أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جواد طالب - إحباطات المواطن السوري، ارفعوا القبعات عن أعينكم وانظروا














المزيد.....

إحباطات المواطن السوري، ارفعوا القبعات عن أعينكم وانظروا


جواد طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تسير المعاملات في الدوائر الرسمية بين الدول بطريقة متباينة جداً، وهاك مثالاً :
الموظف في بلد كبير أميريكا مثلاً، يستقطب من الزوار ما يقارب المئة ألف خلال السنة. ويقوم بالتوقيع على نصف المعاملات التي يأتي بها أصحابها أي خمس مئة ألف والنصف الآخر لا يتم توقيعه، ويوضع جانباً للبت فيه لاحقاً.

في بلد صغير سورية مثلاً، يستقطب موظف معدوم من الزوار أيضاً ما يقارب المئة ألف خلال السنة. ويقوم بالتوقيع على النصف من هذه المعاملات ويترك النصف الآخر. أما الفرق الوحيد الذي يشكل ثغرة واسعة بين البلدين هو ماهية الموظف وماهية المعاملة.

فالموظف الأميريكي مرتاح البال، هادئ النفس، تدور في ذهنه، مشاعر سعيدة نسبياً. مطمئن إلى حياة هانئة حاصل على رغباته وهو في وضع مناسب. هذه الأمور تخوله بإعطاء حكم يقارب الثمانين بالمئة من الصحة على المعاملات، وأيضاً تمكنه من البت لاحقاً في المعاملات المتروكة.

أما الموظف السوري غير مرتاح البال، غير هانئ النفس، تدور في ذهنه أفكار سيئة، يشعر بدونية كبيرة، غير حاصل على رغباته، لا يجد الاحترام، يشعر أن كل ما يقوم به لا فائدة منه، لذلك تراه يقوم باتخاذ قرارات تقارب الثمانين بالمئة من الخطأ في المعاملات، ويترك المعاملات التي تنتهي إلى أشخاص بسيطين، أصحاب معاناة، عملهم كله وربما حياتهم كلها تتوقف على توقيع صغير، يترك هذه المعاملات للبت بها لاحقاً. ربما تبقى عنده عدداً كبيراً من السنين، في الواقع عمليات حصر الإرث قد تبقى أربعين سنة كاملة بدون تسيير!

كثرة الهموم والقضايا، الصراع الطبقي، الظلم، تجعل الإنسان ينكب على غيره، (إن لم يكن باستطاعتي أن أضربك فسأضرب هذا الزبون)، وهذه ضربة من نوع آخر، ليست ضربة جسدية تسبب آلام تذبل مع الزمن، إنما هي آلام نفسية تبقى في الذاكرة وتستهدف الروح الإنسانية وتعييها. لا يعني ذلك أن الزبائن (أو الشعب السوري) هم أصحاب أرواح نقية وطاهرة بل قد اهترأ كثير من هذه الأرواح حتى ليبقى منها ما يشابه ذيلاً أشعث الخيوط لرداء قديم مهترئ.

في الجانب المقابل وكرد فعل على هذا الواقع يحاول الشعب السوري ونحن نتكلم بالطبع عن الفئة البسيطة العاملة، يحاول تخفيف هذه الآلام، أو بالأحرى التصرف كرد فعل على الوضع الذي يعيشه... فيبحث عن اللذة، ينظر إلى النساء، يشاهد البرامج، يستمتع بالطعام، يضايق غيره، وغيرها من الأمور التي ليست سوى وسيلة لتكملة الحياة على الوضع الذي يعيشه.

إحباط، مع إحباط مع إحباط. لم يبق للأمل شيء يحييه. إلا للبعيد عن دائرة الضوء. المتروك وراء الستار، يراقب ما يحدث بصمت. ويعلم ماهية الأمور، وربما لا يعلم، إنما يعلم أمراً وحيداً: من الآمن والأنسب سلط طريق اللامبالاة. عدم الارتباط بالتطورات التي تحصل وعدم لفت البال أو النظر إلى الأحداث العظيمة التي وقعت في العالم ولا تزال تقع. فقط يهتم بمعرفة ما يريده الآخرون ويقوله. بهذه البساطة!

الإصلاح في سورية يجب أن يبدأ من الناس هذه العينة من البشر التي عزلت عن كل الأطراف تاريخياً وثقافياً وعلمياً و..و..و .. تحتاج إلى رفع للمعنويات، وإحياء للأمل. بحاجة إلى إرشاد هذه الطاقة القليلة المتبقية لدى كل إنسان. بكلمات أخرى، إذا لم تملك شيئاً فاجعل شيئاً لدى ولدك، حفيدك أو قريبك. ادفعهم للعمل، للجهد، للإنجاز. للسمو بالوطن. ادفعهم ليفتحوا آفاق جديدة. يوسعوا مجالات متنوعة، يوزعوا الجهد بشكل متساوٍ، يهتموا بالشؤون الثقافية والعلمية، يساعدوا المجتمع بأكمله على التطور، هذا الشعب يملك إمكانيات قوية جداً. ربما هو لا يعلم أنها عنده، لكنه إحياناً يفاجئ نفسه بما تفعل يداه. نرجو من كل من يطلقون على أنفسهم دعاة إصلاح أن يقتربوا من الشعب، ألا يعزلوا أنفسهم عنه أكثر. فهو بحاجة إلى إصلاح، وإنقاذ من أية أحزان جديدة. يريد السلام ويريد الحياة!



#جواد_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء العم
- أتأسف، لدي رسالة بريد
- العجوز بعد العمل
- ابنة رئيسي في العمل
- الجلوس على الإبرة الحادّة
- المحجوب بسبب الرّقابة
- الغش
- المرأة الواثقة
- ما زال العجوز يحمل طاقة كبيرة في أنبوبه
- هدف سهل ومكشوف للضّرب
- الغذاء يحدد نوعية العقل
- عاشق في الخمسين
- مهزول يصاب بالسيدا
- متعة الفقراء
- الإنسان متعلق بالغيبيات إلى حد بعيد
- يحرم على الوزيرة أن تخرج إلا مع محرّم
- الدكتور عزيز والشعر المستعار
- الموسيقا والدماغ وتخفيض الوزن


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جواد طالب - إحباطات المواطن السوري، ارفعوا القبعات عن أعينكم وانظروا