أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - تحالف الأضداد. فنزويلا نموذجاً















المزيد.....



تحالف الأضداد. فنزويلا نموذجاً


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 14:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



". . . . . . . . ومِن الغَلطِ الخََفّىّ فى التَاريِّخ الذُهول عَنْ تَبَدلِِ الأحوَالِ فى الأمم والأجْيَّال بتبدلِِِ الأعْصَار ومُرور الأيام وهو داءُُ شَديدُ الخََفاء إذ لا يَقع إلا بَعدَ أحقابٍ مُتطاولة فلا يَكاد يَتَفََطنُ لهُ إلا الآحَاد مِن أََهلِِ الخََليّقةِِ والسببُ الشَائع فِى تَبَدل الأحوَال والعوُائدِ أنَ عوائدَ كُُل جِيلٍٍ تابعةٌٌ لِعوائدِ سُلطانِهِ كمَا يُقال فِى الأمثَال الحُُكْْمِيّة النَاس عَلى دِينِ المََلِكِ وَأهل المُُلك أو السلْْطََان إذْْ استوْلُُوا علّى الدّولةِ والأمْر فلابُد مِن أن يَفزَعوُا إلى عوائدِ مَن قََبلَِهم ويأخُذوا الكََثيرَ مِنهَا ولا يُغفلون عَوائدَ جِيلِهم مَع ذَلك فََيقََعُ فِى عَوائدِ الدْولََةِ بَعضُُُُ المُُخالََفة لعَوَائِدِ الجِيلِِِِ الأول فََإذا جَاءت دَولةٌٌ أخْرَى مِن بَعدِهم مَزَجَت مِن عَوائِدِهم وعَوَائِدِهَا وخَالََفتْْ أيّضاًً بَعض الشيّء وَكََانتْ للأُُولى أََشدُ مُخَالفة ثُمَ لاَ يَزالُ التدريجُ فِى المُُخالفةِ حتْْى يَنْْْتَهىّ إلى المُُبايّنةِِ بالجُُملة فمَا دَامَت الأمْمُ والأجيّالُ تَتَعاقبُ فِى المُُلكِ والسُلطان لا تَزَالُ المُُخَالفة فِى العَوائدِ والأحْوَال واقِعَة والقيّاس والُمُحَاكاة للإنسانِِ طبيعة مَعْْرُوفة ومِن الغَلطِ غََير مَأمُونَة تُخرجُهُ مع الذُهول والغَفلة عَنْ قََصدِهِ وتَعوَج بهِ عَنْ مَرامِه فََلرُبَما يَسْمُعُ السامعُُُُُ كثيراًً مِن أخباِر الماضيَّن ولا يَتَفََطنُ لما وَقعَ مِن تَغيُّر الأحوَالِِ وإنْقِلابِها فيُُُجْريّهَا لأول وَهلةٍ على مَا عَرفَ ويَقِيسَهَا بما شَهِِد وقد يََكونُ الفرقُ بيّنَهُما كََثيراًً فيَقُعُ فِى مهواةٍ مِن الغَلطْْ . . . . . . . . ".
العلامة إبن خلدون

















تمهيد :
الإقتصاد السياسى للتخلف.عنوان فرعى يوحى، بل يُشير، إلى أن هناك ثمة عِلم إجتماعى قائم، أى مُنجَز، له مِن الأدوات الفكرية ما مِن شأنه فك شفرة ظاهرة إجتماعية ما، مع تقديم تفسيراًً لها بشكل عِلمى، فيُمكن مِن ثم، كما وُجِدَ إقتصاد سياسى للتخلف، أن يوجد إقتصاد سياسى للتنمية، ومِن ثم إقتصاد سياسى للتطور الإجتماعى، وإقتصاد سياسى للتضخم، وإقتصاد سياسى للأزمة النقدية العالمية، وإقتصاد سياسى للتبادل غير المتكافىء، وإقتصاد سياسى لحقوق الإنسان... وهكذا، إذ توجد ظاهرة ما (كالتخلف، أو التنمية، أو التطور الإجتماعى،أو التضخم، أو التبادل غير المتكافىء.... إلخ) فى حاجة إلى تفسير عِلمى على الصعيد الإجتماعى فيأتى الإقتصاد السياسى، كعِلم مُنجَز، بأدواته وألياته المُنجَزة؛كى يُقدم نَفسه بتقديمه التفسير العلمى للظاهرة على الصعيد الإجتماعى.
ومِن جهة أخرى فالعنوان الفرعى، يَتألف مِن مصطلحين: "الإقتصاد السياسى" و"التخلف"، وكُُل واحد منهما لا يقل عن الآخر فى حجم التشوش والفهم الإنطباعى والمرتبك، وعلى ما يبدو أن هذا هو حال كُُل ما يتعلق بالإقتصاد السياسى، وكلام روزا لوكسمبورج، ينطلق معبراًً فى منتهى الوضوح والإنسيابية عن أزمة الهوية التى يعانى منها الإقتصاد السيّاسى، لدى البعض، وبدلاًً مِن الحديث عن(الإقتصاد السياسى) كعِلم لنمط الإنتاج الرأسمالى، صار الحديث، غير المفهوم، عن عِلم أنماط الإنتاج فى خلط شنيع بين ما هو (إقتصاد) وبين ما هو (تاريخ) وفى أحوال أخرى، وهو ما تتبناه مؤسسة التعليم الرسمية، يُُصار إلى الحديث عن الإقتصاد كعِلم للظواهرالإقتصادية!! ولكن ما هى الظواهر الإقتصادية؟ النظرية الرسمية تقول للطلاب أن الظواهر الإقتصادية هى تلك الظواهر التى يدرسها الإقتصاد!! الأمر الذى لا بد وأن يقود إلى التشوش والتخبط والإبتذال هروباًً مِن سؤأل أولىّ، هو: ما غرض عِلم الإقتصاد السياسى، كتبت روزا : " الإقتصاد السياسى عِلم فريد ملفت للنظر، تبدأ الخلافات والصعوبات معه منذ الخطوة الأولى، أي منذ أن يطرح هذا السؤال البديهى: ما هو، بالضبط، غرض هذا العِلم؟ إن العامل البسيط، الذى ليست لديه سوى فكرة مبهمة عن العِلم الذى يلقنه الإقتصاد السيّاسى، يعزى عدم يقينه إلى النقص الحاصل فى ثقافته الخاصة. غير أنه يشاطر، بمعنى من المعانى، سوء حظه كثيراًً من العلماء والمثقفين الذين يكتبون مجلدات ضخمة، ويلقون فى الجامعات عشرات المحاضرات أمام الشبان، حول الاقتصاد السيّاسى. إذ من واقع الأمر أن معظم أخصائيى الإقتصاد السياسى، ومهما بدا هذا أمراًً غير قابل للتصديق، ليست لديهم سوى فكرة مشوشة للغاية عن الغرض الحقيقى للإقتصاد السياسى. وأحياناًً يعطى، وبكُُل بساطة، للإقتصاد السياسى، التعريف التالى: إنه عِلم العلاقات الإقتصادية بين البشر. والواقع أن أولئك الذين يستخدمون مثل هذه المعادلة، يعتقدون أنهم بهذا إنما يتفادون عقبات إدراج الاقتصاد القومى داخل الإقتصــــــــاد العالمى، وذلك عبر تَعميم المشكلـــــة بشكل مُبهـــــــم، وعبر التحدث عن إقتصَـــــــاد البشر . . . . . . . .إن الأسـاس الذى يرتكـز عليـه الاقتصاد السياسى اليوم، ما هو سـوى تضليل علمى يعمـل لصالح البرجوازية ." (2)
الأمر إذاًً يتعـدى حدود عنـوان فرعى لأطروحـة ما، إلى لزوم النقد والتقييـم دون مسلمات. يتعدى حدود عنوان موضوع لأطروحة أو مقال إلى وجوب البدء مِن حيث ترسيم حدود العِلم، ومِن حيث ترسيم حدود الظاهرة، وذلك ليس مِن خلال التعريفات التى لا تقدم سوى الأفكار الجامدة والعازلة، بل مِن خلال التحديدات التى تَبسط رحابة فى الوعى وتُرشد إلى الفكرةِ الهيكلية. ولذلك يتعين مِن البداية أن أُُعلن ماذا أقصـد أولاًً: بالإقتصاد السياسى، وماذا أقصد، ثانياًً، بالتخلف، وماذا أقصد، ثالثاًً، بقولى: الإقتصاد السيّاسى للتخلف؛ وذلك حتى يُمكننا التقدم خطوات أبعد فكرياًً فى سبيل رؤية الصورة الكبيرة مِن مسافة أبعد.
أولاًً: الإقتصاد السياسى:
وأعنى به: ذلك العِلم الإجتماعى الذى يَنشغل بدراسة النظرية الكمية والنظرية الموضوعية فى القيمة، والتناقُُضات الكامنة فيها، والتى تَتَطورعلى أساسِها، أى التناقضات، الظاهرةُُ الإجتماعية مَحل البحث.
