أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جاسم المطير - ديمقراطية أعضاء لجنة الدستور أول شرط لصياغة دستور ديمقراطي















المزيد.....

ديمقراطية أعضاء لجنة الدستور أول شرط لصياغة دستور ديمقراطي


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ديمقراطية أعضاء لجنة الدستور أول شرط لصياغة دستور ديمقراطي (5)
جاسم المطير
المسئولون عن " السلطة الدينية " في داخل البرلمان ومن خارجه لا يترددون عن التنسيق مع " السلطة السياسية " للحصول على القوة. هكذا يقول لنا التاريخ الشرقي المعاصر والتاريخ الغربي القديم كله . ففي الحقيقة أن هذا التاريخ ينبئنا ويذكرنا أن " المؤسسة " أو اللجنة التي تكلف بصياغة الدستور ليس بوسعها أن تضعه من دون ضغط من" السلطة " التي اختارتها إلا ما ندر حتى في بعض بلدان الديمقراطية الغربية قديما وحديثا .
وقد كشف التاريخ لنا انه لا توجد قواعد مسلم بها لوضع الدساتير فكل بلد اختار طريقته الخاصة على ضوء ظروف البلد الخاصة الذي يختلف من واحد إلى آخر في درجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيه ، وخير تعبير على ما أقول هو الرفض الواسع للدستور الأوربي الموحد حيث كانت نتيجة الاستفتاء في فرنسا وهولندا( مايس وحزيران 2005 ) وغيرها من الدول الغربية سلبية بالنسبة للحكومات التي صاغته إذ استقال رئيس الحكومة الفرنسية بعد ساعات قليلة من ظهور نتائج الاستفتاء ـ أي بعيد رفض الرأي العام للدستور- .
بالنسبة للدستور الذي نحن في العراق بصدد وضعه سيكون هو الأول في الألفية الثالثة ، فهل يكون هو الأول من حيث " النوع " أيضا ً .. هل سيكون مثالا يقتدى به بعد أن وصل الإنسان في العصر الحديث إلى مرتبة عليا من التطور المعرفي ...؟ الجواب سيكون لدى لجنة الصياغة بالتأكيد التي تشكلت بعد انهيار نظام مستبد عانى منه الشعب العراقي الويلات المرة لزمن طويل . هل يفترض أعضاء اللجنة تحقيق دستور جديد يحقق هدما حقيقيا للنظام السابق ويحقق بذات الوقت بنيانا قانونيا يتلاءم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكافة المواثيق الدولية التي فصلت وتفرعت منه في قرارات وإعلانات دولية كثيرة وأضافت المزيد من الحقوق الإنسانية للإعلان العالمي نفسه ..؟ أم سنعود إلى الأساليب التي أتبعها إمبراطور الحبشة عام 1955 أو إلى طريقة الدستور السوري عام 1971 أو إلى الدستور المصري عام 1964 أو إلى دستور أمارة موناكو أو دستور المملكة المغربية أو إلى دستور دولة قطر أو إلى دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ( اليمن الجنوبي ) ودستور الجمهورية العربية اليمنية وغيرها من الدساتير التي أشارت جميعها في ديباجتها الى مبدأ " السيادة الشعبية " لكن ولا واحد منها كان صادقا في التطبيق . وكانت جميع هذه الدساتير قد وافق عليها برلمان بلادها أو جرى استفتاء الشعب عليها .
