أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - إعمار العراق ولعبة الشركات الوهمية















المزيد.....

إعمار العراق ولعبة الشركات الوهمية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 15:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غني عن القول أن العراق الجديد ورث تركة ثقيلة جداً من العهد البعثي الفاشي البائد، فبعد 35 سنة من الحروب الداخلية والخارجية، والحصار الاقتصادي والتجويع والتشريد، وحرمان الركائز الاقتصادية والبنى التحتية من الصيانة والإدامة، إضافة إلى تفتيت النسيج الاجتماعي، وما أصاب العراق من دمار مادي وبشري شامل، فإن مجرد التفكير بحكم العراق، ناهيك عن اعماره، هو نوع من الكوابيس.

فبعد كل هذا الخراب، مازال البعض من الكتاب يتعاملون مع العراق كما لو كان بلداً طبيعياً ومستقراً، فإذا ما أرادوا انتقاد حكومته على النواقص، قارنوا وضعه بما يجري في الدول الأوربية الديمقراطية العريقة. نسي هؤلاء أو تناسوا عمداً، أن العراق يمر بحالة فريدة من نوعها، ولأسباب عديدة، منها ما أشرنا إليه في أعلاه، إضافة إلى الإرهاب البعثي- القاعدي المدعوم من الخارج، والصراع الطائفي، وتشرذم القوى السياسية إلى مئات من الكيانات المتصارعة على السلطة والنفوذ، وإستعداد البعض منها التعاون مع الإرهاب وإلحاق الأذى بالشعب نكاية بالحكومة، ودور البعث في تدمير الروح الوطنية وتصعيد الولاءات الثانوية على حساب الولاء الوطني.
كما وذكرنا مراراً عن خبرة البعثيين الفائقة في الإعلام المضاد، وتضليل الشعب والرأي العام، وتشويه سمعة خصومهم، وحتى قبل ظهور التقنية المعلوماتية الجديدة المتطورة، فهم يقومون بكل هذا التضليل باسم الوطنية، والحرص على مصلحة الشعب. والمؤسف أن هناك شريحة من الناس، وبدافع الحرص على المصلحة العامة يصدقون الإشاعات السامة ويساهمون في ترويجها.

وبعد كل هذا الخراب، لا شك أن العراق يحتاج إلى إعمار واسع في جميع المجالات، الاقتصادية والتنمية البشرية، تقدر تكاليفها بمئات المليارات من الدولارات، ولا يمكن تحقيق هذا الإعمار في بضع سنوات أو حتى بجيل، رغم أنه يتمتع الآن بموارد نفطية غنية تؤهله للقيام بهذه المشاريع.

ولكن المشكلة التي تواجهها حكومة الشراكة الوطنية المنتخبة، أنها محاصرة بالكثير من المعوقات التي تصد الشركات الكبرى من العمل في العراق رغم ما تقدمه الحكومة من مغريات مالية. ومن هذه المعوقات، البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي فُرض على العراق بسبب احتلال حكم البعث الصدامي للكويت عام 1990. ورغم خروج العراق من هذا البند الجائر مؤخراً، إلا إن تبعاته مازالت مستمرة، ومنها أن أية شركة عالمية تتقدم لبناء مشروع في العراق تفرض نسبة 40% زيادة على التكاليف التي تطلبها في البلدان التي تتمتع بظروف طبيعية، وهذه الزيادة تسمى بالعامل العراقي (Iraqi factor).
العامل الآخر الذي يمنع الشركات الكبرى من العمل في العراق هو الإرهاب. والعامل الثالث هو قيام بعض الشركاء في العملية السياسية بتحريض الشركات الأجنبية العالمية بعدم العمل في العراق، من أجل عرقلة الاعمار وإفشال العملية السياسية. إضافة إلى عوامل مثبطة أخرى مثل تفشي الفساد والرشوة واللامحسوبية وقلة الخبرة...الخ
ونتيجة لهذه الأوضاع انتعش النصابون والمحتالون من أصحاب الشركات الوهمية والمفلسة، فاستغلوا الوضع العراقي للنهب والثراء السريع عن طريق توقيع عقود لبناء مؤسسات اقتصادية، غير قادرين على إنجازها. وعلى سبيل المثال، قام الدكتور جواد هاشم، وزير تخطيط سابقاً، قبل عامين بتنبيه المسؤولين العراقيين عن شركة وهمية مقرها في كندا، والتي وقعت عقداُ أو مذكرة تفاهم لبناء محطات كهربائية في العراق بتكاليف تبلغ 2 مليار دولار. وبذلك فقد أنقذ الرجل مشكوراً، العراق من كارثة اقتصادية.