وأقصد تحديداًً بالإقتصاد السياسى هنا، وبمنتهى الوضوح، ذلك الجسم النظرى الذى نتَجَ عن نقد ماركس للرأسمالية، وإنما بإعتبار الجسم النظرى السابق على نقد ماركس تنظيراًً رأسمالياًً للرأسمالية نفسها. وهو بتلك المثابة لا وجود له، كعِلمٍ مُستَقل، قََبل هيّمنة رأس المال، على الصعيد الإجتماعى العالمى، كََظاهرة؛ ويرجع ذلك لسيادة علاقات إنتاج شفافة لم تكن لتسمح بتبلور قيمة زائدة فى المرحلة التاريخية السابقة على الرأسمالية. المرحلة التى لم تتعرف بعد على عملية بيع قوة العمل، إذ أن مُبادلة العمل بالمال إنما تُمثل أحد الشروط التاريخية للرأسمال، وتتطلب أمرين:
أولهما: مُبادلة قوة العمل بالمال؛ غير المعروفة فى الأنماط الإنتاجية السابقة، لإعادة إنتاج المال نفسه وتحويله إلى قيم كَمية يَستهلكها المال، لا كَقيم إستعمالية للإستمتاع بها، بل كََقيم إستعمالية للمال نفسه.
أما الأمر الثانى: فهو فصل العَمل الحُر عن الشروط العامة للإنتاج وتَجديد الإنتاج، أى فصل المنتِِِِِِِِج، عن المنتَََََج. عن مواد العمل ووسائل العمل، فى مرحلة أولى، ثم فصله عن الإنتاج نفسه، فى مرحلة ثانية، وهذا يَعنى، مِن ضمن ما يعنى، ضرورة (فصل العامل عَن الأرض) فى مرحلة أولى، كما يعنى أيضاًً، فى مرحلة ثانية، إنحلال كُُُل مِن المِلكية الصغيرة الحُُرة للأرض والملكية المشاعية. إذ أن ضمن إطار هذين الشكلين(الملكية الصغيرة، والمشاعية الحرة)وهو ما يَتَصادم مع الشروط الموضوعية للرأسمال، تكون العلاقة بين العامل والشروط الموضوعية لعمله، علاقة مِلكية"شفافة"وعلى ذلك يتمتع العامل بوجود موضوعى مُستقل عن عمله، ويرتبط الفرد بنفسه بصفتِه كمالك، أى كََسيد لشروط تَجْديد الإنتاج، دون التعرف التاريخى على مُبادلة العمل الحُُر بالمال.
حتى تلك المرحلة التاريخية، وما بها مِن تفصيلات وإختلافات تَخص، مثلاًً، عَمل العبد فى اليونان القديمة، أو عَمل القن فى العصور الوسطى الأوروبية، لم يَكن مِن المتصوَر الحديث عن إقتصاد سياسى كََعِلم إجتماعى، له مِن الأدوات والأليات ما مِن شأنه تقديم التفسير العِلمى للظواهر السائدة آنذاك؛ إذ لم تكن الظواهر الإجتماعية مِن الغموض أو التعقيد بما يستدعى ذلك؛ فلم تكن الخيرات المادية المعدة للإشباع المباشر كى تطرح فى الأسواق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فليس هناك ثمة سلع مُعَدّة بالأساس للطرح بالأسواق!! وليس هناك ثمة ربح يَتَكون فى حقل الإنتاج!! وليس هناك ثمة إقتصاد مُبادلة نقدية معممة!! ومِن ثم ليس هناك من تفاوت بين كمية السلع المطروحة وبين كمية النقود المتبادلة بتلك السلع!! وليس هناك هذا الفائض فى القيمة!! وليس هناك تلك الأرباح التى تَميل إلى الإنخفاض كُُلما زاد رأس المال المُُضَخ!! ولم يكن هناك كذلك هذا الجيش مِن الإحتياطى العاطل فى حقل الصناعة!! وبالتبع لا يُمكن الحديث عن مُزاحمة بين العامل، المغترب، وبين الألة!! وبالتبع كذلك لم يكن ثمة صراع جدلى بين العمل المأجور وبين الرأسمال!! بل ولم يَكُُن ثمة رأس مال، يفرض نفسه لا كمبلغ مِن النقود، بل يُهيمن كعلاقة إجتماعية؛ إلى آخر تلك الظواهر الإجتماعية الناشئة والمتكررة، بما يَفرض ظهور العِلم المفسر، والقوانين الإجتماعية الحاكمة.
ثانياًً: التخلف الإقتصادى:
وأريد به: "عملية إجتماعية "مكتملة القوى والعناصر والأطراف" من إرتفاع معدل إنتاج القيمة الزائدة، المتناقض مع ضعف مزمن فى (أليات) إنتاجها، ومن خلال هذا التناقض ما بين الإرتفاع فى معدل إنتاج القيمة الزائدة وبين هشاشة وضعف ألية هذا الإنتاج، تتبلور ظاهرة تسرب القيمة الزائدة المنتَجة داخلياًً إلى الأجزاء المتقدمة من الإقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر.
أُُعيد هنا طرح التخلف (اللفظ والمعنى والمظهر) وإنما ليسَ إبتداءً مِن تاريخ أوروبا التى أرَخت للعالم إبتداءًً مِن تاريخها، تاريخها الرابط بين التقدم والتصنيع، فلم تزل الصناعة تحتل موقعاًًًً مميزاًًً فى ذهنية التفكير السائد والنظرية الرسمية، دونما مبرر إلا هذا التأثير الموصول للكيفية التى فَهِِمَت، وأَفهَمَت، بها الذهنية الأوروبية ظاهرة التخلف.
أُُعيد هنا الطرح، متجاوزاًًً التشويش التاريخى المبكر على فهم ألية العلاقات الإقتصادية، فى الداخل وفى الخارج، كى أفهم التخلف، فى مرحلة تالية للفهم على أساس مِن التسرب فى القيمة الزائدة، إبتداءً مِن الهيكل كََكُل وعلاقاته الجدلية(زراعة، وصناعة، وخدمات) وليس الصناعة بمفردها. تتبدى هنا، على عكس ما يُراد تماماً، القيمة الزائدة بكامل هيئتها الفاتنة!!
وإننى إذ أُعيد الطرح على هذا النحو، أشير إلى أننى لست مِن هؤلاء الذين يَعتبرون ضعف أليات الإنتاج بمثابة التعبير المرادف للتخلف؛ وذلك لأنه، برأييّ، طالما ظلت القيمة الزائدة فى حالة تسرب، عُد البلد فى حالة تخلف؛ إذ يقعد هذا المجتمع عن إستخدام الفنون الإنتاجية الأرقى والأكثر تقدماًً مِن أجل إنتاج العناصر المكونة للإنتاج القومى خلال فترة زمنية معينة(الزراعة، والصناعة، والخدمات).
ولنزيد الأمر هنا كذلك وضوحاًً: فالرأسمالى"إكسون موبيل"مثلاًً يدخل العملية الإنتاجية بعشر وحدات على النحو التالى: 4 (لأدوات العمل) و4(لمواد العمل) و2 (لقوة العمل) والأن يشرع عامل النفط فى الإنتاج حتى يتمه. فما الذى جناه الرأسمالى "إكسون موبيل" وقد دخل العملية الإنتاجية بعشر وحدات وخرج منها بعشر وحدات؟ طبعاًً لا شىء ويُُصبح غلق المصنع هو الواجب، بل من الواجب عدم فتح مصنع بالأساس طالما كان هذا هو القانون، إذ وفقاًً له تكون الصيغة كالأتى: (ن) = (ن) أى النقد(ن) الذى بدأ الرأسمالى بها إنما رجع له بنفس قيمته، وكل ما عمله هو عمليات بيع وشراء ليس إلا، تعود بعدها (ن) فى نفس الشكل(ن). فلذا ولأن الرأسمالى لا يستطيع بطبيعة الحال توليد القيمة الزائدة من المواد أو الأدوات، فإنه يولدها من تلك السلعة الغريبة الطارحة نفسها فى السوق، وهى قوة العمل، فتُُصبح الصيغة مختلفة، إذ توََلد القيمة الزائدة فى مرحلة الإنتاج، وليس التداول كما يُُقال للطلاب، كيف ذلك؟ يتم ذلك من خلال الصيغة التالية، وهى الصيغة العامة للقانون العام الحاكم للنظام الرأسمالى على الصعيد العالمى والمحلى سواء بسواء، والصيغة تلك هى: (ن – (ق ع)+(و أ)–س- Δ-;- ن) وهى تعنى تحول النقود إلى قوة عمل، فى هيئة أجرة، وتتحول كذلك إلى وسائل إنتاج تتمثل فى مواد العمل وأدوات العمل، والأن يشرع العامل فى الإنتاج، وما أن يُُتمه إلا ويكون لدى الرأسمالى" إكسون موبيل" ليس (10) وحدات، وإنما (12) وحدة؛ بإفتراض أن معدل الإستغلال 100%. فمن أين جاءت الوحدتان هاتان؟ الإجابة ستكون محل مناقشة موسعة فيما بعد، وإنما نكتفى بالإشارة هنا إلى الخطوط العريضة للإجابة، فالرأسمالى دفع(4) وحدات (لأدوات العمل) و(4) وحدات (لمواد العمل) و(2) وحدة (لقوة العمل) ((مع الوعى بوجود نفقات اخرى تتعلق بالنقل، والمواد المساعدة، واستخدام الطاقة، . . . .إلخ) والأن يشرع العامل الفنزويلى فى الإنتاج حتى يتمه. فما الذى جناه الرأسمالى وقد دخل العملية الإنتاجية بعشر وحدات وخرج منها بعشر وحدات؟ ذكرنا لا شىء. فكيف يُُغيّر الرأسمالى الوضع؟ يُغيّره بأن يولّّد القيمة من قوة العمل، فهو يدفع (2) وحدة للعامل. ويأخذ منه عمل يساوى (4) أو (5) أو (12) أو . . . . . وحدة عمل، وهكذا بحسب معدل إنتاج القيمة الزائدة. وكما ذكرنا أن هذا هو السبيل (الوحيد) أمام "إكسون موبيل"(لتوليد قيمة زائدة) وإلا غلق المؤسسة!! ومن هنا فإن القيمة والأرباح تولد فى حقل الإنتاج، وليس التداول، ولسنا فى حاجة إلى إعادة القول بأن إعادة بيع المنتََج بأعلى من قيمته إنما يخلط ما بين القيمة الزائدة وبين الربح من جهة، ولا يُؤدى على الإطلاق إلإ لخداع محاسبى فيما بين البائعين وبين المشترين.
