أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - المستنير الحازمي - في عرفات الله أعلنت الحادي بالله ( الجزء الأخير )















المزيد.....


في عرفات الله أعلنت الحادي بالله ( الجزء الأخير )


المستنير الحازمي

الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 21:26
المحور: سيرة ذاتية
    


انتهي يوم عرفة ..وبدأ علينا استقبال يوم جديد .. أنه ليلة المبيت في مزدلفة ..و ومثل ما كانت نفرتنا من مني إلي عرفة كذلك كان الحال معنا ونحن نفر من عرفات إلي مزدلفة .. كل المجموعات دبرت أمرها ونفرت إلى مزدلفة ..وبقينا نحن في الحافلات من مغرب ذلك اليوم إلى الساعة 12 ليلا ولم تتحرك الحافلات ولا مترا واحد .
هد وأزال العاملون المخيم فوق رؤوسنا .. وبقينا إلى تلك الساعة ونحن نأكل البرتقال في العراء ..في ذهاب وإياب بانتظار تحرك الحافلات .. وفجأة وإذا الساحة كلها وكأن انفجار ما دب فيها ..ركبنا بسرعة في الحافلات ..وتحرك السير وبسرعة وانقضت ذلك الازدحام الشديد في ربع ساعة فقط ..
وعندما يعرف السبب يبطل العجب ..فلقد كان حظنا السيء أن وقع مخيمنا في عرفات خلف قصر الأمراء والملوك وكبار المسئولين فمنعوا حركة السير إلى تلك الساعة ,ومنعوا الحجيج من السير إلي مزدلفة من أجل عيون سمو الأمير .. وفخامة الرئيس والوزير
" وكل الناس سواسية في الحج لا فرق بين أمير وغفير .. وغني وفقير وكبير وصغير "
كما نسمعها دائما في كل واد وكل قناة ..بأن الحج قمة المساواة ومنتهي إزالة الفروقات الطبقية والتميز العنصري ...ولكن هذا ما رأيناه وشهدناه لا كما سمعناه وعرفناه ..
وصلنا إلي مزدلفة متأخرين وتوقفت الحافلة من الازدحام واضطررنا إلي المشي حتى وصلنا إلي أطراف مزدلفة .. كنت محصورا جدا ومتعبا جدا والحمامات مكتظة على الآخر طوابير من الحجيج على كل مرحاض ..
قضيت حاجتي مضطرا بين سيارات متوقفة وقرب المارة ..ولم أكن أعرف أن لهذا التصرف ضريبة إلا فيما بعد !!
افترشنا الأرض أنا وخالتي وبنينا مخيم صغير حولنا وجمعنا بعض الحصى من مزدلفة ..ما يزيد على 21 حصاة
تأسيا وأقتداء بهدي المصطفي " لا صلوات أله ولا بشر ولا حيوانات ولا خنازير عليه " ونمننا وكانت تلك النومه من أجمل النومات في حياتي الروتينه ..ولا أعرف عن حالة خالتي وكيف باتت ليلتها .. فالمرأة متفانية جدا وهي بين المسلمين مهضومة الحق والحقوق .. فلا نبالي بها ودائما الأكثر هضما والأكثر ظلما بيننا أينما كانت ومع من كان ..كانت أم خالة عمه زوجة أخت جده .. هي مهضومة مظلومة ..واستفقت من أجمل نومه ,,فلقد كانت لبرودة الجو والأغطية المقاومة للبرد..والشعور بالأمان في ظل هذه الأعداد من البشر لا ظل الله الغير موجود .. أسباب ليكون نوما لا ينسى ..وكان علينا العودة والبحث عن الحافلة ...........أجريت اتصالاتي برفقاء الحج وعرفت أنهم قريبون من المكان ..فسرنا ووصلنا الحافلة المتوقفة من الازدحام .. صعدنا الحافلة وتفاجأت بحجم القذارة والوساخة والتي يعج بها الباص
أكل ..قشر الموز البرتقال كراتين فصفص الأوراق الدينية كان يعج بها المكان قذارة اللا متناهية ...
