أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.















المزيد.....


فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4299 - 2013 / 12 / 8 - 16:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تأملات وخواطر فى المعنى والقيمة والغاية – جزء أول


- ما معنى وجودنا. لن تجد أى معنى لوجود يستنزفنا داخل دائرة صراع الألم واللذة لندور داخلها ثم ما نلبث ان نتبدد. لقد تواجدنا وسينتهى وجودنا بلا إعتناء وإحتفاء . نحن نعتنى ونحفل بالوجود لنخلق معنى لوجودنا يخرجنا من عبثية اللامعنى .
- سعينا نحو الفكر هى محاولة لإيجاد معنى لوجودنا بإستخدام عقل يبدع المعنى وما الفلسفة إلا رغبة إنسانية فى إبداع معنى لوجود بلا معنى فتفلسفنا لنخلق معنى لوجودنا.
- جميل الإستحمام وسط مجموعة من فقاعات الصابون..هكذا هى الحياة مجموعة هائلة من الفقاعات ولكن مصيرها للتلاشى فى بالوعة البانيو ليكون كل سعينا تجميع أكبر عدد من الفقاعات والتلهى بها ومحاولة التشبث ببقاءها وتأجيل انفجارها الحتمى ولكن بالوعة الحياة ستبتلعها فى النهاية ,فما الفائدة ان كنا فقاعة كبيرة أو صغيرة ..وجودنا مثل الفقاعة بلا معنى .
- حاول ان تجد أى معنى أو قيمة أو غاية لإنسان يعيش على سطح حبة رمل وسط سبعة مليارات من البشر يتعايشون مثله على أرض بمثابة حبة رمل وسط صحراء شاسعة ليكون مصيره الذوبان فى الطبيعة ليدخل فى وحدات وجودية أخرى لتتبدد ذكريات وأحلام وحب وفرح وحزن وأمل وخوف وقلق وألم ملأ دنياه بها صخباً ثم يذوب فى النهاية المطاف فى جوف دودة . من الصعوبة بمكان تحمل هذه العدمية لذا لابد أن نخلق معنى وغاية ولو وهمية.
- ما معنى الحياة و ما هوالغرض من الوجود أسئلة تفترض أن الحياة لها معنى و علينا إكتشافه , لكن هذا خطأ فالوجود الحياتى مادة لا يكون فعلها وحراكها إلا لمادة بينما الجدوى والمعنى فكر إنسانى .
إن الوعي الإنسانى عندما يتعرى من أوهام الأنا الذاتية سيصطدم بحقائق صعب قبولها عن وجوده و معنى حياته , فالحقيقة أن المعنى والقيمة والغاية هي إبداعات الإنسان بتفرد يسقطها على الأشياء .
الوهم بأن حياتنا ذات معنى وجدوى وغاية جعلتنا نخلق الآلهة والعالم الآخر لتجعل لوجودنا معنى .فلو أسقطنا فرضية وجود عالم أخر وحساب وكل هذا الهراء فلن تجد أحد يعبد آلهة .
- سؤالان شكلا سر ومحور الحياة ومنهما جاءت كل الفلسفات والأديان والآلهة "لماذا جئنا" و"أين سنذهب" لتتم الإجابة عليهما بما يروق جهل وغرور الإنسان لتبدد حيرته وتخلق معنى وغاية وأهمية ترضى حيرته وغروره .. نحن جئنا من الطبيعة وسنذهب للطبيعة وكفى ,فلا يوجد معنى ولا غاية ولا إعتناء ولا إحتفال فهل نعقل هذا - هذه الإجابة لن يتحملها الجميع ولكنها الحقيقة فهل شاهدتم وجود انسانى واحد لم يأتى من مكونات الطبيعة ولم يذوب فيها ثانية .
- هل الأشياء عظيمة ورائعة أم حقيرة وتافهة فى ذاتها .. هل الأشياء ذات معنى قبل وجودنا .. هل الأشياء ذات قيمة فى كينونتها أم نحن من نمنح الأشياء التقييم وفقا إنطباعاتنا وتأثيراتها علينا .. من هنا لا يوجد شئ عظيم وذكى أو حقير وغبى فى كينونته فهو ما نقيمه نحن للأشياء .
- شئ غريب ان نعتبر الحياة بذات أهمية فقبل حياتى كان العدم ممتد فى أبعاد لا نهائية من الزمن وبعد حياتى سيمتد عدمى إلى المالانهاية لتكون حياتى بمثابة نقطة على مستقيم لا نهائى .. فلماذا كل هذه الجلبة ؟!
هناك فكرين تحسسا هذه الحالة أحدهما يستهلك الحياة فى التجهيز لحالة عدم ظنا منه أن العدم القادم سيحظى فيه على حياة وآخر يرى أن الحياة لا تستحق أن نبددها فهى طارئة ولا يجب أن نبددها فى عدم أو التجهيز للعدم .. كثيرون يبددون الحياة من أجل الإعداد لعدم قادم .
- السؤال لماذا نحن موجودون بالإشارة إلى الغرض والهدف مثل سؤالنا لماذا توقف مكعبا زهر الطاولة على الرقم أربعة في المرة الأولى وعلى الرقم ستة في المرة الثانية..الحقيقة لا وجود هنا لكلمة"لماذا" فالمكعبان توقفا عند هذه الأرقام كنتيجة لإحتمالية غير مخططة ذات إتجاه , نحن مثل مكعبات الزهر ولكن فى وجود حيّ مثل أى وجود حىّ لنتمايز بقدرتنا على قراءة زهر الطاولة والسؤال "لماذا " .
- معدن الذهب معدن كأى معدن فى الطبيعة ولكننا منحناه معنى وقيمة خاصة وتماهينا في هذا الوهم فتاجر ومشترى الذهب يعرفا قيمة الذهب ولكن عندما يموتا فلن يكون للذهب اى قيمة .. القيمة ليست فى الشئ ذاته بل نحن من نضع قيمة على الأشياء فقد إخترنا الذهب كمعدن نادر بعيد المنال لنخلق التمايز لتكون قيمة الذهب فى إسقاط معنى عليه يعتنى بالتمايز الفوقى بينما هو معدن فى النهاية ... كثيرا ما يتوه عنا معنى القيمة لنتصور أن للأشياء قيمة مستقلة عنا.
– لماذا فستان الزفاف أبيض وثوب الحداد أسود - ستستغرب لو قلت لك لماذا لا يكون فستان الزفاف أسود وثوب الحداد أبيض .
الالوان لا تمنحنا معانى وإنطباعات بل نحن نسقط على الألوان معانينا وإنطباعاتنا ليختار الجد الأول الأبيض لفستان الزفاف والأسود لثوب الحداد لتصبح معلومة وثقافة فتلتصق بأذهاننا.. هكذا هى الحياة تحمل اشياء ليست ذات معنى فى ذاتها لنسقط عليها الإنطباع والمعنى بشكل عشوائى لتصير فى يوم ما ذات استقلالية خاصة فيكون الابيض فستان الزفاف والاسود ثوب الحداد .. يمكن أن نجعل فستان الزفاف أسود وثوب الحداد أبيض .
- نحن لا نعتنى بالأشياء كونها ذات قيمة بل إننا وضعنا القيمة على الأشياء لذا يمكن أن ننزعها منها فعندما نجد أشياء تحقق رغباتنا وإحتياجاتنا فى الإشباع سنعتز بوجودها ونمنحها تاج القيمة لما منحتنا إياه .
لا يوجد شئ يحتوى على قيمة فى ذاته وكينونته بل نحن من نهبه القيمة كونه يفى رغبات تقترب منا ..لن تجد أى قيمة لشئ فى حياتك لو لم تضع فيه إحتياجاتك . إبحث عن قيمة فكرة الله فى وجودك فإذا كانت تفى رغبات وحاجات فلها قيمة بغض النظر عن وجوده أو عدم وجوده .
