أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة















المزيد.....

معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 01:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال السنة الأولى من الازمة في سوريا ترددت مقولات سياسية وإقتصادية حملت في وجهها الأول وعوداً بإسقاط سريع للنظام بدعم ومسندة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، في حين جاء الوجه الثاني محملاً بوعود الخروج من الأزمة والإنصار على الإرهاب والعدوان العالمي بدعم ومساندة ما سميّ حينها بدول البريكس الصديقة.
هذه الوعود والآمال، التي عاشها الشعب السوري خلال ثلاثون شهراً من أزمته الوطنية، لم تمنع من تدمير البنية الفوقية والتحتية للدولة والمجتمع، ولم تمنع الكيان الإجتماعي الإقتصادي من التفجر، ولم تساعد عجلة الإقتصاد السوري على الإستمرار بالدوران، كما ولم تحافظ على القوة الشرائية للمواطن الذي أنهكته السياسات الحكومية المخادعة والملتوية، ولم توفر له الوقود الإيراني والفنزويلي الرخيص، ولم تدفع أصدقائه في مجموعة البريكس لصياغة مشروع أممي يحمي الشعب السوري من القمع والقتل والتشريد الذي يمارسه طرفي الصراع المسلح، ولم توقف التهجير ولم تعيد الأطفال إلى مدارسهم.
لقد وقع الشعب السوري منذ بداية أزمته الوطنية بين فكي جناحي المعارضة، الجناح الأول العنفي المتحالف مع الولايات المتحدة وأصدقائها من الدول الغربية وتركيا والسعودية وقطر وووو...، والثاني الحالم بالتغيير السلمي والواهم بدعم دول البريكس الصديقة بقيادة روسيا الإتحادية والصديقة جمهورية إيران الإسلامية.
وبعد مضي أكثر من ثلاثون شهراً على هذا الصراع المسلح تبين بالادلة والوقائع أن الجناح الأول باع الشعب أحلاماً وباعه الجناح الثاني أوهاماً.
وإذا كنا نعرف حق المعرفة تاريخ الدول الإستعمارية وطموحاتها، فإننا نتعرف اليوم على الواقع الحقيقي للصديقة إيران الإسلامية التي تسعى لبناء إيران القوية المالكة للطاقة النووية على حساب رفاه شعبها وحريته وكرامته، وبتنا نعرف أكثر من أي وقت مضى أن إيران اليوم تبحث عن حلّ لخلاصها بعيدة عن حلفائها في المنطقة، لأن واقعها يشير إلى أنها أمام مفترق طرق، إما أن تحافظ على ما تعتبره إنجازات ثورتها الإسلامية أو أن تدخل في مخاض الربيع الإيراني، فالمعطيات الإقتصادية الإجتماعية تشير لمقدمات أزمنة محتملة وممكنة موضوعياً، حيث تفيد المعطيات انها ومنذ زمن دخلت في حالة تراجع في التنمية الشاملة التي لا تحسد عليها، ففي عام 2012 لم يتجاوز حجم قوة العمل نسبة 25% من عدد السكان مع هامشية دور المرأة، ووصل معدل البطالة فيها إلى نسبة 15.5% لتحتل المرتبة 148 على الصعيد العالمي حيث تشكل شريحة الشباب بين سن 15-25 الأحوج للعمل ما نسبته 23% منها، كما وتشير الإحصاءات إلى أن 18.8% من عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر، ووصل التضخم فيها إلى معدل 27.1% (المرتبة 220 على السلم العالمي) المترافق بإنخفاض في إنتاج القطاع الصناعي بمعدل -5.7% (المرتبة 165) وتراجع في إجمالي الناتج المحلي بمعدل -1.9%، ناهيكم عن حال الفساد المتقدم وهجرة الأدمغة وتدني مستويات العناية الصحية والتراجع في كفاءة العمالة
لكن ما هي حقيقة مجموعة البريكس الصديقة؟ وعلى ماذا يبني الجناح الثاني مشاريعه السياسية؟ هل هي أحلام بائعة الحليب أم منهجية اليسار الإنتهازي الذي يبحث لوجوده عن مكان حتى ولو طالت الأزمة السورية سنوات وسنوات؟
في نهاية عام 2010 ومع إنضمام دولة جنوب افريقيا إلى اللقاء الإقتصادي (بريك BRIC) الذي تكون في حزيران 2009 من كل من البرازيل وروسيا والهند والصين إستكمل ما اصبح يعرف اليوم بمنظمة البريكس BRICS.
