الدولة المقيمة والدولة العقيمة !

عمر الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 4290 - 2013 / 11 / 29 - 22:23
المحور: القضية الكردية
    

لا يعقل ان تكون بلا دولة، لا يعقل ان تقضي عمرك وأنت تحمل عشرات من هويات الانتماء الى جهات الصقت بهم رغم انفك لصقا..من بديهيات المناطق الحدودية المحاذية بين الدول هو ان الجانب المحاذي من الدولة (س) يشبه سكانها سكان دولة (ص) المحاذية لها...سكان مناطق الولايات المتحدة الامريكية المحاذية لمكسيك ورغم كونهم يحملون الجنسية الامريكية الا انهم يشبهون سكان العاصمة مكسيكوسيتي والعكس صحيح ايضا..بمعنى ان سكان المناطق المكسيكية المحاذية للولايات المتحدة الامريكية يشبهون الامريكيين الساكنين في واشنطن..هذه موجودة بين جميع دول العالم..جنوب مصر بشرة سكانها تميل للسمارة،، وشمال سودان بشرة سكانها تميل للسمرة الفاتحة...وكذا الحال بالنسبة لسكان المانيا الشرقية وسكان غرب روسيا..يوجد هذا التشابه في الطبائع والاشكال والالوان مابين جميع دول العالم المحاذية لبعضها...عدا مكان واحد!!!..جنوب تركيا وشمال العراق وشرق العراق وغرب ايران وغرب سوريا وشرق العراق سكان هذه المناطق متشابهون في الطبع والطبائع واللغة والتقاليد وفي طريقة الكلام وفي طريقة التفكير وفي كل شيء تقريبا!!!...والسبب في ذلك هو ان السكان هنا يعيشون في داخل دولة حقيقية واقعاوغير معترف بها واقعا ايضا..دولة موجودة في داخل قلوب السكان واقعا وغير موجودة في ما بين الدول أيضا واقعا..القادم من العاصمة بغداد أو دمشق أو طهران أو انكرة الى تلك المناطق الخاصة بها بحسب دوائر الطابو في الامم المتحدة !!..لا يشعر بأنه ينتمي الى المكان ولا الى السكان واقصد بذلك الشخص ..الشخص الغير الكردي..يضطر في بعض الاماكن للاستعانة بمترجم!!!..ينام ليلته وكأنه في دولة اخرى!!..يشعر بضعف اتجاه السكان!!..ويجامل كل من يلتقي!!..كل هذا بسبب ان هناك حقيقة دولة مقيمة في مكانها بين نفوس السكان..ولكنها في ذات الوقت هي دولة عقيمة!!..نعم عقيمة..ليست لها هوية بين الدول..لا اعتراف بها...كل ما تنتجه فهي تذهب لعاصمة دولة اخرى والتي في الغالب تعد بأن تجري اصلاحا في مناطق الدولة (المقيمة والمقامة منذ بدء الخليقة)!!..أي تعد بالفتات!!!..استثني من هذه الجزيئة لبعض الوقت كردستان العراق نظرا للواقع الحالي..يجب الحصول على اذن السلطات لاجل الغناء أو حتى البكاء باللغة الام!!!..لا علاقة لما اذكر بمشاعر الشعوب الشقيقة للكرد فهي مشاعر لاشك في صدقها وطيبتها نحو الكرد..انا اتكلم عن المنظومة السياسية للدولة العميقة..كردستان هي دولة مقيمة وفي ذات الوقت هي عقيمة!!..لسبب واحد وهو وجود الدولة العميقة الضامة ظلما لكردستان..ماربط الكرد والترك والعرب والفرس معا جميعا كان رباطا مقدسا..رباط الدولة الاسلامية منذ اللحظة التي وقف الكرد بشراسة في وجه الفتوحات الاسلامية في البدء لبعض الوقت القليل ومن ثم فتحهم لبلادهم امام المسلمين وانصهارهم طوعا وعن طيب خاطر ومن دون هزيمة عسكرية واحدة ودخلوا معهم في دولة واحدة كبيرة وعظيمة حكمت العالم لقرون ومن ثم استمرارهم مع العثمانيين لعدة قرون تحت الراية المقدسة..والى ماقبل حوالي مائة عام من الان..الى اللحظة التي خان فيها الجميع-عدا الكرد-دولتهم وتعاونوا مع الانكليز في وضح النهار لاسقاط الدولة العثمانية..وتم لهم ما ارادوا وازالوا الدولة القائمة على الرباط الذي يشكل القاسم المشترك بين الجميع..وأقيمت دول على اساس قومي صرف..دول تقدس تاريخها القومي وتعمل من أجل تنمية قوميتها بالذات..واتخذ هؤلاء بدل خدمة بلدانهم وعلى اسسهم القومية الحديثة اتخذوا من الكرد شماعة لتعليق فشل افكارهم القومية المشابه جدا للنازية المحظورة..لذا عملوا لعقود على ابادة الكرد !!..فلا هم تقدموا كسائر دول العالم الاخرى القائمة على الفكرة العلمانية الحقيقية ولا سمحوا للكردي ان يعيش حياتا طبيعية بعيدة عن الخوف!!!..الخائن ..العميل..الجاسوس..هي تهم جاهزة تلصق بالكردي بسهولة!!..ما هذا ياسادة؟!..لقد حلت الرابطة الدينية التي كانت تجمعنا..اليس كذلك؟!!..نحن لم نحلها!!..أنتم حللتموها وفككتموها وقلتم نحن قوميون علمانييون..واشركتمونا في مغامراتكم العنترية وان تخلفنا قلتم عنا..خونة..نحن غير ملزمين بالاستمرار وسط دعوات غريبة بعيدة عن طبائعنا في غياب كل مقدس يجمعنا!!..من اتفق مع الانكليز وادخلوها لداخل الدولة الكبيرة التي كانت تضمنا جميعا ليس الكرد وأنما الاخرين ممن ينعمون بدولة اصبحت بمرور قرون وعقود دولة عميقة لا يجوز استقلال جزء منها حتى لو كان ذلك الجزء غير منتم حقيقة وغير ممت بصلة الى تلك الدولة العميقة..ان الحق الذي تتمسك به الدولة العميقة في الاستمرار في احتلال كردستان هي كالحق الذي تدعيها موزمبيق أو فلبين أو يابان أو برازيل في احتلال كردستان!!!.

#عمر_الداوودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات