أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - امجد ابراهيم - ورقة انصارية ثانية : يوم وقوعه في قبضة الجيش















المزيد.....

ورقة انصارية ثانية : يوم وقوعه في قبضة الجيش


امجد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 21:58
المحور: سيرة ذاتية
    


بعد " ورقة انصارية " طلب الكثير من الاحبة ان استمر في كتابة اوراق اخرى، وتلك مهمة عسيرة ينهد لها " الحيل"! لكن لابد لي من ان ارد جزء من دين، عرفان بجميل أُناس كان عطاؤهم للحزب ( وانا كنت عضوا فيه، وقد غمروني بذلك الكرم ) يتجاوز طاقة انسان عادي... ولولاهم لما كُتب لي ان اخط هذه السطور. الى عائلة رفيق الدرب الصديق ناظم، تلك الام المعطاء الحنون الرءوم ، وجوانه الاخت الودود التي تملئ البيت فرحا، ويزدين ذاك الصبي المذهل، والى الصديق العزيز درمان مراد الذي شاركني تلك اللحظة ( الجهنمية) والذي كتب يوما عن هذا الحدث فكان لطفه ومدحه يتجاوز الحدود! انهم عائلتي التي افخر بها، وارجوا ان يغفروا لي ان عرضتهم الى اخطار مضافة ... اقول لهم جميعا تقبلوا امتناني ومودتي.
سماء " الكند " في دوغات ليست ككل السماوات التي عرفها، هي بساط ليلكي مرصع بجواهر لامعة، وطرقها سهلة السلوك لمن يطلق لخياله العنان. فها هو الدب القطبي، بوصلة التائهين، حينما يعرجون بطرق السماء للوصول الى المبتغى الارضي. وليس بعيدا، هناك، ألا ترون ؟! على مرمى حجر، تجتمع " بنات نعش" يحملن اختهن على سرير الموت، نادبات. والى الجوار منها نجمة الصبح التي يقول عنها مظفر" ونجمة الصبحيه ، نجمتنه "، ترى ما الذي يريد قوله حينما قرر انها " نجمتنا "؟ ألان بزوغها يعني قدوم الصباح، والصباح يعني الجديد ، والجديد الثورة التي طالما حلم بها... هو لا يعرف، لكنه (كما يقول لنفسه دوما ) كلما رددتها اشعر ان قلبي يتقافز فرحا، وتغمرني نشوة ذاك الذي رأى! كان يخرج من مخبئه وقت حلول الظلام حينما يرجع الرعاة الى بيوتهم. كل شيء هادئ هنا، صمت لا يشرخه إلا نباح كلاب بعيدة او ازيز حشرات الليل. يتمدد على صخور التلة، مبتهجا بالدفء الذي تبثه في اوصاله المرتجفة. فعلى الرغم من ان الطقس دافئ، إلا ان مخبأه كان باردا ورطبا. يضع الجبة على منكبيه ومن فوقها بطانية وهو متقرفص فوق صخرة كبيرة الحجم، تقع في وسط المخبأ. يقضي نهاره منذ انبلاج الفجر الى تغمض الشمس عينها، يتحرك احيانا جيئة وذهابا في الكهف الدائري الشكل، ثم يرجع الى صخرته، يعتليها ويبقى ساكنا يدخن سيجارته وهو يرقب رمادها المتطاول متحديا نفسه ومراهنا ايها ان لا يسقط عمود الرماد المعوج...كان الزمن متوقفا في هذا الكهف، دقائقه من رماد السجائر والرصاص، السيجارة تحترق سريعا، والدقائق ثقيلة، ارجلها من رصاص ثابتة في مكانها؛ هل قرأتم " في يوم طوله الف سنة مما تحسبون " هذا هو يومه... هذه ايامه الثلاث بعد ان وقعت الواقعة...
تلفت مرات عديدة ، لا احد خلفه ، لم يتبقى امامه سوى امتار قليلة على ارتقاء التلة المطلة على وديان " الكند "، ففيها الخلاص من الوقوع بأيد الجيش. في ساعات الغبش الاولى حينما بدأ الظلام يطوي استاره، جاءه صوتها الحنون، مملوءا بالخوف والحزن، انهض يا ولدي فالجيش يحيط بالقرية، ولربما لم يزل الطريق الى " الكند " آمنا! عاجل في ارتداء حذاءه، وتأكد من ان تلك اللفافات الصغيرة، التي لا تتجاوز حجم الواحدة منها حجم " زبانة " او نصف سيجارة، مازالت في قعر جيب سرواله، ولم تتبعثر اثناء النوم. خرج مسرعا، بعد ان تأكدت الام من ان لا احد في الطريق. كان البيت الذي آواه يقع على تخوم " الكند ". والكند، هضبة فيها الكثير من المغاور والكهوف ووديان ليست عميقة ربما نحتتها السيول وصيرتها مجارٍ اثناء مواسم الامطار التي وهبها لنا الاله (اهورا مزدا ) وهو ينحت الارض التي لم تزل عجينة لينة آنئذ. كانت الوديان شبكة ممرات متداخلة، يسهل الاختفاء فيها ويصعب اقتفاء اثر من يدخل اليها، إلا على ابناء المنطقة ...
عرفها ، حينما اجبرتهم الظروف في تموز من عام 1980، ان يختفوا فيها. كانوا حينها ثلاثة ( يبدو ان هذا الرقم هو حرزه في الحياة، فكثير من الاشياء الفارقة في حياته يكون فيها ثالث ثلاثة! ) بمعية ناظم وصباح ؛ وهذه حكاية يعتقد ان صديقه ( ناظم) قد كتب عنها ...
كان يريد ان يصل الى هذه الصخور المتناثرة حتى يهبط سريعا الى تلك الوديان الضيقة فيضيع اثره وتكتب له النجاة. لم يخطر على باله لحظة ان تلك الصخور اصبحت مصيدة له، بعد ان كانت احداها قبل يومين مرقبا له، يرقب من خلفها حركة الناس في القرية، في مساء من مساءات أيار عام 1982 ، بعد ان عاد من مهمة له في الداخل؛ منتظرا خلو الازقة من الناس ليذهب الى ذاك البيت الذي احتضنه ويعرف ان اهله لا يخذلونه ابدا ... جاءه الصوت صاعقا : قف ، ارفع ايدك! ( جملة اعتراضية : هل تخيل انه سيكون يوما ما في فلم كاوبوي يتهنزب فيه " hands up " يا للمفارقة كم حلم بذلك حينما كان طفلا!) كانوا مجموعة من الجند يكمنون لعاثري الحظ ممن حلموا بان الكند سيكون ملجأً لهم.
كان الحديث مقتضبا وسريعا بين العريف وبينه، قبل ان يكلم الضابط عبر اللاسلكي حيث امره بإحضاره الى المدرسة : الى اين انت ذاهب ؟ سأله احدهم. " الى الشارع العام حتى ارجع للموصل، لان لازم التحق اليوم بوحدتي "، اجاب بدون تردد وهدوء وكأن الله قد القى عليه جردلا من ماء بارد، حتى انه تفاجأ من نفسه " هذا انا لو غيري جاي يحچي! " لكن الشارع على الجهة الاخرى ؟ رد عليه مشككا. " صحيح، لكن اريد الذهاب للخلاء اولا!"
طلب منه الاجازة؛ يا لحسن الصدف، كان في ليلة البارحة قد تأكد من انها لم تزل سارية المفعول، مد يده الى جيب قميصه وأخرجها. اخذها منه، القى نظرة عليها وأبقاها معه. ثم سأله من اي مدينة؟ فكان الجواب : من الموصل. كان مطمئنا لهذا الجواب، لان لهجة محدثه جنوبية، فتوقع انه سوف يکتفي بهذا الجواب باعتبار ان الموصل ليست بعيدة من هنا، ولا شبهة في ذلك. لكنه طلب من اي حي من احياء الموصل؟ وكان الجواب بدون اي تردد من " سوق الشعارين "، هو يعرف هذا الشارع الذي تطل عليه حارات وأزقة ضيقة، حيث كانت معقلا للحزب الشيوعي " ايام زمان " وقد سكن في بيت من بيوت هذا الشارع الحيوي وكان يعرف ب " الباستيل " اثناء دراسته في جامعة الموصل، التي ترك مقاعدها مختفيا عام 1979 بعد ان دكت مدفعية " البعث الحليف " خطوط الجبهة! لكنه ما ان نطق بذلك، حتى صعقه صوت احدهم " من شارع موسكو يا حقراء يا شيوعيين! " يا للهول، من اي درابين مظلمة اطل عليه هذا " الطنطل " ، لم يكن معه مغرزا حتى يشهره بوجهه المخيف. تمالك نفسه وحاول استيعاب الصدمة ( هل فعلا تمالك نفسه واستوعب الصدمة ام هذه رؤيا تمر عابرة مثل لمح البصر بين الصدمة والإفاقة منها ؟) كان جوابه : اخي اقول لك اني من " سوق الشعارين " ولا اعرف شيء عن الذي تقول... ينزلق الكلام مثل خيط لعاب يسيل من زاوية الفم حينما تأسرنا الغفوة او الغفلة؛ انه شيء من رد الفعل للدفاع عن النفس خارج نظام السيطرة العقلية.
جاءوا به مخفورا تحيطه ثلة من الجنود بأسلحتهم المشرعة ، كانت عيناه تمسح بعجالة الازقة المتربة للقرية، ببيوتها التي تصطف لا على التعيين وأبوابها المتنوعة الاشكال والالوان، كأننا في معرض لصناعة الابواب؛ بعضها واسعة وأخرى شديدة الضيق، لكن الساكنين خلفها يتقاسمون الخوف من هذا الكابوس الصباحي الذي لا يعرفون كيف ستكون نهاياته ... هذه القرية التي سبق وان امضى فيها بعض الوقت، لم يسبق له ان مر بأزقتها إلا مرة واحدة حينما كان الظلام مخيما. كانت الوجوه تتطلع اليه، وهو الاخر يحدق في الناس، بحثا عن وجوه عرفها او تعرفه. فهو غريب لم يُرى في القرية سابقا. لكن ملامحه لا تختلف كثيرا عن ابناء المنطقة. وجه كما الوجوه الاخرى، يمكن ان تصادفه في اي زقاق او منعطف طريق. شاب بقميص وسروال فضفاض، ليس في قسماته او في ملبسه ما يجلب الانتباه، سوى انه ليس من اهل القرية. قد يكون مر من هنا صدفة، ولسوء طالعه وقع في ايدي الجيش. حاله حال الكثيرين من من لم يأخذوا حذرهم. لاحت بناية المدرسة ببابها الحديدي الواسع والجدار المحيط بساحتها كان على مستوى ارتفاع الباب تقريبا؛ هناك تجمع صغير امام الباب، يقف في وسطه ضابط ورجل مدني وأخر يرتدي بذلة كوردية ربما كان مختار القرية، يحوطهم حفنة من الجنود المدججين بالسلاح، وكان بعضهم يحمل اجهزة لاسلكي صغيرة الحجم.
اقتربوا اكثر فأكثر من هذا التجمع، حتى بدأت تتضح ملامح من كان يقف هناك. كانت عيناه مثل زوم عدسة الكاميرا حينما تقترب ببطيء شديد وتتوقف اخيرا عند مشهد مثير، توقفت آليا على وجه... يا للهول، انه " ابو حقي "، هذا الذي خان الحزب! بعد ان كان يعمل في استعلامات المقر لسنوات طويلة. كان قد نقل كرسيه اخيرا من داخل المقر الى دكان للحدادة مقابل المقر، لكي يصبح دليلا للأمن، يسهل عليهم مهمتهم في القاء القبض على رفاق الحزب، الذين يأتون من الاطراف لأي سبب كان، طيلة الاشهر الاولى من عام 1979 ، الى ان اغلق المقر ابوابه، كشهادة على انتهاء مرحلة من ضياع استمرت لنصف عقد من السنين... اي يوم اسود هذا! فان كان هناك ثمة مخرج باختراع اي حيلة قبل قليل، ها هي اركان الكون تطبق عليه من كل الجهات لتسد عليه اخر ثقب " امل " في هذا الجدار المصمت. لا يعرف كيف تماسك؟ هل اقتراب الاجل – بطريقة ما - يشد من عزيمة الانسان فيجعله متماسكا ؟ ام لان الدماغ ينشط بطريقة غريبة وغير معتادة فيعطي للروح شعورا عميقا ومطمئِنا بان في استطاعتها النجاة من مأزق تجد نفسها فيه على حين غرة ؟ لا، عليه ان لا يفقد الامل، مهما كان الثمن. كانت خلايا الدماغ تشتغل بكامل طاقتها فيتحول اللامفكر به الى لغة متدفقة بدون تأتأة تدهشه مثلما تقنع الاخرين بصدقها! كان ابو حقي يدقق النظر فيه، ربما كان يسأل نفسه : ايعقل ان يكون هذا، هو ذاك الطالب الذي كان يأتي الى المقر يوميا تقريبا؟ ولكنه كان من اهل الجنوب، وملامح هذا الشاب لا تختلف عن ملامح ابناء المنطقة. ربما الذي رجح فكرة " انه احد ابناء المنطقة "، ان هذا الشاب كان ينظر اليه لكن دون ان يعيره اي اهتمام، كأنه لم يلتقي به ابدا. بادر " المقبوض عليه " بأخذ التحية ووقف مستعدا امام الضابط. ودون ان يترك مجالا للحديث، تقدم برجائه الى الضابط بان يرجع اليه الاجازة ويطلق سراحه ؛ لكي يذهب الى الشارع العام، ويأخذ وسيلة نقل حتى يستطيع الالتحاق بوحدته، خوفا من التأخر واحتسابه متخلفا! لكن الضابط امره بكل عنجهية وجفاء بالدخول الى المدرسة، ليبدأ فصل جديد من الانتظار والرجاء والخوف من انكشاف الامر.
ابتدأ فصل المدرسة، حينما وطِئت قدمه ارض الساحة. ما ان دخل حتى وقع نظره على احد الرفاق الشباب (درمان مراد)، تجاهل بعضهم البعض حتى لا يثيرا شكوكا... كانوا قد جمعوا كل الذكور الذين وجدوا في القرية، ولم يستثنوا احدا حتى اولئك الصبيان الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد. كانت الهمسات والإيماءات والتصرفات الحادة تعكس حجم التوجس والخوف من القادم. فهناك الكثير من المتخلفين عن اداء الخدمة العسكرية، او من الهاربين. كانوا دوما متهيئين للاختفاء عن الانظار، فيما لو جاءت اي قوة لمداهمتهم. لكن هذه المرة اخذوا على حين غفلة؛ فقد تمكن الجيش من تطويق القرية منذ ساعات الفجر الاولى، بدون اي ضجيج، وحينما اسفرت السماء عن وجهها اللازوردي، كان قد احتل ( الجيش ) كل الازقة والممرات، فأصبحت القرية بذلك اكبر مصيدة لهم او لأولئك الذين يعقدون اجتماعاتهم تحت جنح الظلام ( لكن لحسن الحظ لا احد في القرية منهم) ويتركون القرية عند ساعات الفجر الاولى.
لم يكن امامه من حل سوى البقاء قريبا من الناس وبعيدا عنهم في نفس اللحظة، اي ان لا يكون منعزلا لوحده خوفا من ان تتوجه اليه الانظار، وان لا يقترب كثيرا خوفا من ان يضطر الى الحديث معهم فينكشف امره، خصوصا وانه لا يجيد الكوردية بشكل جيد. كان اول شيء قد فكر فيه هو كيف له ان يتخلص من تلك " الفافات "، شرط ان لا تتعرض للتلف او الوقوع بأيدي العدو. هناك في احد اركان الساحة كومة من الرمل والى جنبها جدار من اكياس الاسمنت المصفوفة جيدا، بارتفاع قامة رجل طويل. اقترب منها دون ان يلفت النظر اليه، ادخل يده في جيب سرواله متحسسا اللفافات ، قبض عليها وأسند ظهره الى اكياس الاسمنت ثم دسها بينها وتحرك مبتعدا. في تلك اللحظة امتلكه شعور غريب، اختلط فيه الم الفقد حد الجنون، وارتياح لا يعرف كنهه. كانت نظراته تجول في اركان المدرسة لعله يجد منفذا للهروب، لكن الجنود كانوا في كل مكان ، فوق السطح وعلى الجدران، فانقطع بذلك حبل الامل. اقترب من الشباك المطل على الخارج متطلعا، عل الحظ يسعفه بأحد يعرفه فينقل رسالة شفوية الى من يهمه الامر! يا للروعة! انه هو ، ذاك الصبي (اعتقد انه ايزيدين، ان لم تخني الذاكرة ) اللبيب المبدع في اختراع الطرق للوصول الى المطلوب دون الحاجة الى توجيه من احد. اقترب من الشباك ثم ابتعد، دون ان ينطقا كلمة واحدة ، فقد كانت لغة العيون كافية لفهم الموقف. اذن وصلت الرسالة التي يريد ايصالها.