في هذا اللقاء، الذي سبق بدايات الأزمة في سوريا باشهر قليلة، إتفق رؤساء دول المجموعة على مواصلة التنسيق في القضايا الاقتصادية العالمية وتطوير تعاونهم في المجال الإقتصادي، واعتبر هذا التجمع بداية لتشكل منظمة إقتصادية جديدة في مواجهة هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على الإقتصاد العالمي.
حسب توقعات مجموعة غولدمان ساكس (البنك الاستثماري الأمريكي)، يقدر لمجموعة البريكس أن تساهم في عام 2015 بمعدل 60% من النمو الأقتصادي العالمي، وأن تحقق عام 2025 معدل 40% من مجموع إجمالي الناتج المحلي العالمي، كما يتوقع في عام 2040 أن تعادل بقوتها الإقتصادية قوة مجموعة G7 السبعة الكبار، وأن تصبح أكبر قوة إقتصادية بلا منازع عام 2050.
يرتكز التكامل الإقتصادي بين هذه البلدان بشكل اساسي على حجم مخزون الطاقة (غاز ونفط) والخامات الطبيعية في كل من روسيا والبرازيل والخامات المعدنية في جنوب إفريقيا، مقابل حاجة كل من الصين والهند لهذه الطاقة وهذه الخامات والمواد لسد إحتياجاتهما في عمليات الإنتاج التي تتمايز بها اليوم على الصعيد العالمي.
ورغم وجود قواسم سياسية مشتركة تجمع بين هذه الدول مثل اتفاقها حول أهمية السلم العالمي ومعارضتها لشن الحروب وعدم التدخل في شأن الدول ذات السيادة، والحاجة إلى إصلاح شامل للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي لتحسين تمثيل أصوات ومصالح الإقتصادات الصاعدة، إلا أن مواضيع كثيرة لا تزال عالقة وتعمل في غير صالحها مثل البطء الشديد في تحول الصين نحو الديمقراطية، وعدم تجاوبها مع طموحات الهند بأن تكون الأخيرة دولة قوية إقتصادياً وعسكرياً ورفضها لطلب البرازيل الإنضمام إلى الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن... إلخ.
وخارج الإطار السياسي والعسكري، تُقابل الصين بإستياء من باقي دول المجموعة لمحاولاتها الهيمنة على أسواقهم حيث تزاحم المنتجات الصينية رخيصة الثمن منتجات هذه الدول، في حين تكتفي الصين بأن تستورد منهم الطاقة وموادها الأولية التي يشكل تسعيرها قضية خلافية بحد ذاتها.
ومما يزيد من صعوبات إكتمال هذا المشروع، مشروع البريكس، الهوة الشاسعة بين هذه الدول على مستوى العدالة الإجتماعية، والشفافية على الصعيد الإقتصادي والمالي، والتباين بالمستويات العلمية والتعليمية، والفوارق بمستويات الحقوق القانونية وتسهيل الأعمال، وعدم التوافق في التشريعات الإقتصادية ودور الدولة في عملية الإنتاج.
إلا أنه ورغم الآفاق المفتوحة أمام هذا المشروع، فإن أهم قضية تعاني منها دول هذه المجموعة حتى اليوم، وربما لمستقبل بعيد، هي عدم استقلاليتها التامة عن إقتصادات الولايات المتحدة الأميركية ومجموعة العشرين، الدول الصناعية الأكثر غنى في العالم.
عدم الإستقلالية هذه ظهرت آثارها بشكل واضح مع الأزمة الإقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية عام 2009، حيث تأثر معدل الدخل القومي في هذه الدول، وإنخفض إجمالي الناتج المحلي بمعدل -7.8% في روسيا و -0.3% في البرازيل و -1.5% في جنوب إفريقيا، بينما حافظ النمو الإقتصادي على تماسكه في كل من الهند والصين بمعدل (9.2%) في الصين و (8.2%) في الهند، هذا الإنخفاض رافقه إنخفاض في الدخل القومي بمعدل -8.7% في روسيا و -0.5% في جنوب افريقيا، وشهد خمولاً في البرازيل وبقي متوازناً في كل من الهند والصين.
وبالرغم من الآفاق المحتملة لأن تلعب هذه البلدان دور المحرك في نمو الإقتصاد العالمي، إلا أن الأزمة العالمية (حسب رأي رولف لانغهامر نائب رئيس المعهد الإقتصادي في كيل) أظهرت أن هذه الدول لم تصبح بعد قادرة على أن تحل مكان الدول الصناعية التقليدية، وليست بقادرة على قيادة الإقتصاد العالمي، فهي ما زالت مرتبطة بالدول الصناعية القديمة عبر حركة التدفقات المالية.
