أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - هل فشل الساسة الشيعة في ادارة حكم العراق ؟















المزيد.....

هل فشل الساسة الشيعة في ادارة حكم العراق ؟


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو تفحصنا مسيرة الإنسان فوق وجه الأرض لوجدناها مسيرة تتراوح بين مستويات الفشل والنجاح والقوة والضعف وهكذا , ولا شك ان النجاح لايتأتى إلا بعد ان يقطع الإنسان أشواطا بعيدة في الجد والاجتهاد وهي أشواط تتخللها العثرات والكبوات التي يجب ان يتجاوزها الفرد ليعاود عملية السير باتجاه ما يرجوه من غايات ومرام .
الفشل والنجاح سنة من سنن التطور البشري على مدى التاريخ ولولا تلك الثنائية لما كانت هنالك مجتمعات إنسانية متقدمة ، فالفشل ليس عيبا والإخفاق ليس سبة كما هو معروف لكن العيب ان يفشل المرء فيعاود فشله دون ان يشعر بضرورة التوقف والمراجعة فيما يتعلق بفشله في هذا الميدان أو ذاك والانكى من ذلك ان يصرّ من يكون نصيبه الفشل على انه ليس فاشلا في عمله أو رأيه أو تجربته .
السياسيون بدورهم يخضعون لذات المعادلة فهم بشر يخطئون ويصيبون يفشلون وينجحون لكن ما يترتب على فشل الساسة وإخفاق القادة يكون تأثيره بالغا على أبناء المجتمع الذي يتصدر فيه هؤلاء مواقع المسؤولية ومراكز القرار , والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يتيسر لكل منا ان يصنف هذا السياسي بالفاشل أو الناجح أم ان الأمر ليس بهذه السهولة وان هنالك خطوات موضوعية مسبقة لا تتيسر بطبيعة الحال لكل من يريد التصدي لعمليات تقييم أية جهة سياسية وايا كانت توجهاتها وبرامجها .
الحقيقة ان الاطلاع على مجمل الظروف والملابسات التي ترافق ظهور أو تصدر أية كتلة أو حزب للمشهد السياسي العملي سوف تكون مدخلا ضروريا للتمهيد الأولي للحكم على هذه الكتلة أو الجماعة أو الحزب بالفشل والنجاح .
ان معرفة الظروف التاريخية والاجتماعية والسياسية التي ترافق ظهور أية طبقة من طبقات الساسة الى السطح سوف توفر أرضية ملائمة للتصدي لعملية التقييم والتي تتسم بالصعوبة البالغة وهو خلاف ما يعتقده الكثير منا اليوم وهو يصنف تلك التصنيفات الحادة التي بموجبها يكون هذا السياسي فاشلا أو ناجحا وفق النزوع الشخصي الضيق.
عندما تنعم البلدان بالأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي يترشح الساسة بشكل سلس عبر صناديق الاقتراع حتى إذا ما أصابوا ووفقوا تجاه مسؤولياتهم كان من الطبيعي على من انتخبهم ان يحكموا عليهم بالنجاح أما إذا لم يصيبوا ويوفقوا فان الجماهير سوف تنعتهم بالفشل والتقصير هكذا هو الحال في كل بلدان العالم وضمن الظروف الطبيعية ,لكن عندما يعيش بلد مثل العراق ظروفا سياسية بالغة التعقيد على مدى أربعة عقود عجاف انتهت باجتياح عسكري من قبل أعظم قوة في الكون وقد رافق ذلك الاجتياح ما رافقه من أخطاء وتجاوزات وتقاطع في الرؤى حتى داخل أروقة القوى التي اجتاحت البلاد محررة إياها من اعتى نظام دموي عرفته المنطقة . وقد رافق عملية التحرير تلك تحولات كبرى على صعيد البنى السياسية العراقية تمخضت عن ظهور أحزاب وكتل وتنظيمات لطالما اتخذت من المنافي منطلقا لممارسة مجمل انشطتها السياسية والعسكرية والثقافية ولا شك ان مثل تلك الأحزاب والكتل والتنظيمات وجدت نفسها إزاء مشهد تسلم مقاليد الأمور بشكل عملي مباشر أي إنها قفزت في لحظة تاريخية حادة من مربع المعارضة إلى مربع السلطة وهي قفزة لم تتح الفرص الكافية لمثل تلك الأحزاب والكتل لإنضاج مشاريع سياسية تتوافق الى حد بعيد مع المشهد العراقي الداخلي المعقد أيما تعقيد .
كلنا يعرف ما رافق عملية التحرير من تداخل في الرؤى والأجندة السياسية سواء كان هذا التداخل ضمن محيط القرار الأميركي او بين الإدارة الأميركية والأحزاب العراقية الإسلامية تحديدا والتي لم ترغب أميركا بعملية تصدرها المشهد السياسي العراقي إلا ان ما وفرته المرجعيات الدينية من دعم وتأييد لتلك الأحزاب إضافة لما تمتلكه من صدى وحضور داخل الشارع العراقي أرغم أميركا بقبولها لصعود تلك الأحزاب على مضض.
لم تكن مهمة تلك الأحزاب بالهينة والبسيطة فقد أخذت تتجاذبها عدة موازين للقوى أضف إلى ذلك كله ما تعرضت له العملية السياسية من هجمات منظمة من قبل عصابات القاعدة والتنظيمات البعثية المتشددة , كل تلك العوامل ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع السياسية وبالتالي فقد ضاعفت من تأزيم ذلك المشهد لتجعل منه مشهدا مرتبكا مشوشا مهزوزا وهو الواقع الذي افرز بدوره ظواهر مرضية كالمحاصصة السياسية وهي الصيغة التي بموجبها تم تقييد رئيس الوزراء أيا كان حزبه او طائفته من حرية اختيار وزرائه وهذا ما لم يحدث في عموم الديمقراطيات على امتداد تاريخها المعاصر . ولا شك ان المحاصصة قد سحبت بدورها الطيف السياسي بمجمل تلويناته إلى سائر المحاصصات العرقية والطائفية التي أدت الى ضعف أداء البرلمان العراقي على امتداد دوراته السابقة وهو ذات الأمر الذي انسحب على القضاء وسائر الهيئات والمؤسسات التي كان يفترض ان يكون عملها مستقلا.
ان تجربة سياسية عمرها عقد من الزمن في بلد مثل العراق تعد تجربة قصيرة قياسا إلى ما تعرض له وما يزال على أيدي قوى إقليمية (خارجية ) لا تريد للبلاد خيرا ولا استقرارا وقوى محلية (داخلية ) تقف بالضد من عملية التغيير السياسي داخل العراق .
وألان لنأتي الى ساستنا ممن تصدوا للمسؤولية بشكل مباشر (الساسة الشيعة )تحديدا على اعتبار إنهم من يمسك برئاسة الوزراء المقيدة مسبقا بقيود فرضها الواقع العراقي متجاوزا بذلك صلاحيات كان الدستور العراقي قد خولها لمن يعتلي كرسي الوزارة بشكل جلي وصريح .
من الملاحظ ان الشارع العراقي وفي جانب منه اليوم يذهب إلى ان الساسة الشيعة قد فشلوا في الحكم وأخفقوا في المسؤولية وهو طرح شعبي ساذج لا ينم عن رؤية واقعية رصينة فالساسة الشيعة اليوم لا يحكمون بمفردهم وبمعزل عن الآخرين حتى نحملهم الوزر كاملا غير منقوص حتى وان تصدروا كرسي رئاسة الوزراء .
لا شك ان ما يذهب إليه ذلك الشارع في جانب منه إنما جاء على خلفية ما نشهده من ظواهر مثل الفساد والتجاوز على المال العام والنقص في الخدمات والامتيازات المالية الضخمة التي يتمتع بها أعضاء الحكومة والبرلمان وهي ظواهر ضارة للغاية لا بد ان يمر بها كل بلد مر بنفس الظروف الاجتماعية والسياسية كالتي مرت بالعراق وهي لا شك ظواهر سوف تزول تدريجيا عندما تتعافى العملية السياسية الجارية بشكل تام ومتكامل .
