أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم ازروال - موزار والإشهار















المزيد.....

موزار والإشهار


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 4292 - 2013 / 12 / 1 - 15:58
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



ثمة إقبال عولمي شديد على أعمال فولفغانغ اماديوس موزار.إلا أنه إقبال وسيلي أداتي،قليل الارتباط بالقيم الجمالية،وبمعنى المنجز الفني .
فقد تجلت ،لأخصائي الإشهار والإعلان ، قدرة موسيقى موزار ،على تثبيت السلعة أو الخدمات المراد تسويقها ،في ذهن المتلقي أو المتبضع أو الراغب في الاستفادة من خدمات وعروض المعلنين التجاريين.
وهكذا ،يمكن للماركات المتخصصة، استعمال موسيقى موزار ،للتأثير واستقطاب ، مستهلكين جدد ، في سياق التنافس الكبير ، بين الشركات المتعددة و المتعدية الجنسيات.
يتم الإقبال على موسيقى موزار ،لتحقيق الأرباح التجارية والمالية ، بفضل موسيقى ،معترف لها بالرهافة والعذوبة والبراعة التأثيرية،رغم أن صاحبها،عاش أطوارا حياتية صعبة أحيانا ،بسبب وضعيته المهنية الهشة،خصوصا في الطور الأخير من حياته.
كيف يمكن الترويج لسلعة من السلع ،باستعمال موسيقى الريكيم ،المعبرة عن الأوجاع الوجودية الكبرى ،لعجيبة سالزبورغ ؟ما علاقة عالم الريكيم مثلا ، بسلعة من السلع أو ببضاعة من البضائع ،علما أن عالمها السوداوي ،رثائي وحافل بالأوجاع الإنسانية؟
كيف يمكن استعمال السمفونية 40 أو 41 أو 25 أو موسيقى "الناي المسحور" أو" دون جيوفاني" ،للترويج ،لبضاعة ،لا علاقة لها بالموسيقى أو بالتعبير الفني من قريب أو من بعيد ؟
كيف يمكن استعمال رهافة التعابير الموسيقية الموزارية ،لأهداف تجارية ومالية ، مع توافر إمكانيات خلق موسيقى مخصصة للإشهار والإعلان؟ما معنى العودة إلى مؤلف موسيقي كلاسيكي،بعد ثورات جمالية وتعبيرية (رومانسية ....) متوالية ونقد قوي للحداثة الاستيتيقية ولإبداع عصر الأنوار ؟
هل تكفي الاعتبارات التجارية والاقتصادية ، أم لا بد من مراعاة الاعتبارات الفنية والجمالية بل والأخلاقية ، في التعامل مع المنتجات الموسيقية والفنية العالية ؟
هل يمكن استعمال ، الإبداعات الموسيقية ، الكبرى ، استعمالا ذرائعيا تجاريا ، فيما يجب استعمالها ، استعمالا ، فنيا ، عاليا ، لتكوين الذائقة الفنية وتطوير الحس الجمالي ، لدى المواطنين ، المحصورين ، قليلا أو كثيرا ، بين إمبريالية السوق وإمبريالية العالم المديائي .؟
كيف تحول صاحب "الناي المسحور"،و"زواج فيغارو" المنتقدة ،زمنئذ ،و"دون جيوفاني" ،من نابغة يتفاعل ،على نحو جديد ، مع إشكاليات الحياة والخصاصة والألم والكرامة والموت ،إلى أداة تسويقية ،لتأثيل الأرباح وتعزيز المواقع في سوق تنافسية لا تستقر على حال؟
فالواقع أن أعماله الموسيقية ،متأثرة،عمقيا ،بوضعه الاجتماعي وتقلبات حياته المهنية وفقره ولاسيما في الأطوار الأخيرة من حياته؛كما أنها منفتحة،على غنى وتعددية ، العالم المتوسطي ،وخصوبة المتخيل الفني ،لفناني هذا الفضاء الثقافي –الجمالي العريق.
(..لموزار علاقة مغايرة تماما مع ألحانه ،إن الإلهام لا يأتيه وهو يسمع الموسيقى ،بل و هو ينظر إلى الحياة،الحياة المتوسطية النشيطة : لقد كان دائما يحلم بايطاليا حين لا يكون فيها .)
(فريدريك نيتشه-إنسان مفرط في إنسانيته –كتاب العقول الحرة –IIترجمة محمد الناجي –أفريقيا الشرق-الدار البيضاء –بيروت-2001-ص.163) .
إن للمنتج الموسيقي، مرجعيات واختيارات ،لا بد من استحضارها ،في أي تفاعل مع هذا المنتج ، قبل البحث عن إمكان استثماره ،في سياقاتنا الفنية والجمالية الراهنة.
فبجمعه بين سمات الروح الجرمانية المتميزة عموما بالنفس والقوة وتماسك البنيات وسمات الروح الايطالية المتميزة بإشراق الميلودي وفتنة الأنغام الإضافية ،رسخ موزار الأسلوب الكلاسيكي في الموسيقى الأوروبية بمعية هايدن،ومهد البساط الموسيقي لبيتهوفن.
من المحقق أن موزار قدم موسيقى مسامتة للعالم ،ومسكونة بعين الحقائق والأشياء لا بظلالها.
أضحى موزار،المغتني والمغني،للتعبير الجمالي ،أداة تسويقية أو أعلانية ،لبضائع،لا ترهف حساسية الكائن،ولا تغذي وجدانه الجمالي ،ولا تصهر ذائقته في النغم الميلودي أو الهارموني.
فعوض الكشف عن شروط إمكان تميز موسيقى موزار ومقتضيات تحسين الذائقة والحس الجمالي بعد ذيوع وشيوع الأشكال الموسيقية الهجينة،يتم الانتقال رأسا إلى استثمار تلك المقاطع الموسيقية في الدعاية والإشهار وترويج البضائع والسلع.
من المعلوم أن موزار،أبدع منجزاته،غالبا ،في سياقات مصارعة لأفكار وأمزجة وأذواق واختيارات عصره،وفي سياق وضع مهني غير مريح إطلاقا ومنافسة "شرسة" مع بعض المنافسين ،ولا سيما مع سالييري الايطالي و إن لم تبلغ الحدة المتصورة في فيلم اماديوس لميلوش فورمان .
فرغم فرادة موسيقاه ،وغزارة إنتاجه ،والتزامه الصارم بالقواعد الكلاسيكية للموسيقى الكلاسيكية ،فإنه لم يحقق نجاحا ماليا ،متواصلا،وخضعت حياته المهنية ،لتقطعات وتراجعات كبرى.كما أن نزوعه للتجرد من الصورة النمطية المرسومة للفنانين والموسيقيين آنذاك ،قوبل ،في الأغلب ،بالتشكك والرفض والانتقاد الحاد،بشهادة مراسلاته.(1900صفحة في طبعة الفلاماريون ).
ألف موزار جزءا من الركيم ،استجابة في ظنه لنداء ميتافيزيقي ؛فكان رثاء ، للذات،وتأملا قاسيا، في تجربة فنية ممتعة وقاسية في ذات الآن.
فما أبعد، الوجع الساري ، في مفاصل الريكيم ، عن بهجة ،العالم التجاري العولمي ، الساعي إلى تأثيل ومراكمة الأرباح والمداخيل المالية وتعزيز المواقع في سوق البورصة ! فكيف نجمع بين بهجة الفن المأساوية ،وابتهاج العالم العولمي واهتيامه بالفوائض والأرباح والبذخ السهل ؟
كيف صار الفنان ،المدافع عن كرامة التعبير الفني ،أداة جمالية ، للترويج ،لسلع ، يمكن ترويجها بوسائل أخرى متخصصة وذات فعالية أكبر ربما؟ هل بلغت برغماتية السوق ،درجة تسليع الفن العالي ، وتلميع السلع المنذورة للاستعمال الظرفي ،عبر استعمال الإبداع العابر للأزمنة ؟
كيف تحول الفن إلى سلعة وأداة بيد العولمة الفائقة الساعية دوما ،نحو الأرباح الفائقة ، الآن وغدا؟
لماذا يقصي عالم السيمولاكر ،والتصنع ،القيم الفنية والإرث الجمالي المنبثق من السجل الفني لعصر الأنوار؟
الواقع أنه يتم اختيار بعض المقاطع المعزولة عن سياقها الفني والتعبيري ،وعن عالمها وفضائها العام ؛فالمقطوعات المعزولة عن سياقها التعبيري ،أقدر ربما عن التأثير في المستمع ، وتنشيط ذاكرته ووجدانه ، أما الإبداع الكلي (السيمفونيات أو الكونشرتوات أو السوناتات أو الرباعيات أو الأوبيرات ...الخ)،فهي تتطلب اندماجا كليا ، في العالم التعبيري الموزاري ، وفي أكوانه الفنية المعقدة. وهو ما لا يتيسر ،لمستمع يعيش تسارعا على شتى الواجهات ،وتغمره الموسيقى والأذواق الشعبية(البوب والروك والجاز و الراب والهيب هوب وموسيقى المنوعات بالإضافة إلى الفولكلور...الخ ) ،وتنقصه الهوينى وثقافة التأمل والامتلاء بالقيم الجمالية المبثوثة في الأعمال الفنية الكبرى.
لا تنشط الأعمال الكبرى ، الذاكرة فقط ، بل تحدث نوعا من اليقظة الجمالية المضفورة بالمتعة الفنية القوية ، لدى المستمع الفطن.فعالم السيمولاكر ،هو عالم الشذرات ، والمقطعات والمقتطفات ، لا عالم الأنساق التعبيرية ،المتشابكة المسالك والطرق والممرات والمتعة الجمالية القصوى.