- لا يوجد معنى لأى شئ فى الوجود بذاته فهو إسقاط إنطباع الإنسان الحسى على الأشياء وفقا لمدارات ودوائر اللذة والألم حصراً ,ولا ينشأ المعنى بدون واقع مادى يسبقه ويؤثر فيه ليترجمه الإنسان فى معاني وإنطباعات خاصة ليتفق المجموع على نفس المعانى كمفاهيم ثقافية جاءت من تشابه التكوين النفسى والبيولوجى وتبادل الخبرات والتجارب الحسية.
- المعنى موجود فقط في عقل الانسان وحاجته وبدون الانسان وإحتياجاته لن يعتنى بخلق معنى لأي شئ ,فهل لنا أن نجد إجابة لسؤال ما معنى وجود نجم قطره يعادل 2000 مرة قطر شمسنا !!
لا معنى لهذا النجم لأنه ببساطة لا يوجد له أى تأثير على وجودى , فوجودي هو خالق المعنى لما يتراءى له من أهمية الأشياء.
- منذ أكثر من أربعة مليارات سنه ظهرت أول خلية ..فلننظر الى هذه الخلية ونسأل هل لها معنى ؟
بالتأكيد سنقول أن لها معنى حيث أنها نظام به أجهزة متناسقة تقوم بعمليات البناء والهدم والتكاثر .. في الحقيقة هذه الخلية ليس لها أى معنى حينما تواجدت من أربعة مليارات سنه حيث لا يوجد وعي ليحكم عليها بالمعنى -أليس كذلك .
- فلنفكر فى هذا التأمل : لماذا يوجد للمشترى 63 قمراً بينما لا يوجد عليه حياة بينما الارض التى تكتظ بالبشر لها قمر واحد , فما المعنى لإنارة المشترى بثلاثة وستون قمراً وهو مهجور .
تبرز ماهية المعنى من هذا المثال لذا نسأل للذين يتصورون أن المعنى خارج عن الإنسان وللذين يتشدقون بالحكمة والترتيب والنظام فأليس من الحرى أن يكون للأرض أقمار المشترى فهى الأولى بالإهتمام عن هذا الكوكب المهجور .فثلاثة وستون قمراً للمشترى وقمر واحد للأرض يعنى أن الطبيعة لا تبحث عن غاية ولا معنى لتفضح فى الوقت ذاته الإنسان ككائن برجماتى خالق المعنى , كما ستنهال بصفعة قوية لمن يتوهمون أن الإنسان مركز الوجود ,فالكون لم يُوجد من أجله .
- نحن وجدنا اولا ثم أبدعنا لحياتنا معنى فلا يوجد معنى يسبق وجودنا أو يعلوه فحياة الإنسان بلا معنى لأنه يستلم من الطبيعة وجوده كصفحة بيضاء لتبدأ في رسم خطوط حادة بلا إعتناء .
إن الإنسان هو المعيار الوحيد للمعاني و القيم لأنه الموجود الواعي الوحيد .لذا فهو صاحب مؤسسة الحكم والتقييم , فنحن نبدع بطريقتنا لنتماهى فى منتجاتنا الفكرية لينفصل الوعى عن إدراك إبداعه بتوهم أن الملعب له قوانين ونظامه الخاص .!!
- ليس للقيمة والمعنى أى حقيقة موضوعية فهى تقييمنا وذوقنا وتعبير عن إنفعالاتنا وتصوراتنا لذا لا توجد قيمة ذات حقيقة فلا يستطيع أحد أن يدعى حقيقة موضوعية للعالم فهى إسقاط لإنطباعاتنا الذاتية عليه .
إن إختيار الإنسان لقيمة ليس قرار نتاج معرفة صارمة , فالعلم لا يقدم قيم بل يقدم عالم مادى مجرد لذا فالقيمة والمعنى قرار كيفى يتكيف برؤية ذاتية .
