أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين - المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة















المزيد.....

المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة


النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
النقابة الوطنية للفلاحين ـ CGT


الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 11:23
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة

إعداد : امال الحسين عضو المكتب الوطني والكاتب الجهوي للنقابة بسوس ماسة درعة


عندما قررنا تأسيس النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين أدركنا جيدا مدى جسامة قضايا ومشاكل المسألة الزراعية بالمغرب، وكانت التجربة الطويل للنضال مع الفلاحين من أجل الحق في الأرض والماء والثروات الطبيعية، انطلاقا من نضال الفلاحين ضحايا سياسة السدود بإوزيون وأولوز وامتداداتها على أراضي الجموع والصراع من أجل السيطرة على الماء، في تخوم حوض سوس وجبال الأطلس الصغير والكبير، أدركنا جيدا أن بلورة نضال نقابي ديمقراطي مستقل للفلاحين يتطلب مزيدا من الصمود أمام العوائق الذاتية والموضوعية التي تعوقه، فكان لا بد من فهم واقع المسألة الزراعية بالمغرب والعوامل المتحكمة في تحولها وتطورها.

فخلال قرن من تدخل الأمبريالية في بلادنا سياسيا واقتصاديا وعسكريا، تحولت الأرض إلى أداة لقهر الفلاحين ووسيلة لإغناء البورجوازية الكومبرادورية، هذا التدخل استهدف استغلال الأرض باعتبارها وسيلة من وسائل الإنتاج. وكان الهدف المركزي للمستعمر هو السيطرة على الأرض وتحويل أساليب الإنتاج التقليدية ذات الأسس الجماعية إلى وسائل عصرية رأسمالية لفرض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وشكلت مسألة استغلال الأرض جماعيا من طرف الفلاحين هدفا مركزيا للسياسية الإستعمارية من أجل ضرب صفتها الجماعية، عبر ضرب أسس نمط الإنتاج الجماعي العفوي للأراضي السائد في المجتمعات القبلية. وشكلت البادية المغربية في سياسة المستعمر قطبا اقتصاديا مركزيا يجب التحكم في إنتاجه من أجل بلورة السياسة الرأسمالية في المجال الزراعي.

ومن أجل التحكم في الأراضي الشاسعة سلك الإستعمار القديم اتجاهين أساسيين هما:

ـ السيطرة على بعض الأراضي الخصبة وتفويتها للمعمرين الفرنسيين من أجل الإستثمار الرأسمالي في اتجاه تصدير المنتوج الزراعي.
ـ سن قوانين جديدة لضرب الحق في الملكية الجماعية للأرض والإستغلال الجماعي لها (قوانين 1916 و1919 و1925).

وخلال أزيد أربعة عقود من صدور أول قانون يضرب حق الإستغلال الجماعي للأرض من طرف الفلاحين إلى بداية الإستعمار الجديد، إستطاع الإستعمار القديم تركيز أسس نمط الإنتاج الرأسمالي في الزراعة وتقعيده قانونيا. فإلى جانب بقايا الإقطاع ظهر الملاكون العقاريون الكبار المعمرون الجدد والعمال الزراعيون/الفلاحون الذين فقدوا حقهم في الأرض وتحولوا إلى طبقة عاملة زراعية، وتحولت المسألة الزراعية إلى عامل من عوامل السيطرة على السلطة الإقتصادية، عبر الصراع على السلطة السياسية التي تم حسمها لصالح تحالف الإقطاع والكومبرادور في 1956.

وكان للسياسة الفلاحية الطبقية التي وضع الإستعمار القديم أسسها أثر كبير رسم الطريق للمعمرين الجدد لتركيز السيطرة على الأرض، التي أصبحت أحد العوامل المركزية في الصراع الطبقي بالمغرب. فرغم إنشاء مؤسسات صناعية في عهد الإستعمار القديم فإن السياسة الفلاحية هي الموجه الأساسي للإقتصاد، حتى أصبح المغرب بلدا فلاحيا وعبارة عن ضيعة من ضيعات أوربا بالخارجة خاصة الإمبريالية الفرنسية، عبر فرض سياسة القروض/سيطرة الرأسمال المالي الإمبريالي وسيادته على توجيه السياسة الإقتصادية للؤأسمال المالي الكومبرادوري في اتجاه مزيد من الإندماج في الإقتصاد الإمبريالي، عبر تمركز الرأسمال في المجال الزراعي الذي تم حسمه عبر سيطرة البورجوازية الكومبرادورية على السلطة السياسية خلال الفترة ما بين 1956 و1960. وتركيز السياسة التبعية واندماج الرأسمال الكومبرادوري بالمراكز العالمية للرأسمال الإمبريالي خدمة للرأسمال المركزي بالغرب وخاصة أمريكا وفرنسا.