في العراق تم اختيار لجنة صياغة الدستور بشكل " ديمقراطي " من قبل الجمعية الوطنية العراقية ، وهي في شكلها وجوهرها ومهماتها الأساسية تشبه ما يسمى بـ" الجمعية التأسيسية " وهذه الطريقة اتبعت لأول مرة جميع دساتير الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت كلها بما فيها الدستور الاتحادي عن طريق جمعية وطنية واتبع نفس الأسلوب في فرنسا في أعوام 1791 و 1848 و1857 وما بعدها وكذلك وضعت معظم الدساتير التي صدرت بعد الحرب العالمية الثانية بهذا الأسلوب كالدستور السوري عام 1950 والدستور الليبي عام 1951 ويمكن الإشارة هنا إلى رأي غسان سلامة حول كيفيات وضع الدساتير حين قال ( انه في حالة الكويت تم وضع الدستور الديمقراطي للبلاد بمساعدة خبراء عرب ( مصريين خاصة ) لم يعيشوا تجربة ديمقراطية حقيقية في بلدهم الأصلي والواقع أن استيراد النموذج الديمقراطي الغربي منتشر إلى أقصى حد في جهات كثيرة من العالم الثالث حتى وان كانت تلك ظاهرة عابرة في معظم الأحوال ، فكثيرا ما يأتي انقلاب قومي متطرف في خطابه وتسلطي في ممارساته ليضع لها حدا في وقت مبكر . بيد أن هذا لا يفسر على أي حال السبب في أن النموذج صمد في بلدان معينة بأكثر مما فعل في بلدان أخرى ) بينما لم تضم اللجنة الدستورية العراقية لا خبراء أجانب ولا حتى خبراء عراقيين مشهود لهم بالكفاءة القانونية وهم خارج البرلمان وخارج العراق أيضا .
كيف ستعمل لجنة الدستور العراقي وهي لجنة عراقية " خالصة " بل هي لجنة برلمانية " خاصة " وكيف تصوغ مبادئه في زمن عراقي أكثره فوضى واقله نظام ، وفي وقت نجد فيه 140 نائبا في البرلمان العراقي المنتخب يعملون ضمنيا داخل البرلمان وخارجه على تشكيل الوجود المتعين لـ " السلطة الدينية " كوحدة جوهرية يراد لها أن تكون أساسا في تشريعات الجمهورية العراقية السابعة . ومن هؤلاء نجد 28 عضوا في لجنة الدستور المتكونة من 55 عضوا ( ربما يصبح العدد 69 حسب بعض الأخبار ) ، فإما أن يساهموا في تقوية النسيج العراقي متنوع الألوان على أرضية واقعية حضارية – مدنية بنصوص دستورية ترفع من قيمة وقدر المواطن العراقي وتطلق الشحنة الكبرى لحريته وعطائه استنادا إلى العقل والثقافة لتقديم الرؤية الواقعية للازدهار والتنمية وتحقيق السعادة الأرضية بمقدار ما يكون موقفهم ايجابيا ، وإما أن يقف بعض أو أكثر أعضاء اللجنة في مواجهته بضخ الصيغ الدينية لتحقيق مثال " السعادة القصوى " في العالم الآخر ـ أي استمرار معاناة الإنسان العراقي في الحياة الدنيوية الواقعية ـ إذا كانت اختياراتهم تحمل بصمات خاصة محددة النتيجة في ما يسمى بالتشريع الإسلامي ستكون عاجزة عن مسايرة الزمن المعاصر ، و ستظهر من خلال التفرقة بين الموقفين العملي والنظري على ميكانيكية البنية الفوقية ، وسيدفع العراقيون ثمنا باهظا جديدا إذا أرادت لجنة الدستور التمسك بعقائد راسخة متجاهلة روح العصر .
ينبغي أن تكون لجنة الدستور حكيمة ومتوازنة أي أن لا تتسارع في فرضيات التقدم بسرعة إلى غير ما هو موجود في الواقع العراقي ولا أن تتمسك بفرضيات الماضي ، بل عليها أن تقدم دستورا يحقق تغييرا في الواقع العراقي الراهن لتنقله إلى المستقبل الأفضل والأمثل .
في العادة ، وكما في كل بلدان العالم فأن " الدساتير المدونة " يصوغها مفكرون وعلماء ، ويركز هؤلاء على قوة سبك المادة أو الفقرة الدستورية ، بما يحقق التوازن التام أو شبه التام بين المواطن والدولة على أن لا يبتعد صاغة الدستور أو الذين يعاونوهم عن ما حققته شعوب أخرى من قوة إلزامية للمؤسسات الدستورية كافة لأن المفروض في العراق الجديد الذي ستبنى أساساته في هذا الزمن يقوم على أعلى مرتبة من مراتب " المؤسسة الدستورية " وفقا لتجارب العالم الغنية بحيث يخلو الدستور المرتقب من أي تقييد حتى ولو كان جزئياً للممارسة الديمقراطية . والحقيقة أن العبرة الرئيسية التي يجب أن تستند إليها لجنة صياغة الدستور هي الرأي العام الناضج والمتنور في العراق .
