أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - تزوير مسيحية يسوع - 13















المزيد.....

تزوير مسيحية يسوع - 13


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 16:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ملاحظة: هذه المقالة تُعتبر كتكملة لسلسلة المقالات السابقة تحت عنوان (تزوير مسيحية يسوع – 1 إلى 12)، ويجب أن تُقرأ المقالات السابقة كمقدمة أساسية وضرورية لهذه المقالة.


"لا نوافق العقل المغرور الذي يريد أن يعي كل شيء رافضاً كل ما هو فوق مستوى إدراكه. ينبغي للعقل أن يتضع ويعرف مستواه (ولا يرتئي فوق ما ينبغي) [رسالة بولس إلى أهل رومية 12: 3]. وفي الأمور التي هي فوق إدراكه، يجب أن يسلم قياده للإيمان (...) إن العاقل يمكنه أن يصل إلى الله، أما العقلاني فلا يصل (...) العقل البسيط المتواضع هو الذي يقبل الإيمان والمعجزة. [و] نقصد بعبارة (التواضع) إنه لا يعتز بإدراكه الخاص ولا يحطم كل ما هو فوق إدراكه. ونقصد بعبارة (البسيط) العقل الذي لا يعقد الأمور".
البابا شنودة الثالث، كتاب حياة الإيمان


ترتكز العقائد الدينية بصورة رئيسة على موضوع (الإيمان). إذ من دون الإيمان يسقط الدين بالضرورة وتسقط القدسية معه لكل (رمز مقدس). إلا أن مشكلة الإيمان أنه يتطلب (التصديق من دون وجود دليل) حقيقي خالٍ من الشك والطعن، وعندما ينشأ (البرهان) الذي يُعارض الإيمان بصورة واضحة فإن الإيمان يتطلب أيضاً (عقل بسيط متواضع) كما يقول البابا شنودة الثالث في الاقتباس أعلاه. إذ (المؤمن) إذا قيل له، مثلاً، أن (يسوع ذبيحة الرب لغفران الذنوب)، فإن عليه أن يصدق مباشرة، إذ (العقل البسيط المتواضع) لا يجب أن (يعقد الأمور) ويسأل: ولماذا أراد الله ذبيحة (بشرية)؟! بل لماذا أراد ذبيحة أصلاً ليغفر الذنب، فليغفر متى شاء وكفى؟ ولماذا قُتلت تلك الذبيحة بأحط أنواع القتل عند الرومان، أي الصلب؟ ولماذا أُهينت ذبيحة الله بكل أنواع الإهانات الممكنة في زمنها وأكثرها دونية، على عكس الذبيحة في العقيدة اليهودية؟ ولماذا اختار الله أن يذبح الذبيحة قبل ألفي سنة وليس الآن أو في بداية وجود البشرية أو عند نهاية الزمان؟ وإذا قيل لصاحب (العقل البسيط المتواضع) بأن يسوع وُلِدَ ولادة عذرية وهي معجزة، فإن على المؤمن أن (يتعامل معها ويدافع عنها) كمعجزة. إذ لا يجب عليه أن يسأل: كيف هي معجزة وكيف يُمكن برهانها، وذلك مع حقيقة أنه لا سبيل إطلاقاً لإثباتها لأي أحد حتى في زمنها وفي حياة أبطالها؟ ولو أتت امرأة ما، قبل ألفي سنة، وقالت لمن حولها بأن ابنها هذا نتج من (روح القدس)، فهل نتوقع أن يقوم الناس كلهم ليرفعوها وابنها على الأكتاف ثم يعبدوا ابنها، أو أنهم على الأرجح سيرجمونها مباشرة؟ وكيف يجوز أن تكون هناك (معجزة) لا يمكن إثباتها حتى في زمنها وستكون موضع (شك) فيما سيأتي من الأزمان؟ كل تلك الأسئلة (تعقد الأمور) ولا يجب أن يسألها صاحب الإيمان ذو (العقل البسيط المتواضع)، فـ(العقلاني لا يصل إلى الله) كما يؤكد أصحاب الكهنوت. تلك هي (مشكلة الإيمان) ممزوجة، ربما، بنبرة سخرية لابد منها. إذ الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، ترتكز على (الإيمان) لترتكب أكثر أنواع الشذوذ دماراً، أي (تدمير العقل والعقلانية) حتى وإن ادعى زوراً وبهتاناً بعض أصحاب الديانات، وخصوصاً المسيحية والمؤمنون بها، بأنهم أصحاب (عقلانية ومنطق)، فهاهو البابا شنودة الثالث يكفينا البرهان ليقول عن صاحب (العقلانية) بأنه لا يصل إلى إلهه وينفيه من المسيحية. إلا أن البرهان على (عدم عقلانية) العقيدة المسيحية هو واضح جلي، ومن نفس النصوص التي يستخدمها المسيحيون للتدليل على معتقداتها. النصوص المقدسة المسيحية، في كلياتها وفي مضامينها، وما تفتق عنها من عقائد، هي نتاج (تزوير متعمد ومقصود) قام به كتبة تلك النصوص، وعلى الأخص بولس. تلك هي (الحقيقة) التي يصل لها كل (عقلاني).