بعد ان تكدس الجميع، شباب ورجال القرية في ساحة المدرسة، بدأ الضابط الحديث زاعقا شاتما الحزب الشيوعي " العميل "، وأن الحزب والثورة سيكونون له ولبقية " المخربين " بالمرصاد... كانت الشتائم المتطايرة من فمه القبيح تنبعث من اعماقه الوسخة فتلتصق على وجوه المستمعين مثل الزفت، مخلوطة برذاذ لعابه المنتشر في هذا الجو الخانق. ان بذاءة هذا الثور الهائج تعكس فشل المهمة التي جاء من اجلها، اي القاء القبض على اعضاء من الحزب الشيوعي ( وإلا ماذا يفعل ابو حقي مع الجيش ،ان لم يكن من اجل التشخيص، فهو يعرف الجميع) الذين يأتون الى القرية لتأدية بعض المهام الموكلة لهم... بعد ان انتهى من حملة الشتم على الحزب الشيوعي وبعض كوادره من ابناء القرية، ابتدأ بحملة شتم اخرى طالت هذه المرة كل المتخلفين والهاربين من العسكرية. ثم استدرك ليقول انه قرر ان يقوم بالتدقيق بهويات الجميع وبصحبة المختار لكي لا يسمح للهاربين بالتفلت من قبضة العدالة. لكن هذه المرة لم تمر مرور الكرام، كما في المرة السابقة، فقد تصدى له بعض الشباب وهم يحتجون بان قريتهم قدمت بعض الشهداء في هذه الحرب فيكيف له ان يستسهل شتمهم. كانوا خائفين من التدقيق بالهويات، فهناك اكثر من دزينة ونصف من المتخلفين والهاربين من الجيش، والسماح بهذه العملية يعني وقوعهم لقمة سائغة بيد الجيش. استمر الهيجان والأخذ والرد، حتى صرخ الضابط بان افتحوا الابواب لكي يخرجوا ... النجاة ، كلمة طالما تداولناها باستخفاف لأننا لم نعرف معناها، فكيف يكون الامر لو تذوقناها ؟! هو يعرف طعمها، لقد تذوق حلاوتها... كان القلب يدق بعنف، وكل خلاياه متحفزة، تدافع مع الاخرين عند الباب، خرج مسرعا لا يعرف الى أين ليس مهما، فان اي اتجاه يمثل درب خلاص. في تلك الساعة التي انفرجت فيها ابواب السماوات، كان ذاك الرفيق الشاب ( درمان مراد ) يسير متجها الى بيته، تبعه عن بعد الى ان وصل البيت، طلب منه ان يبقى عندهم ان كان ذلك ممكنا، فلم يتردد لحظة بالموافقة ، رغم الاخطار. رحب به اهل البيت بكل ود وحفاوة يعجز اللسان عن وصفها، بقى عندهم منتظرا رحيل العساكر من القرية. اخبر رفيقه الشاب عن تلك الفائف، وهل يستطيع ان يعيدها له، بعد ان عين له موقعها بالضبط... ولكن كيف السبيل الى ذلك؟ لم ينتظر طويلا، خرج ثم عاد وهو متهلل الوجه، يا للسماء ها ان الكنز لم يضع! عند المساء اصطحبه راجعا الى البيت الذي آواه بحب، تناول بعض الغذاء، واخذ زوادة فيها بعض الاكل والشرب وعلب سجائر وجبة صوفية يستخدمها الرعاة وذهب بصحبة رفيقه الشاب كدليل له حتى وصلا ذاك المخبأ في الكند حيث قضى بقية ليليه الى ان قدم الرفاق....
9/12/2013



#امجد_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة انصارية
- القوى الديمقراطية وماراثون الانتخابات!
- حينما يتسرب - التبرير - من بين سطور النقد !!
- قراءة في ورقة الحزب الشيوعي العراقي المقدمة للسمينار النقابي
- من وحي السمينار النقابي اليساري
- وقفة مع الحزب الشيوعي العراقي في لقائه مع المالكي


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - امجد ابراهيم - ورقة انصارية ثانية : يوم وقوعه في قبضة الجيش