قوام العلاقة الجدلية بين أعضاء كل لجنة من لجان العمل ذات الطبيعة العددية الكبيرة ومنها لجنة الدستور مثلا لن يكون أمرا يسيرا وسوف تتكاثر وتتصارع الأطروحات الفكرية المختلفة وربما يكون له تأثير حاسم على المنعطف الكبير الذي يواجهه العراق في الوقت الحاضر. بينما كل ما كان عدد صائغي الدستور أقل ( 3 – 5 خبراء ) كلما يتيسر العمل واللقاء والحوار وبالتالي تكون النتائج لتقدم إلى البرلمان أو إلى لدنة برلمانية لتنضيجها .
كيف سيطرح احدهم رأيه ليناقشه أربع وخمسون عضوا .. كيف يقدم هذا العضو حجته إلى العضو الآخر خاصة الحجج المختلفة بين الحداثويين من أعضاء اللجنة وآخرين ممن ما زال يفكر بدرجة حرارة تعود إلى ألف وخمسمائة عام مضى .. كيف يمكن إشباع المنفعة الجدلية بين أعضاء اللجنة وتكتلاتها .. كيف يتمكن المتحاورون أن يتوصلوا في اجتماعاتهم إلى فهم مشترك بلا تعصب لما يريده رجل الشارع العراقي والإنسان البسيط في الأرياف النائية .. ؟ هذه وغيرها أسئلة تكون أجوبتها ذات أهمية حاسمة .
هل يحتاج أعضاء لجنة الدستور الى ضرورة أن يمر العراق بعصر تنوير يستغرق قرنا أو قرنين من الزمان حتى يستطيعوا أن يخلقوا لنا دستورا ديمقراطيا خالصا كما كانت أوربا الحديثة قد مرت بذلك العصر أم أن لجنة الدستور قادرة بنفسها أن تتعرف على القيم والمؤسسات والحريات الديمقراطية التي تميز بين " التراث " و " التجديد " ، بين العراق القديم والعراق الحديث ، بين الدين والدولة ، بين العقل العلمي الذي أوصل الإنسان إلى مرتبة راقية من الانجازات وصلت الى المريخ والعقل الديني الغيبي المبشر بتفوق حياة الإنسان بعد الموت ..؟
أكثر أعضاء لجنة كتابة الدستور هم من الذين تشكلت في أذهانهم صور تاريخية واضحة عن كيفية تكوين الحضارة الديمقراطية في أوربا بل عاشوا وتعلموا فيها ويعرفون واقعها الراهن والمتطور ويعرفون أيضا أن الديمقراطية لم تنزل من السماء ولم تأت من الفاتيكان ولم تكن معجزة بأية حال من الأحوال ولكنها وجدت في ارض الكفاح الشعبي من اجلها بميلاد تاريخي متدرج وصاعد دائما الى أعلى ومتقدم دائما الى إمام على يد ممثليها والمكافحين من اجلها من العمال والفلاحين والمثقفين ورجال القانون من اليمينيين واليساريين .. فهل يستطيع الشعب العراقي أن يدخل إلى الديمقراطية وان يفعل ما فعلته الشعوب الأوربية ..؟
أرى من الضروري القول أن أي دستور لا يمكن أن يكون مؤهلا لان يصبح جزء من حياة العراقيين إذا لم يلبي طلباتهم ولا يمكن لصائغي الدستور أن يكونوا على مستوى عال من الحيوية القانونية وان يكونوا متضلعين بما يريده الشعب بكل أطيافه إذا صار الاعتماد على عملية تجميع مادة من هنا ومادة من هناك من خارج التجارب الديمقراطية ، لان مثل هذا التجميع قد يلبي رغبة هذا الحزب الكبير أو ذاك من الأحزاب التي لها أكثرية في الجمعية الوطنية ( البرلمان ) وبالتالي سيكون تجميعا ميتا مفتتا وغير محدد أو متعين كليا للشعب كله .
هل تستطيع لجنة كتابة الدستور أن توفر العملية السياسية لتحقيق ولادة دستور ديمقراطي يمثل الشعب كله ومصالحه كلها وان يعمل كل عضو فيها بروح المصلحة العراقية متجنبا الروح " الكتلوية " .. أم أن " الكتلة الدينية " التي فازت فوزا " ساحقا " كما سماها رئيسها ذات يوم ستمارس " سحق " أفكار الآخرين في لجنة الدستور بجبروت قوتها البرلمانية وان تقدم نفسها لوحدها ممثلة للإسلام ولمكانة الله على الأرض وبهذه الادعاءات تضع نفسها فوق التاريخ ..! وحتى هذه اللحظة ليس ثمة ما يجعلنا نعتقد أن الأحزاب الإسلامية العراقية هي أحزاب ديمقراطية إلا في الخطب عبر الشاشات الفضائية وفي الاجتماعات العامة وقد لا يكون هذا نقصا في الأحزاب الإسلامية بل في غيرها من الأحزاب الديمقراطية والعلمانية ايضا لان وطننا على العموم يفتقر إلى خبرة ديمقراطية سابقة حيث كانت الحكومات العراقية السابقة منذ عام 1921 إما مستبدة أو عسكرية أو دكتاتورية ، وحتى " مفهوم الديمقراطية " ما زال مختلفا عليه بين كثير من الأحزاب العراقية . ولا بد من القول فان النزعة المعادية للديمقراطية نجدها لا تبدو سافرة في البيئة العراقية الحالية وإنما يحاول البعض أن يخفيها من الظهور .
من الممكن الإشارة هنا إلى أن الوزارة الانتقالية السابقة قد ضمت ممثلا واحدا عن الحزب الشيوعي العراقي باعتباره يمثل شكلا قياسيا يتلاءم نظريا مع مكونات ومباني الرأي العام العراقي لكن الحكومة المنتخبة حكومة إبراهيم الجعفري الديمقراطية استغنت عن التفكير بالديمقراطية وبالعلاقات الفكرية مع التي لها ظهور واضح في المسرح السياسي العراقي منذ سبعين عاما كالحزب الشيوعي العراقي فأبعدته عن التشكيلة الوزارية الجديدة وذلك اوجد نكسة في استدلال حكومة الجعفري عن طبيعة المعرفة الديمقراطية وعلى التجربة العراقية ذاتها التي تستحق أن ينظر لها بمرونة اكبر فجوهر الديمقراطية هو إشراك الصلات المتعددة بين الأحزاب على مستوى قيادة الدولة مثلما هو إشراك النخب الليبرالية وحتى الناس العاديين على مستوى قاعدة الدولة وأطرها المختلفة .
ان المهمة الأساسية لواضعي الدستور هو تحقيق المثل السياسي الأعلى وهو " سيادة القانون " ولكن الواقع العملي في كل دول العالم لا يحقق سيادة القانون دائما وفي كل الظروف مما يجعل النصوص الدستورية بدون أية قيمة قانونية بل هي بمثابة أماني وطنية للجماهير الشعبية قد لا ينالها الشعب في غالب الأزمان والحالات .
كما أن السلطة السياسية تريد تنسيقا يوفر لها " القوة الفكرية " و "السماوية " للبقاء في السلطة ولا بد من الإشارة هنا ان الحكومة والأحزاب الإسلامية وحتى المرجعية الشيعية لم تكترث بالمضامين الخطيرة لأفعال قامت بها فروع أحزاب ومنظمات إسلامية في البصرة وبغداد وغيرها في ظل ظروف (1) احتلال أجنبي (2) فوضى سياسية عارمة و (3) وجود قانون إدارة الدولة وهي تقدم نفسها للجماهير بصفتها فصيلا يؤمن بالديمقراطية والشورى ، لكنها لم تستنكرا لعدوان على مسيحيين ومسيحيات وعلى مندائيين ومندائيات وحرق ممتلكاتهم وفنادقهم ومحلاتهم انطلاقا من نزعة متطرفة سائدة في تلك الأحزاب أو في بعض قواعدها ومنتسبيها ، وهي فكرة تقربهم أن يتصوروا أنفسهم أنهم ظل الله على الأرض وأنهم أصحاب النغمة المدعية أن القران دستورهم وكأنهم وحدهم أصحاب الحق والحقيقة والدين والأخلاق والدولة . وقد جاء هذا المعطى مؤيدا بسكوت المرجعية الدينية الشيعية والسنية على حد سواء .
من الأمثلة هنا يمكن إيراد بيان حزب الدعوة / تنظيم العراق الصادر بتاريخ 26 / 3 / 2005 في ( البصرة ) ولا أظن أن هذا البيان يمثل رأي قيادة حزب الدعوة أو مكتبه السياسي ، حول حوادث جامعة البصرة وهو يذكرني ببيانات مديرية الدعاية في العهد الملكي قبل خمسين عاما وأكثر حين كنا نحن الطلبة نضرب احتجاجا على فصل الطلبة المناضلين أو احتجاجا على موقف سياسي للحكومة نراها تصدر بيانها الرسمي متهمة "عناصر أجنبية " أو " عناصر هدامة " لتحريض الطلبة تماما مثلما حصل عند صدور بيان حزب الدعوة في البصرة قبل إجراء أي تحقيق قضائي محايد وقد جاء في البيان ، والذي يؤسف لهُ هو صدور بيان وموقف هذا الحزب من دون أن يجري تحقيقا عادلا في السفرة الطلابية لطلبة كلية الهندسة في جامعة البصرة، وهو بيان يؤيد باقتناع وثقة أن بعض أطراف الحركة الحزبية الإسلامية لا تريد رؤية الغابة السوداء التي يعيشها العراقيون بحجة كثافة الأشجار حيث ورد في البيان المذكور : ( فقد استغلت فئات متربصة هذه الحادثة واندست في أوساط الطلبة وعملت على تحويل الحدث إلى أزمة ومشكلة سياسية، بل وتجرأ البعض ممن يقفون في الصف المناوئ للاتجاه الإسلامي تجرؤا على النيل من القيم والمبادئ الإسلامية السامية.. ونحن نلفت نظر طلبتنا الأعزاء إلى محاولات الاندساس هذه بينهم، فهم أبناء الإسلام، وممن يعتز بعقيدته ومبادئه، وهم جديرون بوعيهم بأن يلفظوا تلك العناصر المندسة من بقايا النظام البائد وأشباههم في الفكر والعقيدة، كما ندعو إلى معالجة الأخطاء التي قد يقع فيها البعض من الطلبة، كما يقع غيرهم، بالحكمة والموعظة الحسنة وإصلاح التجاوزات وحل المشاكل بالطرق والوسائل التي تخدم تحقيق الأهداف الإسلامية، آخذين بنظر الاعتبار ظروف وقوع الحدث والمعالجة، وقد فتح الله سبحانه باب التوبة والإصلاح.
وختاما تدعوا إلى الحوار وحل المشاكل التي تحدث في هذا المجال أو ذاك عن طريق التفاهم والانفتاح وسد المنافذ والطرق على المتصيدين بالماء العكر والمتربصين بشعبنا وبعقيدته وبمؤسساته العلمية وبمكتسباته التي حققها بعد سقوط الطاغوت والتحرر من الدكتاتورية.

وأن ما نسعى إليه قوله تعالى((إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أُنيب))هود/88

لم أكن اعتقد أن بيانا كهذا يمكن أن يصدر من حزب الدعوة / البصرة في تبرير حادث اعتدائي غير عادل وغير محق على طلبة جامعيين . كما اعرف أن حزب الدعوة هو من الأحزاب المناضلة ببسالة ضد دكتاتورية صدام حسين مما استدعاه لتقديم الشهداء الكثيرين في دروبه النضالية الطويلة وكان وما زال يدعو إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي في العراق .
