أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - رياض حسن محرم - مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3















المزيد.....

مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 19:19
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


(ثانيا) موضوعة " المركزية الديموقراطية"
المركزية الديموقراطية تشكل أساس البناء التنظيمى الداخلى للأحزاب الشيوعية التى ترفع النظرية الماركسية اللينينية شعارا ومنهجا لها، ورغم ما يبدو من تناقض ظاهرى بين مقولتى "المركزية" و "الديموقراطية" الاّ أنه فى الواقع العملى فإن العلاقات الداخلية والبرامج يجب أن تتشكل من خلال الحوار الديموقراطى حيث يدور الصراع بين أجنحة متوافقة تصب فى النهاية فى قرار موحد يلتزم به الجميع أغلبية وأقلية، لذا فإن الديموقراطية الحزبية تعنى بالضرورة تقييد الحرية الفردية لصالح القرارات التى تتخذها الأغلبية وبتحديد أدق فإنه لا يمكن أن تنفذ الديموقراطية بدون مركزية، وتتجلى الديموقراطية الحزبية فى أفضل أشكالها خلال المؤتمر العام للحزب والمرحلة السابقة عليه حيث تدور مناقشات عامة ومفتوحة يدلى فيها الجميع بآرائهم فى جميع القضايا الخلافية وتتبلور رؤية حزبية موحدة من القرارات التى تنتج عنه، ويتم خلال المؤتمر عادة إعادة إنتخاب جميع المستويات القيادية للحزب.
إن غياب الديموقراطية الداخلية للحزب تؤدى الى الإنجراف سريعا نحو اليسارية وسيادة التكتلات والانشقاقات الحزبية وربما تعكس رغبة فى الإنسحاب خلف سحب كثيفة من الدخان وذلك بإرتداء أوشحة حمراء تدارى هزيمتهم الداخلية وعدم قدرتهم على تنفيذ الإلتزامات الحزبية والتكيف مع أفكار الحزب، وتلعب الأفكار الديماجوجية والتحركات الفردية غير الملتزمة نمطا شائعا، من هنا تكمن أهمية المركزية للحفاظ على الإطار الحزبى وتماسك التنظيم، على أن يتم ذلك على أسس موضوعية حقيقية متجاوزة الوزن النسبى للأعضاء على خلفيات القدرة على الإنفاق المادى أو الأوضاع القيادية أو القدرات الفكرية المتميزة للبعض، وحتى الإعتماد على الشللية وصلات القربى، مما قد يؤدى الى حلول الكادر التابع والمشوه إجتماعيا محل الكادر الثورى الحقيقى، لذا فإنه من المهم بالدرجة الأولى فى أوقات الخلاف حول قضايا حزبية مصيرية أن يتم طرحها للنقاش المطوّل والعميق حتى يتم التوافق بين الأعضاء وتجنب التصويت المتسرع على تلك القرارات بقدر الإمكان حتى لا تؤدى الهرولة الى عملية التصويت لإقتناص الأغلبية الى إنقسام فى صفوف الحزب، لقد تمنى لينين لو أنه بالاستطاعة جمع كل أعضاء الحزب على صعيد واحد عند إتخاذ القرارات المصيرية.
إن العمل الحزبى فى عمومه يعنى بالضرورة تخلى عضو التنظيم عن جزء من حريته فى الحركة والنشاط لصالح عملية يتم فيها إتخاذ القرار بشكل جماعى، فالعمل التنظيمى يحد من رغبة الأفراد فى تنفيذ ما يرونه صائبا "من وجهة نظرهم" على حساب الإلتزام الحزبى، والديموقراطية الحزبية تتيح لجميع المنتظمين فى طرح وجهة نظرهم بحرية والدفاع عنها لأقصى حد، ولكن بعد أخذ القرار النهائى يتخلى الجميع عن ذواتهم الفردية والعمل بإخلاص وتفانى لإنفاذ القرار الذى يتم إقراره، كما أن الأعضاء القاعديين يفوضون الهيئات القيادية لإتخاذ القرار والتوجيه الحزبى " ما بين مؤتمرين متعاقبين"، لذا فإن المشاركة فى صنع القرارات الحزبية تبدو باهتة أو مشاركة بالإنابة فى معظمها، خاصة أن الخبرات التاريخية للأحزاب الشيوعية لا تميل الى عقد المؤتمرات العامة بشكل منتظم وذلك لأسباب أمنية وسياسية ومالية وغيرها، لكن أحد هذه الأسباب قد يكون رغبة القيادة فى تجميد الوضع لأطول مدة ممكنة والبقاء فى مواقعها، كما يجب ان لا نغفل الجانب السلبى لعبادة الفرد فى الحركة اليسارية عموما وتأبيد سكرتير الحزب على كرسيه أو حتى توارث المنصب كما هو حادث فى أغلب التنظيمات الشيوعية فى المشرق العربى.