إن العمل النقابي الديمقراطي المستقل في أوساط الفلاحين يطرح على المناضلين الفلاحين النقابيين الدراسة العميقة لواقع المسألة الزراعية بالمغرب وتحولاته وتطوراته التي عرفها خلال نصف قرن (1961 – 2010). فكان لا بد أولا من تفسير هذا الواقع تاريخيا وإدماج البعد السياسي –الإقتصادي في هذه الدراسة وتحليل عوامل تحولاته، من أجل بلورة أسس النضال الإقتصادي الكفاحي للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين والفلاحين الفقراء في اتجاه جماهيرية التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بالبوادي المهمشة. إن ضبط التحولات الطارئة على الزراعة ببلادنا خلال مرحلة تاريخية من النضال الطبقي بالمغرب يشكل أهم الركائز التي يجب أن تعتمده دراسة المسألة الزراعية بالمغرب، دراسة مادية تاريخية تحدد معالم التغيير المنشود للخروج من مظاهر التخلف الذي تعيشه البوادي المغربية، والوقوف على أسباب التهميش التي جمدت حياة جماهير الفلاحين وجعلتهم مجالا للإستغلال وحولت الأرض إلى وسيلة من وسائل قهرهم واغتناء المتحكمين في السياسة والإقتصاد على مصالحهم.

كان الهدف المركزي من استعمار بلادنا هو نشر نمط الإنتاج الرأسمالي اقتصاديا وإنشاء نظام تبعي للإمبريالية، مما تطلب تفكيك البنيات الإجتماعية – الإقتصادية ما قبل الرأسمالية التي عمت في المجتمع المغربي، وعلى رأسها الملكية الجماعية للإراضي. واحتلت المسألة الزراعية في السياسية الإستعمارية مركزا هاما تجلى في السياسة الطبقية في المجال الفلاحي عبر تطبيق القوانين الجديدة لاستغلال الأرض، التي كانت ضرورية لنزع ملكية الأراضي الجماعية الزراعية والرعوية والغابوية والتي تحتوي على المعادن والصالحة للبناء بضواحي المدن عبر موقع سلطة الدولة على الأرض، وتحولت الأرض إلى أداة لقهر الفلاحين الذين هبوا لمقاومة الإستعمار، وتحالفت البورجوازية الفرنسية مع البورجوازية الكومبرادورية المحلية وبقايا الإقطاع ضد الفلاحين وباقي الطبقات الشعبية. فكان لا بد من القضاء على قوة طبقة صغار الفلاحين بتجريدهم من الأرض، وسيلة الإنتاج الوحيدة التي يمتلكونها، وبالتالي دعم الإقطاع وأشباه الإقطاع بالبوادي عبر منحهم هامش من السلطة السياسية، التي يستعملها للسيطرة على باقي الأراضي وتطبيق القوانين الإستعمارية الجديدة لاستغلالها.

وعمل الإستعمار على السيطرة على أراضي شاسعة خصبة تزيد عن مليون هكتار وفق شروط جديدة للتملك، تعمل على إلغاء الأعراف والتقاليد التي سادت في استغلال الأرض من طرف القبائل والعائلات، وأصبح التملك يتطلب التسجيل والتحفيظ العقاري كشرط أساسي لهوية الملكية العقارية، مما جعل أكثر من 15 مليون هكتار من أراضي الجموع خارج الملكية الجماعية للقبائل لتصبح تحت وصاية الدولة، فتحولت الأرض من أداة إنتاج ثانوية قبل الإستعمار إلى أداة إنتاج أساسية في ظل الوضع القانوني الجديد للملكية. فأصبح الأعيان بالبوادي من المحظوظين حيث باستطاعتهم التملك عبر قوة السلطة التي منحها لهم الإستعمار، فسارعوا إلى الإستحواذ على أراضي شاسعة وضعوا لها وثائق ضمن القانون الجديد تمنحهم ملكية خاصة لهذه الأراضي، جزاء لتعاونهم مع الإستعمار لإخماد ثورة الفلاحين ضد الإمبرياليتين الفرنسية والإسبانية.