ان الملاحظة الاولى على أطروحة فشل الشيعة هو زج مفردة الشيعة في معادلة الفشل والنجاح السياسي علما ان الشيعة كمذهب وكفرقة عمرها أربعة عشر قرنا لا يمكن زجها بهكذا معادلة حيث كان الأولى ان يتم الطرح وفق الصيغة الآتية ( فشل الساسة الشيعة وليس فشل الشيعة ). فالمذهب لا يمكن اختزاله بحزب أو تنظيم أو تكتل .
الحقيقة ان مسألة الحكم بالفشل والنجاح على حزب أو تكتل سياسي ليس بالسهولة التي يتصورها البعض وان الطرح وفق معادلة ( ناجح , فاشل ) في ظل ظروف غير متوازنة يعد تسطيحا للأمور وتجاوزا للكثير من الحقائق والمعطيات .
ان الساسة الشيعة وحتى كتابة هذه السطور لم يفشلوا في إدارة الحكم لكنهم في ذات الوقت لم يحققوا من النجاح الذي كان من المؤمل ان يتحقق على أيديهم طوال ذلك المقطع الزمني والأسباب في ذلك كثيرة والعوامل متفرقة.
لقد تصدر الساسة الشيعة المشهد السياسي وفقا لاشتراطات ومتطلبات وضوابط وتدخلات غاية في التعقيد وقد كانت بمجملها تلقي بظلالها الثقيلة على الأداء الحكومي خلال الأعوام المنصرمة , لذا فان أي عملية تقييم لمسيرة هؤلاء الساسة لا تأخذ في حساباتها عموم تداعيات ذلك المشهد على ارض الواقع لم ولن تكون موفقة بل إنها سوف لن تخرج عن كونها ثرثرة لا طائل من ورائها .
ان من يقف وراء عملية تنميط صورة الساسة الشيعة وحصرهم داخل خانة الفشل السياسي هي جهات معروفة بتوجهاتها وأجنداتها وهي لا تخفي مثل تلك التوجهات العنصرية الضيقة .
أخيرا إذا فشل الساسة الشيعة اليوم فأنهم لن يفشلوا لكونهم شيعة كما يحلوا للبعض ان يروج لذلك علما ان القيادات الشيعية هي التي نهضت بأعباء التأسيس الوطني والسياسي داخل العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 . الساسة الشيعة اليوم لا ولم يفشلوا لكونهم شيعة لكنهم ان فشلوا لان هناك من يريد إفشالهم وتشتيت جهودهم وتشويه صورهم لذلك علينا ان لا ننساق وراء ما يردده البعض بدون شعور منه وان نقوم بتوعية من ينساق وراء هكذا طروحات سياسية مريضة تصنف المجتمع إلى أجناس يفضل بعضها بعضا ويقصي بعضها بعضا ويعلوا بعضها بعضا وهو زمان قد ولى آوانه وتداعت أركانه سائلين الله ان يجمع العراقيين بشيعتهم وسنتهم على كلمة سواء ، ياحبذا ان تكون العراق .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الشيعة والسنة
- حكاية من سالف العصر والزمان
- ثنائية الثورة والانقلاب
- الله ليس رغيفا
- المترحمون على الطغاة
- عقدة الهلال
- رسالة عاجلة الى السيد رئيس الوزراء
- شيوخ الظل
- حديقة الدار
- دماء العراقيين هل تحتاج إلى فتوى لتحريمها ؟
- رجل دين ، رجل سياسة
- هل تقف امريكا وراء تقسيم العراق؟
- هل من معجزة؟
- وماذا عن المرجعية ؟
- ما الذي يجري في العراق واقعا ؟
- هل تعيد المصافحة للعراقيين قتلاهم؟
- مزامير الاغنياء
- الصحابة في ميزان علي ( عليه السلام )
- الشعوب ليست قطيعا
- البعث مرة اخرى


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - هل فشل الساسة الشيعة في ادارة حكم العراق ؟