ولكن وجود شركات وهمية تسبب في الخلط بين الحق والباطل، بين شركات وهمية وأخرى تتمتع بمصداقية. وعلى سبيل المثال، بعد أن وقعت هذا العام، وزارة النفط مذكرة تفاهم مع شركة سويسرية "سا تارم"، لبناء مصفى نفطي في محافظة ميسان، قام أكاديمي عراقي آخر، وهو الدكتور مثنى كبة، وبدوافع وطنية، بالبحث عن إمكانية هذه الشركة ومصداقيتها، فاستنتج أن هذه الشركة غير مؤهلة لبناء هكذا مشروع تبلغ تكاليفه 6.5 مليار دولار. فكتب مشكوراً رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الوزراء والمسؤولين في وزارة النفط عن الموضوع بغية التأكد من حقيقة هذه الشركة وربما هي وهمية. بطبيعة الحال، أثارت هذه الرسالة قلقاً مشروعاً لدى العراقيين الحريصين على مصلحة الشعب العراقي.
إلا إن الرسالة هذه تم استغلالها إلى أقصى حد في تشويه سمعة الحكومة، ورئيس الوزراء بالذات من قبل أعداء العملية السياسية، ولعرقلة إعمار العراق.
كما يجب أن لا ننسى الضجة التي افتعلتها حكومة الإقليم، ومعها أنصارها من الكتاب، حول المفاوضات التي أجراها وفد عراقي برئاسة رئيس الوزراء مع الحكومة الروسية قبل عام لتجهيز الجيش العراقي بالطائرات وهليكوبترات مقاتلة لمواجهة الإرهاب، فأثاروا ضجة الرشوة والفساد، وكان القصد منها عرقلة تسليح الجيش العراقي، في الوقت الذي كان يتجول السيد مسعود بارزاني في الدول الأوربية لتسليح البيشمركة بالسلاح الثقيل. وقد أكد الدكتور سعدون الدليمي، وزير الدفاع وكالة، كذبة الفساد حول الصفقة الروسية، وهو إنسان وطني نزيه لا يحتاج إلى شهادة أحد حول وطنيته ونزاهته.

وعلى قدر ما يهمني الأمر، فقد أرسلت رسالة الدكتور كبة إلى السيد علي الموسوي، المسؤول الإعلامي في مكتب رئيس الوزراء، مستفسراً عن حقيقة الموقف، راجياً منه إصدار توضيح حول الموضوع. فرد الرجل بجواب سريع جاء فيه: ((عزيزي د عبد الخالق المحترم، سأستفسر عن الموضوع من الجهات المختصة لكن ما أردت الإشارة اليه الآن هو ان المشروع المشار اليه مشروع استثماري وليس عقداً، اي ان الحكومة لا تلتزم إزاءه بأي التزام سوى تزويده بالنفط الخام وإعطائه قطعة ارض ينشأ عليها المصفى على ان تسحب منه بعد مضي أربعة اشهر اذا لم يقم بعمل يثبت انه ماض حقاً نحو بناء المشروع... تحياتي)) أنتهى

ولكن الكثير من العراقيين الذين عممتُ عليهم رسالة السيد الموسوي الجوابية لم يكتفوا بهذا الرد. ثم تلاه بيان من وزارة النفط (1)، ثم بيان رسمي من السيد علي الموسوي في وسائل الإعلام، يؤكد على ما جاء في توضيح رسالته لي، إضافة إلى التأكيد على أن الشركة السويسرية ليست وهمية، بل تتمتع بقدرات مالية كبيرة وضمانات من البنوك السويسرية الكبرى المعتبرة، إضافة إلى تمتعها بدعم شركات عالمية ذات تاريخ في بناء المصافي النفطية في العالم ...الخ. وأخيراً ظهر الدكتور حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، في لقاء تلفزيوني خاص على قناة العراقية، مساء 22/12/2013، أكد فيها المعلومات الواردة أعلاه. وأنا لا أعتقد أن الدكتور الشهرستاني، المعروف بمكانته العلمية والدولية، يكون من السذاجة بحيث يستطيع عدد من النصابين إيقاعه في فخ النصب والاحتيال.

رب ضارة نافعة
وبعد هذه الضجة التي استغلها البعثيون وحلفاءهم بحجة الحرص على المصلحة الوطنية، أرى أنها (أي الضجة) حققت بعض المنافع ومنها كالتالي:
أولاً، أن هناك رقابة شعبية من قبل وطنيين مخلصين في مختلف بقاع العالم، يتابعون ما تقوم به الحكومة العراقية من توقيع عقود ومذكرات تفاهم مع الشركات، فيقومون بدورهم المشرف للتأكد من مصداقية هذه الشركات وقدرتها على إنجاز هكذا مشاريع.

