أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أبو زيد - في فلسطين يحتفلون بالأعراس حول فناجين القهوة















المزيد.....

في فلسطين يحتفلون بالأعراس حول فناجين القهوة


محمد أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 03:44
المحور: القضية الفلسطينية
    


البداية كانت هكذا: حين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر 2000، اتخذت الكاتبة المصرية المقيمة في لندن موقعها أمام التلفزيون ترقب الأحداث، تتنقل بين القنوات الغربية والعربية فترصد اتساع الفجوة بينهما يوماً بعد يوم «حتى تكاد تشعر أنك تتابع أحداثاً مختلفة في كوكبين مختلفين حتى فاجأتها دعوة جريدة الغارديان البريطانية للذهاب إلى الأراضي المحتلة وكتابة موضوع عن الأحداث.
وتروي أهداف سويف في كتابها «في مواجهة المدافع، رحلة فلسطينية»، الصادر حديثاً عن مكتبة الأسرة بالقاهرة، أحداث رحلتها إلى فلسطين والتي بدأتها بالسفر إلى عمان ومن هناك إلى جسر الأردن لتزور القدس (الشرقية) والضفة (إن أمكن) وتدخل وتخرج عن طريق الأردن.
وتصف أهداف في كتابها الذي يضم مقالات اخرى عن أميركا، والعرب، والعراق، رحلتها الشاقة وما رأته في فلسطين، لكنها تبدأ بالحديث عن التطبيع «أنا لا أفهم معنى الحديث عن التطبيع، متى كانت علاقتنا باسرائيل طبيعية؟ الطبيعي في علاقتنا باسرائيل انها العدو، العدو الذي قاتلناه وقتلنا، الذي قتل أسراه من رجالنا، الذي شرد شعباً شقيقاً لنا وتسبب في مختلف المصائب لشعوب أخرى، العدو المتربص بنا دائماً اذا حاربناه من جهة يأتينا من الأخرى، عدو جالس على عتبة دارنا، عينه علينا، يريد مياه النيل، يريد الهيمنة على الزراعة، يكسر في مرجان شواطئنا على البحر الأحمر، يتسبب في خلق القلاقل في مجتمعنا، العدو اليقظ لنقاط الضعف فينا ينفذ منها، عدو تسبب في تعطيلنا منذ عام 1948 حيث أصبح هو شغلنا الشاغل».
«الجسر» تقولها أم ملاك لأهداف سويف فنراه: بناء خشبي يطابق ما رأته في الصور له أسوار خشبية تمنع من القفز إلى نهر الأردن، يعبرنه، امرأتان وطفلة «وهناك فوق رؤوسنا أرى الجنود الاسرائيليين كما رأيتهم في التلفزيون طوال أربعة عقود: عيونهم وراء المدافع الرشاشة وفوقهم علمان اسرائيليان يتقاطعان: أحدهما يرفرف في النسيم، والآخر مشبوكاً في قضيب معدني».
حين احتجزتهما ادارة المرور يدخل اسرائيلي عليهما ويسألها بعربية مكسرة أن تملأ بعض الاستمارات، ثم يعود ليصطحبها إلى شباك الجوازات، تقول «لا أريد الختم على جواز سفري» يقول «أعلم ذلك».
تظهر أمامها المدينة المقدسة تقترب أهداف لتصفها «أرى البوابة الشامخة وإلى جوارها مصفحة اسرائيلية وخمسة جنود مسلحين بالرشاشات، أربط ايشاربي تحت ذقني وأعبرهم، أمر من خلال باب الزهراء فأجدني في مدينة عربية عتيقة: أورشليم القدس، مدينة من الحجر الوردي شوارعها مرصوفة بالحجر، صقله الزمان فيلمع لمعاناً وردياً خافتاً، درج ثم انحناءه فتمتد أمامي حاره وردية جديدة، تبدو البيوت وكأنها تنمو من الشارع أبوابها الحديدية الخضراء مواربة، وحول كثير منها نقوش تعلن للمارة أن صاحب الدار أدى فريضة الحج الواجبة».
