أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ييلماز جاويد - حوار مع عبد القادر ياسين و مصير الشيوعية وأسباب إنهيار الإتحاد السوفييتي















المزيد.....


حوار مع عبد القادر ياسين و مصير الشيوعية وأسباب إنهيار الإتحاد السوفييتي


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 01:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


شكراً لطاقم الحوار المتمدن أوّلاً لتبنيهم الأسلوب الحضاري في طرح المواضيع المهمة في حياتنا للنقاش والحوار العام وإتاحة الفرصة لكل ذي صلة أو صاحب رغبة في المشاركة للإدلاء بدلوه ، ولإطلاع العامة على جميع الآراء التي تفتق الأذهان وتوسّع المعرفة وترفع مستوى الوعي . وأشكرهم ثانياً لإرسال الدعوة لي كي أساهم في الحوار الذي أعتبره موضوعاً يهم المجتمعات كلها في هذا العالم .
ما رغبت أن تكون مشاركتي في الحوار على شكل تعليق من التعليقات التي وردت في نهاية الدعوة المقدمة من قبل الأستاذ عبد القادر ياسين ، لا بسبب تقليل شأن التعليقات و آراء أصحابها ، بل بالعكس فأنا أحترم آراء الجميع ، إن كانت متفقة مع رأيي أو لم تكن . فضّلت أن أتحرر من المساحة المحدودة للكتابة وأكتب ما أراه ضرورياً لإيصال وجهة نظري إلى القراء والمتحاورين ، وأتحاشى كتابة تعليقات متعددة ، كما فعل أحد الإخوان ، لأني رأيت ذلك تشتيتاً لإنتباه القارئ وبالتالي صعوبة ربط الأفكار المنطوية عليها تلك التعليقات .
إن الموضوع المطروح من الأهمية بمكان بحيث لا مجال للنقاش فيه إلاّ بإلتزام الأسلوب العلمي في الحوار بعيداً عن الإتهامات الشخصية من محاور إلى آخر كأسلوب لتفنيد رأيه و لا إلى كيل إتهامات ، بدون أسانيد ، لشخصيات كان لها دورٌ في أحداث تتعلق بالموضوع .
طرح الأستاذ عبد القادر ياسين الموضوع في محورين " مستقبل الشيوعية " و " أسباب إنهيار المعسكر الإشتراكي " . وسأحاول إبداء رأيي في المحورين بإختصار قدر الإمكان ، ملتزماً العلمية والحياد في الطرح تاركاً للقارئ مهمة الرجوع إلى المصادر في حالات الشك في ما أطرح .
مستقبل الشيوعية
ليست الشيوعية جنة الله في الأرض ، بل نظامٌ إجتماعيٌّ يصنعه البشر، لبني البشر في مرحلة تساويهم في الحقوق والإلتزامات بدون يُنازع أحدهم الآخر ، نظام يتميّز بزوال التفرقة الطبقية ؛ التي تصنف الناس بدرجات متفاوتة من الحقوق والواجبات في المجتمعات الطبقية السائدة الآن . ليس هذا قولاً لماركس أو أنجلز ، حتى يكتسبا موقعاً مرجعياً على الناس إتباع أوامرهما ، بل هو علمٌ كبقية العلوم ، وإن إختلف عن علوم الرياضيات والكيمياء والفيزياء ، ولكنه كأحد العلوم