أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.













المزيد.....

قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 17:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالرغم أن هناك الكثير من كتاباتى تحثنى على النشر إلا أن خبر حظر الدين الإسلامى بأنجولا شد إنتباهى لأتوقف أمامه مستنكراً وأتحسس فى ذات الوقت أن المشهد الأنجولى ينتج رؤى مهمة تستحق الإعتناء فلا نقل أن أزمة مسلمى أنجولا قضية بعيدة عن همومنا فحرى أن نعتنى بمشاكلنا وقضايانا أولا وما أكثرها قبل التعاطى مع قضايا الإخرين .
قبل التطرق لتحليلى وتساؤلاتى التى سأطرحها لتلمس وعى بحال الواقع الإسلامى يجدر الإشارة إلى خبر حظر النشاط الدينى الإسلامى فى انجولا والذى لن نتوقف أمامه كثيرا لنخوض فى عموم الحالة الإسلامية حاضرها ومستقبلها وأين تبدأ الخيوط وتنتهى.
-----
" فوجئ العالم الإسلامي يوم الاثنين 25 نوفمبر 2013 بإعلان وزارتي الثقافة والعدل في أنجولا حظر الديانة الإسلامية بالبلاد، وما رافق ذلك من إجراءات تضمنت إغلاق العديد من المساجد في جميع أنحاء أنجولا، متجاهلاً حق الجالية المسلمة بحرية العقيدة الذي يكفله دستور البلاد.
وجاء في القرارات التي نقلتها وكالة الأنباء الأنجولية (أنجوب) عن وزيرة الثقافة روزا كروز داسيلفا: إن الإجراءات الجديدة هي وسيلة لمحاربة الجماعات الدينية الجديدة، التي تتعارض مع عادات وتقاليد وثقافة أنجولا، و"بما أن وزارة العدل وحقوق الإنسان لم تقنن ممارسة المسلمين لشعائرهم بعد، فإن المساجد (لا يتواجد إحصاء بعددها) سيتم إغلاقها حتى إشعار آخر".
وأضافت وزيرة الثقافة قولها ان هذه الاجراءات لا تنطبق على الطائفة الاسلامية وحسب بل انها تنطبق بالأساس على كنائس وطوائف «تتعارض مع عادات وتقاليد الثقافة الأنغولية».وبموجب هذه الاجراءات فقد تم حظر نشاط 194 منظمة دينية على الأقل.من جانبها أعلنت صحيفة «او باي» عن اغلاق العديد من المساجد في جميع انحاء انغولا. من جهتها ذكرت صحيفة «ذي لاس فيغاس غارديان اكسبرس» الأميركية انه في الوقت الذي يضمن فيه الدستور الأنغولي حرية الدين لجميع المواطنين فان هذا الحق استثنى أتباع الديانة الاسلامية المحظورة حاليا وفقا لصحف عديدة في انغولا. وأكدت الصحيفة انه تم حظر الدين الاسلامي، لتكون انغولا أول بلد في العالم يتخذ مثل هذا الموقف القاسي ضد المسلمين. ونقل المصدر ذاته عن وزيرة الثقافة الأنغولية قولها ان قرار اغلاق المساجد هو الخطوة الأخيرة في جهود البلاد من أجل الطوائف الدينية غير المشروعة»
-----
لا أميل لتناول أى مشهد بالغرق فيه إنفعالياً ليتحول إلى بكائية ولطم على الخدود لتتلاشى أى قدرة على الفهم والتحليل والمعالجة ليتشرنق المشهد على ذاته فى حيز إجترار المشاعر لينتهى عند هذا الحال لنبدأ بعدها فى إستقبال مشهد مأساوى آخر نعيد معه الصراخ والنحيب .
تتداعى تأملاتى لتحلل المشهد والواقع الإسلامى العام وآفاقه لتتحسس مشارف مستقبله ولتقفز الأسئلة تطلب التعمق فى الحالة الإسلامية لتسأل هل الإسلام جانى أم مجنى عليه .. هل الإسلام خطر على المجتمع العالمى أم هو فى حالة خطر يعانى الإضطهاد والحصار والتشويه , أجد القضية بالفعل جديرة بالتحليل والبحث فالأمور أصبحت على المحك تنبأ بالمزيد من التداعى .
قضية حظر الدين الإسلامى وغلق المساجد ومنع الصلوات مُستنكرة كإنتهاك صارخ لحقوق الإنسان ولكن لا يجب الوقوف امامها كمشهد مستقل فأنا أتوقع المزيد من عمليات الإستقطاب والتناحر بين المسلمين والمجتمع العالمى وسيأتى الإسترسال فى هذه الرؤية لاحقاً .
خلفيات حظر النشاط الدينى الإسلامى والإقدام على هدم المساجد فى أنجولا بدعوى البناء بدون ترخيص يترجم خطايا كثيرة لا تكتفى الحكومة الأنجولية بحملها بل تتحملها التيارات الإسلامية بغباءها وتعصبها فى خلق فوبيا مبالغ فيها من الإسلام تصل إلى مشارف جنوب القارة السوداء لتخلق توجس وقلق لدى حكومة انجولا بتصاعد خشيتها من أن تنال حظاً من التطرف الإسلامى ومناوشاته لتصبح الأقلية المسلمة صداع مستقبلى مُنذر بعواقب وخيمة .
سيستاء الكثيرون من فعل حكومة أنجولا فلن يشفع توجسها من نشاط جماعات أصولية متشددة أن تحظر وتضطهد شريحة مجتمعية إسلامية تمثل 5% من شعبها فهذا القلق لا يبرره الإقدام على إنتهاك حق المسلمين فى إقامة شعائرهم فهو حق أصيل ينتهك حقوق الإنسان لا يمكن التفاوض حوله أو قبول مبرر يشفع له . كما لن يخفف من حدة الإنتهاك الحادث للمسلمين حظر جماعات دينية أخرى .