وفي جولتها تقابل أهداف نساء عائدات من الصلاة، يسألن ان كان لها (مبات) ثم تصف بيت (أم ياسر) الذي يبعد دقيقتين عن سور الحرم، تلتقي فيه بشابتين باسمتين، تشير إلى واحدة منهما «هذه زوجناها من 3 أيام قبل دخول رمضان، على فنجان قهوة والله. مين فيه يعمل فرح والناس كل يوم عم تنطخ».
وتروي أهداف سويف «أذهب إلى محل البقالة المجاور لأشتري لبن زبادي وتمرا للسحور، جهاز التلفزيون المعلق على الحائط يذيع الأخبار من محطة فلسطينية.
يذيع التلفزيون خبر خمسة من العمال قتلهم المستوطنون. هرب السادس وطلب النجدة وأسرعت سيارات الاسعاف إلى الموقع إلا أن الجيش استوقفها فمات العمال، توقف كل من في المحل عن الكلام وعن الحركة وعيونهم معلقة بالجهاز وتنحدر الدموع على وجهي وزوجة أحد الرجال تولول على الشاشة، أما بقية من في المحل فلا يبدو عليهم التأثر، وحين ينتهي الخبر يعود الكل إلى ما كان عليه».
ويبدو أن الفلسطينيين اعتادوا على هذا، فلم يعد الأمر بالنسبة لهم مدعاه للتوقف، ربما من كثرة ما يحدث وما تصفه أهداف سويف في مدينة الخليل، حيث صادر الاسرائيليون السوق القديمة وسووها بالأرض: «أرفع عينيك من الزحام ترى آثار القنابل والنيران على المباني المحيطة بالميدان، ثقب واسع حيث كان مكتب جريدة الأيام، عيادات الأطباء، محلات اللعب، الكوافيرات : تلال من الطوب، علامات الحريق، الزجاج المهشم، ارفع عينيك إلى أعلى ترى الجيش الاسرائيلي متمترساً وراء أجولة الرمال على أسقف البيوت مدافعهم مصوبة نحو المارة في الميدان «12 طنا من الأجهزة على سقف بيتي» يقول رجل «وهم يقضون حاجتهم في خزانات المياه».
وترى الكاتبة على حائط أحد المنازل صورا لشبان ثلاثة، على كل صورة اسم تسبقه صفة الشهيد، تقول لها صاحبة المنزل «أبناء أختي» ويقول لها المرشد، ان السبت أسوأ أيام الخليل لأن المستوطنين لديهم الوقت لكي يمشوا في البلد فيقلبون عربات الخضار ويركلون الأهالي.
وعن جمعية إنعاش الأسرة حيث يتعلم الأطفال الموسيقى والرسم، تذكر: «لا يسمح للأطفال برؤية خرائط فلسطين أو معرفة أي شيء عن تاريخهم، وقد أغلق الاسرائيليون الجمعية باعتبار أنها تحرض على التمرد، وتعلق فاطمة جبريل التي أسست الجمعية لاهداف «كنا نحاول مساعدة الأمهات على توفير طفولة طبيعية لأطفالهم، تعرفين ماذا يغني الأطفال «بابا جاب لي هدية رشاش وبندقية» كنا نحاول أن نعلمهم أغاني الأطفال العادية، ولم ننجح لأنها ليست لها علاقة بحياتهم حين يقول الأطفال (جاء اليهود وأخذوا ابن خالتي وخلطوا أرزنا بدقيقنا بالسكر) كنا نقول لا تقولوا اليهود إنهم الإسرائيليون الصهاينة، كنا نحارب في أخلاقيات اللغة».
وتضيف «حين يخرج الأطفال للعب يلعبون تحت مدافع الجيش المتمركز فوقهم. هؤلاء الناس يعيشون في حالة طوارئ منذ 33 سنة وبعضهم من عام 48 هم لا يذهبون للبحث عن الجيش، الجيش معسكر على بابهم».
في القدس تفطر أهداف في مطعم شعبي صغير بالقرب من باب الزهراء، على الطاولة المجاورة لها يتذكر ثلاثة رجال أيام عبد الناصر وأيديولوجيا الوحدة العربية، وينتهي بهم الأمر إلى الترنم بأغاني مصر الستينيات.