تحركت الحافلة بعض الكيلومترات ..ثم توقفت لساعات ..سئمت من الجلوس المتواصل ترجلت من الحافلة ..وعند الباب شعرت بقطرات من الماء تنهمر على جسدي .. نظرت إلي السماء فإذا السماء صافية ..إلى نوافذ الباص فإذا هي مقفلة .. مشيت خطوات فإذا بحاج إفريقي قد رفع إحرامه ومطلع " بوزه " و يبول ..بولا غزيرا وغير اعتيادي على مقدمة الباص ,,أصابني رذاذ كثير من بوله ..وعرفت أن لكل فعل ضريبة ...لا تتأخر ردة الفعل ما دمت أنا طرف فيها .. فكان ذلك الشعور سبب في إصابتي بالشلل التام .. في حياتي و جعلها تخلو من أي مثير واقتصارها على الروتين
******************
في الثامنة أو التاسعة وصلنا إلى مخيم .. وكان ذلك اليوم يوم أول أيام التشريق ..وكان المخيم وقتها يعج بالحركة والضوضاء على إثر فتوى لشيخ إرهابي سابق..معتدل ومستنير ومليونير وثرى في الوقت الحاضر
فتوى تجيز الرمي قبل الزوال ..فتوي ضج بها المخيم من شيخ بهلوان استطاع اللعب على كل الحبال بكل مكر ودهاء ..وأن يؤدي بأكثر من مائة ألف مقاتل سعودي هو وغيره من شيوخ "البترودولار إلي دهاليز الحرب الباردة مع السوفيت بفضل أشرطته التحريضة والإرهابية والجهادية هو وزمرته .. لكن اليوم هو من رموز الوسطية و الإعتدال ..وعلى قائمة فوربس للأغنياء
أفتي ذلك الشيخ بجواز الرمي قبل الزوال تفاديا لزحام المميت على رمي الشيطان ..فقبل 365 يوما من هذا اليوم هلك أكثر من 220 حاجا في السباق لرمي الشيطان .
.وكان الكل متخوف أن تتكرر الكارثة .. فأمر العاهل السعودي مباشرة بهدم التمثال القديم وبناء تمثال جديد للشيطان هو الأكبر من نوعه في التاريخ ..وعلى وجه المعمورة قاطبة بارتفاع يصل إلي 60 مترا في السماء ..و بأربع طوابق .. قابلة لزيادة في المستقبل ..لتصل إلي 12 طابقا بارتفاع 144 مترا ..وبتكلفة تصل إلي أكثر من 3 مليار دولار أمريكي
يعني إذا قيل لك أن الله والشيطان وجهان لعملة واحدة فصدق .. وأن الله ما هو سوى الشيطان في حساب كل البشر فصدق ..فهاهو الشيطان في أبهي وأجمل حلله يتجلي هنا
وقبيل ذهابي لرمي جمرة العقبة اتصل على أبي وكذلك أمي .. وحذرني من الرمي في وقت مبكر بعد الزوال هنئني بالعيد وبادلتهما التهنئة كذلك بالعيد.. عيد الأضحى المبارك ..
فكلا العيدين أعجب من الأخر .. واحد يأتي بعد شهر العذاب والحرمان والعطش والجوع ..شهر رمضان فكأنما الخروج من ذلك الشهر الفظيع فرح وسرور و عيد .. وخلاص من 30 يوما من العذاب المتواصل !! فكان العيد
وأخر يشطر العائلة إلى نصفين قسم في الحج .. وأخر في البيت ..ولا يمر عيد إلا وأحد من أفراد العائلة وأحيانا جميعهم في الحج ..فأي فرح يكون وأي أعياد هذه !!!
ولكن هذه هي أعياد المسلمين ...جنازة أخري من جنائزهم !!
وصلنا في الحادية عشرة والنصف ظهرا إلى الجمرات ..وتوقفنا بانتظار إشارة الرمي والسماح بالرجم .. وعند الزوال جاءات الإشارة بالعبور فعبرنا،ووصلنا إلي مكان الرمي بكل يسر وسهولة ..فلقد تحول ذلك المكان المخيف إلي ساحة راقية من خمسة نجوم .. ساحة مكيفة وشاخص مزخرف وجميل .. واستوعبت تلك الجسور والأدوار كل الحجيج
أقتربت من الحوض ورميت ذلك الشاخص بما معي من حصى ..ومع كل رمية تكبيرة وتهليله ..وتعظيم سلام لهذه الشعيرة ..ومع مرور الوقت وتكرار العميلة على مدى أيام التشريق ..بدئت أشعر في داخلي بنوع من الإهانة العقلية والازدراء الإنساني الغير متعمد للإنسان ..وكرامة الإنسان والطبيعة والكون .. 3 مليار دولار وكم هائل وكبير من استهلاك موارد الطبيعة و الضرر بالبيئة وتدمير للجبال المحيطة..من أجل شعيرة تافهة وسخيفة كهذه الشعيرة !!!
وإذا كان كل هذا من اجل الشيطان فماذا سيفعل من آجل الله ؟؟!!
أدينا الرمي ..وعدنا إلي المخيم وهناك تفاجاءنا بأن باقي المجموعات قد أدت ما عليها من حلق وقصر وطواف وقد عادوا متحللين من إحرامهم التحلل الأول وبقيت مجموعتنا الكادحة..لم تدري" وين الله حاطه" وأن المخيم الذي أقطنه على فئات .. وأن المخيمات في مني على فئات ..( أ , ب . د , هــ )
وأن كل فئة تختلف عن الفئة الأخرى ..بدرجة قربها وبعدها عن مرمي وشاخص الشيطان ..وكلما اقتربت من الشيطان كان عليك دفع العشرات والمئات من الألوف ..من أجل أن تكون قريبا من حمي الشيطان,,شاخص لله في عرفات وثلاثة للشيطان يوم لله .. وأربعة أخر للشيطان ..وأيام الله هي أيام لرمى الشيطان..بالأرقام الشيطان هو الكسبان..فتأملوا يا عبدة الشيطان !! إن كنتم لغير الشيطان عابدون
******************
أجلنا طواف الإفاضة لليوم التالي ..رمينا الجمرات ..وذهبنا لطواف الإفاضة ..مشيا على الأقدام ..لخمسة كليو مترات ..مشينا ووصلنا بمقربة من أذان العشاء.وكان الجوع والبرد الشديد ..قد أخد مبلغة اشترينا أرز ..ودرنا و درنا بحثا عن مكان نأكل فيه هذا العشاء فلم نجد وبالكاد وجدنا زاوية صغيرة بالقرب من باب "الفتح " فأزوينا تحتها .. وفرشنا الأرض ..وأكلنا ..ومع أوائل اللقيمات تحشرج الأكل في فمي ..وبالقرب منا كان أحد الحجاج الآسيويين يلف ويدور .. وكأنه شعر بالغصة في حلقي.. فناولنا عبوة مليئة بالماء الأصفر الفسفوري .. لم يكن عصيرا ولا مشروب غازي ولا ماء زمزم بل كان عبوة مليء بالبول ..ووضعها بالقرب من الصفرة بكل برود .. ارتفعت معه حرارتي وقمت من العشاء فورا ...حين تحولنا لمبوله .. في هذا الحج ولحجيج !!
وذهبنا لأداء الطواف .. دون أن أعرف ما قصة هذا البول في الحج !!
وأدينا طواف الإفاضة وطفت بالبيت بالكعبة السوداء ..ولا نعرف السر الذي يجعلها دائما متشحة بالسواد طوال أيام السنة
فهل هو شعار الله في الأرض ..أما هو رغبة أزلية ورسالة من الله بأن لا يرضى إلا عن من يبكون ويحزنون ويولولون
أنه لرغبة عجيبة جعلت القصيمي يتساءل عنها من قبل ..لما جعل أيام الله وأيام المؤمنين كلها أيام حزينة .. آيام مأتم وبكاء وحزن طويل ..طفت وكان أغلب دعائي ..دعاء طلب المغفرة والصفح الأبدي والأزلي ..وأدعية النهاية وتصفية الحسابات مع الله .. وأن هذه الأيام هي أيام النهايات لله.. وأن ليس لله يوم بعد هذا اليوم !!