الإجتماعية يجب أن تؤخذ ظروف البلد والمجتمع الذي يُراد تطبيقه فيه كشروط لحسن تطبيقه . أكتشف ماركس المادية الديالكتيكية ومن دراسته للإقتصاد الرأسمالي إكتشف ما سمّي " القيمة المضافة " التي تكون من حصة رأس المال ، بدون إستحقاق وعلى حساب حصة " العمل " خالق القيمة للمنتوج ، ووصوله إلى تشخيص سبب الصراع الطبقي . ثم دراسته لتاريخ البشرية وتحليله لمراحل تطور العلاقات الإجتماعية منذ نشوء الملكية و ما أدّى ذلك إلى نشوء المجتمع الطبقي وبالتالي فعل الصراع الطبقي إلى التغييرات الإجتماعية حسب مراحل تطور المجتمعات فوضع نظريته في المادية التاريخية التي تعتبر أول محاولة علمية لتفسير تاريخ البشر، ومنها توضّحت عنده مجريات التنبّؤ بمستقبل المجتمعات البشرية والتي تتمثل بالتحوّل من مرحلة الرأسمالية إلى مرحلة الإشتراكية التي تعتبر مرحلة إنتقالية لبناء مستلزمات التحول إلى مرحلة الشيوعية . إن المعطيات التي إكتشفها ماركس ببحوثه الفكرية ، وبأسلوبه العلمي البحت , كانت كافية لإستنباط قوانين حركة التاريخ وتتابع المراحل الإجتماعية في المجتمعات الطبقية وحتمية مآلها ، بفعل الصراع الطبقي ، إلى التحوّل إلى الإشتراكية . الصراعُ الطبقي عبارة عن صراع بين أكثر من جهة واحدة من أجل الموقع الأفضل ، ولذلك نرى أن الصراع لا ينحصر بين جهة ظالمة واحدة وأخرى مظلومة ، أو ما يُعبّر عنه بالصراع بين الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج والطبقة العاملة ، بل نجد صراعات بين شريحة وأخرى من نفس الطبقة الإجتماعية ( كالصراع بين شرائح البرجوازية في نفس البلد ) وكذا الصراع الطبقي في المستوى الدولي ( بين رأسمالية دولة ضد رأسمالية دولة أخرى ) . إن حتمية التحوّل الإشتراكي حسب ماركس لا يشترطُ وجود حزب شيوعي إلاّ بالقدر الذي يختصر مدة التحوّل بمساهمته في التخطيط والتوجيه لتفادي المعرقلات . ولم يكن في طرح مفهوم دكتاتورية البروليتاريا عند ماركس ما نفهمه عن عبارة الدكتاتورية نحن في هذا العصر . دكتاتورية البروليتاريا بمفهوم ماركس تمثل سلطة الطبقة العاملة عندما تكون هذه الطبقة تمثل أكثرية المجتمع فعلاً وحقيقة وتنتخب قيادتها بأسلوب ديمقراطي صحيح مستند إلى وعي ببرنامج مصالحها ، وتخوّلها الصلاحيات لتنفيذ ذلك البرنامج ؛ أي ( إملاء ) الأوامر والتعليمات لغرض التنفيذ ، ومن هنا أتت عبارة الدكتاتورية Dictate و Dictatorship . إذ لا توجد سلطة تصدّر أوامرها وتفرض تطبيقها في أي مجتمع ما لم تكن تحمل صفة الدكتاتورية فالعبرة أصلاً وحسب مبادئ الديمقراطية هي في كون السلطة تمثل فعلاً مصالح أكثرية أبناء المجتمع أم لا .