ثم تعدد مطالب رجل الشارع الفلسطيني: نهاية الاحتلال، تطبيق قرار الأمم المتحدة 242 والعودة إلى حدود 4 حزيران 1967 ودولة فلسطينية ذات سيادة في الضفة وغزة والقدس الشرقية، والافراج عن المسجونين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، وحق العودة للاجئين. لكنها حين تلتقي مروان البرغوثي في مكتبه حيث يجلس أمام لوحة جدارية ضخمة للمسجد الأقصى يقول لها: «ان الانتفاضة والمفاوضات لا يلغيان بعضهما وان الانتفاضة هي الطريق الوحيد للشعب لكي يبعث بصوته، بارادته، إلى داخل المفاوضات، ويشير إلى صورة لمحمد الدرة ويقول «نريد أن نخرج من صورة الفلسطيني الضحية، هذه صورة أفضل» ويشير إلى صورة طفل يواجه دبابة ويقول: «أعرف أن هذا الطفل استشهد بعد يومين».
في طريق عودتها إلى الأردن تكتب أهداف في مذكراتها «في طريق العودة إلى الجسر أرى أن الجيش قام بحفر خندق جديد بين الطريق ومدينة أريحا» ثم تكتب فيما بعد «أنا غاضبة أكثر من ذي قبل، ولا أصدق أن ما يحدث في فلسطين كل يوم للنساء والرجال والأطفال أمر يسمح له العالم أن يستمر».
«رأيت أطفالاً يرقبون بهدوء قتيلاً جديداً وجنازة جديدة وحين بكيت قالوا «هذه أمور جديدة عليها، في فلسطين يحتفلون بالأعراس حول فناجين القهوة وحين يقتل شاب يمسكون بأمه يسندونها إلى جانب قبره، يقولون «زغردي يا أم الشهيد» يقولها أصحاب الشباب الذين قد يقتلون غداً، تقول لي سيدة: لا تسمعين الزغاريد اليوم إلا في مواجهة الموت. انقلب عالمنا رأساً على عقب».
أهداف حين تنتقل إلى القاهرة تقول إن الاعلام المصري يحاول عدم استثارة مشاعر الشعب في مسألة فلسطين، فلا يعرض صور القمع الوحشي والتدمير والحزن المميت الموجودة بالأراضي المحتلة، حيث نصف سكان القاهرة يشاهدون قناة الجزيرة وترى فوق كل بناية كتائب «الدش» تتطلع نحو «عرب سات»، وكل سائق تاكسي تتحدث معه يقول «والذي يحدث للفلسطينيين أليس ارهاباً؟».
وفي تعليقها على الاعلام الأميركي الموجه تحكي عن شاب أميركي يحضر دراسات عليا في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة قص عليها كيف أن شبكة CNN، كانت تبحث عن طالب أميركي في القاهرة تجري معه حواراً، واتصلت به فوافق على الحديث معه، قالوا نجري حواراً مبدئياً استطلاعياً ثم نتفق على التسجيل. قال الشاب «كنت أعلم ما يريدون وكنت أريد أن تصل ملاحظاتي إلى المشاهد الأميركي، فحاولت في الحوار الاستطلاعي أن أكون محايداً ـ ومع ذلك رفضوا الاستمرار فلم يكن ما أقوله هو ما يريدون سماعه».
وتسائل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني في خطاب توجهه إليه «هل رأيت صور الجيش الاسرائيلي متمركزاً على أسطح بيوت الناس؟ هل تتصور ما يعنيه هذا: يوما بعد يوم، ساعة بعد ساعة؟ حين يستبدل الجيش النوباطشية في الثانية مساء يستيقظ جميع السكان ويبدأ الأطفال في البكاء لا أتذكر التعبير الذي كنت أراه على وجوه السكان حين كنت ألتقيهم على الدرج: انه تعبير ينم عن المهانة"



#محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة بالأبيض والأسود


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أبو زيد - في فلسطين يحتفلون بالأعراس حول فناجين القهوة