أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2















المزيد.....

رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


في مملكة شاكو
في الطريق إلى شاكو كان علينا أن نقطع مسافة 4كيلو متر مشيا على الأقدام باتجاه الجنوب ثم من بعدها علينا أن نركب زورق صغير محلي الصنع يسمى (كعد) لنقطع جزء من الهور بأتجاه شاكو حيث ترقد اللعنة, كنت في غاية السرور رغم أني لا أطيق الصحو من نومة الفجر لكن روح المغامرة والفضول كانت أقوى من مقاومتي لشروط جدي ,كنت أترقب الأحداث وأصوغها في مخيلتي قبل أن أستغرق في نومة قلقة ولكنها ليست بالطويلة التي تشبع حاجتي للنوم الطبيعي ,وها أنا أستيقظ وما زالت أصوات الديكة تطبق على ملامح الفجر الجديد نوعا من التضارب بين سكونية المشهد وضيج مفتعل من كائنات لا تملك إلا أن تصحو لتجعل الأخرين مشاركين بالرغم منهم في هذا المهرجان.
في الطريق وبعد أن أستعاد جسمي شيء مهم من الحيوية عدت أسأل جدي عن أحد من عائلة الرجل الذي أكله النمل ,فأشار بيدية أن أصبر عرفت أنه لم يفرغ بعد من التمتمة التي يتولها كل صباح دفعا للشرور وأستجلابا للرزق كما تعود ولكنه في العادة لم يستغرق هذا الوقت , أه أظنه أضاف لها شيء فنحن ذاهبون إلى الشر في مكمنه تركت يمضي وأنا أتذكر بعض الإشارات التي سمعتها وأنا صغير عن منطقة (أم ليرة) حيث مدينة شاكو تمنيت في أحلامي أن أذهب إلى هناك لأجمع الليرات الذهبية حيث يظن الكثير من الناس أنها منطقة كنوز بل ويجزم بعض أصحابي أن ذويهم قد أصابه الحظ فألتقط واحدة , لم يؤكد أحد أنه أصاب الحظ مرتين إلا صديقي فيروز يقسم أن أباه قد جمع أكثر مما جمعت القرية وأنه مستعد لأن يريني أحداهن , لقد أنفق والده الكثير منها وحتى هذه الدراجة التي يركبها قد أشتراها بجزء من ثمن واحدة , إنه يقسم لا أدري لعل.
خيوط الشمس تسلل شيئا فشيئا ونحن نحث الخطى كان جدي يشبه رياضي بارع بطول قامته وخطواته الواسعة أكاد أصرخ به أرحمني ,تصورت أني جدي لو كان في بلد أخر أظنه سيكون رحالة ومكتشف فذ فهو يمسك بخيط التأريخ وثقافة قد لا تجدها عند الكثير من أقرانه وحكمة في مناقشة الأمور العامة والخاصة كما أنه سريع البديهية كسرعته في حفظ القصص والنوادر والشعر والوجوه والأحداث أيضا, إنه موسوعة بحق ,أخبرني أحد أصدقائي عندما كان طلاب بالابتدائية أن أباه قد تخاصم مع أحد بخصوص جدي فقد كان يظن قاطعا أن لا أحد بعد السيد يفهم , وتحول الشجار إلى خصام وزعل أمتد إلى سنين.
بعد أكثر من ساعة ونصف لاح لي مسطح مائي ممتد مع الأفق وشروق الشمس المبكر أعطاه وصف شاعري تمتد ألوانه بين الزرقة والخضرة وسماء صافية لا يشوش منظرها غير أسراب الطيور الهابطة والمقلعة وحركة الجاموس النشطة وعي تقطع مياه الهور, هناك كان زورق صغير لا يمكنه أن يحمل أكثر من ثلاثة أشخاص مركون بجانب بين البردي والقصب , توجه جدي نحوه وطلب مني أن أقفز قبله وأعطيه عصى طويله كانت ممده في وسط الزورق, ترددت لكنني قفزت أخيرا عندما شعرت أن جدب قد تضايق من إبطائي, كانت العصى هي الوسيلة التي سوف تساعدنا لتحريك الزورق وبسرعة, أمسك الجد برأس العصى كأنه من محترفي الصيد أو من هواة التجذيف وراح يدفع بنا بأتجاه الشرق حيث لاح لنا مجموعة أكواخ صغيرة راسية في وسط الماء.
محمد النويدر هذا هو كل ما يملك من أسم أخبرني جدي إنه الواقف قرب حافة الماء منتظر وصولنا سنقضي اغلب اليوم برفقته وضيافته إنه أكثر الناس معرفة بما جئنا لأجله وهو من أولاد الرجل الذي أكله النمل, يسمى وإخوانه عائلة الدويدي أظن أنها مشتقة من كلمة الدود كناية عما أصاب والده مع النمل الأحمر ,ترتسم على محياه علامات الرضا والترحيب بهذه الزيارة المفاجأة واصطحبنا بعد العناق والعتب مع جدي إلى دكة معمولة من قصب أو بردي لا أعرف في منظر نادر التصوير تمنيت لو كنت أملك ألة تصوير لأستنسخ كل مظاهر الجمال والألفة والطيبة ,إنه مدهش في كل شيء دقائق وأحضرت زوجته الفطور كان رائعا ومتنوع من حليب وبيض وزبدة ولبن رائب وخبز تفوح منه رائحة تفتح الشهية على مصراعيها, طلبت كوبا لأشرب الشاي كالمعتاد غمزني جدي ليرشدني إلى الصمت.