- لو تأملنا أى مشهد وجودى بدون ان نُسارع بخلق غاية سنجده مشهد يقدم صوره ديناميكية للحياة لا تعتنى بوجود الإنسان وليس لها علاقة عضوية مع وجوده فلن يوجد مشهد حياتى واحد يكون حراك وجوده من أجل الإنسان كهدف وغاية له بل نحن من نقف أمامه لنتعاطى لنجعل منه غاية ومعنى .
- مشكلتنا فى فهم الوجود أننا نبحث عن الغائية والمعنى عند التعاطى مع المشهد الوجودى لنحاول خلق معنى وغاية للأشياء ليست موجودة فيها بذاتها وهذا ما يعطى رؤية شخصية للأشياء .. يمكن أن نتقبل هذا الخطأ فنحن لا نستطيع أن نستقبل الحياة كصور مجردة بلا معنى ولا غاية ولكن الإشكالية إعتبار ما تصورناه عن الغاية والمعنى ذات إستقلالية منفصلة عنا لتعطى فهم خاطئ للوجود.
-الغاية نتاج طبيعى لوعى أدرك عبثية الوجود من إدراكه للزمن وللحظة الماضية والمستقبلية فإدراكنا الواعى باللحظات التى مرت بنا ويقيننا أن هناك لحظات مستقبلية سنمر بها خلق فكرة الغاية فى الداخل الإنسانى لتتجاوز جهل وغموض يقتله لتتخلق غايات ومُسببات متهورة بلا داعى .
- فهمنا المغلوط للوجود أننا نعتقد أن الأشياء لها غاية سواء غايتها أو من يبث فيها الغاية.. نضع علامات إستفهام على الأشياء ونطلب غايتها بينما الأشياء وجودها فى ذاتها بلا غاية ولا هدف - نحن من نسقط الغاية والمبرر والهدف على الأشياء
- ما جدوى وجود الله بإعتباره موجوداً.. حاول التعمق فى هذا السؤال الصادم ستجد أن فكرة الإله ليس لها أى جدوى بدون الإنسان فلو نزعت العلاقة المتوهمة بين الإنسان والإله ستجد الإله فكرة عبثية بلا معنى ولاجدوى .الإنسان عبد الآلهة كضريبة يدفعها لجدوى وغاية ومعنى يبحث عنه .
خلق الإنسان فكرة الإله ليضع فيه معانى متوهمة تجعل لوجوده معنى ولو وعينا ذلك فلا معنى للبحث عن الإله كونه موجود أم لا فهو يكون موجوداً بجدوى وجوده وغير موجود فى إنتفاء جدواه حتى ولو كان موجوداً .
- فكرة الإله هى فكرة أسقط عليها الإنسان معانى كثيرة وستفقد هذه الفكرة قيمتها ووجودها بدون المعانى المصاحبه لها متى وجدنا إجابة لسؤال كيف نفهم الوجود و هل للوجود غاية أم نحن من نجعل للوجود معنى وغاية .؟!
مشكلة الإنسان مع الوجود أنه يفهم الوجود كما يريد وليس كما هو موجود .أى أنه لا يكتفى بالتعاطى مع المشهد الوجودى وفق علاقاته المادية فقط بل مضيفاً له إحساسه وإنطباعاته ومشاعره المضطربة المتباينة ليخلق غاية ومعنى خاص لديه.
- فكرة الإله فى أحد جوانبها الأصيلة تصادم الإنسان مع اللامعنى فصعب عليه أن يعيش فى حالة تصادم مع وجود مادى أصم ميت لذا جعل المصائب والكوارث العشوائية كائنات وجودية حية وعبدها ثم إعتبرها أقدار وترتيبات مرسلة من الإله تعنى الإختبار والغضب ليستثمر بعض البشر هذه الرؤية.
مشكلة الإنسان منذ البدء انه رفض وجود العالم بلا معنى وبلا غاية فإستصعب وجود غير معتنى ولا منظم فخلق من يعتنى ويرتب ويلقى بقشرة الموز فى طريقه.