هذا التجمع هو إذن "مشروع"، مشروع هدفه تكوين قوة اقتصادية وسياسية مستقلة ومنافسة، تأمل دول المجموعة أن تتمكن من تحقيقه مستقبلاً، ولنجاحها في هذه المهمة يشترط حسب المحللين أن تتحول (هذه الدول) إلى إقتصاد السوق وأن تجري اصلاحات جذرية في نظامها الإقتصادي لتتمكن من الإندماج بالإقتصاد العالمي، أما إقتصاديي صندوق النقد الدولي فيروا إنه لنجاح هذا المشروع الواعد يجب على هذه الدول أن تتوائم وتندمج بسياساتها الإقتصادية مع سياسات مجموعة دول التعاون الإقتصادي والتنمية، الدول الراسمالية الأكثر غنى في العالم، وأن تعيد هيكلة مؤسساتها الإقتصادية وأن تتكيف بشكل جيد مع التغيرات التي دخلت على النمط الإقتصادي العالمي لتساهم بشكل فعال في تقسيم العمل الدولي.
هذه المؤشرات وغيرها تقدم صورة بسيطة عن درجة تبعية دول البريكس الإقتصادية للسوق الراسمالية، وبالضرورة ضعف إستقلالها السياسي، كما وتساعد على إدراك الوضع الحقيقي لهذه البلدان وجدوى المواقف السياسية التي تتبناها ومدى تأثيرها على مجريات الأحداث العالمية، وذلك كله حتى لا نتوه أو نخطيء في تقدير قوة ومصداقية هذه البلدان عند رسم سياساتنا الوطنية.
فإذا كنا اليوم نرى أن جمهورية إيران الإسلامية الصديقة تغير من سياساتها العقائدية المبنية على معاداة العالم وتدخل في مفاوضات ومساومات مع الشيطان الأكبر والدول الاشد معارضة لطموحاتها النووية، بحثاً عن بيئة سياسية وإقتصادية جديدة لمواجهة مقدمات أزمة داخلية محتملة وممكنة موضوعياً، فإنه من الأولى للجناح المعتمد على الحليف الإيراني أن لا يغامر بحياة وحقوق الشعب السورية من أجل مصالح حزبية ضيقة.
وإذا كنا اليوم نرى روسيا تتوافق مع الولايات المتحدة الأميركية على عدم الدخول في نزاع سياسي والإكتفاء بتأجيل معالجة الأزمة في سوريا، فإن ما يمكن الجزم به اليوم أن روسيا، التي تهيمن عسكرياً وسياسياً على مجموعة البريكس وتوجهها حسب مصالحها وطموحاتها وتطلعاتها على الساحة الدولية، لا تستمد نفوذها السياسي من قوتها الإقتصادية وإستقرارها الإجتماعي بل من قوتها العسكرية ومكانتها السياسية الموروثة من الإتحاد السوفييتي الشريك السابق في الحرب الباردة.
وإذا رأينا بالأمس جمهورية الصين الشعبية تصوت ضد الحلول العنفية والعسكري التي ميزت السياسات الأميركية حتى عهد قريب، فما يمكن التأكيد عليه إن الصين بتصويتها هذا لا تريد الدخول بمعارك جانبية، عسكرية أو سياسية، تعطل عليها نموها الإقتصادي والإجتماعي الهاديء والثابت والذي سيجعل من الصين في المدى القريب القوة الإقتصادية الأكثر نفوذاً في العالم.
وإذا كنا نعرف وندرك كل ذلك فما على المعارضة، بجناحيها الداخلي والخارجي، اليميني واليساري، العنفي والسلمي، الشرقي والغربي، إلا أن يدركوا ويفهموا أنه لا يجوز لهم بيع السوريين أوهاماً وأحلاماً وربط مستقبلهم بتحالفات إنتهازية، كما لا يجوز لهم العبث واللعب بحياة ومستقبل وحرية وكرامة السوريين، مجموع السوريين بلا إستثناء.



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوريون والقفص الإيراني
- إعادة بناء الدولة السورية (1)
- المسيحيون وربيع العرب
- المقاومة والممانعة شركة مساهمة محدودة
- من فضاء الفساد السياسي إلى فضاء الوطنية السياسية
- سقوط أحزاب الأمم
- المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
- معلولا اللغز السياسي والعسكري
- شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
- الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!
- وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة
- هجرة الكفاءات مؤشر فشل سياسات التنمية في سوريا
- الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية
- زيرو دولار زيرو روبل
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
- -المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
- جنيف 2 و أوهام التغيير
- الفساد منظومة ظل الدولة
- مراهنات النظام وآثارها في تعميق الأزمة الوطنية الكبرى في سور ...
- التعليم في سوريا ومشكلاته


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة