أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد حسين عبدالعزيز - عم مُختار المكوجي














المزيد.....

عم مُختار المكوجي


محمد حسين عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 11:52
المحور: حقوق الانسان
    


الأحد، 28 يوليو، 2013

عم مٌختار المكوجي : ذكريات من مشهد عنصري
أسكن في منطقه شعبيه من الطراز الأول تٌعرف بالمطريه. أبطال هذه الذكري هم ثلاث اشخاص
عم مختار المكوجي, عم سيد البقال, أحمد المعروف حاليا بالشيخ أحمد

احمد كان من أرباب النواصي ومحترفي المعاكسات والتحرش
واتخذ من قارعة الطريق مسكنا له , لا يراعي حٌرمه ولا يأسف لعرف ولا يأبه لتقاليد
تم القبض علي هذا الأحمد في قضيه أخلاقيه وبعد ما عاد من السجن تحول بنسبة مائه وثمانون درجه فمن محترف للصياعه
إلي شيخ سلفي قُح, الجلباب القصير, الزبيبه البارزه, الطاقيه البيضاء
وتصدر المشهد الديني وكأنه من الاولياء الصالحين , وصار كل كلامه عباره عن اكلشيهات ومواضيع تعابير
" ربنا قبل التوبه, الواحد كان عايش في جهل, ربنا بيحبني"

كل هذه التفصيلات حكاها لي والدي وأخبرني عن تفاصيلها كما أخبرني عن عم ملإختار المكوجي ذلك الرجل العصامي
" اللي جه المطريه من أيام ما كان بيسرح فيها أبو قردان
رجل مثال للعصاميه والإجتهاد بني فعلا نفسه بنفسه من البؤجه إلي 4 محلا للتنظيف وغسل وكي الملابس
... هكذا أخبرني أبي عندما كنت أسئله عن عم مٌختار المكوجي


كان بيجيب جلبايه كبيره ويربطها من النص عقدتين ويحط فيها عصايا ويدور يلف علي البيوت يلم الهدوم اللي عايزه تتكوي في مقابل مادي زهيد بالنسبه لنا مناسب أيامهم وهو الخمسه ساغ

رغم كونه من مسيحيا إلا إنني لم ألاحظ ذلك أبدا فكان يتصرف بمنتهي الطيبه والأريحيه ويردد دائما إحنا كلنا إخوات

وفي يوم من الأيام إستيقظت علي صراخ يأتي من بيت جارنا, عم سيد البقال " وهو محل بقاله شهير جدا ف منطقتنا ,يعمل اربع وعشرون ساعه"
فتحت عيني ونظرت من النافذه فلاحظت جمهره, ورجال كُثر يقفون أمام المنزل, وسيدات تتوشح بالسواد , داخلين خارجين من البيت

" بنت عمك سيد البقال ماتت"
هكذا ردت أمي علي, من قبل أن أسألها وكأنها لاحظت الرغبه العميقه في معرفة السبب, ولم تشأ أن تتركني فريسه للحيره

حينها لم أكن اعرف ما هو الموت, لكني حينها عرفته بأنه من الأيقونات العبثيه في دنيانا, فما ذنب طفله لم تتجاو ال 3 أو أربع سنين أن تموت, خصوصا ان هناك منمن يحيون بيننا من بلغوا أرذل العمر ؟
ما ذنب طفله صغيره في أن تموت في برائتها , بينما امثال الشيخ أحمد من محترفي القذاره والتاريخ المهبب يحيون ويتمتعون
إستوقفتني عبثية المشهد. لكني إكتفيت بطرح الأسئله فقط في رأسي


وقف عم سيد في وجوم, يُربع يداه علي صدره ويكتفي بالرد علي المعزيين بهز رأسه. وخرج النعش من المنزل
وهنا إلتحم الناس يحاولون حمل النعش, رأيت حينها عم مٌختار المكوجي يهرول مُسرعا
لاقيت عنم مختار جاي بيجري, شق الصفوف حاول النصوص للنعش ومد إيده عشان يشيله علي أكتافه
وهنا خرج الصوت الجهوري في منتهي الصفاقه والبجاحه

" أخرج برا, غور في داهيه, إنت متمشيش في جنازه فيها مسلمين

صاح الشيخ أحمد في عم مُختار المكوجي


الغريب في الأمر, أن الرجل لم يشأ من الأمر كله سوا مواساة جاره والوقوف بجانبه في موقف صعب, عملا بمبدا العرف
وتماشيا مع التقاليد وإحتراما لحقوق الجيره
عم سيد البقال أبو المتوفاه , لم يجزع أبدا منه, لم تبدوا عليه أي علامه من علامات الإشمئزارز او الرفض

مش عارف, يمكن عشان المشهد نفسه, يمكن عشان الظرف اللي حاصل, يمكن عشان طبيعة الموقف. لم يتكلم ولم يحاول أن يحسم الأمر

تًصًرُف في منتهي الأريحيه والمسالمه, تم وأده بمنتهي الصلف والغباء علي يد من كانوا أبدا " ملوك اكثر من المالك

أزاح الشيخ أحمد عم مختار بيده بعيدا, مٌكررا كلمته السافله إنت متشيعش جنازه فيها مسلمين
... عرفت فيما بعد ان هذا عملا من منطلق عقيدة الولاء والبراء
التي أراها الآن عقيدة النبذ والخراء

بكي عم مختار وكأنه طفل, مشيرا بيده, حرام عليك يا شيخ احمد, حرام عليك
دي بنتي, دي بنتي
قوبلت كلماته الممتزجه بدموعه بصمت المشيعين, الذين لم يلتفتوا إليه أصلا, لنفس السبب المذكور أعلاه
وبالإبتسامات وفشخ الحنك من فم هذا الأحمد

أخذ الرجل ركنا بعيدا وإنزوي في دموعه, وبعد ما كان يُزاحم ليحمل النعش علي كتفه, تأخر حتي وصل إلي آخر الجمع المٌشًيع, ما أن وصل إلي دكانه, حتي إنسل في هدوء عائدا إلي محله

وظلت القافله تسير, لتشيع الجُثمان إلي مثواه الأخير



#محمد_حسين_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لروح الراحل أحمد فؤاد نجم
- الآثار الجانبية للمعرفه
- سلسلة الرد المٌلجم علي صحيح مسلم-2
- إنتي مين -قصيده
- قطار البدرشين-قصيده عاميه


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد حسين عبدالعزيز - عم مُختار المكوجي