من السخف التبرير بأن ظهور جماعات متشددة أو توقع نشاطها دفع حكومة انجولا لحظر حرية وحق المسلمين العاديين فى التعبد , ومن السخف أيضا تصوير الأمور فى إطار نزعات عنصرية دينية قميئة تختزل المشهد فى منظور صليبى يستهدف الإسلام والمسلمين ,فليس هناك تاريخ من الممارسات الممنهجة للنيل من المسلمين فى أنجولا كما أن تواجدهم ليس حديثاً بل من القدم , فما الدافع لأن تقلب الحكومة الانجولية الطاولة عليهم فالتركيبة الجيوغرافية لم يعتريها التغيير علاوة أن شعب انجولا ليس مهموماً بالشأن الدينى كحالنا فله تاريخ مع نظم حكم ماركسية لذا لن تجدى الإسطوانه المشروخة عن التعصب الصليبى ضد الإسلام ليس لتهافتها وغباءها فالمجتمعات الإنسانية لا تتطاحن وتحارب سواء قديماً أو حديثاً من إجل إعلاء صليب أو هلال بل لمصالح مادية لذا لم يبقى لنا سوى توجيه أصبع الإتهام لنشاط التيارات الإسلامية المتشددة الذى دفع الحكومة الانجوليه لهذا التصرف غير المسئول .
لا أريد الغرق فى المشهد الانجولى سواء إستنكره البعض أو تلمس البعض له الأعذار أو وجدها الصقور إثباتا لسلامة نظريتهم بعدم قدرة الإسلام على التعايش السلمى ليبقى المشهد الأنجولى نموذجاً داعياً لمزيد من البحث عن حال الإسلام والمسلمين فى العالم ومدى تأثيرهم على الواقع وماهى آفاق مستتقبلهم .