- يمكن إعتبار إيمان الإنسان أيضاً بحضور قوى خارقة ميتافزيقية مشخصنه عاقلة فى كافة العصور حتى عصرنا الراهن بالرغم مما أتاحه العلم من معرفة العالم المادى ليس لسريان الفكرة البدئية أن لكل صنعه صانع عاقل بل هناك حالة من الغرور والمحورية والمركزية تستنكف ان يكون وجودنا نتاج تأثير قوى مادية جامدة عمياء ... لا نستسيغ ان يكون سبب إمتناننا أو إمتهاننا لجماد فخلقنا الإله العاقل مثلنا.
- بإمتلاك الإنسان الوعى أدرك أن وجوده مفارق للطبيعة وأنه فى حالة مُتقدمة مُتميزة مُغتربة عنه , فهو الوحيد القادر على الإدراك وتسجيل المشاهد والرصد وتحديد المواقف الحسية والوجدانية ,ليتولد فى داخله إحساس بمحوريته للوجود فهو العاقل والمتميز الوحيد وسط طبيعة غير عاقلة .
- نتصور بأن الوجود جاء من أجلنا بينما نظرة بسيطة على عالم ما تحت البحار ورؤية أخرى على مشهد الكون سنجد أن وجودنا تافه لا يحمل أى مظهر من مظاهر التمايز والإحتفاء والإهتمام بوجوده .
الطبيعة لا تحاسب أحد على غروره وأوهامه وتصوراته البائسة فهى غير عاقلة وغير معتنية ولكن الفكرة المغرورة الواهمة ستخدع الإنسان ذاته لتصرفه عن فهم حقيقى للوجود .
- يتصور الإنسان أن الشمس تشرق وتغرب لتبعث الدفء في بني البشر ,والمطر يهطل ليسقي الزرع والضرع ، و النبات ينمو ليتحول غذاء ، والرموش وضعت لحماية العيون من التراب، ليعتبر هذا إعتناء من صاحب غاية سخر له هذا ولتضع هذه الرؤية البشر في مركز الكون ليأتى العلم ليسقط هذه الرؤية المركزية ويصفع الإنسان ليستفيق ولكن للأسف الكثيرون مازالوا فى غفوة فهم لا يريدون الإرتطام بمادية الوجود .
- الشمس كانت ولا تزال تشرق وتغرب منذ أربعة بلايين عام وستظل تفعل ذلك بوجود البشر أو بدونهم إلى أن ينتهي وقودها بعد 4 بلايين عام أخرى فهي لم تتواجد من أجل البشر، فهي تفعل ذات الشيء على الكواكب الأخرى الخربة كذلك نجد فى هذا الكون الشاسع ملايين النجوم التى تتأجج بلا طائل .
ليس هناك غاية من شروق الشمس وغروبها سوى أنها جزء من طبيعة الشمس وليس هناك غاية من حدوث الزلازل سوى أنها جزء من طبيعة الأرض ، إن البراكين و الزلازل تحدث على الكواكب الأخرى فهل تحدث لعقاب للكفرة أم تحدث بدون معنى ولا غاية .
- الإنسان يعتنى بأهمية ومحورية وجوده ليسقط هذا فى الأديان ليكرس وهمه , فجعل خلق الكون والسموات والأرض والحيوانات والطيور والنباتات من أجل تجهيز المسرح للإنسان كبطل وحيد متفرد ينعم بها " الله الذي خلق السموات و الأرض و انزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار ، وسخر لكم الشمس و القمر دائبين و سخر لكم الليل و النهار" - فهدف قصة الخلق هو تأكيد وهم الانسان كمحور للوجود فلنا أن نتأمل الأرض التى لا تمثل أكثر من حبة رمل فى صحراء الكون الشاسعة تحتل المشهد كاملاً فى أسطورة الخلق لتتحرك كل المشاهد من أجل هذا الإنسان الذى يتحرك على سطح حبة الرمل , بل لم تكتفى الأمور بهذا المشهد لتطال الكائنات السمائية فقد أجبرها مُبدع الأسطورة على السجود لآدم كإعلان لتفرده وسيادته ومحوريته , ويأتى رفض الشيطان السجود لآدم فى منحى تجريم وإقصاء من لا يعترف بمركزيته فيكون النبذ والجحيم إستحقاقه من الإنسان الإله .