صلينا خلف المقام ,,مقام إبراهيم ودعونا ايضا فالمكان مكان دعاء مستجاب ايضا كما يقال ويزعم
.شربنا ماء زمزم ..وعدنا وفي خروجنا صادفنا أحد الحجيج معنا في المخيم ..وكنا منهكين جدا فقررنا البحث عن حافلة صغيرة تقلنا سويا ..وجدنا الحافلة ولم نجد الطريق للمخيم .. فلقد أقفل الخط تماما قبل أكثر من كيلو ونصف من المخيم .. ودفعت كل عائلة منا ما يصل إلي 30 دولار قيمة هذه التوصيلة التي لم تتم .أنهكنا .فالعبد والمسلم السعودي رجلا أو امرأة لا يكاد يعرف للمشي والرياضة طريقا . وأي نشاط من هذا القبيل يعني الهلاك !!
وفي المخيم وبعد عودتي من الطواف بالبيت العتيق فوجئت بأن جزاء من أغراضي سرقت وتناثرت ...وفقدت بعض المال ..استشطت غضبا .. من ذلك الموقف .
حاج وضيف من ضيوف الرحمان ..وفي مخيم أسمه " المؤتمن " لم أجد ما آتمن به على مالي وفرشي وأغراضي !!
ولم أجد من أحكي له ما جرى سوى قائد الحافلة السوري ..و شرحت له كيف هي أخلاق المسلم والمسلمين " المنحطة " لا يتغير لا بتغير لا الزمان ولا المكان
دبرت أمري في تلك الليلة البغيضة ..ونمت على تجمع من الأسنفج والقطن !!
وفي اليوم التالي لم يكن يشغلنا سوى الحديث والتسامر وقراءة القرآن ..واستضافة بعض رموز الصحوة والوهابية والأحزاب الدينية ..
أما أنا فقد كنت أستغل الوقت في قراءة دواوين شعرية لمحمود درويش .. وترديد بعض المقطوعات الشعرية له ..التي تتقاطع مع الله !!
ولم يكن من بين تلك المئات القاطنة أستأثر بالحديث معه سوى عقيد سابق في الجيش المصري ..كان شيخا طاعنا في السن ..ومصابا بالأمراض ويعاني من الاكتئاب الشديد..بسبب الأوضاع المتهالكة والمتردية جدا في مصر.
وكيف كان يتكلم بألم وحسرة على تلك الأيام الجميلة إبان الاستعمار البريطاني والحكم الملكي الليبرالي ..ويتكلم بحنق شديد على الثورة ثورة يوليو التي لم تأت إلا بالاستعباد .. استعباد المصري للمصري .. وكم يتمني أن مصر الثورة لم تكن !!!
وفي أخر الأيام أصيب بأزمة قلبية فلم تسعفه لا قربه من الله ولا قربه من مركز الإسعاف القريب من المخيم !!!
أقترب أزمنة المساء ... وقمنا برمي أخر الجمرات كنا من المتأخرين ...فكانت أخر الأيام لي وأخر الوقفات والدعوات وتصفية الحسابات مع الله ..ولم يبق إلا القليل من الوقت لأغلق صفحة الله من حياتي تماما .. في مكان يعرفه الله جيدا ..قريب منه ولا يعرف مكان يكون العبد فيه قريب من الله مثل هذا المكان
عرفات الله عرصات الله ..ومن على هذه الجمرات التي يقال إن إبراهيم الخليل رمي فيها الشيطان ..
في تلك المشاعر والأماكن ..
كان إلحادي وتمردي وانعتاقي وتصفية وجود الله من حسابي كان ذلك وأنا متشحا بالأبيض والثوب الأبيض ..
صدر الإعلان في قمة ذرى الإيمان وفي أجل وأسمي لحظات الصفا الروحي ,في مكان وزمان لا وجود فيه لشيطان حتى اتبع سبله ..واقتفي أثره ويكون له على سلطان ..لا قرناء ولا رفقاء سوء..لا قاطع طريق من أصحاب الهوى أو صحاب شهوة أو شبهه ..لا منحرف ولا ساقط .. لا شيطان أنسي ولا شيطان جنى..لم يكن على ذلك الصعيد سوى أنا وعشرات الآلاف من الحجاج حولي يسبحون ويحمدون ويهللون ويلبون ..
" لبيك اللهم لبيك ..لبيك لا شريك لك لبيك .. أن الحمد ة والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك "
أرفع يدي إلى السماء كما يرفعون يطلبون هم المغفرة والرحمة من ربهم .. وأنا أطلب البراءة من الله ..والبراءة من دينه
وعقيدته ومن كل شيء له علاقة بالله ..هم يجددون العهد بالله .. وأنا مشغول بتصفية الحسابات مع الله !!
هم يبكون ويدمعون .. ويرجون من الله ما يرجون .. وأنا واقف أدعوا الله ..إن كنت حقا وصدقا فهذا خمس أركان بالتمام والكمال أرفعها قربان إليك ..
فشهادة بك وبنبيك لا شراكة فيها لك ولا عليك ..ولا رب فيها سواك..ولم يكن فيها منعم ولا خالق سواك ..
كنت فيها أنت الله لا إله إلا أنت ..وصلاة خمسا في اليوم والليلة كانت ولم تكن إلا لك ..وجباه لم تسجد ذلا وصغارا إلا لك ..
وقامة وجسد من الهوان والحقارة والهون لم تدنوا وتركع إلا لك..فماذا عسى بعد هذا يا رب يرتجى منك !!
ويرتجى نور وعمل وأمل وكل المجد الإنساني خاضع مستعبد بين يديك !!!!!!!!
فيا رب أن كان لك حق فهاهي نفسي بين يديك .. وها هي روحي بين يديك ..وأمام مرآي عينيك ..
وها هي تهليلاتي تسبيحاتي صلواتي زكواتي صيامي حجي كلها قربانا إليك....أخر ركن من أركان دينك ..وأخر العهد بك ..فأقبضني إليك غير مخدوع ولا ملحد ومتزندق ومفتون !!
صليت لك 24 من عمري .. صمت أكثر من 16 شهرا من عمري قضيتها جائعا عطشانا ..من أجلك ومن أجل فقرائك
زكيت تصدقت .. أميت المصلين في مساجدك في بيوتك .. و كنت ومنذ الخامسة من عمري وأنا دائم الحضور مداوم على أدائها في المساجد وفي وقتها في المصليات في الطرقات في الجوامع في المدارس الحضائر في كل مكان
ولا أذكر يا رب إذا نسيت أني تهاونت عن أداء فرض من فروضك متهاونا أو متكاسلا إلا قسرا وجبرا ..
وكنت داعيا لك و إليك .. راجيا بالعمل الدعوي والديني إليك . غيور على دينك !!
فإن كنت حقا وصدقا فأدخلني جنتك بها وجازني بها الآن.. الآن وليس غدا ..فأنك لن ولن تلقاني بعد يومي هذا
لا مصليا ولا مسلما ولا حاجا ولا معتمرا .. بل ستجدني كافرا زنديقا ملحدا ..
فأمتني يا رب وأقم الساعة ساعاتي ..وأنا على ما أنا عليه ولا تحيني بعد يومي هذا ..حتى لا ألقاك وأنا ملحدا كافرا ناكر بك .. فأنال عذابك واستحق عقباك وأساق إلى جحيمك كما تسوق البهائم ... وأكل من شجر الزقوم كما تأكل عبادك العاصين المشركين ..وأحشر مع أبو لهب وزوجته حماله الحطب وآخرون ممن تعرفهم جديا .. فتوفني فلم تعد الحياة خير لي ولا لك فأمتني وأرحني .. قبل أن أقود في هذا اليوم انقلابا ضدك
ويا رب "أن كنت حاضرا" تسمع دعائي فها هو قربان خذه إليك ..وتقبل لحمه ودمه ..وحياته ونفسه وماله وعمره وروحه وما بعد روحه ..
أكانت نار .. برق .. خسف زلازل .. بركان شيئا مما أعتدت على فعله " أوتوبيس فاخر " أو موت خاطف .. فتقبلني
وتقبل روح " طاهرة " في مكان محسوب على الطهر والإيمان .. في أطهر البقع لديك . تقبلني أنا قربان ..قبل أن تقبل منى قربان من الضان والخراف..
..................................4
دعوت الله بتلك الدعوات وان كانت بألفاظ مختلفة ومغايرة ..لكن كانت تلك المعاني .. هي من تجول في خاطري .
ومسحت بيدي وجهي ..ومضيت في تأدية أخر شعيرة من شعائر الحج تقديم الهدي !!
سألنا من حولنا ..من عساكر فأكنهم عمي صم بكم .. لا يعرفون ولم يرو أو يسمعوا شيئا عن " أكشاك "الهدي .. التي تتواجد بعد الجمرات ..
