أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - أبو عادل .. أم عادل .. عادل














المزيد.....

أبو عادل .. أم عادل .. عادل


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 10:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


خلال انتفاضة محرم المباركة، انتفاضة 1400 هجرية في منطقة القطيف، كناّ وقتها أطفالاً، ولكنا نسمع عن الاعتقالات العشوائية للأطفال والنساء والرجال والشيوخ، اعتقالات من الطرقات، من الشوارع ومداهمات للبيوت. كنّا ننام بملابسنا حتى نكون جاهزين فالعديد من الأطفال تم اعتقالهم من غُرَف نومهم، حيث أن المباحث لا تسمح حتى للمقبوض عليه أن يلبس ملابسه فيأخذوه للسجن بملابسه الداخلية.
خفافيش الظلام هؤلاء كم كرهناهم، كرِهنا طريقتهم في الاعتقال مع أننا لم نعلم وقتها مصطلحات حقوق المواطن والمواطنة، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حرية التعبير، المجتمع المدني، الديمقراطية والانتخابات الحرة، المساواة والعدالة والشفافية. كل ما كُنّا نبحث عنه هو بعض الحقوق البسيطة وتحسين مستوى المعيشة، لم يكن يوماً أن فكّر أحدُنا بأن لنا حقوقاً في خيراتِ أرضنا، فقط كان تفكير الناس في تحسين مستوى معيشتهم.
كان القمع الحكومي يتناسب مع أهمية نفطِ أرضنا، فاستشهد العشرات واعتُقِل المئات ولازال بعضهم في السجون إلى الآن. خفافيش الظلام لا يطرقون الأبواب، فقط يدفعُ الباب بعنوة ليتجهوا إلى الشاب أو الأب يتم سحبه سحب الشاة بشكلٍ مهين ليلقى بعد ذلك العذاب على أيدي وحوش بشرية لا تشعر تجاه ضحاياها سوى الكراهية والحقد العميقين، تهون فيها عذابات أبو غريب وجوانتانمو.
قبل ذلك، كانت فترة الستينات، وكان ذلك في زمن حكم فيصل. للذي لم يعرف تلك الحقبة عليه فقط التحدث لمن بقي حياً من الذين أُفرِج عنهم من أتباع الحركة الناصرية، أو ما كان يُطلق عليهم "الناصريين" لإيمانهم بجمال عبدالناصر. أحدهم يحكي قصص من حكايات "ألف ليلة وليلة" وكيف كان التعذيب والإعدام، إلى الآن لا يزال البعض مجهول المصير. أحدهم بكى وهو يسمع قصة الإصلاحيين، قال بأنه عاش تلك الفترة وكيف أن زملاءه تم رمي بعضهم من الطائرات.
لقد استرجعت تلك الحقبة عند قراءتي رسالة من أم "أبو عادل" لأم عادل، الأستاذة فوزية العيوني زوجة الأستاذ الأديب الشاعر علي الدميني. أم "أم عادل" تحكي قصة ولدها "أبو عادل" الذي قضى سبع سنوات في السجن أيام فترة حكم فيصل لحبه "لجمال" وكيف أن وجبات التعذيب قضاها خلف قضبان السجون. سبع سنوات عجاف، لا أدري كيف يتم حساب تلك الأحكام، كما تم حساب حكم السجن على الإصلاحيين هذه المرة.
يا أم عادل، لا تحزني، ولا تيأسي، فكما الليل يتبعه النهار، فإن ظلام السجن يتبعه ضوء الشمس وفجر الحرية. يا أم عادل، إن كُنّا لم نلتقِ وجهاً لوجه، فإننا نعيش آلامك وآلام كل المخلصين من أبناء هذا الوطن. أبو عادل وأخوته الأستاذ متروك الفالح والأستاذ عبدالله الحامد، لهم علينا حقوقاً وواجبات لن نُفرّط فيها؛ فنصرتهم هي نصرةً للوطن وللمواطن وللإنسان أولاً وأخيراً. حقّهم علينا أن نقف معهم، ومعكم، ولن نرضى وننكس الرؤوس كما فعل "المثقفون" الراكضون خلف فضلات الأمراء، الذين باعوا دينهم وكرامتهم من أجل متاعٍ زائل، أكثرهم لن يحصل عليه.