ثانياً، قيام الجهات الحكومية المسؤولة عن هذه العقود بحملة إعلامية لتوضيح المسألة للرأي العام، وعدم ترك المجال للمتصيدين بالماء العكر من البعثيين وحلفائهم يضللون الناس بغية عرقلة إعمار العراق وتركه خراباً ليقولوا أن الحكومة العراقية فاشلة ولا يمكن بناء المشاريع إلا بعودة البعثيين للسطلة...!!!

ثالثاً، هذه القضية تجعلنا نقترح على الحكومة عدم إهمال الجانب الإعلامي عند القيام بأي إجراء وخاصة في حالة توقيع عقود إعمارية واستثمارية مع الشركات الأجنبية. فمن المعروف، أن غياب الإعلام الصريح والشفافية من قبل الحكومة، تنتعش الإشاعة وخاصة تلك التي يبثها الأعداء، وتصبح هي الموجهة الرئيسية للرأي العام، وبذلك يقع الشعب والحكومة ضحية التضليل.

رابعاً، وبناءً على الفقرة (ثالثاً)، أقترح على دولة رئيس الوزراء أن يقدم حديثه الأسبوعي على شكل مؤتمر صحفي، أي يلقي حديثه عن نشاطات الحكومة خلال الأسبوع ويقدم ما عنده من أفكار...الخ، في مؤتمر صحفي، ليقوم الصحفيون بعد حديث رئيس الوزراء بطرح الأسئلة الصحفية عليه نيابة عن الشعب بصفتهم يمثلون الرأي العام ويحركونه، فيحيطون دولة رئيس الوزراء بما يدور من إشاعات وتساؤلات في الشارع العراقي، وبذلك يمكن الاستفادة من هذه الفرصة للتواصل بين رئيس الحكومة والشعب. لا بد وأن يتهمه أعداءه ومنافسوه أن هذا الحديث أو المؤتمر الأسبوعي هو لأغراض انتخابية، كما هو شأنهم في كل ما يقوم به من نشاطات، أقول على رئيس الوزراء عدم الالتفات إلى هذه التخرصات وليواصل سيره قدماً في كل ما يراه في صالح الشعب ومن صلب واجباته إزاء الوطن.

خامساً، وعطفاً على الفقرة (رابعاً)، أقترح على السيد علي الموسوي أيضاً، بصفته المسؤول الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء، أن يعقد صباح كل يوم مؤتمراً صحفياً يلقي فيه ما استجد من نشاطات الحكومة. هذا ما يجري في الدول الغربية، حيث يقوم الناطق الرسمي باسم الحكومة بلقاء مختصر مع الإعلام صباح كل يوم يطرح أمامهم أنباءً عن نشاطات الحكومة لذلك اليوم.

وإذا ما تم تحقيق المقترحين الأخيرين، فإن الحكومة ستنجح لحد ما في حماية نفسها من الإشاعات المسمومة، والرأي العام من التضليل.

[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات علاقة
1- وزارة النفط: شركة استثمار مصفى ميسان مذكرة تفاهم وليس عقد كما روجت له بعض الجهات
http://akhbaar.org/home/2013/12/159504.html

2- محمد ضياء عيسى العقابي: وزارة النفط ومصفى ميسان والشركة السويسرية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=392193



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مانديلا في مسيرته الطويلة إلى الحرية
- الانتخابات القادمة والحملات التسقيطية
- الاتفاق النووي الإيراني انتصار للعقل والاعتدال
- هل حقاً المالكي سبب الإرهاب السعودي في العراق؟
- الفعل ورد الفعل في التجاوز على الشعائر الدينية
- زيارة المالكي لأمريكا، نجاح أم فشل؟
- قوانين لتكريس الصراعات الطائفية
- مَنْ الذي تسبب في كوارث العراق؟
- التقارب الإيراني الأمريكي وجنون البقر السعودي
- في عشية زيارة المالكي إلى واشنطن
- إصرار العراقيين على تدمير أنفسهم
- الفتنة أكبر من القتل
- من يهن يسهل الهوان عليه
- التفاهم الإيراني- الأمريكي انتصار للسلام والحكمة
- اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم مجدداً
- على أمريكا إما أن تحتل سوريا أو تتركها لحالها
- هل ستقضي تكنولوجية الدمار على البشرية؟
- حرب الناتو على سوريا بالنيابة عن إسرائيل والسعودية
- العراقي المغترب وحلم العودة.. هل ثمة ما يغري؟*
- في مواجهة الدعيات المضلِّلة(2)


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - إعمار العراق ولعبة الشركات الوهمية