على الجانب الآخر يأتى الإلتزام التنظيمى للعضو كمسألة أساسية فى العمل الحزبى، بغض النظر عن التضحيات التى قدمها هذا الرفيق أو ذاك، فالبعض يعطى لنفسه الحق فى كسر الالتزام الحزبى والعمل منفردا والطيران خارج السرب، إن التصرفات الفردية والخروج على المواقف الحزبية بشكل متكرر ودون إنضباط تؤدى فى الواقع الى تفكيكه ووجود أكثر من مركز للقيادة يعنى انتفاء جدوى العمل المشترك وضرورة وجود الحزب من الأساس، ويجب أن نميز هنا بين الإجتماعات الموسعة أو المؤتمر الحزبى فى كل منعطف مصيرى، لكن تقدم تكنولوجيا الاتصالات قد ساهم كثيرا فى تجميع آراء الرفاق أو حتى التصويت عليها بوسائل الإتصالات الحديثة، على أن التفاعل الحى بين الآراء المختلفة فى اجتماع مشترك يبقى الشكل الأمثل لإتخاذ القرار.
أحيانا تكون المركزية عائقا أمام السرعة المطلوبة لإتخاذ القرار المطلوب وخصوصا فى العمل الميدانى والجماهيرى والنضالات اليومية التى تخوضها الثورة، فلا يمكن أن يطلب الناشط السياسى تصويت جماعى كل مرّة يقرر فيها خوض مظاهرة أو تنظيم وقفة إحتجاجية، ولكن المهم أن يعرض نشاطاته على أول إجتماع حزبى له لمناقشته واقراره، إن النضالات الفردية تكسب العضو الثقة فى نفسه وتطوير قدراته والإطار الحزبى هو وسيلة لتقييم هذا النشاط وتصحيحه، ويجب أن تقوم القيادة بتنسيق هذه الفعاليات وتطوير رؤية نظرية وسياسية شاملة بين أعضاء الحزب، ويجب تشجيع المبادرات الفردية وتقويمها بشكل مستمر بدلا من إلقاء اللوم على من يقوم بها، فلن يتطور الحزب الاّ من خلال تشجيع تلك المبادرات وتطوير قيادات ميدانية وحزبية فعّالة تستطيع تقدير الموقف والتقدم الى الهجوم أو الإنسحاب حسب الوضع الميدانى.
عندما إندلعت الثورة فى ألمانيا 1918 حددت روزا لكسمبورج وبعض الرفاق فى القيادة أن الطبقة العاملة ليست ناضجة بعد للإستيلاء على السلطة، وأصرّوا أنه من الحماقة أن تحاول أقلية ثورية من الحزب تحريك المجالس العمالية للإستيلاء على السلطة من خلف ظهر الأغلبية، ولكن للأسف ولغياب تفعيل المركزية الديموقراطية فى الحزب الشيوعى الألمانى "عصبة سبارتاكوس" أدى ذلك الى تجاهل "كارل ليبكنخت" قرار الأغلبية ودعا العمال للإطاحة بالحزب الإشتراكى الديموقراطى الحاكم، وكانت النتيجة أن إنزلقت الطليعة الثورية الى معركة غير متكافئة وتمت هزيمتها بثمن فادح كان على رأسه الحكم بالاعدام على ليبكنخت وروزا لكسمبورج وآخرين غيرهم، وقد حدث ذلك فى كثير من الأحداث الثورية ومنها "كوميونة باريس" وثورة 1905 فى روسيا وغيرها.
لقد أولى لينين إهتماما غير مسبوق بقضية المركزية الديموقراطية ويظهر ذلك بوضوح فى تقريره الى منظمة ستوكهولم ( ينبغى إدخال مبدأ المركزية الديموقراطية فى الحزب بشكل فعلى والوصول عبر عمل عنيد أن تكون تصبح المنظمات القاعدية هى الخلايا الأساسية للحزب وأن تكون كل قياداته منتخبة بالفعل)، لقد قاوم لينين حتى ثورة 1905 قضية الديموقراطية داخل الحزب وذلك لتجنب التكتلات الضارة والإنشقاقات الداخلية.
لاخلاف على المبدأ إذن ولكن تبقى عدة ملاحظات:
- أولها تقديم كلمة الديموقراطية على المركزية فى المصطلح بحيث تكون " الديموقراطية المركزية" بديلا عن "المركزية الديموقراطية" بحيث يتم تعزيز الديموقراطية الحزبية وعدم طغيان المركزية عليها، لذا فإنه يجب أن تكون الديموقراطية هى التى ينوط بها أن تحرك وتفعّل المركزية وليس العكس، وعموما تبقى العبرة فى الممارسة العملية أكثر من الإسم فقط بدون تفعيل.
- من المسلم به تاريخيا أنه كلما تفّشت المركزية على حساب الديموقراطية الحزبية فإن ذلك يؤدى فى الأغلب الى الإنشقاقات، بدلا من التوحد التنظيمى الذى هو الهدف من مركزية العمل الداخلى، أى الحفاظ على وحدة الحزب وعدم تعريضه للتفكك والإنشقاقات.
- القيام بالنقد والنقد الذاتى عملية ضرورية للحفاظ على وحدة الحزب ونقاء تجربته، فيجب تنظيف البيت من الداخل بصفة مستمرة وإزالة الأتربة العالقة، وكما قيل "إن الماء الجارى لا يسأن"، وممارسة الصراع الحزبى الإديولوجى يساعد على حل التناقضات داخله ويقوم بتأكيد الوحدة الفكرية ووحدة الأجيال وتفادى الأخطاء وهو الدواء الضرورى للحفاظ على جسم الحزب.
- من أسباب تفشّى البيروقراطية الحزبية هو تغليب المركزية، والهيمنة عادة تؤدى الى إضعاف دور الهيئات القاعدية والوسيطة وحصر دورها فى تنفيذ تعليمات القيادة بما يؤدى الى فقدان الدافعية والإبتكار بين الأعضاء وضعف الإنتماء ويسمح بظهور الإنتهازية والشللية بديلا عن وحدة الحزب وتماسكه، وتؤدى البيروقراطية الى تجمد الحزب وفقدانه لدوره القيادى وإضمحلاله على الساحة السياسية.
- فى الظروف الطبيعية أو فى الأوقات التى تسمح بالعمل العلنى للحزب "كما هو حادث الآن"، فإنه لا يوجد مبررا لعدم عقد المؤتمر العام للحزب مهما كانت ظروفه التنظيمية أو الداخلية التى قد تستدعى أكثر أهمية عقد المؤتمر، وبصفة منتظمة، على أن يكون التصويت بأغلبية الثلثين، ويتم طرح الثقة فى القيادة وإعادة إنتخاب كافة الهياكل الحزبية.
ختاما فإن النظام الداخلى للحزب الشيوعى يعكس أهمية أن يتواكب العمل الحزبى مع المتغيرات السريعة والشديدة التعقيد فى المجتمع، ويعكس أيضا التطورات الحاصلة على جميع المتغيرات فى الحالة الثورية وتطور وسائل الإتصال وأوضاع العلنية الطارئة بما يتيح فرصة نادرة لإعادة البناء على أساس ديموقراطى وإكتساب عضوية واسعة وإعادة تربية الأعضاء على أسس من الإحترام للأفكار الجديدة والمتطورة داخل وخارج الحزب.
يتبع



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة تنظيم أنصار بيت المقدس
- الإخوان وأردوغان والأزهر
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 2
- مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى
- علاقة الإنقلاب الثورى بالجيوش الوطنية
- الإرهاب فى سوريا يعيد تلميع وجه الأسد
- محمد عبد السلام فرج..مهندس تنظيم الجهاد
- أيمن الظواهرى ومصر التى فى خاطره
- على نويجى .. الحكيم الذى لم أعرفه كثيرا
- مصر والسيناريو الجزائرى ..هل تتكرر العشرية السوداء فى مصر؟
- اليسار المصرى ..الوحدة ولا سبيل آخر
- الإختلاط..أقصر طريق للفضيلة
- بين الولىّ الفقيه ومرشد الإخوان
- القضية الوطنية فى مصر الحديثة
- كوم أمبو .. مستوطنة صهيونية على أرض مصر
- الدكتور خالد مساعد ..مؤسس أول تنظيم جهادى فى سيناء
- جين شارب .. الإمبريالية فى أحدث أشكالها
- المرشد السرى
- الإخوان والعنف .. صراع وجود
- السلفية الجهادية فى سيناء


المزيد.....




- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - رياض حسن محرم - مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى – 3