لقد تحولت الموسيقى الموصفة بكثرة النوتات،في زمانها،إلى موسيقى آسرة للإنسان العولمي المنذور ،أولا و أخيرا ، للانخراط في شبكات الاستهلاك والاستمتاع المتواصل.
ألا يجسد استثمار الموسيقى التنويرية الآن(موسيقى باخ وكلوك وموزار وهايدن ومندلسون ....الخ) ، حدود الجماليات العولمية ،والحداثة الفائقة، أو ما يسمى بما بعد الحداثة،ونسبية النقد الكوكبي للإرث الفكري والجمالي لعصر الأنوار ؟
فكيف تحولت الموسيقى الموضوعة أساسا ،لامتلاك العالم جماليا،إلى وسيلة إعلانية،لتنمية الأرصدة ،في عالم تنتزع منه جمالياته ويتقلص زخم متخيله الفني بتدرج صاعق؟
ألا تقود الهجانة الأسلوبية والجمالية الراهنة ،إلى تقحل الحس الجمالي ،والى تفقير الذائقة ،وتصيير السلعة المعيار الثقافي الأوحد في عالم مفقر ،باستمرار ،فنيا ،ومنزوع التطلعات الجمالية ،ومنقطع عن مصادر الاغتناء الوجداني؟



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات حارتنا : حكايات التوت والنبوت
- ميرامار : شخصيات باحثة عن موقف.
- معاصر السكر بسوس في عصر المنصور الذهبي . قراءة في (أخبار أحم ...
- جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-
- مسخرة بوجلود : نحو تاريخية للكرنفال الأمازيغي
- حتى لا ننسج جوارب-للعقول-!
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 3
- أصول المراقبة في الفضاء الثقافي الإسلامي 2
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 1
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 4
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 3
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 2
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 1
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 2
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 1
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 2
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 1
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 1


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم ازروال - موزار والإشهار