هكذا تم اقتطاع مساحات شاسعة من الأراضي الجماعية التي تحولت إلى ملكية خاصة للمعمرين والأعيان من أجل دعم سلطة الإستعمار وقهر ثورة الفلاحين، وتطاولت أيدي الإقطاع لتصل حد السيطرة على الأراضي الخاصة التي يمتلكها الفلاحون الرافضين لدعم الإستعمار، كوسيلة لقمع أية انتفاضة يقوم بها الفلاحون ضد تحالف الكومبرادور والإقطاع والإستعمار. وهكذا نشأت طبقة الفلاحين بدون أرض قدرها الباحث ألبير عياش ما بين 1933 و1952 ب27%، وطبقة الملاكين العقاريين المغاربة الذين يملكون قطعا أرضية تبلغ كل قطعة حوالي 100 هكتار تشكل مساحتها مليوني هكتار، إضافة إلى الملاكين الذين يسيطرون على حوالي أربعة ملايين هكتار وعددهم حوالي 600 ألف. ذلك ما شجع الإقطاع بالبوادي على تقوية سلطته عبر الضريبة الفلاحية وبالتالي تحسين وضعه الإقتصادي بمزيد من السيطرة على المساحات الشاسعة من الأراضي.

لقد أدى تمركز الملكية الخاصة في المجال الزراعي عبر ملكية الأراضي وفق القوانين الإستعمارية الجديدة إلى بروز قوتين ساسيتين – اقتصاديتين، هما الإقطاع (القواد والشيوخ بالبوادي) والملاكين العقاريين المغاربة/المعمرين الجدد، هاتين القوتين تتصارعان فيما بينهما حول الأرض والموقع في السلطة السياسية والإقتصادية، وتشكلان منافسا للإستعمار/المعمرون الفرنسيون وحليفا لهم ضد جماهير الفلاحين، وشكل تطور الموقع الإجتماعي – الإقتصادي لهاتين الطبقتين خطرا على استقرار السلطة الإستعمارية، وذلك نتيجة تضاعف حجم جماهير الفلاحين بدون أرض الذي قد يؤدي إلى ثورة اجتماعية للفلاحين في اتجاه مقاومة الإستعمار السبب الرئيسي في معاناتهم.

لقد حولت السياسة الإستعمارية الفلاحية حياة الفلاحين الصغار عبر اقتطاع مساحات شاسعة من الأراضي الجماعية وتمركزها في أيادي الإقطاع والملاكين العقاريين المغاربة/المعمرون الجدد، فنشأت طبقة العمال بالبوادي/الفلاحين بدون أرض العاملين بالضيعات والمناجم يتم استغلالهم من طرف الرأسمال، الذي يعمل على دعم أعيان السلطة بالبوادي لقهر الفلاحين الصغار الذين يتحولون شيئا فشيئا إلى فلاحين فقراء. فنشأ نمط الإنتاج الرأسمالي الذي بدأ يتمركز في الزراعة إلى جانب النمط التقليدي الذي يعتبر دعامة للرأسمال، خاصة عبر وضع المرأة الفلاحة في الإنتاج التي تخدم لصالح النظام الرأسمالي عبر قوة عملمها بدون أجر، إضافة إلى وجود العمال الزراعيون والمنجميون بأجور زهيدة، مما يساهم في تراكم الرأسمال المالي على حساب استغلال قوة عمل الطبقة العاملة.

لقد استفاد الرأسمال المالي الإمبريالي من هذا الوضع الذي يوفر له جميع شروط الإستغلال التي توفر أرباحا هائلة، عبر تمركز الرأسمال في الزراعة في اتجاه إنتاج زراعي للتصدير يخدم الرأسمال المركزي العالمي. إضافة إلى الخدمات التي يقدمها الإقطاع للرأسمال عبر سلطته بالبوادي في ظل علاقات الإنتاج التقليدية القريبة من العبودية، والتي توفر مجالا كبيرا من الربح ومجالا واسعا لاستغلال الطبقة العاملة الزراعية بالمشاريع الإستثمارية للمعمرين الفرنسيين والجدد في ظروف شبيهة بالإقطاع، حيث الإقطاع/سلطة القواد والشيوخ ليست فقط ضمن بنيات سلطة سياسية تخدم الإستعمار بل كذلك استمرار علاقات إنتاج تقليدية شبيهة بالعبودبة.

وكان لازدواجية السلطة الإستعمار – الكومبرادور والإقطاع التي عاشت البادية المغربية في ظله، أثر كبير في وضع المسألة الزراعية بالمغرب اليوم، فتحولت البادية إلى مركز أساسي لدعم السلطة المركزية الإستعمار – المخزن، التي خططت للسياسة العامة التبعية للإمبريالية بعد 1956.

وتأسس النظام الرأسمالي التبعي بالمغرب على أنقاض قهر الفلاحين الصغار والفقراء بدون أرض عبر تأسيس بنية سياسية - اقتصادية ترتكز على الإستغلال الرأسمالي للثروات الطبيعية، فكانت الأرض باعتبارها وسيلة إنتاج بما تحمل فوقها وما باطنها من ثروات أداة لقهر فقراء المغرب الذين حولتهم الإمبريالية إلى قوة عمل مربحة للرأسمال المالي العالمي خاصة المرأة الفلاحة الكادحة. وكانت للسياسة الإستعمارية التي ارتكزت على تكريس العلاقات الإجتماعية ما قبل- رأسمالية عبر دعم سلطة الإقطاع/القواد والشيوخ الذين يملكون سلطة سياسية تمكنهم من السيطرة الإقتصادية، دور هام في بلورة نظام رأسمالي تبعي يرتكز على سلطة المخزن كبنية سياسية – اقتصادية ذات جذور عميقة في تاريخ المغرب تقودها بورجوازية كومبرادورية، أراد لها الإستعمار القديم أن تكون هي المحور في العلاقات الرأسمالية التبعية التي تربط المغرب بأوربا وبالغرب عامة، هذه السياسة التي ارتكزت على التناقض بين أساس القوانين الجديدة لاستغلال الأرض ذات المرجعية الليبرالية في اتجاه رأسمالية الزراعة/البنية الإقتصادية الجديدة التي حول الأرض إلى عامل من عوامل الثراء، وبين أساس السلطة المخزنية ذات المرجعية الرجعية المرتكزة على الولاء للسلطان باعتبار عامة الشعب "رعايا" فوق أرض ليس لهم الحق في ملكيتها.

لقد شكل الإبقاء على المضمون السياسي - الإقتصادي لعلاقات الإنتاج التقليدية/شبيهة بالإقطاع أساس استمرار استغلال الإستعمار القديم للأرض عبر تركيز مضمون ازدواجية السلطة المخزن – الإقطاع، في اتجاه عصرنة أجهزة السلطة المخزنية بالمدن بقيادة البورجوازية الكومبرادورية مدعومة بمنظومة قوانين عصرية لبرالية تلمع وجه الدولة المخزنية/البنية الفوقية وتأسس للعلاقات الدبلوماسية بين الإستعمار القديم والجديد، في الوقت الذي يتم فيه الإبقاء على مضمون البنيات الإجتماعية التقليدية ما قبل- رأسمالية عبر علاقات الإنتاج الحقيقية المرتبطة بالواقع والتي تربط دولة المخزن ب"الرعايا" عبر أجهزة ذات البنية التقليدية تحافظ على مكانة الإقطاع في البادية/الأعيان والقواد والشيوخ في عهد الإستعمار القديم. إن التركيز على الأرض باختلاف مستويات استغلالها الزراعية والرعوية والغابوية والمعدنية والعمرانية لم يتم فقط عبر علاقة الإستعمار القديم في استغلالها اقتصاديا، بل تم تركيز مضمونها البنيوي التقليدي باعتبارها مصدر حياة السكان بالبوادي من خلال إبقاء الأراضي الشاسعة ذات المنفعة لمن يستغلها دون السماح بامتلاكها من طرف السكان الأصليين، هذه الأراضي الشاسعة التي تركت كما هي عليها أراضي "بور" يعتمد الفلاح في استغلالها على التساقطات المطرية في ارتباط تام بما تجود به السماء، مما له تأثير كبير على استمرار علاقات إنتاج ذات جذور رجعية مثالية تشكل أساس الفكر التقليدي الرجعي الذي ينتظر الرحمة من السماء في الوقت الذي يزخر فيه باطن الأرض بثروة مائية هائلة يمكن استغلالها بطرق عصرية، في نفس الوقت الذي يسيطر فيه الإقطاع/القواد والشيوخ على منابع المياه بالجبال والواحات ويستعمل سلطته السياسية لامتلاك الأرض بواسطة القوانين الإستعمارية الحديثة، بينما وجه الإستعمار القديم اهتماما كبيرا للأراضي الخصبة التي مركزها في أيادي المعمرين القدامى والجدد في اتجاه تمركز الرأسمال في الزراعة الذي يشكل أساس المضاربات العقارية والريع العقاري في عهد الإستعمار القديم والجديد.