وكلما سألناهم قالوا لنا " المسلخ في الحطيم " خلف الجبال وعبر الأنفاق .. سرنا إلي هناك وكان لبعده أن سائلنا مرارا خوفا من أن نضيع الطريق إلي المذبح وتذهب هذه المسافة هدرا
وصلنا إلي هناك وكان المكان مهجورا ومخيفا ..ولم يعد فيه أي مظهر من مظاهر الحج ولا الحجيج ..وقبيل دقائق من أن يقفل الكشك أبوابه دفعنا المبلغ ولم تبقى معه سوى ورقة واحده ..قيمة أضحية واحدة .. وبعد أن عدنا اكتشفنا مكان الكشات القريبة جدا من الجمرات .. وأن المخيم نفسه يتكفل بقيمة هذه الأضاحي .
انتهت أركان الحج المتعبة والمجهدة ركنا ركنا .. على وقع من الاهانات كبير وسجل من التعديات من قبل منظمي الحملة كثير ..
*********************
وكنت أنوى أن أحمل شيئا معي للبيت كذكري ..ولما شاهدت ما شاهدت زاد حنقي ..واحتقاني حتى رميت بكل شيء من مخلفات الحج وأغراض الحج ..فتحولت تلك النقمة إلي نعمة أن " أنفض أنفض " ....كل العوالق التي علقت بي في هذا الحج ..وأنفض كل العوالق على مدار هذه السنين العجاف من عمر الإسلام في داخلي ..نفض نفض يا عم نفض ..نفض أزار نفض رداء نفض ملابس أغطية الحج نفض كل شيء نفض ..أنهيت من حجي وأنتهي أخر أركان الإسلام .. لينتهي أخر الأيام بالإسلام
وأقول وداعا يا لله ...وداعا يا لله وداعا يا إسلام وداعا أيها الإيمان الكاذب المزيف ..
بالعامي" .. بابي ألله بابي محمد بابي مكة بابي كعبة"
غادرت مكة المكرمة .. وأنهيت أخر الأركان ..وفي عصر اليوم التالي غادرنا سويا إلى أحد أقاربي في مدينة جده ..
أكلنا في تلك الأيام التي لم تبقي فيها سوى مجموعتنا التعيسة سمك التونة لوحده
وتناقصت الخدمة و انعدمت .. ونكثوا وبوعدهم بإيصالنا في حافلتهم ..كان علينا أن نبحث عن حافلات وعربات تقلنا .. فنزلنا من الجبل .. إلى شوارع مني بحثا عن حافلة تنقلنا من عربة إلى عربة كل عربة تطلب باهظ الأثمان وأغلى الأجرة لنقلنا إلى جدة السعودية ..
وكنت في غاية الإرهاق والتعب والإعياء .. أعاني من حرارة مرتفعة والتهاب شديد في الحلق .. كنت من غير استخارة من الله ولا استشارة من أحد مريضا منهوكا ..وصلنا إلي جده إلي منزل أحد الأقارب
قام الأقارب بواجب الضيافة واسترحت في غرفة مستقلة .. تجرعت الأدوية وما هي إلا دقائق..حتى داهمني النعاس ونمت نوما عميقا ..وفي نومي حلمت بحلم لم يخطر على بالي وبال أي أحد ..حلمت بحلم جعلني أملك كامل الاختيار .. بعد سنين من القهر والجبر والاغتصاب .. حلم العودة إلى زمن الطفولة حلمت بأني أتجول في مشاعر مني ..وأطوف بين مخيم ومخيم .. أطلع من الجبل حيث كان مخيمنا وأنزل من الجبل وأنا عاري تماما من كل الملابس .
أطوف وأتجول والكل يرمقني .. وينظر إلي ..من هو هذا الحاج العاري ..من كل إزار ورداء .
استفقت من نومي .. ويا للكارثة ..استفقت وأنا عاري من كامل ملابسي منبطحا على صدري ..لا أدري وين الله حاطني ..حتى اللحاف " البطانية " أبعتها في أجواء كانت تميل إلى البرودة ..
يا للمصيبة عاريان في بيت أقاربي ..ولطمت خدي " ايش بيقولوا عني هذا حاج جاي من حج وإلا من بانكوك وباريس صار متعود على الشغلة "
خجلت من نفسي كثير أيما خجل .. فربما دخل أحد أقاربي وأنا في تلك الحال ..