أرى الإسلام الأصولى السياسى يتحرك بغباء فى ملعب توجهات مصالح عالمية إستراتيجية تسعى لخلق فوبيا من الإسلام كعدو جديد للحضارة الغربية فتجيش المشاعر لرفضه بإعتباره ممثلا للإرهاب العالمى وتشحذ القوى لمواجهته ليتحول الإسلام لميدان ضرب نار يمارس الأغبياء فى حكومة أنجولا الإنسياق له بالنزول لهذا الميدان فى إطار واقع إرهاب وتطرف إسلامى تضخمه ميديا غربية بخطورة الوجود الإسلامى لنحظى فى النهاية بمشهد عنصرى كحظر الإسلام فى انجولا.
هناك مشاهد كثيرة جديرة أن نتأملها ونحدد رؤية مُنصفة من خلال تفحصها فهى مشاهد متكررة فجة تتفرد بها الحالة الإسلامية فى الأربعين عام الماضية لنسأل
لماذا الإرهاب العالمى أصبح ذو هوية ومزاج وهوى إسلامى .؟!
لماذا الأقليات والجاليات الإسلامية أكثر الأقليات إثارة للقلائل أو قل التصادم فى البلاد التى تحتضنها .؟!
لماذا يستأثر المسلمون بكل نصيب العالم من النعرات الدينية والطائفية والمذهبية فى البلاد التى يكونوا فيها الأغلبية .؟!
لماذا لا توجد رغبة للمسلمين فى التعايش داخل وطن واحد مع معتقدات اخرى فنموذج انفصال الباكستان عن الهند وإشكالية الكشمير الحالية والحبل على الجرار.؟!
لماذا يتفرد المسلمين فى أوربا وامريكا بحالة رفض لتلك المجتمعات تصل للكراهية والعداء لتخلق ما يشبه الجيتو المتشرنق لنسمع صيحات رفض وتكفير لتلك المجتمعات التتى تحتضنهم .؟!
ما معنى وما تفسير ان بعض الإرهاب الإسلامى جاء من أبناء الجيل الثانى بل الثالث للمسلمين فى أوربا فكيف نبرره فى ظل أجيال عاشت كل حياتها فى ظل مجتمعات غربية منفتحة متمدينة اتاحت كل فرص الحرية والحقوق , وما معنى إنعدام هذه الحالة فى جاليات عرقية ودينية أخرى .؟!
لماذا المسلم الوحيد فى العالم الذى يبحث ويعتنى بمعرفة إيمان الاخر ليفتش فى هويته الدينية الايمانية .؟!
لماذا المسلم أو للدقة المسلم المؤدلج هو الوحيد فى العالم الذى يفسر الصراعات السياسية على أرضية دينية .؟!
لماذا يعتبر المسلم هويته الإسلامية تتعالى على هوية الوطن .؟!
لماذا ولاء المسلم لنظيره المسلم حتى لو اختلف عنه فى الوطن عن ولاءه لبنى وطنه المختلفين معه فى العقيدة .؟!

هناك اسئلة عديدة للحالة الإسلامية تستمد صورها من تكرارها فى الواقع لتجد لدى الناعتين الإسلام والمسلمين بالإرهاب وعدم القدرة على التعايش السلمى فى المجتمع الإنسانى حجة قوية ولكن يجب أن يفطنوا أن الأسئلة السابقة لا تعنى عموم المسلمين بل المؤدلجين دينياً ومن تأثر بنهجهم وثقافتهم الدينية. وحسب تفسيرى نتاج حال مجتمعات إسلامية مأزومة نفسياً وإجتماعياً وليس تفرد الثقافة فى التشكيل ..عموماً لم يكن لنا أن نسأل تلك الأسئلة فى الماضى فلم يكن حضور الثقافة الإسلامية حاد كما فى الحاضر , فلم نكن لنقول بإرهاب إسلامى قبل خمسين عاماً وهذا يعنى أن هناك وافد جديد قديم أدى لتصعيد الحالة الإسلامية لتصل لتلك الصورة الفجة.
أرى توصيف الإسلام بالإرهاب والكراهية والعنف لأن ثقافته شديدة الحدة هو توصيف غير دقيق , فالدين شئ معنوى لا ينتج أى فاعلية بدون البشر الذى يُفعلونه ,بمعنى أن تكون لدينا دين ذو شرائع شديدة القسوة ينصرف عنه أتباعه فهنا الدين ظل هكذا فى وعاءه المعنوى التاريخى وهذا من الأهمية بمكان لتحديد جهة الإتهام فبدون بشر لن يُفعل الدين لندرك من هذا أن صعود التيارات الأصولية السبب فى ظهور الحالة الإسلامية بشكلها العنيف المتزمت الإرهابى .
لا ننفى أن التراث عنيف وجد فيه المحبطون والمشوشون والمهمشون ملاذهم لذا عندما نردد دوما الإسلام دين إرهابى فكأننا بذلك نتشاجر مع التاريخ لننصرف عن الفاعل الحى الذى يستحضره , فهو تاريخ فى النهاية نتاج ظروف موضوعية لإنسان قديم معبراً عن وعيه وإدراكه وتطوره ومنظومته الثقافية وسيبقى تاريخ بدون أن يستحضره أحد محاولاً إسقاطه على الواقع .
تصاعد التيارات الإسلامية الأصولية بكافة تنوعاتها من سلفية وجهادية وتكفيرية هى السبب الوحيد والمتفرد الذى أفرز الحالة الإسلامية الحالية والتى أنتجت كل المشاهد السابقة من تطرف وإرهاب وإستقطاب ونفور وتشرنق وخلق عداوات مستلهمين هذا من التعاطى مع التراث حرفياً فلم يعتنوا بعامل الزمان والمكان تحت دعوى المقدس الصالح لكل زمان ومكان .