تلك هى القيمة الزائدة، وهى تعمل كقانون حركة عام فى جميع مؤسسات "روتشيلد" كما تعمل فى أحقر"ورشة لصنع أربطة الأحذية" فى أحط أحياء الخرطوم أو كاراكاس. الأمر الذى يُُدعم موقفنا الرافض من كراسات التعميم، سوفيتية الصنع آنذاك، التى لا ترى إلا جانب واحد من قانون الحركة بغية تسويق نظرية الدولة حينذاك وإخفاء القانون الذى يوصم الدولة بالرأسمالية وهى تتشدق ليل نهار بالإشتراكية والعدالة الإجتماعية والمساواةّ!! إلا أنها فى الواقع لم تدخر وسعاًً فى سبيل إتلاف النظرية ومسخ العِلم، والمشكلة أن تحلل المؤسسة هناك لم يقد إلا إلى تماسك كراسات التعميم!!
ولمعالجة تلك الظاهرة(التخلف) يتعين إيقاف هذا التسرب، ومِن ثم إمكانية التراكم، الممَكِن مِن إستخدام الفن الإنتاجى الأرقى فى الحقول الثلاثة. الأمر الذى يستلزم مجموعة مِن الإجراءات تخص ألية التسرب ذاتها، أبسطها فك الروابط.
إن تناول التخلف على أساس مِن كونه تَسرب القيمة الزائدة مِن الداخل إلى الخارج، و/أو مِن أسفل إلى أََعلى. أى مِن داخل بلدٍ ما إلى خارجها، و/أو من طبقةٍ أدنى إلى طبقةٍ أعلى فى بلدٍ مُحدد، إنما أضعه كمُحدِد للتخلف ذاته، وليس كََمظهر يفصِح عن وجوده. إننى أفهم تسرب القيمة الزائدة على أساس مِن أن عملية تسربها تلك، دون التراكم، إنما تَتَرادف مع عملية التخلف ذاتها.
وتكمن الأهمية فى تطوير مفهوم التخلف هنا فى غلق باب النقاش غير المجدى، فلن يكون الحديث عن الإستعمار العسكرى ذا بالٍ كسبب مِن أسباب التخلف، بمعنى أدق إستمرار التخلف، وذلك لأنه لا يوجد إستعمار عسكرى الأن كقاعدة عامة، كما أن التعامل مع التخلف كأحد أسباب الإستعمار العسكرى، إنما يجرنا نحو الطريق الخاطىء للتعامل مع الظاهرة، ويُصار حينئذ إلى القول بأن معالجة ظاهرة التخلف على الصعيد الإقتصادى والأجتماعى والسياسى والثقافى، إنما ترتهن كعملية إجتماعية مع مكافحة الإستعمار!! أية غيبوبة تلك. فإذ ما كان للإستعمار الدور الفاعل فى تشويه الهياكل الإقتصادية للدول المستعمَََرة، فإن الدول المستعمِِِرة، ككُُُل، فى حالة تقدم، والدول المستعمَرة، ككُُُل، فى حالة تأخر. لماذا؟ هل لأن الإستعمار لم يزل يعمل بنفس الألية التى تجعل الدول المستعمَرة مصدر السلعة الواحدة؟ بالمشاهدة المنطقية، لا وجود لإستعمار، والدول المتقدمة، المستعمِرة سابقاًً، تأخذ فى التقدم. والدول المتأخرة، المستعمَرة سابقاًً، تأخذ فى التأخر. لماذا؟ لأن الأخيرة لا تتمكن مِن إستخدام "القيمة الزائدة" فى تراكم رأسمالى يُعد شرطاًًً موضوعياًًً لإتخاذ قرار الإنتاج، بل تسرب تلك القيمة هو الأداء المهيمن.
النظرية المهيمنة رسمياًً وأكاديمياًً
عادة ما يتم تقديم "التخلف" من قِِِبل النظرية الرسمية التى تُُدرس فى الجامعات، ومن ثم، من قِِِبل المنتظمات الدولية المعنية، والتى لا يستغنى رأس المال عن خدماتها إطلاقاًً، على أساس من ترادفه، أى التخلف، مع الفقر والجوع والمرض، فالبلد المتخلف هو البلد الفقير، والمريض والجائع شعبه، ويجنَََد فى سبيل ترسيخ هذا المفهوم كماًً مهولاًً من الأرقام والبيانات والمعادلات التى تدفع المرء أحياناًً للتساؤل عن ما الذى تبحث عنه كُُُُل تلك الأرقام على وجه الدقة!!
وبمفهوم المخالفة، تُُُرتب النظرية الرسمية(وصندوق النقد الدولى(3)تحديداًً) على إعتبار الجوع مرادفاًً للفقر والجوع والمرض ..... إلخ، نتيجة تعتبرها منطقية، وهى أن التقدم هو: الغنى والشبع والصحة..... إلخ. ومن ثم وجب البحث عن أسباب هذا الغنى والشبع والصحة!! وهذا هو بالتحديد ما يبحث عنه صندوق النقد الدولى من أجل رخاء الشعوب!!
وبعد جهد جهيد من قبل الصندوق والمزيد من الأبحاث والدراسات الدائرة فى فلك النظرية الجامعية الرسمية، فقد توصل كُُل من الصندوق والأساتذة الباحثين إلى الإكسير المسبب للغنى والشبع والصحة، هذا الإكسير ببساطة تم إستخلاصه بمنطق غاية فى السلاسة والوضوح؛ فطالما الدول الغنية غنية والمتقدمة متقدمة؛ فلننظر إلى ما تفعله تلك الدولة كى تفعله الدول البائسة الأخرى لكى تصبح مثلها!! والنتيجة الأكثر منطقية لدى الصندوق والنظرية الرسمية هى: تطبيق نفس النظم الإقتصادية السائدة فى الدول المتقدمة، والتى من ركائزها: تحرير الإقتصاد ووحدات النقود، وكف يد الدولة، وبيع العام للخاص، وفتح الحدود وتسريح العمال، والإنخراط اللامحدود فى المعاهدات الدولية الملزمة بكُُل ذلك. هكذا يتم تقديم "التخلف"، وهكذا يتم تقديم "التنمية والتقدم" ، على الرغم من أن الأجزاء المتقدمة نفسها لا تقوم بإتخاذ مثل تلك التدابير التى يفرضها الصندوق على الأجزاء المتخلفة كى تلحق بالمتقدمة!!
ثالثاًً: الإقتصاد السياسى للتخلف الإقتصادى:
وأقصد به: البَحث فى، وعن، القوانين الموضوعية الحََاكمة لظاهرة تَسرب القيمة وشروطها الموضوعية، وذلك على إعتبار أننا أًًمام عِلم تمَ إنجََازه كما ذكرت، له مِن الأدوات والأليات ما مِن شأنه فك شفرة الظاهرة مع تقديم مجموعة معرفية من الأفكاربشأنها، بشكل عِلمى، على الصعيد الإجتماعى.
إهمية التحديد:
كان مِن المهم، ذلك التمهيد بإبراز التحديدات السابقة بشأن(الإقتصاد السياسى)و(التخلف) و(الإقتصاد السياسى للتخلف) ويَرجع ذلك إلى أن المسألة التى سنتناولها أدناه، أى المسألة الفنزويلية، وإضافة لكون فنزويلا تُمثل أحد الأجزاء المتخلفة مِن الإقتصاد الرأسمالى العالمى، فإنه يَتَساوق معها ثلاثة أمور على قدر مِن الأهمية:
أولاًً: إمكانية المسألة الفنزويلية على القيام بمَسخ (الجدل) كما فَعلت بعض التيارات المهيّمنة فى حقل اليسار، وقدرتها، فى نفس اللحظة، مِن الجهة الأخرى على التأكيد العِلمى على أهميته فى سبيل فهم قوانين الحركة الحاكمة للحركة الإجتماعية فى المجتمعات المختلفة، إذ تَعكس المسألة الفنزويلية ظاهرة لم ترد فى النظرية اليسارية الرسمية (تحالف قوة العمل مع رأس المال).
الأمر الذى يُمكن، بل يتعين، معه إعادة طرح النصوص والتحرر، بوعى، من سلطتها المتوهََمة، المانعة من فهم الواقع والتعامل معه بفاعلية من أجل تغييره،لا الإكتفاء بتفسيره.
ثانياًً: يَتم عَملاًًًً التعامل النظرى مع المسألة (الفنزويلية) دونما أى مَنهج عِلمى يُمكن أن يَقع فى مرحلة النقد، إذ أن (جُل) ما وقع تحت أيدينا إنما وقع فى مرحلة ما قبل النقد. وبمعنى أدق خارج حقل النقد!! فمعظم الكتابات واقعة فى حقل الوقائع المشوهة أو المبتورة، دون معنى أو هدف.
ثالثاًً: دون الإتفاق، على حد أدنى مِن التحديدات المصطلحية، فلا يُمكن المضى ولو خطوة واحدة، إلا إلى الوراء، فى سبيل فهم الظاهرة التى تَطرح نفسها على الصعيد الإجتماعى.
جدلية الصراع فى فنزويلا: الأن، وبعد مرور أكثر مِن" ثمان سنوات"على أحداث الإنقلاب الفاشل الذى حدث ضد الرئيس هوجو تشافيز، لم تزل بعض فصائل التيارات المهيمنة فى حقل اليسار، وطبعاًً منظروا الإمبريالية مِن باب أولى، لا تتمكن، وهم معها، من تجاوز الرؤية إلى ما هو أبعد من مجرد إنقلاب فاشل على حكومة شرعية، ومِن ثم فقدت المسألة الفنزويلية كُُل مضمونها، فبدون النظرة الجدلية،راح البعض طارحاًً المسألة بشكل لا يختلف كثيراًً عن آلاف الصراعات التاريخية . . مَن لا يملكون ضد مَن يملكون . . الفقراء ضد الأغنياء . . دون أى إلتفات، وبوضوح، لما يَفعله قانون الحركة الحاكم للتطور الإجتماعى. الديالكتيك.
ففى 12/4/2002، بدأت كثير من الأنظار، واليسارية، المبتذلة، على وجه الخصوص، تتجه نحو هذا البلد الواقع فى الشمال مِن قارة أمريكا الجنوبية. فنزويلا، ففى هذا التاريخ أُُُعلن تنحية رئيس الدولة المنتخب، هوجو تشافيز، وتولية بيدرو كارمونا، ولكن هذا الإعلان لم يسر لأكثر من يومين؛ ففى 14/4/2002 عاد هوجو تشافيز، إلى"ميرا فلوريس" القصر الجمهورى مرة أخرى رئيساًًً شرعياًً لفنزويلا البوليفارية، وتم نفى كارمونا(4) إلى كولومبيا.
تتبدى أهمية المسألة الفنزويلية التى تطرح نفسها على الساحة فى الوقــت الراهن(2000- 2010، وتلك هى المساحة الزمنية التى ننشغل بها فى مقالنا) فى ثرائها الفكرى على صعيدى الفكر والواقع بوجه عام. كما تتجلى فى قدرتها على إثارة العديد مِن القضايا الفكرية الجوهرية فى معظمها، وإمكانيتها الإرشاد إلى خطوط منهجية عريضة نستطيع مِن خلال التسلح بإستيعابها أن نفهم فهماًً ناقداًً مجريات الأمور والأحداث الآنية على ظهر هذا الكوكب، وأن نعى وعياًً متجاوزاًًً، على وجه الخصوص، الكيفية التى تمت مِن خلالها العملية التاريخية التى كونت إقتصاداًًً عالمياًً بمستويات مختلفة مِن التطور والتقدم والنمو. الكيفية التى أنشأت التخلف الإجتماعى والإقتصادى"كظاهرة تاريخية"فى الأجزاء المختلفة مِن الإقتصاد العالمى، والمسألة الفنزويلية وإضافة لثرائها الفكرى القادر على فتح ملفات عديدة مطوية كما قلنا، فهى كذلك تُمثل أحد النماذج المدرسية المناسبة جداًً لشرح أكاديمى مميز لإشكاليات التخلف الإجتماعى والإقتصادى والسياسى فى الأجزاء المتخلفة مِن الإقتصاد الرأسمالى الدولى، كظاهرة تاريخية، ولقد ظهرت الملامح الأساسية للأطروحة الرئيسية الخاصة بالمسألة الفنزويلية فى البحث الذى نَشَرَته (فى عددين) مجلة"النهج"(5) وذلك عام 2003، تحت عنوان" الإقتصاد السياسى للصراع الإجتماعى الراهن فى فنزويلا"وأضفت للعنوان الرئيسى عنواناًً فرعياًً "نحو منهج مقترح للبحث" فى إشارة إلى تجاوز طموحات البحث حدود معالجة موضوع إلى تقديم منهج. منهج يَطرح نفسه بإعتباره فرضية تُستَخدَم أدواته الفكرية وألياته النظرية فى تشريح ظواهر مماثلة أو/و مشابهة تاريخياًً أو/وجغرافياًً، وذلك بالطبع بعد الوقوف على مدى صحته ذاتيا، وصحة فروضه، موضوعيا، من باب أولى بإختبار صحة تلك الفروض على أرض الواقع، وهو الأمر الذى سعيت مِن أجله ولم أزل أواصل سعيي. وبخاصة وأن أصبحت النظرية الكمية والموضوعية فى القيمة مُهدَدَة فى وجودها الإجتماعى بعد فقد الرؤية الجدلية على يد بعض فصائل التيارات السائدة فى حقل اليسار على وجه الخصوص.
تبلور الظاهرة: فى يوم12/4/2002بدأت الأنظار، واليسارية على وجه الخصوص، تتجه صوب فنزويلا. وسنخص بعضاًً من فصائل اليسار تحديداًًً لكونها تُُُمثل، فى هذه المسألة تحديداًً، أعلى مراحل نضج التفكير الجمعى المبتذل، للأسف، وسيكون طرازه هو السائد... وكما سبق القول، ونكرر، بأن أهمية المسألة الفنزويلية إنما تنبع مِن ثرائها على صعيدى الفكر والواقع وقدرتها على إثارة العديد من القضايا الجوهرية فى معظمها، وإمكانيتها رسم خطوط منهجية عريضة نستطيع من خلالها أن نفهم فهماًً ناقداًً مُجريات الأمور والأحداث الآنية فى العالم الرأسمالى المعاصر، وعلى وجه الخصوص الكيفية التى تمت مِن خلالها العملية التاريخية التى كونت إقتصاداًً عالمياًً بمستويات مختلفة من التطور والتقدم والنمو. الكيفية التى أنشأت التخلف الإجتماعى والإقتصادى"كظاهرة تاريخية"فى بعض أجزاء الإقتصاد العالمى.
ففى هذا التاريخ،12/4/2002 أُُعلن تنحية رئيس الدولة المنتخب هوجو تشافيز، وتولية بدرو كارمونا، بيد أن هذا الإعلان لم يستمر لأكثر مِن يومين؛ إذ عاد تشافيز إلى"ميرا فلوريس"القصر الجمهورى مرة أخرى فى 14/2/2002 رئيساًً شرعياًً لفنزويلا البوليفارية، وتم نفى كارمونا إلى كولومبيا. ومنذ اللحظة الأولى للأحداث وحتى كتابة تلك السطور، والتى قبلها، لم تَزل بعض الفصائل فى حقل اليسار(ومنظروا الإمبريالية مِن باب أولى) وبعد تلك السنوات، لم تزل لا ترى فى المسألة الفنزويلية التى طرحت نفسها فعلياًًً فى12/4/2002 بإعلان تنحية هوجو تشافيز وتولية كارمونا (جنرال النفط) وإنتهت واقعياًً فى 24/3/2003 بعودة تشافيز رئيساًًً لفنزويلا والأطاحة بالمعارضة العميلة للإمبريالية الدولية!! وعلى طريقة النصوص إذا تكررت تقررت واذا إنتشرت تأكدت، لم تَزل تلك التيارات لا ترى المسألة إلا أدائياًً ولا تتمكن من مغادرة النظرة الخطية التى يُمثل الصراع الإجتماعى الراهن، بجميع مظاهره، فى فنزويلا، بمقتضاها مجرد حالة إصطدم مِن خلالها فكر ثورى راديكالى مع فكر إنتهازى رجعى، أو لحظة تاريخية تَصَادمت فيها السلطة المعزَزَة بإرادة جماهير تَسكن مدن الصفيح مع معارضة إنتهازية ومتواطئة، وتعتبر مِن ثم المسألة برمتها مثالا ممتازاًً جداًً (وتعليمى مناسب، شبيه بالدرس ما بين المغرب وبين العشاء) للتدليل على القوة الكامنة فى الشعوب، وقُُدرة الجماهير على تقرير مصيرها، وإمكانية قيامها بإعادة توزيع ثرواتها، وإستطاعتها إختيار مَن يمثلها ويعبر عن مصالحها. هنا يتوقف اليسار. إذ تُمثل نقطة البدء غير الصحيحة نقطة النهاية.