ورأي تلك المؤخرة وتلك الأرداف واستغل تعبي ونومي العميق فسال لعابه و فعل فيني ما فعل !!
تفحصت ..فما رأيت أثرا لماء ولا للعاب.. فطمئنيت وأطمأننت أكثر .
حينها جال في بال حلمي .وحلم قديم شبيه بحلمي ..سمعته من الراديو وكيف فسره الشيخ ..تعبيرا أدخل السرور إلى قلبي ..
كعادة مشايخ الوهابية يتربعون " يترززون " في برامج الفتاوى فاتصل مستمع بشيخ وهابي متطرف يدعى محمد بن عثيمين . .وقال له المتصل أن رأي رؤية في المنام بأن حاجا يطوف بالكعبة عاريا تماما من كل الملابس .
فاستبشرت مسامع الشيخ بهذه الروية وقال " بشروا فهذه الرؤية رؤية خير وقولوا لصاحب هذه الرؤية بأن الله قد غفر له ما تقدم له من ذنبه وما تأخر . "
فرد المتصل .. بأن الحاج الذي كان يطوف بالكعبة هو أنت يا فضيلة الشيخ .فدمعة أعين الشيخ وأخذته العبرة وشيء من البكاء والفرح بهذه الرؤية .وبمثل ما فسرها الشيخ فسرتها وعبرتها أنا بأني قد عدت من حجي بمثل ما ولدتني أمي
..كما تقول الرواية الدينية التي تقول " من حج ولم يفسق ولم يرث عاد من حجه كيوم ولدته أمه "
بالرغم من كثر سبي وشتمي وسخطي في الحج ..ولعناتي و احتقاناتي..فرحت بتلك الرؤية وأني عدت طفلا كبيرا ..
عليه الآن أن يقرر وأن يختار بعد أعوام من سرقة هذا الحق واغتصاب هذا الحق كانت ..حياتنا فيها قدرا مقدورا لا تقدر على فعل شي واختيار شي " كما قيل
ما باختياري ميلادي ولا هرمي.. ولا مماتي فهل لي بعد تخير" ..
نعم جاءت لحظة الاختيار كما لم أتوقعها من قبل ولحظة لم أحلم بها ..أن أختار بعد دين الوراثة والتلقين والقهر والجبر ..
شيء أعظم وأكبر وأطهر...دين المحبة دين الإنسانية دين الإخاء ..بعد عروبة القومية ..و عروبة اللسان والهوية أن أعلن إنسانيتي وأن البشرية أسرتي ..والعالم وطني ..لا وطن المهالك والكوارث ما عليه وطني ..وأن الإنسان والإنسانية لن ولن تحرر إلا بشنق أخر ملك بأمعاء أخر كاهن وشيخ وقسيس ..في أمكنة الله وبيوت الله "
وتلك هي قصة إلحادي بدئت هناك ,,من حيث يتجلي كل الله وكل الإيمان بدئت من غير توقع وتخطيط لها ..ولم أعرف بعد تلك الحجة علاقة بالدين والتدين .. وأي طقوس دينية .. لا لا إله في السماء أو في الأرض !!

المستنير الحازمي ـ كاتب من السعودية
http://ahfeer.blogspot.com/



#المستنير_الحازمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عرفات الله أعلنت الحادي بالله (12 )
- فا لتحمد الله علي هذا التخلف !!
- الشجرة المعلونة في الإسلام من هي ؟؟
- تغريدات من وحي الله والشيطان (2 )
- صلاتكم رياضة ...زكاتكم طهارة وأعماركم ما بين الخمسين والستين ...
- لا حرية .. لا كرامة إنسانية في ظل عبودية دينية
- مامعني أن تكون مسلما !! -جديد -
- مامعني أن تكون مسلما
- الإسلام دين الحرية والمساواة والعدالة والفنون الجميلة ... لك ...
- ما معني الزواج على كتاب الله وسنة نبيه
- تغريدات من وحي الله والشيطان
- لقد أكل الإسلام من كبدي


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - المستنير الحازمي - في عرفات الله أعلنت الحادي بالله ( الجزء الأخير )