- فكرة الروح تصطبع بنرجسية الإنسان ,فالإله نفخ فى الإنسان من روحه بينما لا نجد أى مشهد لبث الروح فى الحيوان بأسطورة الخلق فهم ليسوا بذات إعتناء لتجد المؤمن بعد أن يعتمد قصة الروح كتفسير للكائن الحى لن يستسيغ أن ينفخ الإله نسمة الحياة فى الصراصير والبراغيت فهو المحور ولن يقبل أن يشاركه أى كيان هذه المحورية .
- الإنسان خلق صنمه من إحساسه بمحوريته للوجود ,فخلق المعنى والقيمة والغاية ليجعل لوجوده تميز ومعنى لتبقى مشكلته فى عدم إدراكه بأنه الخالق والمنتج الوحيد للمعانى والإنطباعات والقيم ليفصلها عنه ويجعل لها وجود وكينونة مستقلة ثم يتوجه لعبادة هذا الصنم الذى أنتجه كعبادة لذاته ومن هنا جاءت الخرافات والميثولوجيات والأديان كتمظهر للأنا المتحققة فلا هو إيمان بإله ولا يحزنون .
- أتصور ان الإنسان باحث دائم عن صنم ليخلق عشرات الأصنام التى تخضع كلها للصنم الأكبر الذى هو ذاته فكل الإيمانات والمعتقدات والأفكار تقدم القرابين للصنم الأكبر الذى هو ألوهية الإنسان , إنها فكرة جنونية فى إيجاد المعنى بلا كوابح .
- الفكر الدينى يعتبر محورية الإنسان حجر الزاوية الذى يضمن الإيمان بمنظومتها لذا فهى تجد حضور فى نفوس المؤمنين بأنهم ذو أهمية وإعتناء خاص فكل الترتيبات السمائية والأرضية تم تجهيزها خصيصاً لهم وعلى أفضل صورة وهذا يمنح الإنسان أن يُداعب نرجسيته وينهل من مخدر الغرور الذى يصرفه عن بؤسه وعجزه فى الوجود .. بالطبع هذه الوضعية المتوهمة ستكون اكثر قبولاً بدلا من صفعه تنهال على وجهه بأن الوجود غير معنى به وهو ليس بذات أهمية , فالوجود سيبقى ينتج مشاهده بلا إهتمام ولا إكتراث لوجوده ولن يعنيه كونه يَعي هذا أم لا .. لذا نجد الإيمان أكثر قبولاً فى الشعوب التى لم تتخلص من طفوليتها وغرورها ولكن تبقى الإشكالية الكبرى فى هذا الإستعلاء والغرور الذى يمارس فعله ليترجم ويكرس للتمايز والنبذ والعنصرية
- الإنسان نتيجة إمتلاكه الوعى القادر على رصد المشاهد الوجودية وإسقاط إنطباع عليها توهم أن له قيمة إفتراضية بأنه الأعلى وصدق نفسه، فأخذ يسعى لتحقيق ما افترض وجوده، بينما قيمته الحقيقية لا تزيد عن قيمة أى وحدة وجودية سوى أنه امتلك القدرة على الرصد وإسقاط معانى وإنطباعات من ذاته .
