أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية في ديوان - هواء جاف يجرح الملامح - ) بقلم / وائل النوبي















المزيد.....

( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية في ديوان - هواء جاف يجرح الملامح - ) بقلم / وائل النوبي


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 01:50
المحور: الادب والفن
    


( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية في ديوان " هواء جاف يجرح الملامح " ) بقلم / وائل النوبي

يقول الشاعر" جوته " في اللحظات الأخيرة من حياته :
ابقي ، فأنت جد جميلة !
لا يمكن أن تزول حياتي الأرضية ..
ومهما تناهت الدهور ..
وفي إحساسي هذا ، الرضا الكلي
أنعم الآن باللحظة الأسمى ..
وبعد أن تأكد الأمر ببقاء جوته كشاعر ، لم أجد سوى أن أتنفس مع هذا المخلوق / الكائن الاجتماعي الجميل ، المتورط مثلنا تماماً ، الذي يحمل هوية تقول " هواء جاف يجرح الملامح " ، ربما كان الكائن أليفاً معي وساعدني على هضم أفكاره ، وصرنا أصدقاء في بعض الأحيان ، يجذب كلاً منا الآخر إلى محيطه ، واختلفنا كثيراً ، وتصالحنا أكثر، رغم عدم تعارفنا العيني . هذا الكائن الهرموني المتناسق هو من إبداع الشاعر مؤمن سمير، الذي تنقَّل بين الهُزُع الثلاثة – التي تكون منها الديوان - بانسيابيةٍ وسلاسة ، تحت وطأة الهواء الجاف .
ونسأل عن العنوان " هواء جاف يجرح الملامح " .. هذا الهواء الغليظ الذي لا يحتوي على ندى ( يعني هواء قاتلاً ) يمثل الرياح العاتية التي تجتاح الأشياء وأهمها على الإطلاق : هوية الفرد / ملامحه ، وهو تعبير أكثر دقة عن الشخصانية أو الذاتية .
من هذا المنطلق نجد الشاعر يثبت أن هذا الهواء بدأ بموت أبيه ، أي أن اهتزاز مشاعره / ملامحه ، بدأ عندما سلبت السماء روح أبيه بكل بساطة وبلامبالاة ، فيقول في عتبة الإهداء " إلى مَن استعارت السماء روحه بهدوء تام .. إلى سمير مؤمن ... أبي " .
نجد التعبير في هذا الإهداء يسوق الشاعر إلى أنه مقهور في مواجهة هذه الرياح العاتية بمفرده ، لذلك أحاطها بنقاط فلسفية لتدعيم فكرته عن " الضدية " بين الموت المادي الذي لحق والده والموت المعنوي الذي أحاط به هو ثم في المقابل الحياة المعيشة ، العادية تماماً .. واستعار الشاعر مقولات لكافكا ، فرناندو بيسوا ، هنري ميشو .. وهي جدلية فلسفية بين الموت / الحياة ، الكينونة / الآخرين ، هذا التنوع في الديوان شَكَّل شكلاً درامياً ، فيبدأ هذا " المسلسل " الدرامي بالمقولات السابقة " الفلسفية " وينتهي بكلمة " النهاية "ونزول الستارة " المسرحية " أو كما أطلق عليها الشاعر" نهاية الكوميديا " وهي " الكوميديا السوداء " بالطبع التي هي الحياة ، ثم أثبت الشاعر في النهاية مقولات للشاعر الصيني " لي سيان " و" تودوروف " مغلقاً بهما القوس .. ونستخلص من كل هذه العوالم المطروحة صيغة ذهنية تستقطبنا .. وهي : لماذا كل هذا ؟ ( كسؤال فلسفي وراء الفني ) ، وبتصور بسيط وتأمل أعمق ، نجد أن " كافكا " و" لي سيان " على سبيل المثال يجيبان ، فالأول يقول " هناك بلا ريب أشياء ممكنة لأجلي .. ولكن تحت أي حَجَرٍ تكمن ؟ " والثاني يقول " وأنت تفتح يدك .. قلت لي .. إن قدرك مكتوب في مركز كفك .. فلماذا لا تغلق قبضتك وتمسك قدرك في يدك ؟ " هذا التأمل يقودنا إلى الكامن تحت الحجر ، وكذلك البحث عن القَدَر ، وكل هذا يجتمع تحت مسمى " تحديد الملامح " وعدم العبث بها وفيها ...
الهُزُع الثلاثة تقع في ثلاث مراحل ، الأولى : أطلق عليها الشاعر " لذة القسوة " وهي توضح جدلية الهواء / الريح العاتي رغم اللذة ، وقد تكون الجدلية ذات مغزى باطني إشراقي كامن ، والهزيع الثاني ، هو الوحيد الذي يختلف عن ( الأول- الثالث ) لأنه خلا من عنوان مميز، لأن الشاعر في الهزيع الثالث وضع عنوان " الفطام " وأصبح الأمر بين " لذة القسوة " و " الفطام " وبينهما متناقضات / تقلبات فلسفية غير معلنة في الواقع/ الديوان ولكنها جاءت ضمن " التأصيل " للهزيع الثاني عندما قال النص في " يافطة " الهزيع :