إذا كنا نشير بإتهام واضح للتيارات الأصولية أنها سبب البلاء الذى حل على المسلمين فكأننا نشير إلى الدمى التى تتحرك بالريموت كونترول أنها السبب فى تخريب محتويات البيت لنتغافل عمن أمد الدمية بالطاقة وأتاح لها إمكانية الحركة ..فالسياسة الغربية هى من انتجت ودعمت وشجعت ظهور الجماعات الإسلامية المختلفة وحددت الأطر التى تتحرك فيها لتمسك بالريموت وتدعها تلعب أمامها فى الملعب الذى حددته .. قد يتصور البعض هذا الكلام مبالغ فيه غارق فى نظرية المؤامرة التى يستهويها لعن الغرب عند كل نازلة مبرئة ثقافتنا وشعوبنا من التخلف والهمجية فنظرية المؤامرة مُفردة ثقافية أصيلة فى ثقافتنا المتخلفة ننفرد بها عن كافة ثقافات شعوب العالم .
بالطبع لا يكون إدانتنا للغرب إنسياقاً لتلك الترهات فالأمور لا تتم بشكل ساذج وكأن هناك اتفاق وتحديد أدوار تم فوق الطاولة وإن كنا لا ننفى بالفعل بوجود صفقات وتوجيهات مباشرة ولكن فى المجمل تتم الأمور بشكل ذكى لتلعب فى المربع الذى أريدك ان تلعب فيه فلن يتم توجيه أوامر ورسم الخطط لتنفذها بل من دراستى لطبيعتك وثقافتك وميولك ومزاجك وتركيبتك النفسية والذهنية وحدودك سأتوقع مداراتك وآفاقك وإلى أين تتوجه تحركاتك متى تم إستفزازك أو اللعب على أوتارك لتلعب دون أن تعى الدور المأمول منك وتتحرك فى المربع الذى أعلمه لتكون محصلة حراكك تحقيق أهدافى ومصالحى بغفوتك .
يمكن توثيق عمالة التيارات الإسلامية المتشددة للغرب والتى بدأت بإستلام إنجلترا هذا الملف لينتقل بعدها للولايات المتحدة من خلال بحث ننشره لاحقاً عن تلك العلاقات السرية والعمالة المباشرة ,ولكن يهمنى التركيز على التطور الحادث فى أداء المخابرات فلم تعد الامور تعتمد على الصفقات والتوجيهات المباشرة للعملاء المباشرون وإن ظلت متواجدة لتعتنى بدراسات دقيقة للشعوب كثقافة وأوضاع سياسية وإقتصادية إجتماعية تاريخية ونفسية وميول ومنهجية تفكير ليقوم بمراقبة هذا جيش من الباحثين والخبراء فى مراكز دراسات إستراتيجية لإستنتاج المواقف وحراك المستقبل ونجد مثال التصريح الذى أطلقته كوندليزا رايس منذ ثمان سنوات فى إحدى محاضراتها بأن المنطقة العربية تتجه نحو حراك أسمته "الفوضى الخلاقة " فلا تكون هذه نبوءة وحالة تنجيمية لما أطلق عليه ثورات الربيع العربى بقدر ماهى دراسات كثيفة لحال الشعوب العربية.