- من مفاهيمنا المغلوطة عن المعنى والغاية أننا لم نجد غضاضة فى القول ان الإنتخاب الطبيعي هو انتخاب الطبيعة لسمة معينة لتستمر عند بقاء وتكاثر حاملها ، ويكون البقاء للاصلح والاقدر على التكاثر
هذا الوعى ملتبس فالطبيعة لا تنتخب شيء لأنها غير واعية وليس لديها تمييز لتنتقى هذا وتترك ذاك كما لا تنحاز للأقوى فهى غير واعية كما ذكرنا فالكل سيان فليبقى من يبقى ويزول من يزول فالطبيعة لا تنظر ولا تفرق بين الحمار والدودة والإنسان لنقول أن من يستطيع ان يتعايش فى ظروفها طبيعتها المادية سيبقى ومن لم يستطع سيندثر.
هنا يصل وعى الإنسان المتوهم حدا ليفهم هذا القانون المادى بطريقة مغلوطة فيتصور الطبيعة تنتخب . نحن نقع في فخ الإسقاط ، حيث نتخيل الطبيعة بوعي مثلنا ، ونتخيلها وهي تستخلص المعنى بين النظام والعشوائية وتنتقى الأجود والأقوى .
- لا غاية للحياة بأن يموت طفل ويحيا صرصار فليس لدي الطبيعة مشكلة وإعتناء بهذا أو ذاك ولكن هذا الإدراك بالطبيعة والحياة لو تغلغل فى ثنايا وعى الإنسان سيصيبه بالعدمية ويكون الإنتحار أفضل من الإستمرار فى تلك المسرحية العبثية فاقدة المعنى والغاية لذا نحن كبشر مدفوعين نحو إرادة الحياة ولبحث عن معانى وغايات للحياة لنستهلك ذاتنا فيها وننصرف عن عبثيتها لذا جاءت فكرة الإله حتى لا نتساوى مع الصراصير والديدان .
- اعتقد ان فهم الإنسان للوجود وتحرير دماغه من كل الخرافات والميتافزيقيا يتم بفهم ماهية المعنى والغاية ,فلو ادرك أنه المصدر الوحيد المحتكر للمعنى والغاية والقيمة فستنهار كل الأوهام والخرافات ولن يعد يحتاج للبحث عن كيفية جاءت البيضة .
- إن إفتقاد المعنى مرعب لمعظم الناس حسب ثقافتهم المستوحاة من الفهم الميتافزيقى ولكن لا ينبغي أن يكون مخيفاً ومقلقاً عندما ينظر إليه كفرصة لفهم الحياة بجميع مظاهرها المتنوعة كما هى. إن القليل من التواضع يزيل الآمال الزائفة والوعود الفارغة ويخلق فرصة لنرى العالم بعيون نظيفة معبرين عن ذواتنا كأبناء الطبيعة لنعبر عن أنفسنا بصدق فى سبيل تطور وتبنى قوانين أخلاقية جميلة وهادفة لجنسنا البشري..عندما نتحرر من الخرافات والأفكار الخاطئة نستطيع حينها أن نخلق المعنى والغاية الخاصين بنا .
- إن إدراك اللامعنى واللاجدوى لا يعني قبول عالم عشوائى جامد بارد خال من الدفء والأمل فنحن لابد أن نعيش الحياة بمعنى وغاية ولكن فلتكن متحررة من قبضتنا العنيدة المتشنجة أو للدقة من قبضات الآخرين ونظرتهم المتعصبة للمعنى وفقا لرؤيتهم وأوهامهم ومصالحهم ليحولوا المعنى والغاية والقيمة أصنام مستقلة عنا. فلنخلق لنا قضايا ذات إعتناء وجدوى نعبر فيها عن وجودنا .
- السؤال "كيف ينبغي أن نعيش" ليست هبة ولا قانوناً للطبيعة ينتظر أن يتم اكتشافه، بل مستمد من خلال مكاننا الطبيعي في الحياة بإرادة الحياة ولن يستطيع الإنسان نيل حريته وتحقيق وجوده إلا إذا حطم قيود الوهم وخلق معانيه وغاياته ولم يسجد أمامها كأصنام .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.
- قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوا ...
- سأكتب لكم خطاياكم-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- القبح ليس سلوك شخصى بل ثقافة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- تنبيط –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك ...
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.