إرتباك: لقد توقف فكر التيار المهيمن فى هذا الحقل عند تلك الإستنتاجات السهلة والمضمونة والجاهزة والتى أفرغت المسألة مِن مضمونها المتعين فحصه، وحولتها إلى ظاهرة دعائية فارغة كالذى حدث، على سبيل المثال، عقب إعلان سحب السفير الفنزويلى مِن تل أبيب فى يوم3/8/2009وصار الصراع الراهن فى فنزويلا، بعد تصفيته، لا يختلف، كما ذكرنا، اللهـم إلا جغـرافياًً وتاريخياًً عن آلاف الصراعات التى ناضل مِن خلالها المظلـوم فى وجـه الظالم. مَن لا يملك قبل مَن يملك (هاكم كراسات التعميم والموجزات الأولية بكامل بهائها !!) إن التيارات المهيمنة حال سعيها لفهم الظاهرة(هناك، وهنا أدهى وأمر) لم تؤمن بأهمية الوعى الأولى والرئيسى بطبيعة التكون التاريخى الخاص بطبقة البروليتاريا النفطية فى فنزويلا، تلك الطبيعة الخاصة التى مكنتها من ناصية التفاوض على الصعيد العالمى، وأهلتها للتحالف مع رأس المال، وإنما إبتداءًًً من سيطرته عليها، وسعيها، بالتوازى، للحفاظ على المكاسب الإجتماعية التى حققتها على الصعيد الإجتماعى. كما لم تَتَمكن تلك التيارات وهى تلوك المسألة الفنزويلية مِن إجراء التمييز فى حقل الإقتصاد الريعى المنجمى(6) وهو حال فنزويلا، بين الدولة صاحبة الدخل وبين الشركة الرأسمالية المستثمِرة(أجنبية كانت أو وطنية) إذ أن ناتج البير أو المنجم يجرى تصديره ومِن هنا تتحدد شروط ضَخ الإستثمارات فيه (بمراعاة كلفـة الإستبدال المنجمى) تلك الشـروط تتيح فى نفس الوقت تحقيق ربح للرأسمال المستثمَر، وريع، بالتناقض على المستوى الدولى بين الدولة المالكة ورأسمال الإحتكارات التى تهيمن على ظاهرة الأثمان الدولية.
فرضيات تحليل الظاهرة: إن تلكََ القدرة الَمَحدودة للتيارات المهيمنة لم تفوت عليها فقط فرصة رؤية الدائرة الفِكرية الأولى (وهى تَحوى ما هو لازم مِن الأفكار، ولكن غََير كافٍ) والتى تُحيط بالظاهرة محل المشاهدة والملاحظة؛ بل ومنعتها، بالضرورة، مِن بلوغ الدائرة الثانية (الأكبَر والأرحَب) والتى تَحتوى على مَجموعة مِن الفرضيات المنهجية، والتى يُمكَن مِن خلال تحقيقها، علمياًًً، العلو بالظاهرة أكثَر وفحصها بمزيدٍ مِن الوضوح بعيداًً عن كُُل ما هو سرابى مُضلل. وتَتَبدى تلك الفرضيات فى النقاط الفكرية التالية:
(1) الصدور عن الرؤية الهيكلية، وصولاًً إلى الوضع الراهن، من خلال الوعى التجريدى بتاريخ الرأسمالية(7) والكيفية التى بلورت العدوانية المباشرة لرأس المال الأوربى الإستعمارى، مع أهمية خاصة بفنزويلا، على مجتمعات الإقتصاد المعاشى بكُُل خصوصيته، وبكُُل حضارته الإنسانية المدهشة: الأزتك، الإنكا، فى أمريكا اللاتينية، وفنزويلا جزء لا يتجزء من أجزائه غير المتجانسة، وبحصول الصراع الجدلى بين أسلوب الإنتاج الرأسمالى، الناشىء آنذاك بمنتهى القوة والعنفوان، ومجابهة المنتِِِِِج الوطنى فى المستعمَََرة، والذى كان فى الأصل مالكاًً لشروط تجديد إنتاجه، تبدأ العمليـة التاريخية الدامجة المتزامنة مع ضخ المزيد مِن قـوة العمل(المستورَدة، والمقتنَصة) مِن خـلال تجارة، غير إنسانية ولا رحمة فيها، سَيطر عليها أنذاك التاج الأسبانى والتاج البرتغالى، وتبعهم فى ذلك فيما بعد باقى القوى الإستعمارية الأوربية.
فلا بد، إذاًًً، مِن البحث فى دور الغزو الإستعمارى الأوروبى (الأسبانى والبرتغالى تحديداًً) فى دَمج الإقتصاديات المستعمََرة (أمريكا اللاتينية بصفة خاصة) ذات الإكتفاء الذاتى، أى الإنتاج خارج فكرة التداول المعمم، فى إقتصادياتها المستعمََرة، كأحد الأجزاء التابعة، فلقد ظل الأسبان، عقب إستقرارهم فى جزر الهند الغربية، يُرسلون البعوث الإستعمارية لكشف شواطىء أمريكا الوسطى، حينما سمعوا عن بلاد فى الغرب، يكثر فيها الذهب، والفضة بكميات لا تحصى؛ فعَهدوا إلى حملة صغيرة بقيادة "كورتز" لغزو هذه البلاد، المكسيك حالياًً، والتى كانت موطن قبائل ذات كنوز وحضارة وفنون وديانات. إنها حضارة الأزتك، التى أُُبِيدَت ومُسحت مِن على خريطة العالم. ومِن هنا فقد سَمع الأسبان عن"بيرو" موطن قبائل الإنكا، وهى ذات كنوز وحضارة لا تقل فى روعتها عن الأزتك، فأعدوا حملة بقيادة "بيزارو" للإستيلاء عليها، وتَحكى المراجع المختلفة فى هذا الشأن؛ أن أهل تلك البلاد أهل سلام وهدوء، يَملكون مِن الذهب مالم يَخطر على بال أوربى؛ حتى أن مَلك الإنكا، أتاهوالبا، لما أُُسر، إفتدى نفسه، كما يروى، بملء الحجرة التى كان فيها ذهبا، فأخذه بيزارو، وغدر به، وذلك عام 1533، ودخلت "بيرو" ضمن أملاك أسبانيا، ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت معظم بلاد أمريكا اللاتينية فى قبضتهم.
(2) فرض الزراعة الأحادية على أغنى أراضى قارة أمريكا اللاتينية وأخصبها وأوفرها إنتاجاًً: البرازيل، باربادوس، جـزرسوتابنتو، ترينـداد وتوباجو، كوبا، بورتوريكو، الدومينيكان، هاييتى، الأمر الذى كََون، تاريخياًًً، بلداناًً كالأكوادور يتوقف مصير سُكانِها على تقلبات الأثمان العالمية للبن أوالكاكاو، أوالموز!! هنا يجب الوعى بالكيفية التى تمت من خلالها عملية تعميق هذا الشكل مِن الزراعة مِن خلال هيكلة إقتصاديات بلدان القارة(8) على نحو يخدم، بإخلاص، إقتصاديات الأجزاء (الإستعمارية) بجعل بلدان القارة مورداًً دائماًً للمواد الأولية، الحال الذى أفضى، بعد إستنزاف التربة، إلى إستيراد الطعام، فالأرض أقسمت أن لا تُُُنتِِِج سوى المحصول الواحد، المحصول الإستعمارى: سكر، كاكاو، مطاط، بن، قطن. وهو الأمر الذى تزامن مع نشوء المزرعة الإستعمارية، وتبلور الطبقات الإجتماعية المكوَنة تاريخياًً فى ركاب رأس المال الأجنبى، الأسبانى والبرتغالى والإنجليزى والهولندى والفرنسى، ثم الأمريكى كأمتداد للهيمنة والسيطرة، ومِن هنا نشأت أرستقراطية السكر، وأوليجارشية الكاكاو، وبخاصة فى كاراكاس الفنزويلية مع نهاية القرن السادس عشر، كما ظهر، أيضا، أثرياء الغابة (المطاط) وأباطرة البن. تنهض هذه الطبقات، فى حركتها الإجتماعية المتعاديّة والمتناقضة، فى تدعيم بنية الخضوع والهيمنة، وتكريس عوامل التخلف التاريخى لدول القارة، إذ لا توجه، ولا يمكن أن توجه، تلك الأرباح إلى الحقول الإستثمارية الوطنية، بل يُعاد ضخها فى نفس العروق...إلى الخارج .
(3) دور متطلبات "العملية التاريخية الدامجة"فى قلب الميزان الديموجرافى(9) فى معظم أجزاء القارة وهو الأمر الذى يتعين معه الوعى بأمرين: أولا: طبيعة نمط الإنتاج الذى إستخدمته الإقتصاديات المستعمِرة فى سبيل إنهاك الإقتصاديات المستعمَرة وتصفيتها مادياًً، وسلبها لشروط تجديد إنتاجها، ونمط الإنتاج هذا، ثانياًً، والذى إستخدمته القوى الإستعماريّة إنما يحتاج (لدورانه حول السخرة والعبوديّة) إلى قوة عمل وفيرة، أكثر مِن وسائل الإنتاج (مواد العمل وأدوات العمل) ولذا سيكون مِن الضرورى أن تقوم قوى الإستعمار الأوروبى بضخ نحو 8 مليون إنسان (عبد) إفريقى إلى مناطق البرازيل وغرب الإنديز وجيانا فى الفترة مِن 1550 وحتى 1850 بعد أن أباد الإستعمار على السكان الأصليين!! تركز هذا الضَخ فى معظم جزر الكاريبى ومناطق زراعة القصب ومناجم الذهب ومزارع البن. الأمر الذى أفضى إلى تَكون طبقة (الكريوليس) والتى ستنهض بدور هام فى سبيل ترسيخ الهيمنة الإستعمارية حتى بعد تحولها شطرالقارة الإفريقية إبتداءًًً من النصف الثانى من القرن الثامن عشر.