مرحلة النظام الإشتراكي مرحلة إنتقالية ، يفترض فيها أن تكون مرحلة تهيئة مستلزمات التحوّل إلى مرحلة الشيوعية . إنها تمثل ثورة كبيرة عليها تغيير وجه المجتمع كله من جميع نواحيه الإجتماعية والنفسية والعلمية والثقافية والأخلاقية ، من الناحية الإقتصادية وعلاقات الإنتاج إلى أساليب الترابط الإجتماعي الجديدة المتوائمة مع قيم الشيوعية البعيدة عن الأنانية وحب الذات ، وعلى الشعور بالمسؤولية بدون الحاجة إلى رقيب . إن القيم المثلى التي يكون فيها الإنسان في المجتمع الشيوعي تُعتبر خيالاً لا معقولاً بمقاييسنا الحاضرة . ولذلك فإن ثورة مرحلة الإشتراكية وسلطتها لا بد أن تكون مؤهلة ومخوّلة بصلاحيات كافية لفرض التغييرات ، وحسب البرنامج العلمي المحدد لها والمتجدد بوعي حسب تقدم العمل فيه . من هنا نرى أن ليس من الضروري أن تنجح كل تجربة تسمّي نفسها بسلطة دكتاتورية البروليتاريا في بناء صرح الإشتراكية المؤدي إلى الشيوعية لأن المجتمعات لم تصل إلى المرحلة التي تكون فيها الطبقة العاملة تمثل أكثرية الشعب و لا إرتفع الوعي الطبقي والأهلية لدى الطبقة العاملة أن توحّد صفوفها وتضع برنامجاً لتوجهها نحو بناء السلطة الممثلة لمصالحها و لا هي تتمكن من إنتخاب قيادة تمثل فعلاً طموحاتها .
لم يدّعِ لينين بناء الدولة الإشتراكية ، لمعرفته أن بناء النظام الإشتراكي يتم بعد هدم النظام الرأسمالي الذي خلق طبقة عاملة رزحت تحت الظلم الطبقي لرأس المال ، ودخلت في أتون الصراع الطبقي للخلاص من الرأسمالية . هذا الظرف الموضوعي الأساسي لبناء الدولة الإشتراكية لم يكن موجوداً في روسيا أيام نشاط لينين وقيام الثورة البولشفية . ولقد كان رأي لينين الحقيقي ضد معارضيه أن لا تعارضَ بين أن يكون الحزب البولشفي في السلطة وبين قيام السلطة بتنفيذ برامج الإصلاح الإجتماعي بما تتطلبه الظروف الواقعية في روسيا ، أي بمعنى آخر ، البدء بمرحلة الثورة الديمقراطية البرجوازية لنقل روسيا من مرحلة الإقطاع و ملاك الأراضي وسيطرة الكنيسة إلى دولة عصرية ( آنئذٍ ) دون تهميش لطبقة البرجوازية بل على العكس تنشيطها لبناء صناعة وطنية متقدمة ، ضمن القطاع الخاص ، إلى جانب القطاع العام ، بقصد تكبير حجم الطبقة العاملة في القطاعات الصناعية . كان لينين بفهمه العميق لأعمال ماركس مؤمنا أن المجتمع بملايين أبنائه ، والذين يمثل الفلاحون أكثريته ، لا يمكن تحويله إلى مجتمع إشتراكي وحرق مرحلة الرأسمالية , سيّما أن مرحلة الرأسمالية بذاتها مرحلة طويلة في مدتها لما تتطلبه بداية هدم وإلغاء النظام الإقطاعي وتحرير الفلاح وتمليكه الأرض الذي كان يزرعها ثمّ بداية تكوين البرجوازية الصغيرة بتنوّع نشاطاتها ونهوضها لتتحول إلى برجوازية متوسطة وكبيرة رأسمالية وتصبح أحد طرفي الصراع الطبقي المؤدي إلى نضوج أفكار الدعوة للإشتراكية . كان لينين شخصية فذة ، ناضجاً في فهمه للماركسية ، وكانت خطته في نضاله من أجل بناء الشيوعية خطة طويلة المدى ، كان يعرف أنها لا يمكن إكمالها في فترة حياته الشخصية ، ولذلك بدأ خطوته الأولى ببناء سلطة الحزب البولشفي وتشكيل الإدارات المنفذة من الكوادر المتقدمة التي كان يأمل منها إكمال تنفيذ برنامج الثورة بعده . ولكن الذي حصل أن حياة لينين لم تكفه ليستكمل وضع اللبنات الأساسية للنظام الجديد لتكون درعاً لا يسمح بالردة أن تحدث ، فبعد رحيل لينين جاءت مرحلة قيادة ستالين الذي لم يبلغ لينين في مستوى فهمه وتشبّعه بأعمال ماركس وكذا القياديون الذين لم يثبتوا الجدارة القيادية الذاتية بعد رحيل مرشدهم ، عندها ، وبسبب الظروف الدولية الأخرى فقد إنحرفت القيادة عن مسارها الذي كان لينين يأمل أن تسير الثورة فيه .
