أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - الهوى والشباب والأمل المنشود














المزيد.....

الهوى والشباب والأمل المنشود


روبير البشعلاني

الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يستوقفني تأفف الشباب والنخب العربية وانتفاضهم . فهم يتأففون من كل شيء. ظاهرة ليست سيئة بذاتها. فقد يكون النقد مقدمة لفهم الظواهر وتمهيداً لتغييرها. لكنهم مع ذلك يتعرضون للنقد والتهميش لقاء نظرتهم ومواقفهم من الأمور
لست في معرض التأفف من تأفف الشباب والنخب ولست واعظاً إجتماعيا أدلهم على سبل الإنخراط في المجتمع والتكيّف معه لكي يحصل الانسجام المرغوب. أحاول فقط ان أفهم الظاهرة على نحو ملموس. كان يمكنني أن أستعير بعض الكليشيهات المعروفة في الغرب عن صراع الأجيال وتناقض النظرة ما بين الشباب والمجتمع. لكني لاحظت أن مشكلتنا فيها من الخصوصية ما يستدعي التوقف عندها قليلا.
من المؤكد أن هناك جانبا ثابتا في هذه الظاهرة يتصل بتقادم طرق العيش وتخلفها عن حاجات الشباب ومنهجياتهم الحديثة والمتطورة. هذا التصادم شبه الطبيعي الذي يحدث في حياة الشعوب هو تصادم آلي تلقائي يحدث في أي مجتمع من المجتمعات. الأمر الذي يجعل من الشباب أينما كان طاقة رفضية إعتراضية وثورية. عندنا قد يكون الوضع مختلف
فالشباب يمتلك ربما “صورة” عن المجتمع لا تتلاقى البتة مع واقعه الملموس. فهو ينشأ في مدارس مناهجها وعلومها وتربيتها قائمة وتابعة لمجتمع آخر غير مجتمعه. يتعلم العقلانية والتنظيم العقلاني للمجتمع الغربي ويتدرب يوميا على مفاهيم الفعّالية والنتيجة والتقدم والكفاءة والأولويات. وهو يتعلم المنافسة على المركز الاول في الصف مقدمة للمنافسة على الأولية في العمل مستقبلاً. يتلقى التلميذ في بلادنا تعليما وتربية وإعدادا كأنه معد سلفا هنا ليعيش هناك. فإذا هاجر أو هجّر كان به وإذا لم يهاجر عاش مهاجراً في بلاده بحيث لا يفهمها ولا تفهمه
لكن الإشكال أن الجميع لا يمكنه أن يعيش “هناك” فيحصل عند من بقي نوع من الانفصام بين الصورة والمعاش تجعل من كل ما يتناقض مع الصورة “فضيحة” كاملة الأوصاف. وعندما يكون الوضع حاضرا للتغييرالجذري للمجتمع يجد هذا التأفف الشبابي مجالاً عقلانياً ينخرط به تلقائيا. أما عندما لا تكون ظروف التغيير مهيأة فإن التأفف يأخذ شكلا مَرَضيّاً وكاريكاتورياّ يدخل في باب “النق” الشرقي المستشري والمعروف
يعيش الشاب إذن في الصورة، صورة المجتمع الملقّن، ويدخل في تاقض تناحري مع مجتمع لا يعرف عنه الكثير مما يدخله في غربتين متوازيتين. غربة عن بلاد الصورة وغربة عن المكان الحقيقي. الشباب عندنا يريد مجتمع الصورة . يثور فيأتي المجتمع الفعلي، مجتمع الجماعات القرابية، ليأخذ عنه الثورة وينأى بها عن أهدافه إلى مُلْك الجماعات وتناحرها. ديمقراطية الفرد تتحول سريعا الى “ديقراطية” الجماعات فتجهض
ليس الشباب إذن مسؤولا في الأساس عن مشكلته. لكنه يصير مسؤولاً عنها غصبا عنه لأنه يعيشها ويتلقاها. ولأنه في هذه الوضعية ربما كان عليه أن ينتقل من ثقافة الصورة الى ثقافة الواقع، إما لكي يتكيف مع المجتمع كا هو وإما لكي يفهم شروطه تمهيداً لتغييره
من البدهي اليوم أن المجتمع القرابي عندنا بدأ يدخل في أزمة الحجم التي تجعله عاجزا عن استيعاب الملايين من الشباب المتعلم النازل الى سوق عمل معدم ومقفل وغير موجود. مناهج العيش والصنعة والتشغيل القرابية والتوزيعية لم تعد تستطيع ان تلبي كل الحاجات. هذا النظام صار فعليا عتيقا. تجاوزه صار ضرورة موضوعية. لكن فهمه ضرورة الضرورة. فبدونها لن يكون التغيير عقلانيا ولا سريعا ولا ممكنا
فعندما يفهم الشباب واقعهم الفعلي يكونون قد فهموا مكامن ضعفه ومأزقه. وبدلا من الضرب على الجانب الفضائحي المقوّي له بالحقيقة ( حلقات التوزيع) يقومون بالضرب على مكامن الضعف الفعلي فيه ( التشغيل) حيث لا يمكنه أن يجيب أو يستجيب فتنفك الناس صاحبة المصلحة عنه
نقد الشباب والنخب الحائرة لم يكن من أجل التشفي إذن ولا من أجل السخرية بل من أجل الاستفزاز الفكري الذي يهدف الى نقلهم من وهم الصورة التي حُمّلوا إياها إلى



#روبير_البشعلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «اليسار لبس» بعد «اليسار شلح»/ صعلوكيات
- بين الحرية والتفتيت
- مأزق اليسار
- بعد القصير: نابليون ضد بونابارت
- غَزْلُ الأوهام أو الخروج من المأزق الطائفي
- صعلوكيات/ ولكن من هو العدو ؟ أسرائيل فقط ؟؟؟؟
- صعلوكيات/ -الارثوذكسي- نعمة أم نقمة على لبنان ؟
- اليسار إبن تركيبته الإجتماعية
- السياسوية -علم- الرغبات
- صعلوكيات / -إعلان دمشق- وجبهة النصرة : زواج العقل ؟
- فلسطين ,كرسي القش و-سفريات ابو عساف-
- الثورة الخرساء في سوريا ليست من اجل الحرية
- الطائفة مقولة فلسفية أم جسم اجتماعي قرابي حديث ؟
- اليسار شلح السوري يخوِن اليسار الفرنسي
- الاستبداد والحرية اوهام العمران البشري
- صعلوكيات / بيان من أجل الدولة العربية
- صعلوكيات/ الرأسمال الشكلي الطائفة و-الواسطة-
- صعلوكيات / نقطة على فاصلة جهاد بزي
- صعلوكيات/ يتحدثون بلغة السماء ويأخذوننا الى الجحيم
- صعلوكيات/ الربيع العربي : ثورة الصعاليك


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - الهوى والشباب والأمل المنشود