يمكن أن نعطى مثال عملى آخر بغزو أمريكا للعراق فلم يكن يعلم أحد بأن العراق يتكون من شيعة وسنه وأكراد لذا رأت امريكا تصعيد التناحر السنى الشيعى فهو الكفيل بتمزيق العراق ليتم اللعب على الخلافات العميقة بين أصحاب المذهبين وتتولى الثقافة القديمة الحضور والقيام بالمهمة بأكملها أى أن أمريكا تلمست الشفرة التى تفتح المجال لتصعيد عداوات من خلال إحياء نهج ثقافى قديم مستوطن فى أن يطل برأسه لتقوم الجماهير بالدور التناحرى على أكمل وجه بما لديها من ميراث صراعات وثقافات قديمة تم إستنهاضها لذا عندما ترفع يدها عن الزنبلك الذى يحرك الدمى , فالدمى تتحرك تلقائيا وليست بحاجة لقوة دفع من الزنبلك ثانية .
التيارات الاصولية تنمو وتزداد ليست بقوة أمريكا ودعمها وليس بقوة حضور التراث الاسلامى فى نفوس المسلمين التى نتصور أنها تهفو لاحتضان التراث والتمثل فحسب بل نتاج العزف على أوتار نفوس مُحبطة مُهمشة وجدت طوق خلاصها فى التشرنق داخل الدين بعد إنهيار مشاريع تنموية أو قل غياب كامل لأى مشروع اجتماعى نهضوى ينتشلها من حالة الاحباط والتهمييش لتجد سلواها فى الدين أو قل ملاذها الوحيد لذا نلاحظ أن المواطن الذى يعيش فى مجتمعات لديها مشروع اجتماعى لا يتم دعسه تحت نعال السلطة أو سحق إحتياجاته الإنسانية لن يطلب شرنقة وحل ديني .

- آفاق المستقبل ورؤية إستشرافية .
أرى نواتج حراك التيارات الإسلامية السياسية ليس فى مصلحتها ولا للشعوب الإسلامية بمعنى أن محصلة تحركاتها الصاخبة تصب فى مصالح وخطط غربية فلا تجنى الشعوب سوى الخراب والدمار , فصحيح أن التيارات والقوى الإسلامية ذات رؤية منهجية واضحة مخلصة للدين وإن كنت أعزيه لحالة نفسية متأزمة سيأتى الحديث عنها لاحقاً ولكن نواتج حراكها وفعلها سيأتى بإستجلاب العداء والعزلة والحصار وإيجاد مبررات قوية لدى الغرب بتهييج العالم على الإسلام وتصنيفه بالإرهاب والشراسة مما يعنى حصار للشعوب لتصب الأمور فى نهاية المطاف فى خدمة مصالح وسياسات غربية تسعى إلى خلق عدو .
التيارات الإسلامية السياسية تمارس فعلها وصراعاتها فى الغالب بدون وعى بما سيجلبه عليها فجموح التيارات التكفيرية والجهادية نحو الحدة والعنف والتزمت سيعطى عواقب وخيمة ترغبها قوى مضادة ليمارس هؤلاء الأغبياء دور عمالة كالدبه التى قتلت صاحبها.
هناك عمالة أخرى تؤدى دورها بوعى كما فى عمالة أنظمة أصولية وهابية كالسعودية ودول الخليج ,أو عمالة تنسيقات كما فى أحزاب إسلامية كالأخوان ليتحرك الجميع فى إطار رؤى أمريكية تخدم المصالح الأمريكية والغربية فكما قلت أن الغرب لا يقتصر تعامله مع الشأن الإسلامى بشراء العملاء وتسخيرهم بل يعتمد فى الأساس على القادر بتفعيل التراث والثقافة الإسلامية ليكون له الحضور والفاعلية والهيمنة لتقوم الثقافة الدينية بإنجاز الفرقة والخراب والتخلف بيدها كمثال العراق الذى أشرت له ويمكن إضافة الكثير من المشاهد التى تثقب العيون الغافلة كإنفصال الجنوب السودانى فبدلا من الإحتضان والتوصل لصيغة حياة مع شريحة عرقية إثنية دينية مهمشة فى إطار مشروع وطن واحد تم رفع شعار قتال الكفار .
يلزم هنا أن نشير إلى رؤية المصالح الأمريكية لمنطقتنا وتعاطيها مع الشأن الإسلامى فلديها رؤية مزدوجة وكأن الجسد الإسلامى بلا عقل لتشده فى الإتجاه الذى تريده فهى تحتضنه حيناً بحب وتصفعه وتركله فى نفس الوقت !
تدلل الولايات المتحدة الحالة الإسلامية منذ القدم وحتى الآن كوضعية تخدم مصالحها وسياساتها وإستراتجيتها فهى تحتضن القوى والتيارات الإسلامية متى تحركت فى مسارات مصالحها لتسمى هذه الحالة جهاداً ,والمشهد الأفغانى مازال فى الذاكرة حيث التحالف والدعم الهائل لتيارات إسلامية متشددة لتحقق حلم لم تتصور أمريكا تحقيقه بتفكك الإتحاد السوفيتى لتكون أى أثار جانبية ناتجة من رعاية الحيات الإسلامية شئ بسيط يمكن تقبله أمام المكاسب الهائلة التى تم حصدها بالتفرد بالعالم وإنهيار الإمبراطورية السوفيتية الضخمة بل حتى هذه الخسارة ستتحول لمكسب بخلق عدو جديد وميدان لضرب النار .– يرجى العلم أن أفغانستان لم تكن السبب الوحيد لتداعى الدولة السوفيتية بل يمكن القول أنها القشة التى قصمت ظهر البعير .

الأصوليون الإسلاميون حققوا مكاسب للسياسات الامريكية لم تكتفى بتسخير الصراع الأفغانى بل فى محاصرة القوى المدنية واليسارية المناهضة للمخططات والمشاريع الأمريكية لتنجح فى الكثير من البلدان فهذه مكاسب كبيرة أيضاً سواء تمت بفعل تلك التنظيمات التى تم إطلاقها من أنظمة حكم أو بدعم مادى من أنظمة خليجية فقد أدى كل العملاء الواعين والغافلين دورهم ببراعة .
يأتى المكسب الأكبر للمصالح والخطط الأمريكية الصهيونية من تيارات الإسلام الأصولى أنها بمثابة المعول الذى يهدم بيته بيده فهو فاقد لأى قدرة على التنمية والنهوض ليس بحكم قلة خبراته فحسب بل لإفتقاده لمنهج عصرى فى الإدارة كونه يستمد نهجه وإستراتجيته من تاريخ قديم كأسلوب حياة فى واقع مغاير ليفشل بالتأكيد فلا يكون أمامه إلا الإذعان والتسليم بالقيام بدور التشهيلاتى من خلال دور رأسمالية طفيلية لا تقدم شيئا ولا تستطيع التخلى عن الغرب وليدارى إخفاقه أمام الجماهير المتوسمة فيه خيراً بتصعيد قضايا إستقطابية ونعرات طائفية ليصب هذا فى مصلحة الغرب مرة ثانية بوقوع تلك المجتمعات فى مستنفعات التخلف والتشرذم والتشتت فلا تستطيع الوقوف ثانية فى صد المصالح الغربية والإسرائيلية التى تنهش لحمها.

الغرب يتعاطى مع الإسلام بالتدليل والرعاية لتحقيق مصالحه سواء فى تحقيق مصالح وسياسات مباشرة أو بجر الشعوب الإسلامية إلى المزيد من التخلف والتبعية ورغما عن تلك المكاسب الهائلة فالرأسمالية العالمية البشعة لا ترحم ولا تدرك الجميل ليتم وضع الإسلام كعدو فخانة الأعداء فارغة بعد تفكك الإتحاد السوفياتى ولا توجد سياسات ومصالح تعيش بلا أعداء فلنحضر أصحاب العمامات والرايات الخضراء ليكونوا أعدائنا ومنها تتحرك وتنشط السياسات والمخططات وشركات السلاح ويكون التعاطى مع هذا العدو الإسلامى الكرتونى البائس بذكاء فلنحرص على خلق ما يسمى بإسلام معتدل وإسلام متطرف يحافظ على حلفائنا حتى إنتهاء دورهم ولا يهم من يجلس على منصة الحكم سواء بلحية أو بغير لحية طالما قادر على السير وفق مخططاتنا ولكن فى النهاية سنروج أمام شعوبنا وشعوب العالم فوبيا الإسلام لينتج فى النهاية مشهد كحظر الإسلام فى أنجولا من فوبيا تم تصعيدها .
هذه هى رؤيتى وتحليلى للحالة الإسلامية السياسية والتى أرى أنها تهرول نحو الخراب وتلح على تدمير شعوبها بغباءها وسوء فهمها وعمالتها الغبية الغير واعية لتصب فى مصالح وسياسات رأسمالية حريصة على وجود عدو ميدانى لضرب النار لأقول أن هذا العداء المُختلق هى تصورات الإمبريالية العالمية للبقاء
أتصور ان العالم مقبل على حالة تصعيدية لصراع ثقافى دينى ليس من منطلق غيرة وحمية دينية فهذا الكلام العبيط غير موجود على الاطلاق سواء قديماً أو حديثاً فهى صراعات مصالح استراتيجية واقتصادية تتلحف بدين أو عرق أو إثنية أى أن حمية المسلمين غطاء لتحقيق مصالح وإعطاء مظلة لتجييش المشاعر ليمارس البلهاء حرق أنفسهم كقرابين على مذبح موائد الكبار .
أرى ان العدو الأخضر المستحدث هو عدو كرتونى بائس لا يستطيع المواجهة والتحدى فهو يعيش على المنجز الحضارى الغربى لذا ليس هناك أى تهديد للمصالح الغربية الإقتصادية ولا على القدرة على التناطح وتغيير الخريطة العالمية لذا فالعداء للإسلام شكل جديد لا يعتنى بالعدو وإمكانياته بل بالجمهور الغربى الذى يراد شحنه وإيهامه بالعدو فلا يندفع باحثا فى بواطن الصراع ليتلهى فى حالة إحتدام وميدان ضرب النار .
أتصور ان خلق مجابهات قادمة تصعيدا لفوبيا الإسلام الأخضر هى آخر ورقة فى رصيد الإمبريالية للبقاء.