وختاماً أود أن أؤكد قناعتي الشخصية ، وأعتقد إنها ليست قناعة المؤمنين بالماركسية كسلاح بيد العاملة فحسب بل قناعة حتى العلماء ، في بلاد الرأسمالية ، المكلفين من القوى المضادة للعمل على عرقلة وتأجيل موعد التحول من الرأسمالية إلى الإشتراكية لا منع حدوثه ، لأن هذا التحوّل حتميٌّ لا ريب فيه .
أسباب إنهيار المعسكر الإشتراكي
لم أتوصّل إلى تفسير أسباب صياغة الأستاذ عبد القادر ياسين محوره " أسباب إنهيار المعسكر الإشتراكي " . هل كان الأستاذ عبد القادر يعتبر الإتحاد السوفييتي والدول الدائرة في فلكه مجرّد " معسكر " أم أنها كانت دولاً لكلّ منها نظامها وسيادتها ، ولو كان هناك من يجادل في نسبية ذلك ؟ أم أن الأستاذ عبد القادر أراد حصر موضوع المحور بالجانب العسكريّ وليس النظام بكامله ؟
سأتناول مناقشة المحور ، على قدر فهمي لقصد الأستاذ عبد القادر ، عن أسباب إنهيار نظام الحكم المسمى بالإشتراكي سواء في الإتحاد السوفييتي أو البلدان الأخرى التي تبعت ذلك التغيير .
كان لإنهيار نظام الحكم " الإشتراكي " في الإتحاد السوفييتي والبلدان الأخرى وقع كبير على العالم كله شعوباً وحكومات . عمّت الفرحة في مستوى الدول الرأسمالية التي إعتبرتها نصراً لها ونصراً للحرب الباردة والحرب النفسية التي مارستها على تلك الدول . وكذلك عمّت الفرحة في قلوب غلاة العنصريين القوميين و المتعصبين من قيادات الطوائف الدينية ، بينما عمّ الوجوم وخيبة الأمل والحيرة في التنبؤ بالمستقبل لدى الدول التي كانت تستند في ديمومتها على الدعم ، بأشكاله ، من الإتحاد السوفييتي وتلك الدول . كما عمّت الأحزان في قلوب الكثير من شعوب العالم المناضلة من أجل تحررها أو الطامحة للإقتداء بخطوات دول سبقتها في مضمار بناء مستقبل أفضل للإنسان .
قبل أن أسترسل في بيان بقية وجهة نظري لا بد أن أعرّج على موضوع الحالة النفسية للإنسان العادي وآثار إنتمائه الإجتماعي وإنحداره الطبقي في تحديد تفكيره وسلوكه.