فلقد كرس الإستقلال فى بداية القرن التاسع عشر تحويل السلطة من المستعمِِِِر إلى أيدى الملاك العقاريين والبورجوازية الكمبرادورية، عقب ذلك إستمر التحويل وتدعيمه على أمتداد القرن إزاء تكثف التبادلات مع المتروبول الجديد، بريطانيا العظمى. يجب هنا الوعى بالكيفية التاريخية التى من خلالها تبلور التاريخ النقدى للهيمنة الأمريكية فى القرن التاسع عشر، بعد سلسلة من العلاقات الجدلية بين القوى الأوربية المتصارعة على خيرات المستعمرات(10) وعلى مَن عليها مِن بشر(هولندا، إنجلترا ،فرنسا، روسيا، النمسا، المانيا، إيطاليا، بروسيا، الدولة العثمانيّة) وإنتهاء بالحرب العالمية الأولى التى خرج منها الإقتصاد الأوروبى حطاماًً، بينما خرجت الولايات المتحدة الأمريكية كأغنى وأقوى دولة رأسمالية فى العالم يزيد مجموع أرصدتها الذهبية عن مجموع الأرصدة الذهبية التى تملكها روسيا وفرنسا والمانيا وبريطانيا؛ وكأن الحرب لم تفعل شيئاًً سوى نقل ثروات أمريكا اللاتينية مِن أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يتعين هنا الوعى بالظروف التاريخية التى سادت فى القرن التاسع عشر، والتى تمكن الذهب خلالها مِن إرساء الأثمان المعبَر عنها بعملات وطنية مختلفة نظير سلع تم إنتاجها فى أماكن متفرقة من العالم وفى ظل ظروف إنتاجية مختلفة. ولم يكن مِن الممكن للذهب أن يُؤدى هذه الوظيفة إلا إبتداءً مِن تَداوله كنقود فى داخل الإقتصاد الرأسمالى القومى الأكثر تطوراًً والذى كان فى سبيّلهِ للسيّطرة على الجزء الأكبر مِن المعاملات الدوليّة. الإقتصاد البريطانى.
وتُمكِِن قاعدة الذهب الدولية بدورها رأس المال البريطانى مِن تأكيد هيمنته فى داخل الإقتصاد العالمى، وهى هيمنة إستمدها، كما يَقول أستاذُنا العلامة محمد دويدار، مِن تفوق الإنتاجية النسبية للعمل عمقاًً ومدى، وبفضل هذه الهيمنة يُصبح الإسترلينى، العملة الوطنية البريطانية، سيد العملات دولياًً، ويمكن أن يَحل مَحل الذهب لعملات بلدان أخرى تخضع لهيمنة رأس المال البريطانى.
وهكذا تحل هيمنة رأس مال إحدى البلدان على الصعيد الدولى مَحل سلطة الدولة على الصعيد القومى، وتُمكن هذه الهيمنة عُملة رأس المال المهيمن من أن تلعب فى المعاملات الدولية دور النقود الدولية، سواء أكانت هذه العملة تستند إلى الذهب أو لا تستند، وإن كان مِن الضرورى أن تَبدأ فترة سيطرتها التاريخية، بحكم تاريخية النقود، بالإستناد إلى الذهب(11)
ويَكون مِن الطبيعى عند إنتقال الهيمنة مِن رأس مال قومى إلى رأس مال قومى آخر أن تَرث عُملة المهيّمن الجديد وظيفة النقود الدولية حالة بذلك محل عملة رأس المال الذى فقد هيمنته على الإقتصاد الرأسمالى الدولى. ذلك ما حدث فى فترة الحربين العالميتين عندما فََقََد رأس المال البريطانى هيمنته على الإقتصاد الدولى (تاركاًً الإقتصاد الدولى كى يُقسم عدة كتل نقدية) فََقََد ظهر رأس المال الامريكى كى يَفرض "هيمنته"، ولكى تأتى الحرب العالمية الثانية لتؤكد الهيمنة الجديدة التى تَفرض كل تبعاتها فى الفترة التالية للحرب.
بيد أن هناك ثمة تاريخ للولايات المتحدة، يجب معرفته جيداًً، فكم هو حافل بالأحداث المثيرة، والدمويّة غالباًً، قبل إنتقال التركة وتولى الهيّمنة (غزو نيكاراجوا1823-ثم بيرو1825-إحتلال تكساس المكسيكية1846،وكى تضم نهائيا فى أعقاب 1948-تدمير ميناء جاجراى تاون فى نيكاراجوا1854-غزو كولومبيا 1873-التدخل فى هاييتى 1888-ثم فى تشيلى-ثم فى نيكاراجوا 1894-الحرب الأمريكية الأسبانية المفتعلة طبقا لأرجح الأقوال 1898- التدخل فى كولومبيا 1901و1902-الإستيلاء على ست مدن فى هندوراس1907-دخول المارينز هاييتى وقيامهم بالسطو على البنك المركزى سدادا لأحد الديون، ثم إحتلالها من 1915وحتى 1934-قصف المكسيك 1916-غزو خليج الخنازير1961-الحصار الجوى على كوبا-غزو الدومينيكان1965-نشر الأسطول على سواحل الدومينيكان 1978-جرينادا 1983- تشيلى 1988-غزو بنما وإختطاف رئيسها 1989، أضف إلى ذلك تورطها المفضوح فى العديد من الإنقلابات الداخلية فى بعض الدول حينما وضعوا شامورو على العرش فى نيكاراجوا، والإطاحة ببارستد فى هاييتى، فضلا عن إدارة مذبحة ريو سمبول على الحدود السلفادورية الهندوراسية 1980)
هنا نجد أنفسنا مرغمين منهجياًً، وأخلاقياًً، على مراجعة النظرية السائدة على الصعيد السياسى والتى تقول بأن الديمقراطية الأمريكية هى أفضل الديمقراطيات فى العالم المعاصر(12)، وأصبحت القضية محصورة فى حتمية نَقل النموذج، فالتحليل العلمى الصحيح والواقع الحقيقى وليس المزيف، يثبتان خلاف ذلك تماماًً؛ إذ يتعين الوعى بالخلفية التاريخية، تاريخ أمريكا المعاصر، وطبيعة الثورة الأمريكية والتى ساندها ثوار1789، وأنها لم تكن سوى ثورة سياسية محدودة الأهمية مِن الناحية الإجتماعية، فعندما تَمرد المستوطنون الأمريكيون ضد الملكية الإنجليزية، لم يكونوا يرغبون فى تحول العلاقات الإقتصادية والإجتماعية، ولكن فقط كانوا يَرفضون إقتسام الأرباح؛ فقد كانوا يريدون السلطة لأنفسهم. ليس لغرض القيام بأشياء مختلفة لما كانوا يقومون به إبان الفترة الإستعمارية؛ بل مِن أجل الإستمرار فيما كانوا يعملون، ولكن بحزم أكثر وربح أكبر، فقد كان هدفهم فى المقام الأول إتمام التوسع نحو غرب القارة الذى كان يعنى مِن بين ما يعنيه إبادة الهنود. إستكمالا أو إستئنافا لعملية النهب المنظم التى قادتها أوروبا عبر أربعة قرون من الهمجية، والتدنيس لشرف الإنسانية. ولم يَكن موضوع العبيد مَحط تساؤل؛ فكل زعماء الثورة الأمريكية تقريباًً كانوا مُلاك عبيد، ولقد تَطلب الأمر قرناًً إضافياًً ليتحقق أمر إلغاء العبيد، وقرناًً آخر حتى يَتمكن السود الأمريكيون مِن الحصول على حد أدنى مِن الإعتراف ببعض الحقوق المدنية، دون أن تتزعزع العنصرية العميقة للثقافة المهيمنة. إبتداءًً مِن هذا الوعى، المتناغم مع الوعى بالكيفية التى هيمن مِن خلالها رأس المال الأمريكى على الصعيد العالمى، يُمكن البدء فى فهم كيف يَحتقر المجتمع الأمريكى، المساواة، فاللامساواة ليس مسموحاًً بها فحسب، بل تعتبر رمزاًً لـ"النجاح"الذى تَعد به الحرية. ومع الوقت الطويل نسبياًً أخذت الديمقراطية "تُُسوَق"على نحو يفرض الأفكار المهيمنة، التى هى فى واقعها أفكار الطبقة"الإمبريالية"المهيمنة، حتى أمست ديمقراطية الولايات المتحدة نَموذجاًً وموضوعاًً للتقديرالكاسح وغير النقدى، بعد الغزو العارم للثقافات القومية، والأوروبية فى مقدمتها، على الصعيد الثقافى والسياسى والإقتصادى والإجتماعى. وطالما تولت الولايات المتحدة مقاليد إدارة الكوكب، فيتعين أن تُحافظ فى المقام الأول والأول مكرر، على مصالحها دون أدنى إعتبار لغيرها، تلك المحافظة لا يضيرها أبدا، بل ينفعها، تأجيج الحروب الأهلية، والإيعاز بالمذابح الجماعية، والتأمر فى سبيل تدبير الإنقلابات على الحكومات الوطنية المناوئة لهيمنتها وسطوتها.