قد يرى البعض اننى إنحرفت عن قضيتى المثارة بشأن حظر النشاط الدينى الإسلامى فى أنجولا أو قد يتوهم البعض أننا أوجدنا مبررات لتجعل المجنى عليه جانياً .. بالطبع إستنتاج خاطئ ينم عن رؤية عاطفية الهوى لا ترى سوى الجانب الفارغ من الكوب فسيبقى إستنكارنا قائماً ضد سياسة الحكومة الإنجولية ولن يشفع لها أى تبرير لهذا النهج المُنتهك لحق وحرية مسلمى انجولا ولكننا نظهر الاسباب الخفية التى خلقت المشهد وتأثير فوبيا الإسلام الذى انتجته السياسات الأمريكية والغربية وجماعات الإسلام الجهادى تضامناً فى خلق حالة إحتقان عالمى تريده امريكا .
يبقى فى النهاية أن تحليلى قد يجد القناعات لدى من تحرروا من الأكليشهات والرؤي العاطفية والمسبوقة , وإن كان البعض يرون ايضاً أن رؤيتى وتحليلى هى أكليشهات يسارية تضمر العداء للإمبريالية لتحملها كل سواءتنا أو قد يرى البعض الآخر أن الإسلام بتياراته برئ من التورط فى العداء بل هو عداء صليبى يهودى مستوطن فى الغرب منذ القدم فليكن هذا رأيهم لذا أطرح هذه القضية للمناقشة فهناك رؤية ترى الغرب يناهض الإسلام كونه إسلام أى من منظور صراعات دينية كنصرة الصليبية على الإسلام وأن الصراع القادم من هذا المنظور ودليلهم إضطهاد مسلمى أنجولا وبورما , ورؤية أخرى يراها العلمانيين أن الإسلام الحاضر هو مُقوض للحضارة والإستقرار العالمى وخطر على منجزات الإنسانية فتعاليمه وثقافته وسلوك تابعيه رافض التعايش مُعلن عن النبذ والكراهية نتاج تشبعهم بثقافة تدعو لذلك فلا داعى لأن ندفن رؤوسنا فى الرمال ونعلق كل خطايانا وقبحنا على شماعة الغرب ,وهناك رؤيتى التى ترى أن القضية تنحصر فى الإسلام المؤدلج السياسى وليس كدين فالدين تاريخ لا يتفعل إلا بالبشر لأضع أصبع الإتهام تجاه تلك التيارات الإسلامية المؤدلجة وأرى انها تساهم بغباءها أو بوعيها فى خلق فوبيا الإسلام ليسحبنا الغرب إلى ميدان ضرب النار .
الرؤى المناهضة لرؤيتى وتحليلى لها بعض الوجاهة ومن هنا تكون قضية مناقشتنا لتتصارع الرؤى ولتنتصر الرؤية والتحليل الصحيح .. هل الإسلام جانى أم مجنى عليه ؟.. هل خطر على العالم أم هو واقع فى دائرة الخطر.؟

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوا ...
- سأكتب لكم خطاياكم-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- القبح ليس سلوك شخصى بل ثقافة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- تنبيط –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك ...
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- إنهم يداعبون الغريزة والشهوة والعنف-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدو ...


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.