لا يتساوى الأشخاص في فهم الأمور التي يواجهونها و لا في إستجابتهم لها ، ومردّ ذلك ثقافتهم المتأتية من تربيتهم السابقة وإنحدارهم الإجتماعي أو الطبقي ، فمثال ذلك تردد رجل ينتمي إلى عشيرة من إنتخاب شخص آخر غريب في الإنتخابات بينما يوجد مرشح آخر من أبناء عشيرته حتى لو تمت محاولة إقناعه بأفضلية الشخص الغريب . والأمثلة كثيرة ومتنوّعة في مجتمع تعداده بالملايين . ليس من السهل تغيير المجتمع بكامله بأوامر إدارية فوقية بل يحتاج ذلك إلى عمل جاد ونضال عنيد متواصل قد يأخذ عقوداً . من هذا يمكننا تصوّر مدى صعوبة تحويل المجتمع من مرحلة إجتماعية وإقتصادية معينة إلى المرحلة التي تأتي بعد التي تليها ( أي بحرق مرحلة كاملة ) ، فالفلاح في ظل الملكية الإقطاعية يحلم بالخلاص من سطوة الإقطاعي وتملّك قطعة الأرض التي يزرعها , وإن جاءت السلطة وأممت الأرض وبدل توزيعها على الفلاحين إحتفظت بملكيتها للدولة جعلت الفلاح يعمل في الأرض ذاتها ، فإن الفلاح لا يمكن أن يقتنع بصحة كون ما قامت به السلطة هو الأصلح له ولجميع الفلاحين . ونفس المقارنة يمكن أن تسري على التاجر والصناعي إذا قامت السلطة بتأميم تجارته وجعله موظفاً عاملاً لديها . إن مثل هذه الإجراءات التي قد تتخذها السلطات هي أشبه بعمل الذي يقطع غصن الشجرة التي يقف عليها . أن عملاً كهذا يدفع عملياً تلك الطبقات الإجتماعية المفترض بها أن تكون إحتياطياً للسلطة الجديدة إلى أن تتحوّل إلى عكس ذلك وتكون إحتياطياً لقوى الردّة . لقد كان لمؤلفات لينين في هذا الصدد شرح تفصيلي لتفادي الإندفاعات اليسارية الطفولية لدى القيادات .
الظروف الدولية التي ساعدت على إطالة عمر النظام
1. الحرب النفسية والإعلامية التي مارستها الدول الغربية على الإتحاد السوفييتي مما جعل الشعب يلتف ويتوحد تحت قيادة السلطة .
2. مرحلة الكساد الإقتصادي الذي شمل العالم كله وكانت حصة الشعب من المعاناة من الكساد في الإتحاد السوفييتي الأقل مما جعل الشعب راضياً بوضعه ما دام أفضل من باقي الشعوب .
3. الحرب التي شنتها ألمانيا النازية على الإتحاد السوفييتي مما أدى إلى توحيد صفوف الشعب في دفاع مستميت عن الوطن .
4. الإنتصار الذي حققه الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية بكسره شوكة ودحر جيوش هتلر والوصول إلى برلين قبل وصول جيوش الدول الغربية .
هذه العوامل وغيرها من عوامل ثانوية جعلت السلطة مقبولة في نظر الشعب .
الظروف الداخلية التي ساعدت على إطالة عمر النظام
1. السمعة الطيبة التي ورثتها من مرحلة وجود لينين على رأس السلطة وموقع ستالين في النظام وعلاقته الشخصية بلينين .
2. التوسع في تقديم الخدمات كوسيلة تخديرية غير جدية في عملية البناء .
3. بناء التنظيمات النقابية والجمعيات الفلاحية والشباب والطلاب وتسليمها إلى الأعوان المسايرين لنهج القيادة .
4. عسكرة المجتمع وتقوية القوات المسلحة والشرطة والمخابرات لردع أي تحرّك معادي بحجة مواجهة الخطر الخارجي .
5. الحملة الإعلامية المكثفة بحجة مجابهة الإعلام الغربي الموجه .
الظروف الدولية التي هيأت لإنهيار النظام
1. تكبّد الإتحاد السوفييتي خسائر كبيرة سواء بافراد الجيش والشعب في مقاومة ودحر جيوش هتلر الغازية بالإضافة إلى تكاليف الدمار الذي حصل وتكاليف الحرب .
2. التهديدات المستمرة وإحتمالات التدخل العسكري من قبل الدول الغربية ، سيما وقد تم تطويق الإتحاد السوفييتي بسلسلة من الدول المحاددة وترابطها مع بعضها والدول الغربية بمعاهدات وأحلاف عسكرية ؛ مثل حلف دول جنوب شرق آسيا وحلف بغداد وحلف شمال الأطلسي ( الناتو ).