يا أم عادل، اسم عادل ذكّرني بجروح قديمة غائرة، رأيت أن أذكرها هنا فقط لترَي كيف أن الظلم الذي وقع بالأمس لا يختلف عن اليوم، ولتعرفي أن الزمن الذي طال الإصلاحيين طال قبلهم آخرين، العديد منهم كانوا أصغر سِناً وأكثر براءةً، بل بعضهم كانوا أطفالاً؛ مثل الطفل عادل. عادل الذي لم يبلغ الحُلُم تم سجنه عدة سنوات، هو وجميع من اسمه "عادل"، فقط لأن اسمه كان أسفل شعار كتبه أحدهم "يسقط فيصل – عادل" على لوحة المدرسة. تم القبض بعدها على كلُ من اسمه عادل، حتى هذا الطفل، الذي هو الآن رجلاً يتذكر تلك الأيام وكأنها بالأمس. حينها لم يكن يعلم ما تعني كلمة "عادل"، ولا يعرف ما معنى كلمة "يسقط فيصل"، لكنه البغي والجور والظلم الذي تجلّى في أبشعِ صوره.
يا أم عادل هذه رسالةً مني ومن آخرين لا تنسي أن تذكريها لأخوتنا أبطال المجتمع المدني، انقلي لهم هذا الرسالة، قولي بأننا معهم، وأنهم تاجٌ على رؤوسنا جميعاً، قولي بأن أخوةٌ لهم في سجنٍ أكبر لا يتكلم عنهم أحد ولا تذكرهم صحافة ولا مؤسسات حقوقية لأنهم غابوا واختفوا ولا يملكون قلماً ولا صوتاً، أكثرهم لا يعرف معنى كلمة حقوق الإنسان، يخشى من ظله ويتحدثُ همساً ويعمل ليل نهار خوفاً على ضياع لقمة عيشه. يا أم عادل، قولي لأخوتنا بأن دعاء الأمهات أواخر الليل لهم النصيب الأوفر فيه، دعواتهم تصل السماء ويهتز لها عرش الخالق من هول وضع المظلومين، دعواتهم لكم بالفرج وعلى الظالمين بالخزي. يا أم عادل، قولي لأخوتنا بأن الحمل الثقيل لا يقوم به إلاّ أهله، ونحن أهله وواثقين بأن الوقت قد حان لزوال الظلم والظالمين.
كلما فكّرت في كلمة "عادل" ينتابني شعور بأن الحكومة تكره هذا الاسم وهذه الكلمة، ولهذا فهي تكره كل شخص يحمل اسم "عادل" كراهيتها للعدل وأهله. إن النقيض يكره نقيضه وإن الشر يكره الخير، والظلم يكره العدل، وأبو عادل وأم عادل وعادل وكل من يحمل معاني العدل ستبقى شبهة حكومية وتاج يعطّرُ حامل هذا الاسم والمعنى.



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيع الجمل يا علي!
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟ جواب إلى الأستاذ شاكر النابل ...
- سجن الإصلاحيين يكشف حقيقة الحكومة السعودية
- تسونامي عسير
- الرئيس بوش للأمير عبدالله: النفط مقابل البقاء ...
- وزيرتان سعوديتان في ضيافة الرئيس بوش
- إيران: ديكتاتورية بلكنة عربية
- سياسي شيعي يرأس مجلس الشورى السعودي
- إكرام -المرأة- دفنها
- بشر أم آلهة؟ الجزء 2/2
- بشر أم آلهة؟ الجزء 1/2
- في يومٍ غير بعيد
- لو كان الحريري شيعياً
- جفّت الأقلام ورُفِعت الصحف
- طائرة نقل خاصة لعرفات ولباس مدرسي واحد لخمس بنات!
- لن أعتذر يا شيخنا ..
- مكاشفات في فكر صالح الفوزان
- يا شيخنا لو زرتنا ..
- مبروك لأهل القطيف حرمانهم من لجان الانتخابات البلدية
- مع -مكاشفات- الطائفية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - أبو عادل .. أم عادل .. عادل