النويدر صفة أو اسم يطلق على الشخص النادر وهو صيغة مصغر لما لا يعقل ولا أظن أن في اللغة العربية يمكننا أن نطلق كلمة نويدر على رجل فلا هو نادر كجنس ولا هو ما لا يعقل, أستفهمت من جدي عن معنى نويدر قال يعني الشاطر الذكي حسب ما يفهم الناس ,لكن ما سر شطارته إن كان فعلا ذكي , لابد من أجوبة ليس من السهل الحصول على هذا اللقب والاعتراف بموهبته دون دليل أو برهان , لربما يملك هذا الرجل شيء منها إني أراه الأن ممتلئ حيوية ونشاط وبريق عينيه يؤكد ظنوني أنه رجل استثنائي بالنسبة لمحيطه الأمي.
في هذا المحيط الذي يوحي تماما بما جرى على الرجل الذي أكله النمل شعرت فجأة أنني أعيش أجواء الحدث بتفاصيله تماما حتى أخذني الشك في كل ما يزحف على الأرض من حشرات وخاصة النمل الذي أراه بكثرة في المكان ,امتلكتني الرغبة بالهروب قبل أن تنهشني أحدى هذه الحشرات لكن لا حيلة لي , الزورق الصغير أخذه أحد الصبية الصغار وتوجه به غربا لا من طريق أخر , شعرت بالندم والخوف حتى مارست أقصى درجات الحيطة والحذر ,لم أعير أنتباه لما يدور الحديث يه بين جدي ومحمد النويدر إلا شذرات , تشتت حالي فلمحني جدي وعرف من خلال تحفزي المشكلة التي أنا فيها فمازحني ,
_لا تخق ليس هو النمل الذي يأكل الحياة.
_ولكن يا جدي قد تكون إحداهن حاملة لفايروس اللعنة .
يا بني لا أظن أن واحدة من تلك النميلات تحمل شيء فقط أنها تجتهد لتبني الحياة ,هذه النميلات من نفس سلالتنا أم تلك فمن سلالة أخرى تنتمي إلى عصر شاكو.
_هل يعرف السيد مضيفنا شيئا عن مواصفات النمل الأحمر أكل اللحوم وشارب الدم.
_بالتأكيد.
_وكيف هي؟.
_شكلها عادي وتشبه كثيرا هذا النمل إلا أن لونها أحمر كالدم القاني.
_ومن يستطيع أن يفرق بالألوان ,قد تكون واحدة من عدة ألاف هي المقصودة.
_لا تخف وحتى لو أصابتك إحداهن عليك الركض إلى الماء إنه الأكسير الوحيد القادر على مكافحة اللعنة.
_كيف عرفت؟.
_عندما وصلنا إلى الكوخ في تلك الأمسية ووجدنا حال الوالد وهو أشبه بالفريسة التي تنهشها الذئاب طلب منا أن نرميه في الماء وأن نكون جميعا معه ونحرق الكوخ وهذا ما فعلناه حتى لم يبقى شيء أو أثر في المكان ونقلنا الوالد بعد ذلك إلى مكان أخر ,بقى حيا لبضعة أيام ومات بعد أن روى لنا حكاية الجرذان مع النمل الأحمر هي الوحيدة التي نجت من المجزرة.
كان هذا كل ما عرفته عن بقية الحكاية ولكنني لا أعرف سر انتقال هذه اللعنة من شاكو إلى أبو محمد النويدر وكل المقدمات لا توحي بشيء أو لم تفصح عن علاقة محددة ,هذا ما شجعني أن أبقى بعد أن أدخل الرجل على قلبي شيئا من الأطمان الماء هو سر الحياة مع وجود اللعنة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ج1
- كتب إبراهيم في ليلة الوداع الاخير
- أتجاهات التغير ومسالك الطريق العربي
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج2
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج1
- الديمقراطية والسلطة والشعب
- تنمية الأسس الحداثية في التفكير
- العراق أولا ....
- العراق بين التخطيط والتخبط
- انا ورجائي _ كلمات تشبه الشعر
- مستقبل الانتخابات العراقية في ضوء التبدلات والتحولات المحلية ...
- التوقعات الانتخابية في العراق
- الودود والحبيب .... دراسة في المعاني اللغوية
- حديث الورد والصباح قصيدة قصيرة
- الأفك والكذب وما بينهما
- في معنى الجريمة والإجرام بين الدلالة الأصلية والمصطلح
- مانديلا إنسان بوطن
- حكاية ريما وصباح رائق _ قصة قصيرة
- العجز العقلي
- السلام في الإسلام قاعدة وليس أستثناء


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2