3. الحملة الإعلامية الغربية الموجهة ضد الإتحاد السوفييتي كنظام أو ضد الفكر الماركسي اللينيني وزرع الخلافات بين النظام وبين رجال الدين بتصوير الفكر الماركسي كفكر إلحادي ، وخلق رأي عام عالمي معاد له .
4. إشتراك قوات الإتحاد السوفييتي في الحرب الكورية التي أثرت سلباً على الإقتصاد ، وكذا الدعم المادي والعسكري الذي قدمه الإتحاد السوفييتي إلى حركات التحرر في العالم في مقدمتها الحرب الفييتنامية . وكذلك غزو أفغانستان .
5. إضطرار الإتحاد السوفييتي إلى رهن ميزانية الدولة بالنشاط العسكري وسباق التسلح وغزو الفضاء مما أثقل كاهل الإقتصاد وأقعده من تخصيص مبالغ تكفي لبناء البلاد وتقديم الخدمات لأبناء الشعب .
وهناك أسبابٌ ثانوية التأثير كثيرة يمكن تعدادها في هذا الصدد .
الأسباب الداخلية التي كانت السبب في إنهيار النظام
1. عدم تمتع قيادة الحزب ، ما بعد لينين ، بالأهلية الفكرية والثقافة الماركسية والحنكة السياسية ، مما جعلها تتخبّط في قراراتها المتناقضة في كثير من الحالات ، وبالأخص القرارات الفردية التي كان يتخذها ستالين دون التشاور مع غيره أو الرجوع إلى قيادة الحزب .
2. لم يكن معظم أعضاء قيادة الحزب من الطبقة العاملة التي تؤهلها مجريات عملها في ظل الرأسمالية من فهم عمق أعمال ماركس ، وبإختلاف نظراتهم إلى تلك الأعمال إختلفت آراؤهم في رسم خطوط تنفيذها مما فتح المجال إلى إتخاذ القرارات بدون إتفاق الآراء أو حتى لمجاراة رأي القطب الأكبر .
3. أنا مع الرأي الذي ذهب إليه السيد محمد سعيد ( في مشاركته في الحوار ) أن ( ظهرت عيوب المركزية و لم تستطع البيروقراطية مسايرة تطوّرات القرن العشرين وبذلك دخل المجتمع السوفييتي مرحلة صراع طبقي حاد بين الفئة البيروقراطية العليا التي كانت ترى الحل في التعددية السياسية ذات النمط الغربي والعمل بإقتصاديات السوق وبين الطبقات الشعبية المتمسكة بالإنجازات " الإشتراكية " المتحققة )
4. كان لستالين نزوع لفرض شخصه ( القائد المقرر ) ويعزى ذلك إلى خلفيته كإبن لرجل دين وكان مرشحاً أن يسير على خطى أبيه .
5. بفعل الحصار الإقتصادي المفروض على الإتحاد السوفييتي من دول الغرب فقد إنهار سعر تبادل العملة ( الروبل ) من سعره الرسمي 1.05 دولار لكل روبل إلى مايقارب ستة روبلات مقابل كل دولار في السوق السوداء ، مما خلق صعوبات كبيرة للسلطة في تعاملاتها الخارجية من إستيراد وتصدير .
6. للأسباب أعلاه أصبحت الديمقراطية تصلح فقط شعاراً يُرفع بينما كانت خطط التلاعب بنتائج الإنتخابات العامة والحزب والمنظمات ممارسة إعتيادية لضمان أن تكون لصالح الحزبيين الموالين وتهميش غيرهم .
7. الحملة الإعلامية للسلطة كانت قاصرة عن تبرير أسباب عدم توفر الخدمات والبضائع الضرورية .
8. كان دور المخابرات في مكافحة النشاط المعادي للسلطة ودور موظفي الخدمة العامة يمتد أحياناً لينال الأبرياء بقصد الحصول على الرشاوى ، مما أضعف ثقة الشعب بالنظام .
9. الإنشقاق الذي حدث في صفوف الحركة الشيوعية العالمية وأحزابها بخروج الحزبين الشيوعيين الإيطالي والفرنسي ومن بعد إنشقاق الحزب الشيوعي الصيني ، ولّد بلبلة فكرية وخيبة أمل وشك في إمكانية إستمرار الإتحاد السوفييتي في الصمود فكرياً . كما كانت لأحداث هنغاريا وجيكوسلوفاكيا ومن بعد ذلك في بولونيا تأثيرات سلبية إضافية .
10. تمسّك القيادة بأنها تمثل نظاماً إشتراكياً دون وجود ما يعزز ذلك الواقع الحياتي لأبناء الشعب . وقد مارس بعض القياديين أسلوب التمويه بالوعد بالمستقبل الزاهر بدون الإستناد إلى حقائق ، فتصريح خروشوف في مؤتمر الحزب الثاني والعشرين بأن الإتحاد السوفييتي سيدخل " مرحلة الشيوعية " في عام 1980 لم يكن بأي حال صحيحاً . لقد كانت أفكار لينين تتركز في جعل الجيل الحاضر المكافح يحس ويتمتع بالمكتسبات التي تتحقق من نشاطه وتضحياته ، بينما مارست قيادة السلطة سياسة تأجيل المكاسب عن الجيل الحاضر ، والتضحية به على مذبح بناء الحياة الأفضل للأجيال القادمة . هذه السياسة أدت إلى عزل السلطة عن الشعب وترتب عن ذلك الإنفصام فسادٌ وتدني مستوى المسؤولية وكذلك تدنّي نوعية الإنتاج والخدمات . لقد تحوّل الشعب إلى اللاأبالية .
11. إغتناء رجال الحكم والحلقات المحيطة بهم من المال العام وإستشراء الفقر بين أبناء الشعب .
12. تمكّنت قوى الردة ، داخلياً كانت من الطبقات المتضررة من النظام أم خارجية زرعت من قبل الدول المعادية ، من التسلل إلى مواقع متقدمة في الحزب والسلطة وتربصت الفرصة للإنقضاض وإنهاء النظام ، وهذا ما حصل في الإنقلاب الذي قاده يالتسين وإستلامه للسلطة دون بروز أية قوة شعبية أو عسكرية للدفاع عن النظام الذي كان قد أصبح غطاءً لكيان معزول عن الشعب موبوء بالفساد .
كما لا يسعني إلاّ وأن أؤكد للنائحين على إنهيار الإتحاد السوفييتي كنمزذج للدولة " الإشتراكية " أن الإتحاد السوفييتي لم يكن ، عملياً ، يوماً ، دولة إشتراكية على النمط الذي ورد في أعمال ماركس ، ولكن يبقى الفخر للقائد الفذ لينين أنه ناضل شديداً لإقامة الصرح الذي كان يحلم به .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشَفَقَة ..!!
- ما أشبهَ اليوم بالبارحة !
- مُتَوَرِّطٌ أخوك لا بَطَر
- مسمارُ جُحا في المنطقة الخضراء
- تبّت الأيادي
- حبلُ الكذبِ قصير !
- إنتهازية أعضاء المجلس
- أينَ المالكي من عبد الكريم قاسم ؟
- الداءُ لا يصلحُ دواءً
- الإفلاسُ السياسيّ
- طلَبٌ ساذج !!
- الذكرى الخمسون لإنقلاب الثامن من شباط
- جبالُ كردستان ... سندانٌ
- الصّراعُ مِن أجلِ البقاء ... بأيّ ثمَن
- الجوّ السياسيّ العَكر !!
- إبشِر يا المالكي
- نَحنُ ... إذاعة
- إلى ( المثقفين ) !!
- مَجلِسُ النُوّاب !!!
- ديمقراطية أم أوليغاركية ؟


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ييلماز جاويد - حوار مع عبد القادر ياسين و مصير الشيوعية وأسباب إنهيار الإتحاد السوفييتي