أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مؤيد السعدي - من ثورة الرأي الى ثورة المبادىء















المزيد.....

من ثورة الرأي الى ثورة المبادىء


مؤيد السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4310 - 2013 / 12 / 19 - 15:08
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من ثورة الرأي الى ثورة المبادىء
هي نغمة واحدة تطلعك بها هذه البلاد في كل مكان وفي كل حديث وفي كل لحظة : تذمر من الاوضاع ، وتبرم بالقادة ، وتململٌ من الحكومة والشعب على السواء. والفلاسفة والساسة والاخلاقيون جميعاً في مضطرب جاهدٍ من هذا الحال، فتراهم يفتنّون افتناناً في تشخيص الداء، ويتهربون تهرباً بارعاً عند تحقق الشفاء، واحتمال مرارة الدواء. والبلاء الأعظم الذي تواجهه الأمة في سواد أبنائها، هو ان الذين يقبضون على مقدراتها ويسيرون دفة شؤونها ، أصبحوا في شك من كفاياتها، وأصبحت هي في شك من إخلاصهم وقدرتهم على العمل . فالذين يفكرون إنما يفكرون رغبة في استثمار الأوضاع وتطلعاً الى المناصب والمقامات الرفيعة ، لا خدمة لمثل أعلى ولا استجابة لحافز وطني عميق،والذين يعملون إنما يعملون تأميناً لحياة متوازنة وادعة تبتعد بهم أو يبتعدون بها عن المشاكل الاجتماعية والأزمات النفسية . فإذا شأت قل : إن الأنانية الشخصية هي كل ما يدفع رجال هذا الوطن الى التفكير والعمل . غير أنهم في موقفهم هذا ككل إنسان ، يعملون لمصلحتهم الخاصة ، ويجهدون في هندسة الحياة كلها ليتمكنوا من إبراز حياتهم الخاصة ، في قالب جميل ، وأي امرىء يأبى الصالح لنفسه ، وينفر من الغنى والجمال في حياته؟؟ إن من يدّعي العكس ، ويذهب الى وقف حياته برمتها على خدمة المجموع تضحية بها وقرباناً للمثل العليا ، ثم لا يرضى إلا أن نعتقد به القداسة – ولو صحّ وكان قديساً – يكون من ذلك في منزلةٍ بين الغفلة والكذب، أو هو غافل وكذاب في آن واحد! لا مفر الآن من الاعتراف بالحقيقة ، وهي أن كل من يعيش على ظهرانينا على أديم هذه البقعة من الأرض، يعمل ، أي في هذه المرحلة من تاريخنا الراهن بوحي المصالح الشخصية وتحقيقاً لمآرب خاصة ، أو أننا نحن الآن – كي أكون أقرب للانصاف – لا نستطيع أن نفهم الخدمات العامة إلا بهذه الروح، من على هذا الصعيد . ذلك هو واقعنا النفسي والعقلي في حياة العامل وقيم العمل، في الشعب والحكومة، في الرئيس والمرؤوس، في النقد والمنقود، في الحاكم والمحكوم، وتلك هي أوضح صفات العهد الحاضر التي يستوي فيها الجميع بلا استثناء. ولا أظن أن هنالك حاجة ماسة إلى دعم هذه الملاحظة بالشواهد وتأييدها بالامثلة ! لقد لمسها وعرفها وتألم منها كل عراقي.
أريد أن أردّ هذا الواقع إلى اصوله.وان أكشف جسامة الخطر الذي تنطوي عليه حياة كل منا في هذا الوطن ، وهو لا يعرف ولا يكاد يشعر به، أي انني سألجأ الى "الفلسفة" الى هذه الصور والمعاني المجردة التي يكرهونها ولا يقيمون لها وزنا في وجودهم الحالي، والتي تثير فهم السخرية آنا، والسخط آنا آخر.
وأول ما ألفت اليه نظرهم هو ان يضعوا أمام أعينهم لدى كل لحاظ يلحظونه وكل ظاهرة يشتكون غرابتها أو قسوتها أو حدوثها – هذه الكلمة" لماذا" . لماذا يهيمن الجمود الروحي على حياتنا السياسية ؟ لماذا لم نوفق الى الاستفادة من التحرر الذي نلناه بشق الانفس وانهار الدماء؟ لماذا تسيطر علينا الأنانية؟ لماذا؟ لماذا؟ .
ان مجرد التفكير في الاجوبة على واحد من هذه الاسئلة ، يضعنا أمام الحقائق وجها لوجه ، ويضعنا امام أنفسنا وجهاً لوجه، ويمسكنا طرف الطريق التي توصلنا الى الصواب في البحث ، والصواب في الحكم ، والصواب في العمل.
قد يذهب البعض الى القول : إن حب الذات غريزة فلا حيلة فيها ولا بد لنا في التغلب عليها ولكن هذا ينقض الدعوى من أساسها، ويحمّل الطبيعة البشرية أوزار البشرية ، ويلقي بالتبعة على كاهل الفطرة وفاطرها... وفي هذا التهرب من التبعة أنانية مزدوجة ، فبدلا من أن يحل المشكلة يزيدها تعقيداً، يضاف الى ذلك ، أنه يحد من حريتنا في التفكير بالعمل، بينما نحن نبحثُ عن منفذ أوسع لتحقيق الحرية ، فنكون قد أوقعنا أنفسنا في الشرك الذي نريد أن نخلص منه.
وقد يرجع الآخرون الى التاريخ يسردون حوادثه ، ويعددون آثاره السيئة في كياننا الاجتماعي ، ويتخذون من الاحوال والظروف والمصادفات ، ذرائع يبررون بها الواقع، ويخلصون منها الى إقرار الجمود قائلين: " ليس في الامكان ابداع مما كان" بيد ان هذا النمط من الالتفات العقلي الى الماضي ، والتوكؤ على عكاز الظروف لا يغني ولا يسمن من جوع، لان الماضي نفسه يحمل مسؤولياته ، وهو في منطق النفس حاضر غير ماضٍ، فالانانيّ اناني سواء عاش في القرن الواحد والعشرين قبل المسيح او القرن الواحد والعشرون بعد المسيح ، والخائن خائن سواء اسعفته الظروف على خيانته ام لم تسعفه وسواء دفعته على الخيانة ام لم تدفعه. والظروف نفسها ، ليست حقائق، نبرر بها الواقع النفسي، وإنما هي اوهام ٌ نتعلق عليها لنبرر خمولنا وتقهقرنا وتخلفنا عن بذل الجهود ومناضلة العقبات، فكما أن السجن لا يمنع الحر أن يكون حراً في نظر نفسه ونظر الناس، كذلك الظرف لا يمنع العامل ان يظل عاملاً رغم العرقيل والمصاعب.
وقد يحاول الضعافُ أن يتهموا البلد كله بالقصور، وأن يطعنوا في مواهبه وعبقريات أبنائها ، فيشهدوا بذلك على عجزهم الذاتي، ويكون هذا العجز وسيلة من وسائل " التغطية " يحجب عنهم وجه الحقيقة، ويردهم ناعمين مطمئنين الى حالة من الوجود هي العدم او اقل من العدم!... ان الثورة التي نجح العراق بالوصول لها الان وتحقيق انجاز يحسب له فيها هي ثورة الرأي ولا يخفى على القاصي والداني ما لوسائل الاعلام من دور في رفع روح هذه الثورة والوصول بها الى مراحل متقدمة فلم يعد الفرد يخاف السلطان ويخشى بطشه، وبدأت تذوب جليد جبال الجليد التي دفن تحتها الشعب سنين طويلة فلم يرى ولم يسمع وفقد النطق فأصبح عاجز عن البوح والافصاح عن مطالبه ورغباته، ان هذه المرحلة تعد البوابة المهمة والاساس في طريق الدمقراطية فإن عرف الشعب كيف يستغلها فإنها ستوصله من غير شك الى المرحلة الثانية التي تعد المفصل الذي يحرك الجسد العاجز وتبث فيه روح الصدق والوفاء والعطاء إنها مرحلة ثورة المبادىء والتي لا يمكن لها ان تنجح اذا فصلت او اريد بها ان تكون هي في الصدارة من غير ثورة الرأي فهي ، التي سوف تجعل من رأي الشعب مبادىء تصاغ عليها المشاريع الدستورية وانظمة القوانين، فالمبادىء لا يمكن ان تصاغ منفصلة عن ارادة الشعب كما انها لا يمكن ان تنبثق من اشخاص لانه ستكون ثورة للدكتاتورية، ان ثورة الرأي تحتاج الى زمن يتظاهر فيه الشعب ويتمرد ويقول ويندد ويشجب، حتى اذا جاء الوقت المناسب فإنه يهدأ ويستقر وتترشح في القاع مبادىء عظيمة رغم كل ما فيها فهي حصيلة رغبة شعب وعندها لا تستطيع اعتى الانظمة ان تفرغ ذلك المحتوى لانه صلب وقوي.
مؤيد السعدي
تكساس






#مؤيد_السعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال
- يا سادة يا كرام
- وطن من دخان
- قصيدة - سيدتي الجميلة


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مؤيد السعدي - من ثورة الرأي الى ثورة المبادىء