ترتكز العقيدة المسيحية في يسوع على مرتكز أساسي ملخصه بأن الله يتطلب (ذبيحة) ليغفر الذنوب، ولهذا السبب فإن (الرب) أرسل يسوع (الرب أيضاً)، الذي هو نفسه المسيح اليهودي، ليستخدمه كـ (ذبيحة عيد الفصح) فداءً لذنوب البشر. أي أن (الله الأب) تصالح مع البشرية بواسطة سفك دم (الله الإبن بصورته البشرية) على الصليب. إذ على الرغم من أن العقيدة اليهودية تتيح مجالات متعددة للغفران خارج حدود الأضاحي، فإن العقيدة المسيحية تتصرف وكأن الأضاحي والدماء، وليست أي أضحية أو دم ولكن (الأضحية البشرية ودمها) على الأخص، هي الوسيلة الوحيدة. فالملك داود في مزاميره يقول صراحة (يارب افتح شفتي، فيخبر فمي بتسبيحك. لأنك لا تسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها. بمحرقة لا ترضى. ذبائح الله هي روح منكسرة) [مزامير 51: 15-17]، وهوشع يؤكد (خذوا معكم كلاماً وارجعوا إلى الرب. قولوا له: ارفع كل إثم واقبل حَسَناً، فنُقدم عجول شفاهنا) [هوشع 14: 2]، وإرميا يكرر (يقول الرب: أفكار سلام لا شر، لأعطيكم آخرة ورجاء، فتدعونني وتذهبون، وتصلون إلي فأسمع لكم) [إرميا 29: 11-12]. بل إن هوشع يؤكد بكلام واضح (إني أريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من مُحْرَقات) [هوشع 6: 6]. إلا أن كل تلك (النصوص والعقائد) في جواز المغفرة (من دون ذبيحة ودماء) لا تفيد في اختراع (عقيدة جديدة في ذبيحة من نوع جديد)، ولذلك يصر اللاهوت المسيحي على ضرورة الذبيحة التي كان ضخيتها يسوع لغفران الذنوب. يقول البابا شنودة الثالث في كتابه (حياة الإيمان) عن هذه العقيدة: "في الفداء، من محبة المسيح لنا حمل جميع خطايانا ومات عنها (كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا [هنا موضع لتزوير مسيحي في الترجمة، ولكننا سنؤجل ذلك لمقالة قادمة]) [إشعياء 53: 6]. وهكذا قال عنه القديس يوحنا المعمدان (هوذا حَمَلُ الله الذي يرفع خطية العالم) [يوحنا1: 29]. وقال القديس يوحنا الرسول (وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً) [رسالة يوحنا الأولى 2: 2] (...) أما ما في الصليب من حب، ومن فداء وكفارة، ومن مغفرة ومحو للصك المكتوب، وحمل خطايا العالم، وأيضاً ما في الصليب من عمل المصالحة". أما بولس فيقول لأهل كورنثوس (فصحنا أيضاً المسيح، قد ذُبح لأجلنا) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 7]. إذن، على حسب العقيدة المسيحية، استخدم الإله ابنه كـ (كذبيحة، حَمَلْ، عيد الفصح) الذي يرفع الخطايا والذنوب، كـ (كفارة)، حتى يتصالح مع البشرية بواسطة غفران الذنوب. ويستخدم المسيحيون، بصفة أساسية وتكاد تكون حصرية، نصوص اليهود المقدسة، نصوص العهد القديم، للتدليل على اعتقادهم هذا. إلا أن مشكلة هذه العقيدة في يسوع هي إما أنها (لا تفقه شيئاً في اللاهوت اليهودي) أو هي (خداع جريء ومتعمد) في عملية (التزوير) لمسيحانية يسوع وموجه لأناس أميين أو محدودي المعرفة بنصوص العهد القديم، أو هي الإثنين معاً [هي كذلك في الواقع]. فالحقيقة هي أن (إله المسيحية اختار المناسبة الخطأ واليوم الخطأ والمكان الخطأ) لتقديم ذبيحة غفران الذنوب. إذ كتبة الرسائل والأناجيل المقدسة المسيحيين (تعمدوا)، وبشكل ملفت للنظر، إلى عدم التطرق لحقيقة وأصل مناسبة (عيد الفصح) عند اليهود وما هو معنى ذبيحة الفصح، و (تعمدوا) بدلاً من ذلك (ترسيخ الفكرة الخاطئة جملةً وتفصيلاً) في أن ذبيحة حَمَل عيد الفصح عند اليهود هي لـ (غفران الذنوب) حتى يبدو يسوع وكأنه (هو الذبيحة) التي غفرت ذنب الإنسانية. ولكن لا شيء أبعد من الحقيقة من ذلك.

يحتفل اليهود بعيد الفصح بسبب ما ورد في سفر الخروج على لسان ربهم لنبيهم موسى (تحفظ عيد الفطير. تأكل فطيراً سبعة أيام كما أمرتك في وقت شهر أبيب، لأنه فيه خرجت من مصر) [خروج 23: 15]، (ويكون لكم هذا اليوم تذكاراً فتعيدونه عيداً للرب. في أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية [...] وتحفظون الفطير، لأني في هذا اليوم عينه أخرجت أجنادكم من أرض مصر، فتحفظون هذا اليوم في أجيالكم فريضة أبدية) [خروج 12: 14 و 17]. إذ عيد الفصح هو للاحتفال بذكرى خروج اليهود من مصر هاربين بعد أن قَتَلَ ربهم كل بكر في أرض مصر ما عدا اليهود الذين لطخوا أبوابهم بدماء ذبيحة الفصح (فإني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة، وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم [...] فدعا موسى جميع شيوخ إسرائيل وقال لهم: اسحبوا وخذوا لكم غنماً بحسب عشائركم واذبحوا الفصح، وخذوا باقة زوفا واغمسوها في الدم الذي في الطست ومسوا العتبة العليا والقائمتين بالدم الذي في الطست. وأنتم لا يخرج أحد منكم من باب بيته حتى الصباح، فإن الرب يجتاز ليضرب المصريين) [خروج 12: 12 و 21-23]. ويؤكد إله اليهود (يهوه) على هذا العيد بالاسم والتاريخ (في الشهر الاول، في الرابع عشر من الشهر، بين العشاءين فصح للرب) [لاويين 23: 5]. ويشرح سفر الخروج (ذبيحة الفصح) بشكل مفصل (تكون لكم شاة صحيحة ذكراً ابن سنة، تأخذونه من الخرفان أو من المواعز، ويكون عندكم تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر. ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية، ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها. ويأكلون اللحم تلك الليلة مشوياً بالنار مع فطير. على أعشاب مرة يأكلونه. لا تأكلوا منه نيئاً أو طبيخاً مطبوخاً بالماء، بل مشوياً بالنار. رأسه مع أكارعه وجوفه. ولا تبقوا منه إلى الصباح. والباقي منه إلى الصباح، تحرقونه بالنار. وهكذا تأكلونه: أحقاؤكم مشدودة، وأحذيتكم في أرجلكم، وعصيكم في أيديكم. وتأكلونه بعجلة. هو فصح للرب) [خروج 12: 5-11]. فذبيحة الفصح، أو حَمَل الفصح كما في التعبير اللاهوتي المسيحي، هو (فقط) للاحتفال بذكرى خروج اليهود من مصر بعد قتل (أبكار) المصريين، يكون صغيراً (ابن سنة)، يُذبح في العشية ويُؤخذ من دمه وتُلطخ به قوائم البيوت، ثم يُشوى بالنار ويؤكل، وأخيراً (يُحرق) تماماً ما تبقى من الذبيحة. هذا (نص) إله العهد القديم، وهكذا (يُريد) فصحه. (ولا شأن إطلاقاً)، لا من قريب ولا من بعيد، بذبيحة الفصح بـ (غفران الذنوب). إذ بولس، عندما تولى الترويج لفكرته التي اخترعها عن (فصحنا أيضاً المسيح، قد ذُبح لأجلنا) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 7]، فإنه (تعمد) الخلط بين (ذبيحتين) مختلفتين تماماً. هو (خَلَطَ) ذبيحة عيد الفصح (متعمداً)، والتي لا شأن لها إطلاقاً بتكفير الذنوب وغفران الخطايا، والتي بقايا ذبيحتها يجب أن (تُحرَق) تماماً، مع طقوس يوم أو عيد الغفران (يوم كيبور).

يوم أو عيد الغفران مذكور صراحة في نصوص العهد القديم باليوم والتاريخ (ويكون لكم فريضة دهرية أنكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تذللون نفوسكم، وكل عمل لا تعملون، الوطني والغريب النازل في وسطكم. لأنه في هذا اليوم يُكفّر عنكم لتطهيركم. من جميع خطاياكم أمام الرب تطهرون) [لاويين 16: 29-30]. ويسترسل إله اليهود (يهوه) ليشرح يوم الغفران هذا بشكل تفصلي (يكفّر الكاهن الذي يمسحه، والذي يملأ يده للكهانة عوضاً عن ابيه. يلبس ثياب الكتان الثياب المقدسة. ويكفّر عن مقدس القدس. وعن خيمة الاجتماع والمذبح يكفّر. وعن الكهنة وكل شعب الجماعة يكفّر. وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بني اسرائيل من جميع خطاياهم مرة في السنة. ففعل كما امر الرب موسى) [لاويين 16: 32-34]. المشكلة الخطيرة أمام العقيدة المسيحية هي ليست فقط اختلاف التاريخ الكبير بين قتل يسوع وبين عيد الغفران، ولكن المشكلة الحقيقية أن عيد غفران الذنوب والخطايا هذا لا يتطلب (حَمَل) كما صوّره بولس واللاهوت المسيحي ولكنه يتطلب (ثوراً واحداً وإثنان من التيوس) وذلك بنص التوراة أيضاً. إذ الأصحاح السادس عشر في سفر اللاويين واضح جداً في كيفية ذبيحة الغفران هذه. يقول هذا السفر (يقدّم هارون ثور الخطية الذي له ويكفّر عن نفسه وعن بيته، ويذبح ثور الخطية الذي له [...] ثم يأخذ من دم الثور وينضح باصبعه على وجه الغطاء الى الشرق. وقدام الغطاء ينضح سبع مرات من الدم باصبعه. ثم يذبح تيس الخطية الذي للشعب ويدخل بدمه الى داخل الحجاب ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور ينضحه على الغطاء وقدام الغطاء. فيُكفّر عن القدس من نجاسات بني إسرائيل ومن سيّآتهم مع كل خطاياهم. وهكذا يفعل لخيمة الاجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم [...] ومتى فرغ من التكفير عن القدس وعن خيمة الاجتماع وعن المذبح يقدم التيس الحي. ويضع هارون يديه على رأس التيس الحي ويقرّ عليه بكل ذنوب بني إسرائيل وكل سيّآتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على راس التيس، ويرسله بيد مَنْ يلاقيه، إلى البرية. ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم الى أرض مقفرة فيطلق التيس في البرية [...] وثور الخطية وتيس الخطية اللذان أتي بدمهما للتكفير في القدس يخرجهما الى خارج المحلّة ويحرقون بالنار جلديهما ولحمهما وفرثهما [...] في هذا اليوم يُكفّر عنكم لتطهيركم، من جميع خطاياكم أمام الرب تطهرون) [لاويين 16: 11 و 14-16 و 20-22 و 27 و 30]. إذن، إله اليهود، الذي هو ذاته إله المسيحيين، في كتابه المقدس عند اليهود والمسيحيين، يحدد بالضبط ما يريده حتى (يغفر الذنوب والخطايا). هو يريد (ثور واحد وتيسين) بالتحديد ولا يريد (حَمَل) كما يقول اللاهوت المسيحي ويُسمي يسوع به. وأيضاً هو يحدد الموعد والتاريخ بالضبط (في الشهر السابع، في عاشر الشهر) يكون يوم الغفران للذنوب هذا، وليس في الفصح (في الشهر الاول، في الرابع عشر من الشهر، بين العشاءين فصح للرب) الذي قُتلَ قريباً منه يسوع، إذ هذين التاريخين متباعدين جداً. ولا يُمكن إطلاقاً أن يكون يسوع هو الذي "حمل جميع خطايانا ومات عنها" كما شرح لنا البابا شنودة الثالث في مقدمة المقالة، لأنه حتى يكون ذلك يجب أن يكون كما قال نص المسيحيين المقدس ذاته في التوراة (ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم الى أرض مقفرة) [لاويين 16: 22].

الأخطر في كل هذا هو ليس (الاختراع) لعقيدة الفداء في ذاته، ولكن حقيقة أن الذي تولى هذا الاختراع كان (واعياً لهذا التناقض) بين العقيدة والنص. والأخطر من ذلك هو حقيقة أن (اللاهوت المسيحي) اللاحق كان أيضاً واعياً لهذا التناقض ولكنه آثر السكوت والصمت. بولس، هو الذي تولى (اختراع) هذه العقيدة (المناقضة) للنص التوراتي ولِما يُريده إله اليهود في أضحية غفران الخطايا. يقول بولس في رسالته للعبرانيين (لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا) [الرسالة إلى العبرانيين 10: 4]. بولس كان (يعي تماماً ويعرف مقدماً) أن إله اليهود، أو (الأب) بلغته المخترعة، يقول صراحة وبوضوح في التوراة بأنه يريد (دم ثيران وتيوس) حتى يغفر الذنوب. إلا أن يسوع قد تم قتله قريباً من (عيد الفصح) وبعيد جداً من يوم الغفران المذكور في نصوص العهد القديم. إذ النص صريح عن يوم الغفران (في هذا اليوم يُكفّر عنكم لتطهيركم، من جميع خطاياكم أمام الرب تطهرون) [لاويين 16: 30]. ولذلك هو مضطر لأن (يعاكس) هذا النص. إلا أن معاكسته للنص تبدو (ساذجة) بعض الشيء، لأنه حينما رفض (دم ثيران وتيوس) لغفران الذنوب والخطايا في رسالته للعبرانيين، فإنه في نفس الوقت روّج لـ (دم حَمَلْ) على أنه كذلك ثم (صوّر يسوع على أنه ذلك الحَمَل الذبيحة). فهو لم يفعل أكثر من استبدال دم الثيران والتيوس بدم حَمَل، لا أكثر من هذا ولا أقل. بل الأدهى أنه استخدم النصوص التي تتيح الغفران بواسطة الدعاء والاعتراف بالذنوب أمام الله ليصورّها على أنها ترفض (دم الثيران والتيوس) ولكنها تقبل (دم حَمَل الفصح). إذ بولس يسترسل في رسالته للعبرانيين، وليقتبس مزامير داود التي استخدمت الدعاء للرب كوسيلة للغفران (لأنك لا تسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها. بمحرقة لا ترضى) [مزامير 51: 16-17] وليقول لهم بولس (اذ يقول انفا انك ذبيحة و قربانا و محرقات و ذبائح للخطية لم ترد و لا سررت بها التي تقدم حسب الناموس. ثم قال هانذا اجيء لافعل مشيئتك يا الله ينزع الاول لكي يثبت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة) [الرسالة إلى العبرانيين 10: 8-10]. إنها عملية (خداع وتزوير) واعية ومتعمدة عند بولس. وعقيدة (الفداء) ما هي إلا (تزوير تولاه بولس) بامتياز. تلك هي (حقيقة).


....يتبع



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزوير مسيحية يسوع - 12
- تزوير مسيحية يسوع - 11
- تزوير مسيحية يسوع - 10
- تزوير مسيحية يسوع - 9
- تزوير مسيحية يسوع - 8
- تزوير مسيحية يسوع - 7
- تزوير مسيحية يسوع - 6
- تزوير مسيحية يسوع - 5
- تزوير مسيحية يسوع - 4
- تزوير مسيحية يسوع - 3
- تزوير مسيحية يسوع - 2
- تزوير مسيحية يسوع -1
- العلم الطاهر
- الرواية الإباضية للإسلام - 2
- الرواية الإباضية للإسلام - 1
- ابن خلدون يقول لكم - أنتم أمة وحشية
- أهذه معارك تستحق اسم الله؟
- التشخيص النفسي كأداة لنقد الإنجيل
- إشكالية ذهنية التخوين في الوطن العربي
- خاطرة - لا تصلح كمقالة


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - تزوير مسيحية يسوع - 13