حتى وأنت تحاول
أن تكسر الإشارة الحمراء
مثلهم
لا تستطيع ..
وبهذا اتضح التناقض بين كسر الإشارة والضمير .. وعلى هذا المنوال رسم الشاعر " شخصية " الهزيع الثالث " الفطام " عندما قال :
1- وقته : في الساعة البين بين ..
2- ليس له هدفٌ معلن
أو مخبوء ..
، اللهم إلا كسر التراتبية المهلكة ..
واتضحت بشكل عام الملامح المفقودة في كل هزيع لتُكَوِّن مسلسلاً درامياً وسط مشاعر و تخبطات تحكمها جدران فلسفية عميقة و شاعرية مرهفة ، معاً .
ويسير ركب " الفكرة المضادة " في كثير من القصائد مثل " دوام " ، وهي التي وضعت في هذه الصيغة ، ك " عنوان " ، كصيغة استمرارية ، بينما نجد قول الشاعر :
لكن ما يحزن في الأمر حقاً
أنك ستموت بعد قليل ..
ثم يخبرنا الشاعر عن استيقاظ الذات من حلمها المميت الدائم ، حيث يقول :
اللعينةُ تدق فوق رأسي
لتعلن " يا مؤمن "
التاسعة تماماً ..
ونرى النزعة التي تكثف الانهزامية حيث يقول الشاعر في قصيدة " من أخبار الولد الطامح " :
الأصدقاء ماتوا جميعاً
لذلك كان على كبار السن
أن يحبوا بدلاً منهم
ويرقصوا بدلاً منهم
ويتعاركوا بدلاً منهم ..
ونتعرف على بساطة اللغة عند مؤمن سمير وانهزاميتها ، ويكاد الشاعر أن يرسمها كخط عام وتوجه ، فنرى في قصيدة " الأرض " وهي تعني فكرة " الارتباط الجذري " بكل المعاني ، أنه يقول :
كيف تطلع نخلةٌ
والأرض تشرب الكحول ؟
..نم الآن يا غبي ..
وقد يقصد الشاعر من هذا : الاستسلام النهائي لكل ما هو كائن ، ولنتأكد من ذلك نرى أسماء أو عناوين القصائد مثل : جحيم – ليست كل المعادلات رحيمة – فخاخ – لستَ مختالاً – كان – في الغرفة الخالية – تحليق ..
ولأنه يحقق معادلات صعبة بين الصمت والثورة وبين الكبح والجحيم ، نرى الشاعر يقول في قصيدة " هزيع الفطام " :
الجَرْح الواسع ، اللي بينزف من يوم ما تولدت في 15/11/1975 هزايم وأوراق وصحاب مجانين وأم ماتت بالسكتة ..
وهي قصيدة بالعامية المصرية ، وكأنما أراد الشاعر أن يصل لنفس النتيجة – ديمومة القهر واتساع رقعته - بأي وسيلة تعبيرٍ كانت : الفصحى ، العامية ، اللافتات ، الإعلانات ، الفلسفات ... الخ
وتتضح العلاقة بين الضغط ( النفسي ) والواقع المجتمعي ، فتارة أخرى يقول :
في الأيام القادمة
لن نعرف بعضنا البعض
ونحن نعبر الشوارع
المغسولة بالماء والصابون والبلسم
لأن كل التقارير تؤكد
أنهم سيغيرون ملامحنا
ووظائف الأعضاء ...
أي أن الشاعر يُغَيَّب بطريقة عمدية من قِبَل مجتمعٍ ما ، ولهذا كانت الجدلية تكمن في الهواء النقي الذي ينقذ الجميع من السموم ويهب لنا التنفس ، عندما تتغير صيغته إلى ريح عاتية تمحي كل آثارنا وملامحنا ، تلك التي تتشكل نتيجة البيئة والتاريخ الشخصي والعام . وهو بالضبط ما طرحه المؤلف الضمني ، لذلك نجده يلجأ إلى عناوين للقصائد تتسم بالصيغة الفعلية ، ويتحقق طرحه من خلال ثلاثة هُزُع ليلية قاتمة وريح عاتية تغير كامل الملامح والشخصيات ، وبدأ الشاعر بنفسه وأمرها بالانسحاب وقال :
.. نم الآن يا غبي ..
يعني أيُّ تواصلٍ تنشد وأيُّ تحقُّقٍ تتمنى ، أيها الموهوم الأبدي ...
هذا الصراع الممزوج بين نغمة الحداثة الفكرية ، وحداثة الشعر ، كأنه يوضح الصدق في النثرية الشعرية ، وبطلاقة " فنية " يطرح نفسه / ذاته . وهذا يجعلني أتذكر نموذج " أدونيس " حين يقول في " كتاب الحصار " :
أخذوه إلى حفرةٍ
حرقوه
لم يكن قاتلاً
كان طفلاً
لم يكن ... كان حوتاً يتموج
يعلو مع النار
يرقى على رحاب الفضاء
وهو الآن
شبابه في الهواء ...

* مجلة " الكَرْمَة " ، العدد الثامن ، 2002 ص 20



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - غاية النشوة - بقلم / بهيج إسماعيل
- ( - ممر عميان الحروب -.. صرخة شعرية ضد تشوهات الحرب ودمارها ...
- - ممر عميان الحروب لمؤمن سمير: اعتيادية القهر وألفة الاغتراب ...
- - كونشرتو .. العتمة - بقلم / محمد مستجاب
- - مؤمن سمير: قراءة في دفتر البهجة - بقلم / عيد عبد الحليم
- - مؤمن سمير وكيمياء بهجة الاحتضار - بقلم / د.مصطفى الضبع
- - خلفيات شعرية - بقلم د.عبد الحكم العلامي
- - مؤمن سمير يحاصر الاحتضار بالبهجة - بقلم / يسري حسان
- - في جَوْفِ كلِ نغَمَةٍ - شعر / مؤمن سمير
- - في الصباح الأول ، شربتُ ماءَ اللَّعنةِ .. واَنْتَظَرْت -
- - غابةٌ أخرى -
- - طائرة ورقية .. تَحُطُّ على مَرَايَاكِ - شعر/ مؤمن سمير
- ديوان - رفة شبح في الظهيرة - 2013 شعر / مؤمن سمير
- ظَلَمتني الرواياتُ والمقاهي ضَحِكَت عليّْ
- - عن الذاكرة و الصورة - قراءة في ديوان - يطل على الحواس- للش ...
- - منطاد - شعر / مؤمن سمير
- * تَلٌ من الهواءِ الأصيل *
- * حُفرَةٌ في البيتِ * شعر / مؤمن سمير
- - واخمشي بالأظافرِ ..- شعر/مؤمن سمير
- - حكايتهُ الكبرى ..- شعر/ مؤمن سمير


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية في ديوان - هواء جاف يجرح الملامح - ) بقلم / وائل النوبي