يلاحظ هنا في هذا البيان انعدام رؤية عقلية دستورية و قانونية واسعة وعميقة وحتى أنها تخلو من القيم الإسلامية المتمثلة بالعدالة والتسامح ، فهل من الصواب أن العدوان على الناس وممتلكاتهم يمكن تبريره بـ"سورة هود " من وجهة نظر حزب إسلامي يقوم برنامجه على الديمقراطية بينما هو في الجوهر قد انحاز انحيازا شموليا لجماعة إسلامية متطرفة في البصرة وغيرها من المدن العراقية تزعم ان تحقيق الديمقراطية لا يمكن أن يتم إلا بالكلاشنكوف الإسلامي الموجه إلى رؤوس النساء غير المحجبات كما حدث في البصرة والموصل وبغداد وغيرها .
في مثل هذه الحالات هل تستطيع لجنة صياغة الدستور ، وحزب الدعوة له ممثل فيها ، ان توجد التوازن الاجتماعي في معادلة العلاقة بين التعددية الثقافية والتعددية السياسية والتعددية العرقية ومع أحكام الأغلبية الإسلامية في هذه المدينة العراقية أو تلك أو في هذه البلدية أو تلك ، بواسطة النصوص الدستورية الدائمة وليس بواسطة ديمقراطية "التوافق " الوقتية التي يسميها أحد رواد الديمقراطية " ليبهارت " بأنها معقولة في ظروف معينة محدودة . .؟
إن الفضائل الاجتماعية والفضائل الدينية بين الناس على مختلف أجناسهم وعقائدهم وتحقيق التوازن الدقيق في المجتمع العراقي يتطلب ضمانات دستورية تلغي التوتر بين طوائف التعددية السياسية والثقافية وتتمثل بوجود نصوص دستورية في إمكانية وقف صراع القوى العلمانية والدينية . وهذه النصوص وحدها قادرة على توفير الديمقراطية التوافقية الحقيقية الصادقة . فـ"التعددية " ليس معناها " التفرقة" بين الناس بل تعني أول ما تعني حرية المواطن في المعتقد وفي السلوك الاجتماعي ضمن منظور مقارن .
حين نتحدث عن الحقوق في الدستور فإننا لا نقصد ما يفهم عادة من كلمة "حقوق " واعتبارها كلمة مجردة من معانيها ومن ما يتضمنه معنى الدستور ، لكننا نعني بالحقوق هي الأخلاقية الوطنية المتصلة ليس بآمال الشعب وتطلعه الى حياة مزدهرة بل تكون متصلة على نسق صادق مع التطورات التي صاحبت حياة الإنسان المتقدم بكل مكان في العالم وبإرادته الحرة التي تريد أن تهب لنفسها وجودا جديدا يخلو من معاناة الماضي .



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المانادور في شاشة الفضائية العراقية ..!!
- خطر الأفكار الاستبدادية الباطنية على صياغة الدستور.. 4
- ضرورة صياغة دستور بلا محاور استبدادية 3
- 2الدستور وثيقة ضمان حرية المواطن العراقي
- عن الخطوة الاولى نحو صياغة الدستور العراقي / الحلقة الأولى
- أجمل وأظرف وأقصر كلمة هي : طــــز ..!!
- عاش إرهابيا من عاش بلا إعدام ..!!
- مسامير جاسم المطير 907
- أنا أدعو المرأة للتحرر من الحجاب ..!
- لا اكتب عنك .. اكتب عن الوطن ومعاناته ..!
- مسامير جاسم المطير 903
- مسامير جاسم المطير 901 - البرلمان العراقي معرض للملابس الفول ...
- وطن الدراويش .... ورموز الإنقاذ البعثي
- وزراؤنا لا يقربون الكومبيوتر ..!
- الشهيد العراقي لا يعادل ثمن قطة ..!
- أسوأ عقيدة سياسية هي الطائفية ..!
- عيش وشوف يا معيوف ..!
- هاشم الشبلي ديمقراطي بالرضاعة ‍..!
- الثقافة العراقية بين فضاء البراري والقضبان الطائفية ..!
- ديمقراطية للكَشر ..!


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جاسم المطير - ديمقراطية أعضاء لجنة الدستور أول شرط لصياغة دستور ديمقراطي