(4) فى النقطة الفكرية السابقة والخاصة بمتطلبات"العملية التاريخية الدامجة" يتعين الوعى بمجموعة مِن الأحداث الهامة، ففى الفترة ما بين سنة 1688وسنة 1815إشتبكت فرنسا وإنجلترا فى سبعة حروب، كان مِن أهم أسبابها على الإطلاق، التنافس فى المستعمرات، وفرض السيادة والهيمنة على البحار، وكانت كُُلما نَشبت حرب بين دولتين فى أوروبا، إمتد لهيبها إلى ما وراء البحار، واشتعلت نيران الحرب كذلك فى المستعمرات. ومِن جهة أخرى، ففى أوائل القرن السادس عشر، ورث عَرش الإمبراطورية الهولندية، الإمبراطور شارل الخامس، وفى عهده نُظمت الإدارة وتحسنت الأحوال الداخلية، كما أن إتسعت الحركة التجارية،إلا أنه لما ظهرت حركة الإصلاح الدينى، فقد إعتنق كثير مِن سكان الشمال مذهب "كلفن" الأمر الذى أدى إلى معاملة قاسية مِن شارل وأحرق عددا كبيرا منهم، ولما خلفه إبنه فيليب الثانى، واصل سياسة الإضطهاد بعنف، مما أدى إلى إندلاع الثورات ضد الحكم الأسبانى، وإستمر النضال بين الفريقين طوال النصف الثانى مِن القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر؛ حتى إنتهى الأمر بإستقلال هولندا.
وما كادت هولندا تَستقل حتى صارت مِن أقوى دول أوربا فى البحر، وأوسعها تجارة، ولا سيما فى الشرق. ساعدها فى ذلك إزدياد قوتها البحرية خلال حرب الإستقلال، وسَطوها على السفن الأسبانية، وكذلك الإستيلاء على بعض المستعمرات الأسبانية التى وصلت لها مِن البرتغال بعد إخضاعها وضمها إليها سنة 1580. هذا إلى جانب ضعف قوة البرتغال بعد فقدانها لإستقلالها، وكذلك إضمحلال قوة أسبانيا البحرية، بعد إنهزام أسطولها الكبير المعروف بـ "الأرمادا" الذى لا يُقهر أمام الأسطول الإنجليزى سنة 1588، مما شجع السفن الهولندية على معارضة تجارة أسبانيا فى البحار، بل وإنتصار أسطولها على الأسطول الأسبانى عند جبل طارق سنة 1607، مفاد ذلك عدم إمكانية إعتبار العملية الدامجة قاصرة على قوى إستعمارية دون أخرى، بل كان المنتصر دوماًً ما يتلقى السيادة ويتولى الهيمنة، ومِن ثم يَفرض الدمج، بما يستتبعه من فرض ثقافته" بمعناها الواسع" وفقاًً لمصالحه القومية.
ومِن جهة أخرى يُمكن إعتبار المستعمرات، مِن هذه الزاوية، مَرتعاًً لإنعكاس مباشر للصراعات الإستعمارية. فلم يتوقف الصراع عند حدود الدول المتصارعة، بل يَمتد وبمنتهى القوة، وربما أقوى، بداخل المستعمرات ذاتها.
(5) كما يَتعين التقدم، لفهم تسرب القيمة، ومِن ثم التبادل غير المتكافىء، خطوة إلى الأمام، تاريخياًً ومِن ثم منهجياًً، بالبحث الواعى فى دور الشركات الأجنبيـة العملاقـة ورؤوس أموالها القومية فى تعميق الدور الذى تلعبه أجـزاء القارة المختلفـة كمورِِد رئيسى للمـواد الأولية(13)، دون أى مشاركـة مِن هذه الأجزاء فى عملية التجارة فى أى مرحلة مِن مراحلها، مع الحفاظ دائماًً على إثارة القلق فى أسواق تلك المنتجات، حفاظاًً على التحكم فى أثمانها العالمية وإمكانيـة التلاعب بها. وتعتبر شركات النفط العالمية الكبرى مِن أقدم الشركات المتعددة الجنسية فى هذا الشأن، وقد شَهدت السوق العالمى للنفط مراحل مختلفة لسيطرة عدد محدود مِن شركات النفط العملاقة على جانب كبير مِن تلك الأسواق؛ ففى خلال الفترة مِن 1928وحتى 1938، تم توقيع عدة إتفاقيات بين ثلاث شركات كبرى تَهدف إلى تقسيم العالم بين كارتل: ستاندارد أويل أوف نيوجيرسى(إكسون موبيل حالياًً) وشل وبريتش بتروليوم(الإنجلو/إيرانيان) ثم إنضم إلى هذا الكارتل: ستاندارد أوف نيويورك وستاندارد أوف كاليفورنيا وجولف وتكساكو، وأضيف إليهم منذ أواخر الخمسينات الشركة الفرنسية للنفط. ولقد كان هذا الكارتل حتى عام 1949، يسيطر على 97% من إنتاج النفط فى النصف الشرقى للكرة الأرضية، وعلى نحو80%مِن إنتاج أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبى.
(6) يتعين الإستمرار فى البحث وصولاًً للكيفية التى مِن خلالها يظهر الإقتصاد الفنزويلى، كإقتصاد متخلف، مركب مِن قطاعات منعزلة أو شبه منعزلة، لا تُقيم فيما بينها إلا مبادلات هامشية، بينما يتم الجزء المهم والجوهرى مِن مبادلاتها (وبخاصة النفط) مع الخارج، وبينما يَعكس قطاع الزراعة (الذى يقع تحت وطأة إعادة الهيكلة العالمية) مظاهر الإندماج كافة فى السوق الدولية، بمعنى الإنتاج إبتداءًً مِن السوق وتبعاًً لقوانين السوق، أى الإندماج فى منظومة الفائض والهدر الإجتماعى، وإنما إبتداءًً مِن سيادة قوى إنتاجية متخلفة (تركز ملكية، تخلف أساليب الإستغلال، الإحتفاظ ببعض مظاهرالإقتصاد المعاشى، الإنفصال التاريخى للريف عن المدينة) وعلاقات إنتاج شفافة (أقرب إلى القنانة أو العبودية) لم يسمحا بعد، أى قوى الإنتاج وعلاقاته، بتطورات جدلية ملحوظة على صعيد رد الفعل الإجتماعى، فإن القطاع الصناعى يتكون، إضافة إلى الشركة الأم، مِن منشأت عملاقة (أجنبية أو فروعا مِن وحدات محليّة) تقع مراكزُها المحركة خارج الإقتصاد الفنزويلى، وعلى حين تقوم تلك الوحدات الضخمة بإستخراج الثروة المنجمية (فحم، حديد، نفط) فإنها تَستخرجها لا لكى تغذى بها صناعات محلية وليدة، بل إنها تصدرها لتستخدم فى تغذية مجموعات صناعية مُعقدة فى المراكز المتقدمة. وبخاصة بداخل الإقتصاد الأمريكى الوريث التاريخى للهيّمنة الإستعمارية الأوربية.
ولنطالع التقرير الصادر عام 1980 (ولم يزل يحتفظ بأهميته) عن الكونجرس الأمريكى،إذ جاء فيه :"يجب على الولايات المتحدة بالإتفاق مع حلفاءها دفع وتدعيم البرامج الخاصة بالإسراع فى إستكشاف النفط وتنميته خارج منطقة الشرق الأوسط، فإن المكسيك"وفنزويلا"هما أكثر الدول التى يمكن أن(تنتج للولايات المتحدة وحلفاءها) فرصا كبيرة لتقليل إعتمادها على نفط الشرق الأوسط، لذا يجب أن تظهر الولايات المتحدة إستعدادها لتنمية مصادر الطاقة بالمكسيك. ومن ناحية أخرى، يجب على الولايات المتحدة، إعطاء أولوية قصوى لتنمية الثروة الضخمة"لفنزويلا"وذلك بمنح المساعدة المالية والتعاون الفنى مِن خلال هيئة تأمين الطاقة، كما يجب إمداد"فنزويلا"بما تحتاجه من القروض اللازمة لتنمية مواردها الضخمة من الوقود ومن خلال عقد إتفاقيات ثنائية أو متعددة الجوانب"(14)
(7) تبرز شريحة البروليتاريا، النفطيّة، الفنزويلية، كشريحة أفقدها الزيت وعيها الطبقى، ذات طبيعة تاريخية خاصة، تمكنها مِن ناصية شروط التفاوض على الصعيد العالمى، لا سيما المنظمات الدولية (التى يَستَعين بها رأس المال إستقداماًً أو إستبعاداًً وفقا لمصلحته) تلك الطبيعة الخاصة بهذه الطبقة والتى تَكونت بفعل حركة رؤوس الأموال النفطية فى أوائل القرن العشرين بداخل فنزويلا، أهلتها للتحالف مع رأس المال، وإنما إبتداء مِن سعيها نحو الحفاظ على المكاسب التى حققتها على الصعيد الإجتماعى، إذ وُلِدَت كطبقة محدودة نسبياًً وظهرت شرائحها العُليا ذات إمتياز نسبى كذلك، على حين كانت الأزمة الزراعية تبدو عَبر الإفقار المتواصل للفلاحين وتعميق الإنفصال التاريخىّ للريف عن المدينة.
ويرتبط بالفكرة السابقة إرتباطاًً وثيقاًً لا يَقبل الفصل، الوعى بما لََحق تكوين البروليتاريا لا سيما الصناعية، مِن تغيرات هامة منذ العقود الأخيرة مِن القرن التاسع عشر، وترتبط تلك التغيرات بالطفرات العلمية المعاصرة التى قادت إلى إزدياد الوزن النوعى للفئة البروليتارية التى تعمل فى حقل الصناعات التحويلية، كما جرى إنتقال قسم كبير منها إلى تلك الصناعات التى تلعب دوراًً حاسماًً فى تطوير القوى الإنتاجية الحالية فى الأجزاء المتقدمة مِن الإقتصاد الرأسمالى الدولى المعاصر على حساب الإبقاء على الوضع الراهن أو تحريكه جزئيا (وإبتداء من مصلحة رأس المال) فى الأجزاء المتخلفة؛ فالتيار الرئيسى لحركة إنتقال القوى العاملة يتجه ناحية قطاعات الصناعات الذرية والألكترونية والبتروكيميائية، وتتميز هذه القطاعات بدرجة عالية مِن الإحتكار على صعيد كل مِن رأس المال والربح.
(8) وأخيراًً وليس آخراًًً، فإن مِن أبجديات درس فنزويلا، الوعى بكونها دولة نفطية، وبالتبع ريعية، وتبرزها هنا فرضية هامة، تمس وبشكل مباشر الإقتصاديات العربية النفطية؛ ولذا تعين الإنتباه لما تثيره هذه الفرضية من أفكار تخص دول الخليج العربى على وجه الخصوص(الذى لم يُسمح تاريخيا بعد بتحويل الفوائض النفطية إلى رأس مال) فإن تحكم طبقة إجتماعية خاصة فى عملية النفاذ إلى المورد فى الإقتصاديات الريعية المنجمية والوعى بما يثيره ذلك مِن صراعات جدلية بين باقى طبقات المجتمع، هو مِن أوليات فهم الطبيعة الخاصة بتلك الإقتصاديات، وفنزويلا لا تُمثل أدنى إستثناء. إذ تَحكم كِبار الملاك العقاريون، وعائلاتهم مِن بعدهم، والبرجوازية الكمبرادورية، منذ البدء فى عملية النفاذ تلك، كطبقات كُُونت تاريخياًً. كُُونت كطبقات مهيمنة، ثم ونامية فى ركاب رأس المال الأجنبى المسيطر. بل أنه وبعد التأميم، فإنه يَجدر بنا أن نتسأل مَن هو مالك الدولة؟ فتأميم الموارد الأساسية لا يَضمن فى حد ذاته إعادة توزيع الدخل لصالح الأغلبية، كذلك لا يهدد بالضرورة لا سلطة ولا إمتيازات الأقلية المسيطرة.
ولقد كتب إدواردو جاليانو، فى كتابه الرائع"الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية"والذى أهدى تشافيز نسخة منه إلى أوباما "وفى فنزويلا،يواصل إقتصاد التبديد عمله. وفى مركزه تتلألأ، بضوءغاز النيون، طبقة إجتماعية مبذرة ومالكة للملايين. لقد إزدادت الواردات بنسبة 25% لتمول المواد الترفيهية التى تتدفق على السوق الفنزويلية. إنها صنمية السلعة بإعتبارها رمزا للسلطة، الوجود الإنسانى وقد قلص إلى علاقات منافسة وإستهلاك: فى وسط بحرمن التخلف تمارس الأقلية المحظوظة نمط حياة وموضات أغنى أعضاء المجتمعات الأكثر إزدهاراًً فى العلم"(15)
جدلية الريع والربح
لا يُمكن بتصورى الحديث عن فنزويلا، بل عن أى دولة، على الصعيد الإجتماعى والإقتصادى والسياسى، دون الإحاطة الواعية والناقدة بما هو مُدون عاليه مِن فرضيات منهجية قابلة فى جوهرها للتشكيل والتشكل تبعاًً لمقتضى فهم وإستيعاب وتحليل الظاهرة مَحل المشاهدة والملاحظة، إذ يَجب أن يأتى الطرح المنهجى بفرضيات حاوية لترتيب منهجى مُعيّن، وفقاًً للحالة الآنية المراد درسها، فلكى يمكن فهم الظاهرة وتفسيرها بردها إلى الكُُل الذى تنتمى إليه، يتعين أن يقف الطرح المنهجى على مُرتكزين رئيسيين؛ المدخل الأدائى والمدخل الهيكلى، أدائى ويهتم بالتعرف على مُجمل الأحوال والأوضاع الآنية، تحديداًً: جغرافياًً وسياسياًً وإجتماعياًً وإقتصادياًً، وهيّكلى يَنشغل بالمعاينة التاريخية للكيفية التى تَكونت معها (إقتصادياًً) بُلدان القارة اللاتينية، على هذا النحو مِن التخلف، بوجه عام، وفنزويلا بوجه خاص، بحثاًً فى أسباب التخلف وليس فى أثاره، الأمر الذى يُمكننا مِن فهم طبيعة الصراع الجدلى بين الربح، الذى تُحصله بتروليوس دى فنزويلا، شركة النفط الوطنية الفنزويلية، وبين الريع، الذى تجنيه الحكومة الفنزويلية، ولا سيما فى اللحظة التاريخية التى يتعادى رأس المال فيها مع السلطة المسلحة كََقوة مضادة، وهو أمر لديهم جلى، خفى لدينا. أقول إن ما يَحدث فى فنزويلا هو فى حقيقته صِراع بين ما قد أسميتها بــ (البتروليتاريا) وبين السلطة. بين قوةِ العمل المتحالفة مع رأس المال والمتناقضة معه فى نفس الوقت وبين النظام المعَبِر عن الجماهير ومصالحها، هى أيضا متناقضة وإن جمعتها مصلحة أنية واحدة. وبعبارة أكثر دقة وتحديداًً فإن الصراع الراهن إنما يَتبدى فى مظهَرين:
أولهما: صراع جَدلى ما بين(الربح) وبين(الريع) مِن جهة. وثانيهما: صراع جَدلى بين (البتروليتاريا) وبين (السُلطة) مِن الجهة الثانية.
والمظهر الثانى: هو الذى يأتمر بأمر المظهر الأول، وهو المظهر الإقتصادى. ولأن التيارات المهيمنة(ومِن باب أولى تيارات التَنظير الإمبريالى) مُنشَغلة بحيازة الإستنتاجات المضمونة والسهلة، كما ذكرنا أعلاه، فلم تُبصر، ومَن أََبصَر أََصابهُ الإرتباك، مدى أهمية ما ثيره المسألة مِن إمكانية فََتح العديد مِن الملفات المطوية ومدى قدرتها على إعادة طََرح اليسار نفسه، إن أراد، بذهنية تَتَجاوز الرؤية الميكانيكية (التى إرتد لها كثيرون) إلى رحابة الفََهم الجََدلى للظواهر الإجتماعية... الرَحَابة التى تُتيح فََهم أوضَح وأعمَق وغََير مُلتَبس لإمكانية "تحالف الأضداد".
فلقد أفرز الصراع التاريخى الجََدلى الطويل بين قوة العمل وبين رأس المال، وهو صراع جَدلى لا خطى، فى ظروف تاريخية وجغرافية معينة، تحالفاًً بين قوة العمل وبين رأس المال فى مواجهة السلطة، إذاًً هناك ظاهرة (الصراع الجدلى بين قوة العمل وبين رأس المال) تلك الظاهرة تُفرز ظاهرة (البتروليتاريا) فى مواجهـة ظاهرة ثالثة (السلطة) فيتطور الصراع الإجتماعى مِن صراع بين قوة العمل وبين رأس المال، تطورا جَدلياًً كى يَنتقل الصراع إلى مرحلةٍ أخرى تظهر فيه السلطة كأحد الأطراف المتَنَاقضة مع المفرز الجدلى المتمثل فى (البتروليتـاريا) هذا تحديداًً ما لا تقوله كراسات التعميم، ومِن ثم لا مَفر مِن لّىّّ عنق الظاهرة لحشرها حشراًً فى الأدراج المعدة سلفاًً، يتعين إذاًً أن يكون عماد الإشكال النظري الذى نَنَشغل به هنا متعلقاًً بالمنهج الجََدلى بوجهٍ عام، والذى يَتَمثل هنا فى فََهم إمكانية"تحالف الأضداد" فى سياق فهم مختلف"للتخلف" بصفةٍ خاصة. لكن التيارات المهيمنة(والتنظير الإمبريالى مِن باب أولى) ولإعتيادها النظرة الخطية لم تَتَمكن مِن إستيعاب هذا الوجه الذى يَظهر به الجََدل على المسرح الفنزويلى. وهو الأمر الذى يرجع فى التحليل النهائى لذلك الإنسياق وراء السهل والمضمون، الإنسياق الذى يتبلور فى عدم القدرة على إجراء الفهم المتجاوز للجدل ومن ثم للتخلف كظاهرة تاريخية وإجتماعية، يمكن الخروج منها وإنما إبتداءًً من فهمها، فلم تزل قناعاتى كاملة بأن حل أية مشكلة يكمن فى مدى صحة طرحها.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد الإيرانى
- الفكر الاقتصادى من التجاريين حتى النيوكلاسيك
- المختصر فى تاريخ السودان
- الاقتصاد السودانى
- إيران: تقاطع الجغرافية والتاريخ والاقتصاد
- المختصر فى تاريخ الشيعة الفرس القديم والمعاصر
- التجريد كمنهج فى التفكير
- 500 سنة من الانحطاط
- ماركس المسكوت عنه
- الشروح على قانون القيمة
- الشروح على الاقتصاد السياسى الكلاسيكى
- الهوامش على ريكاردو
- البيان الشيوعى
- بصدد القمع فى إيران
- قانون الصكوك، فى مصر، بين الشريعة والاقتصاد
- السودان: التخلف والتبعية
- نقد قانون القيمة
- نقد الرأسمال التجارى عند ماركس
- الإعدام اليومى للطلبة
- الرأسمال المتاجر: نقد الطبيعة والماهية


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - تحالف الأضداد. فنزويلا نموذجاً