع الدستور عددا هاما جدا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما نجد فيما يخص حق جميع المواطنين فى التأمين الاجتماعى، وحق جميع المواطنين الذين لا يملكون تأمينا اجتماعيا فى ضمان اجتماعى ومعاش عادل، وقنن الفئات المستحقة للأخير فأنها الفلاحون والصيادون وعمال المياومة وكل العمالة غير المنتظمة. وتبنى الدستور معظم برنامج المعارضة الشعبية فى الصحة الذى طالبت به منذ عام 2008، كما تبنى برنامجا تقدميا محترما فى التعليم، ونص على حد أدنى من الميزانية يخصص لكل من التعليم الجامعى وقبل الجامعى والصحة والبحث العلمى، وتزيد تلك النسبة تدريجيا حتى تصل للنسب العالمية المتعارف عليها. كما يعد مشروع الدستور أكثر الدساتير المصرية تقدمية فيما يتعلق بوضع المرأة وتأمين المساواة الكاملة بينها وبين الرجل فى الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
وبالطبع تبنى مشروع الدستور فى الاقتصاد برنامجا جوهره الاقتصاد الحر، الذى تزينة بعض الالتزامات بحقوق الجماهير الشعبية. بل إن المادة 28 تتزيد فتضع من أسس الاقتصاد خصخصة الخدمات، إذ يقر بأن الأنشطة الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية تلتزم الدولة بحمايتها وزيادة تنافسيتها وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار بها. وهى مادة خطيرة بالطبع لأنها تضع الأساس لخصخصة الخدمات مثل المرافق والنقل والكهرباء والمياه والصحة والتعليم ومشاركة رؤوس الأموال المحلية والأجنبية به.
هذا هو انعكاس ميزان القوى بين القوى الحكومية المحافظة، والمعارضة الليبرالية، والمعارضة الشعبية. ولابد من فهم توازن القوى هذا بالمعنى الواسع، فهو يتضمن مثلا حرص الحكومة التى مازالت تخوض صراعا ضاريا ضد الإخوان على كسب الجمهور لصفها فى ذلك الصراع، الأمر الذى لن يتم بدون حد أدنى من التنازلات له، كما أن السعى لنيل الاعتراف الكامل من الغرب فى مواجهة الإخوان يدفع أيضا إلى الإسراع فى تقنين أوضاع ديمقراطية فى الداخل بدستور مقبول شعبيا ودوليا وتنفيذ خريطة الطريق التى وضعوها فى أقل مدى ممكن.
والدستور فى المحصلة يشكل تنازلات هامة ولكنها بالطبع لا تحقق كل ما كنا نطالب به. وبما أن المعركة تدور فى سياق النزاع على الشرعية بين تنظيم الإخوان المسلمين الذين لم يتصوروا تنحيتهم عن السلطة، وبين الشعب الذى ثار لعزلهم والجيش الذى أيده، فالموقف التقليدى للشعب، حتى لمن لم يقرأ الدستور، هو تأييد الدستور بحكم تأييد السلطة الحالية فى معركتها ضد سلطة الإخوان. والموقف الواجب لليسار فى هذه الحالة هو تأييد الدستور مع توضيح نواقصه، ولكنه يمثل أساسا جيدا يمكن البناء عليه وتطويره والنضال لاستكماله، كما يمثل بيئة خصبة للوقوف ضد نزعات الحكومة التى لم تتوقف لمزيد من الخصخصة للصحة والخدمات عموما، مسلحين هذه المرة بدستور يؤيد مطالبنا تلك.
يتضح مما سبق أهمية أن يخوض اليسار معركتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من أرضية التمسك بشعارات وأهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والإصرار على تحقيقها واستثمار كل إيجابيات الدستور الحالى فى هذا الاتجاه.
ولكن هذا لا يجيب على كل الاسئلة التفصيلية: فماذا عن مستقبل التحالف بين جناحى القوى الاشتراكية والقوى الناصرية القومية؟ هل يتحالف القوميون مع الاشتراكيين، أم تراودهم المواقف القديمة التى تمسك العصا من المنتصف مع الإخوان المسلمين؟ هل تتشكل جبهة مبدأية موحدة لليسار كله أم لا؟ هل ينشأ بينهم تحالف استراتيجى أم مجرد تحالف سياسى؟ هل ننحو نحو انتخابات برلمانية أولا أم انتخابات رئاسية أولا أم يتم إجراؤهما معا فى نفس التوقيت؟ وماذا عن الترشيح لرئاسة الجمهورية؟
نهدف فى هذا المقال إلى تحليل عناصر توازن القوى الراهن وخلفية موقف كل منها، كما نهدف إلى إثارة أسئلة لابد أن نجيب عليها ونبلور موقفا يتم إعلانه لليسار.
محمد حسن خليل وكريمة الحفناوى
26 ديسمبر 2013



#محمد_حسن_خليل_و_كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية مستقبلية لمصر الثورة


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل و كريمة الحفناوى - حول الدستور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية