نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 10:46
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
ننظر اليوم بعين الحب و الاحترام الكبيرين ليوسف النجار، ابن عم سيدتنا مريم العذراء، النجار الصامت المُختبئ، الخادم بدون صوت بدون جلبة بدون صراخ، الوديع الهادئ، المنسي في حياة كثير من المسيحين،
يوسف القديس الحبيب رجل ٌ مدحه الكتاب المقدس بكلمة واحدة فقط، كلمة كبيرة جدا ً تُغني عن أي كلمة أُخرى، فيوسف الرجل الشرقي اليهودي المُلتزم بالناموس و التوراة و عندما وجد سيدتنا مريم العذراء حاملا ً و لم يكن يدري وقتها من في أحشائها، لم يقبل على نفسه ما ظنه، لكنه أيضا ً لم يثر، لم يغضب، لم يضرب، لم يكسر، لم يحمل خنجرا ً ليذهب و يبقر بطن الأم البتول، لم يأخذ السيدة العذراء إلى الكهنة ليرجموها، لم يفضح أهلها. ماذا فعل؟
يقول الإنجيل المقدس "و كان يوسف زوجها بارا ً" نعم يقول عنه الكتاب المقدس "باراً" ثم يكمل فيقول "فعزم على تخلية أمرها سرا ً" أي أنه أراد أن يعيدها بهدوء إلى بيت أبيها. تخيلوا معي ما أصعب هذا العمل على رجل ٍ يهودي شرقي يعيش في مجتمع رعوي قبل ألفي عام، هذا الرقي في الفعل، هذه الرؤية، هذه العزيمة الطاهرة المباركة، هذا "البر" الذي يشهد له الكتاب المقدس نفسه.
قلب هذا القديس مسكون بالروح القدس، ضم الأم البتول إلى بيته و اعتنى بها حتى ولدت السيد و تمم واجبات الشريعة و قام بتربيته و تعليمه و الاعتناء به، حتى أنه لم يُهمل في تعليمه صنعة النجارة حيث يذكر الإنجيل المقدس أن الناس كانت تتعجب من السيد و تتساءل عن كلامه و تعليمه قائلة ً "أما هذا هو النجار ابن يوسف؟".
في زمن الميلاد حينما نُخبر أطفالنا عن الملاك المُبشر و الولادة العجائبية و مريم و يسوع يجب أيضا ً أن نخبرهم عن يوسف، الذي عاش بصمت، و مات بصمت، و خدم ما بينهما بقوة و فاعلية لكن أيضا ً بصمت. يجب أن نخبرهم عن رجولة يوسف و حكمة يوسف و وداعة يوسف.
معنى اسم يوسف بالعبرية "يزيد" و هو حقا ً يزيد على كل الرجال في الرجولة و العظمة و الخدمة، هذه التي يعرف هو معناها الحقيقي في استسلامه لله و إدراكه لحكمته و مسيره ِ حسب البرالذي نفهمه بأنه السلوك حسب الفكر و الفعل الإلهين. كم من أشباه رجال في مجتمعاتنا العربية لا يترددون في تسديد الطعنات و تمزيق أجساد أخواتهم أو أمهاتهم أو زوجاتهم لمجرد الظن و الشك أو انتقاما ً للشرف، و لا يعرفون أن الشرف هو في الحياة و الفعل المُستدام و ليس بين الأفخاذ و فوق الأسرِّة.
درس ٌ آخر من إنجيل الحياة، من الزمن الميلادي!
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