لقد شكل تحالف المخزن – الإقطاع في ظل الإستعمار القديم عماد بنية الدولة الرأسمالية التبعية وأساس قهر الفلاحين أصحاب الأرض الذين تم تجريدهم شيئا فشيئا من وسيلة إنتاج ضرورية في حياتهم، فكان الصراع حول السيطرة على الأرض عاملا أساسيا في الصراع الطبقي بالمغرب الذي أفرز بنيات فوقية متناقضة ما بين المسيطرين على السلطة السياسية – الإقتصادية وهم أقلية/البورجوازية الكومبرادورية والملاكون العقاريون الكبار يتمتعون بالحق في الملكية وبين من يسعون إلى الحفاظ على مصالحهم يشكلون الأغلبية/الفلاحون الصغار والفقراء لا حق لهم في امتلاك الأرض. هذا الوضع الجديد الذي أصبحت عليه الأرض شكل أساس تمركز الرأسمال في الزراعة منذ فجر الإستعمار القديم، الذي هب الفلاحون لمقاومته من 1912 السنة الأولى لمعاهدة حماية دولة المخزن بالمغرب من طرف فرنسا وإسبانيا إلى 1934 سنة سقوط آخر قلاع مقاومة الفلاحين. وخلال مرحلة الإستعمار القديم نشأت طبقة الفلاحين بدون أرض بأعداد غفيرة في البوادي تعيش في ظل الولاء للعائلة والقبيلة التي تحسن إليها وتستغلها في عملية الإنتاج، في الوقت الذي أهملها الإستعمار القديم ووضعها بعيدا عن مشروعه الإستثماري، ولم يعمل على استيعابها ضمن مشروعه الإستعماري ولا يرى فيها إلا قوة عمل زائدة عن الحاجة توفر مزيدا من فائض القيمة في استغلالها خارج عملية الإنتاج المنظمة ضمن قوانين شغل حديثة. وترك هذه الجماهير الغفير خارج عملية الإنتاج الرأسمالي عمق استمرار علاقات البنيات الإجتماعية ما قبل – رأسمالية التي ترتكز على الولاء للعائلة والقبيلة التي توفر لهم القوت اليومي للبقاء على قيد الحياة، مما يقدم خدمة مجانية لتحالف المخزن – الإقطاع في ظل الإستعمار القديم حتى لا تنشب ثورة اجتماعية من أجل الأرض الشيء الذي ساهم في تخلف الوعي الطبقي السياسي لدى طبقة الفلاحين الفقراء بدون أرض.

إن تهميش البادية ليس بأمر عفو بل هو عملية منظمة نتيجة سياسة استعمارية شكلت أساس تمركز الرأسمال في الزراعة، التي لا بد لها من اضطهاد جماهير الفلاحين وتحويلهم إلى فقراء كادحين يعيشون خارج عملية الإنتاج الرأسمالي، هذه السياسة الإستعمارية التي تسعى إلى تكريس عقلية الولاء والحط من الكرامة عبر تكريس مفهوم الإحسان من داخل العائلة والقبيلة التي يحتمي بها الفلاح الفقير الكادح، مما يحول دون قدرته على استيعاب الصراع الطبقي السياسي والتناقضات الطبقية التي تشكل جوهر الإستغلال في ظل النظام الرأسمالي في أبشع صوره التبعية.



#النقابة_الوطنية_للفلاحين_الصغار_والمهنيين_الغابويين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرضية بناء الملف المطلبي و البرنامج النضالي
- بيان المكتب الجهوي لسوس ماسة درعة


المزيد.....




- مطالب بالحفاظ على صفة موظف عمومي و بالزيادة العامة في الأجور ...
- “حالًا اعرف” .. زيادة رواتب المتقاعدين في العراق 2024 وأبرز ...
- غوغل تفصل عشرات الموظفين لاحتجاجهم على مشروع نيمبوس مع إسرائ ...
- رسميًا.. موعد زيادة رواتب المتقاعدين بالجزائر 2024 ونسبة الز ...
- التعليم الثانوي : عودة إلى جلسة 18 أفريل و قرار نقابي بإلغاء ...
- صلاح الدين السالمي في الهيئة الإدارية لجامعة النفط:
- اتحاد الشغل بتونس يهدد بإضراب عام بسبب التدفق الكبير للمهاجر ...
- الزيادة لم تقل عن 100 ألف دينار.. تعرف على سلم رواتب المتقاع ...
- Second meeting of the Andean Subregion
- بعد 200 يوم على الحرب.. غزة مدمرة اقتصاديا وصناعيا والجميع ت ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين - المسألة الزاعية بالمغرب وتمركز الرأسمال في الزراعة